تأثّر سجينٌ بأجواء الثورات، اجتذبه الجهاد، بل دغدغ «حُلُم إقامة إمارة» خياله، فانتفض منصّباً نفسه «أميراً». في سجن أميون، أجبر السجين عدداً من السجناء على «حفّ» شواربهم، معلناً «الجهاد»
رضوان مرتضى
تأثّر سجينٌ بأجواء الثورات، اجتذبه الجهاد، بل دغدغ «حُلُم إقامة إمارة» خياله، فانتفض منصّباً نفسه «أميراً». في سجن أميون، أجبر السجين عدداً من السجناء على «حفّ» شواربهم، معلناً «الجهاد» ضد عناصر قوى الأمن.
في زمن الربيع الإسلامي والإمارات السلفية، أبى السجين عادل غ. إلّا أن يكون مشاركاً. لم ينتظر، كغيره من سجناء تنظيم فتح الإسلام، وليد البستاني وخالد المحمود وآخرين، الفرار والوصول إلى «أرض الجهاد في سوريا» لإعلان مشروعهم الجهادي. استبق كل ذلك، موفّراً على نفسه العناء، وأعلن إمارةً على قياسه في السجن. ومن خلف القضبان، بدأ بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على النزلاء، داعياً إلى الجهاد ضد السجّان في سجن أميون. لم تُشكّل الجريمة الشائنة المحكوم بها رادعاً أمام تولّيه مهمات الإمارة.
هكذا، تذهب تبعات جرائم السلب بقوة السلاح وسرقة السيارات والنشل مع ريح الإيمان بإذن الله. السجين ــ الأمير أجبر بعض السجناء في أميون على حلق شواربهم. ومن يجرؤ على رفض طلب مشعّل أكبر تمرّدين، يوم كان في سجن القبة؟ سطوة السجين، حتى من دون توليه مسؤولية إمارته السلفية داخل السجن، كانت كافية لإجبار أي كان من السجناء على الرضوخ لأوامره. وتقول تقارير أمنية إنّ السجناء الذين أُرغموا على حفّ شواربهم هم: شادي ص.، وليد ك.، أحمد ع.، أحمد د.، محمد ن.، رامي ع. ومصطفى ج.، فيما أكد أحد السجناء في اتصال مع «الأخبار» أن هؤلاء أعلنوا مبايعتهم للسجين غ. عن طيب خاطر.
لم يكتف السجين ــ الأمير بفرض حف الشوارب عربون التزام قوانين الإمارة، بل بدأ ــ بحسب التقارير ــ بالتحريض الطائفي بين النزلاء داخل السجن، والاعتداء بالضرب على عدد من السجناء السوريين بتهمة أنهم موالون للنظام السوري. ليس هذا فحسب، بل أرغمهم على شتم الرئيس السوري بشار الأسد تحت وقع الضرب.
إمارة السجين غ. أربكت القوى الأمنية المكلفة حماية السجن، علماً بأنه افتعل خلافات عدة مع باقي السجناء الذين ينتمون إلى طوائف أخرى. وفي السياق، تكشف المعلومات أن أمير السجن تشاجر مع السجين حسين م. ما دفع الأخير إلى تجميع الأثاث داخل السجن مهدداً بحرقه. وقد تبين أن السجين طلب منه تجنيد أكبر عدد ممكن من السجناء لإمارته السلفية بهدف التمرد داخل السجن على عناصر قوى الأمن الداخلي.
لم يكن السجين عادل غ. ذا ميول إسلامية سابقاً، علماً بأن ذويه كانوا قد قطعوا الطريق المؤدي إلى التبّانة أكثر من مرة مطالبين بإطلاق سراحه. ويقول عارفوه من أبناء باب التبّانة لـ«الأخبار» إنه كان «يدخّن حشيشة الكيف ومدمناً الحبوب المهلوسة». وتُشير المعلومات إلى أن الرجل قاد في سجن القبة في طرابلس منذ سنتين تمرداً على رأس 30 سجيناً، فتمكن من احتجاز 6 عناصر من قوى الأمن الداخلي رهائن، قبل أن يُطلق سراحهم بعد عملية تفاوض. ليس هذا فحسب، بل أعقبها بعملية تمرد مشابهة عاونه فيها 10 سجناء ممن كانوا قد نُقلوا تأديبياً من سجن رومية، علماً بأنه كان نزيلاً في سجن القبة منذ نحو 5 سنوات بأحكام مختلفة تتعلق بسرقة السيارات. وتذكر المعلومات أنه كان يتمرد للفت الأنظار بعد يأسه من محاولات دمج أحكامه التي كانت من دون جدوى.
لم يكتف السجين ــ الأمير بالتمرد، فقد حبك خطة فرار باءت بالفشل؛ إذ تمكنت القوى الأمنية من إعادة توقيفه مع سجينين آخرين تمكنا من الفرار برفقته، هما محمد خ. وشادي ع.، لكن ليس لوقت طويل. فبعد عملية رصد استمرت يومين، حدد موقعهم في منزل قيد الإنشاء في تلال النبي يوشع في المنية، فطُوّق المنزل وجرى تبادل لإطلاق النار إلى أن تمكنت القوة الأمنية من إلقاء القبض على الفارين الثلاثة. وكان السجين الأمير قد حاول الخروج من المنطقة فسلب سيارة بالقوة من سائقها في المنية، لكنه لم يتمكن من الابتعاد حيث أوقف فوراً.
أعلن سجينٌ الإمارة الإسلامية في السجن. خبرٌ لم يعد مفاجئاً؛ فسجناء رومية الإسلاميين كانوا السبّاقين إليها. بيت القصيد هنا جدية طرح السجين المذكور، فمن يدري؟ ربما أعلنها مدفوعاً باليأس، مرة أخرى، بعدما فشل تمرده ومحاولة فراره، فأرادها وسيلة للفت الأنظار إلى قضيته التي قد تكون محقة، أو قد يكون مظلوماً.