في وقت يعيش فيه العالم حالة من الترقب لما يمكن ان يصبح تسوية امر واقع بين العملاقين الدوليين المتخاصمين حول الملف السوري او قطيعة تهابها واشنطن المثقلة بهزائم العراق وافغانستان...
عربي برس - طهران
في وقت يعيش فيه العالم حالة من الترقب لما يمكن ان يصبح تسوية امر واقع بين العملاقين الدوليين المتخاصمين حول الملف السوري او قطيعة تهابها واشنطن المثقلة بهزائم العراق وافغانستان فانه ومع كل يوم يمر على عملية " شيطنة " الاسد يتاكد لاصدقاء سوريا - الحقيقيين طبعا - بان الهدف النهائي من وراء الفكرة انما هو الانتقام من سوريا الدولة العربية ودورها المحوري في محور المقاومة و استنزاف جيشها الوحيد المتبقي من بين الجيوش العربية في حالة حرب مع العدو الصهيوني.
لم يكن الاخضر الابراهيمي موفقا في خروجه عن دوره " الحيادي " كوسيط مفترض في الازمة السورية عندما فسر ورقة جنيف على الاجندة الامريكية مستعجلا بذلك نهاية طموحات المثلث الاقليمي التركي السعودي القطري المتشوقة لرؤية الاسد خارج خريطة الشرق الاوسط الجديد كما رسمتها ريشة كونداليسا رايس.
الطموحات التي لم ولن تتقبلها موسكو ولا بكين البته فضلا عن طهران التي ترى ذللك خروجا على اصول و قواعد العمل الدولي وميثاق الامم المتحدة ناهيك عن ورقة الفيتو المرفوعة دوما بوجه اي تلويح بالذهاب الى مجلس الامن الدولي.
وكما فشلت رايس من قبل انطلاقا من الارض اللبنانية في معركة الثلاثة وثلاثين يوما الشهيرة فان وريثتها هيلاري كلينتون الوفية مثلها لمخطط اسرائيل القاضي باعادة رسم خرائط المنطقة ستفشل هي الاخرى في المهمة ذاتها انطلاقا من معركة" ادنى الارض السورية" اي الغوطة بالشامي ولم يبق امامها سوى تسليم مفاتيح هذا الملف الى جون كيري الباحث عن تسوية ما في اطار جنيف ثان بعد ان فشل جنيف الاول في المساهمة في تظهير نجاح المهمة الانفة الذكر.
ذلك لانه لا تذاكي الابراهيمي للخروج على نص جنيف سمح له بالتطاول على موازين القوى المحلية والاقليمية والدولية الخاصة بسوريا ولا تعامي بعض رموز الادارة الامريكية المنتهية ولايتها عن رؤية الواقع الميداني على الارض السورية سمح لهم بتجاوز رمز وحدة الارض السورية اي الجيش العربي السوري وقيادته الرمزية المتمثلة بالرئيس بشار الاسد !رحم الله ابا عمار المقتول غدرا كما اقر شمعون بيريس اخيرا وهو الذي لطالما حذر مما سماه بلعبة تغيير خرائط المنطقة في زمن ظل يطلق عليه بالزمن العربي الردئ عندما كان يقول بان التواجد على الارض هو وحده الذي يفرض تواجد القوى على الخريطة الجيوسياسية.
فعندما تغير ايران قواعد اشتباكها مع الامريكيين في البحر ويغير حزب الله قواعد اشتباكه مع العدو الصهيوني في الجو وهما الحليفان القويان لسوريا الدولة ذات الدور المحوري في معادلة الصراع المشترك فان ذلك يجعل الاسد قادرا على تغيير قواعد اشتباكه مع المثلث الاقليمي الراعي للميليشيات المسلحة على الارض السورية.
ما نراه من تحرك يسميه البعض بانتفاضة الانبار في العراق انما هو هروب الى الامام يمارسه المثلث الاقليمي المروج لحروب الفتن المذهبية والطائفية المتنقلة طمعا بتكرار سيناريو سوري يفترض ان يمتد لاحقا لايران غداة انتخابات الرئاسة المرتقبة في الصيف المقبل.
في الحالتين سيظل الشعار المرفوع واحدا الا وهو المطالبات الشعبية المشروعة تحت راية " الاصلاحات " البراقة.
وكما يتم الان " شيطنة " حاكم بغداد فان المخطط المرسوم لايران هو اعادة انتاج فتنة " شيطنة " دولة ولاية الفقيه فيما الهدف الحقيقي المرتجى في الحالتين هو توسيع دائرة الفوضى الخلاقة.
في هذه الاثناء فان الخريطة الجديدة التي تحلم بها واشنطن وادواتها المحلية للعالم انما تفترض قطعا بين طهران والبحر المتوسط وتطويقا متزايدا لفصائل المقاومة وحصرها جغرافيا في بر مقفر بعيدا عن حلفائها الاقوياء طبعا مع افتراض نجاحها في استنزاف وتفكيك الدولة السورية تمهيدا لتصفية قضية فلسطين كما يحلمون.
مثل هذه الخريطة لا يمكن البتة ان تروق لا للروس ولا للصينيين وهما القوتان اللتان لا تريدان للاطلسي ان يقرع ابواب عاصمتيهما لا بفتنة الحروب الطائقية او العرقية المتنقلة اي من خلال تحريك مفترض لملف ما يعرف بالاقليات الدينية والعرقية في كلا البلدين ولا بالتهديد الجيواستراتيجي اي في حال خسارتهما لسوريا الدولة العربية الوحيدة المتبقية لهما كحائط دفاع استراتيجي اخير امام طموح الغرب واطماعه التوسعية شرق المتوسط.
هذا التقدير للموقف كما يبدو من العاصمتين الايرانية والروسية لما يجري على الارض السورية في بعديه الاقليمي والدولي هو الذي يجعلهما متمسكين بمهمة الابراهيمي في الظاهر رغم معرفتهما بخفايا لعبة التوازنات التي فرضته كوسيط يستطيع ان ينجح كوسيط شرط ان يبقى نزيها ويساعده في تلك المهمة مدى رغبة واشنطن في الحل السياسي والا فان نذر الحرب الاقليمية المفتوحة على الانزلاق نحو حرب عالمية يمكن ان تدق ابواب كل عواصم الدنيا من جديد.
الكرة اليوم في ملعب الادارة الامريكية الجديدة ان هي رغبت فبامكانها اللعب حسب قواعد اللعب الجديدة لا يسعها الا تجرع سم لابد منه عنوانه التعاطي مع الاسد حتى ٢٠١٤ م وهو ما سيسهل عليها الخروج من مازقها اما ان ارادت ارتكاب خطيئة جديدة فعواقبها ستكون عندئذ اخطر بكثير من شرب كاس السم ما يعني تحول الكرة الى كرة نار تحرق الاخضر واليابس وعندها فان على الادارة الامريكية ليسفقط تحمل مرارة الفشل الذريع في رسم خريطة لبلادنا على هوى ربيبتها اسرائيل بل الوداع مرة والى الابد مع هذا الكيان المصطنع الامر الذي هو ات لا محالة ان عاجلا او اجلا.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه