30-11-2024 12:47 AM بتوقيت القدس المحتلة

قلق من تحول التدخل المحدود إلى نزاع طويل يشبه أفغانستان

قلق من تحول التدخل المحدود إلى نزاع طويل يشبه أفغانستان

بعد صمت الايام الاولى من التدخل الفرنسي في مالي، حددت واشنطن أمس موقفا خجولا من هذه العملية العسكرية التي تأتي خلال مرحلة انتقالية يمر فيها كل من الكونغرس وإدارة الرئيس باراك أوباما


لا شهية أميركية في مالي: دعم استخباراتي ولوجستي

     
جو معكرون


بعد صمت الايام الاولى من التدخل الفرنسي في مالي، حددت واشنطن أمس موقفا خجولا من هذه العملية العسكرية التي تأتي خلال مرحلة انتقالية يمر فيها كل من الكونغرس وإدارة الرئيس باراك أوباما. وهو أن لا شهية أميركية بين صناع القرار لأخذ المبادرة في مالي، وليس هناك حتى اهتمام أميركي في الإعلام والرأي العام لمتابعة تطورات هذا البلد الواقع في غربي أفريقيا.

بدأت القوات الفرنسية ضرباتها الجوية الجمعة الماضي لوقف تقدم الجهاديين من شمالي مالي إلى جنوبها والعاصمة باماكو، وذلك بعدما أعطى مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي الضوء الأخضر لنشر قوات افريقية في مالي، لكن لا يتوقع وصولها حتى أيلول المقبل. وقعت شمال مالي في أيدي الجهاديين عندما فقد الجيش المالي السيطرة على البلاد بعد انقلاب عسكري في آذار الماضي، وجعل هذا الفراغ من الشمال أكبر مساحة جغرافية يسيطر عليها تنظيم «القاعدة» بإحكام يتجاوز نفوذ التنظيم في أفغانستان.

لكن طبيعة الأرض الصحراوية والكثافة السكانية المنخفضة في شمالي مالي يجعلان تنفيذ المهمات العسكرية في تلك المنطقة حتى أصعب من أفغانستان. ويقول الباحث في مؤسسة «بروكينغز» بروس ريدل، الذي عمل لفترة 30 عاما في وكالة الاستخبارات المركزية، إن شمال مالي يعتبر «ملاذاً ضخماً لتنظيم القاعدة بحجم ولاية تكساس»، مشيراً إلى أن «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تنظيم ممول ومسلح جيداً، لذلك قد يكون عدواً صعباً لفرنسا». ورأى أن الدور الأميركي سيكون «ثانويا على الأرجح»، ويقتصر على «طائرات تجسس من دون طيار وذخائر ومساعدة ديبلوماسية».

أما البيت الأبيض فأكد أن الحكومة المالية طلبت المساعدة من واشنطن، وإدارة أوباما «تشاطر الهدف الفرنسي حرمان الإرهابيين من الملاذ الآمن في المنطقة».

وذكرت «بلومبرغ» في تقرير لها ان واشنطن وعدت باريس بتوفير الدعم الاستخباراتي واللوجستي، فضلاً عن قدرات إعادة تزويد الوقود في الجو، فيما صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند، في مؤتمر صحافي، أن واشنطن تدرس لائحة المطالب التي تقدمت بها باريس وسترد عليها في الأيام المقبلة.

ويمكن اختصار التباين بين الطرفين بأن واشنطن ترى أن التدخل العسكري مشروط باستعادة المؤسسات الديموقراطية بعد الانقلاب الأخير، أي لا دعم عسكريا أميركيا سيقدم إلى الجيش المالي حتى إجراء الانتخابات المرتقبة في نيسان المقبل، فيما ترى باريس أن الأولوية القصوى هي وقف زحف «المجاهدين» واتساع سيطرتهم على مالي.

ولمّحت نولاند إلى أن فرنسا أخذت المبادرة سابقا في ساحل العاج وهذا الأمر يتكرر الآن في مالي، واصفة ذلك بـ«الأمر الجيد» أي أن تتحمل دول حليفة لأميركا مسؤولية مهمات متعلقة بالأمن العالمي.

وينص الاتفاق الفرنسي - الأميركي على أن تبدأ فرنسا الدعم العسكري، فيما تعمل واشنطن على تسهيل وتعزيز نشر القوة الأفريقية في مالي في أيلول المقبل، بحسب قرار مجلس الأمن الدولي. ولكنْ عموما هناك تريث في الإدارة في محاولة لفهم ما يحصل على الأرض والخيارات المتاحة، والى أي مدى يمكن توفير غطاء أميركي لهذه العملية.

أما القلق الآن فهو في أن يتحول هذا التدخل بمهمة معلنة هي منع «قيام دولة إرهابية على عتبة فرنسا وأوروبا» إلى نزاع مفتوح الاحتمالات من دون سقف زمني معروف أو محدد. وتتوقع الإدارة الأميركية أن تمتد هذه العملية لفترة أشهر لا أسابيع فقط. حتى التسريبات الفرنسية تتحدث عن مفاجأة من مدى جهوزية القتال عند «الجهاديين»، في وقت يتم تداول معلومات عن تدفق ترسانة الأسلحة من ليبيا إلى مالي، وعودة المرتزقة الماليين إلى بلادهم بعد سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي، ما أدى إلى تغيير ميزان القوى في مالي. يُضاف إلى ذلك سيطرة «الجهاديين» على أسلحة روسية الصنع خلال سيطرتها على معسكرات مالية بعد فوضى الانقلاب العام الماضي.

حتى الساعة يبدو أن التركيز الأميركي لا يزال يصب على الصومال واليمن أكثر من مالي. وبموجب «قانون سلطات الحرب»، أكد أوباما في رسالة موجهة إلى رئيس مجلس النواب جون بونر والى مجلس الشيوخ أن القوات الأميركية قدمت «دعما تقنيا محدودا» إلى القوات الفرنسية في الصومال، لكن «لم تشارك مباشرة في الهجوم على المجمع حيث يعتقد وجود الرهينة الفرنسية» دنيس اليكس الذي يعمل لمصلحة الاستخبارات الفرنسية، والذي اختطفته «حركة الشباب» الصومالية قبل أكثر من ثلاث سنوات.
وانطلقت العملية الأخيرة من حاملة طائرات في معسكر «لومونيير» في جيبوتي على الحدود الصومالية.

وترسل إدارة أوباما منذ فترة طائرات مقاتلة من طراز «إف 15» وطائرات من دون طيار إلى هذا المعسكر الذي تحول إلى منصة لعمليات مكافحة الإرهاب السرية في الصومال واليمن. وقد دخلت المقاتلات الأميركية الأجواء الصومالية لساعات فقط لدعم «عملية الإنقاذ إذا دعت الحاجة»، لكن هذه الطائرات لم تطلق النار خلال العملية وغادرت الأجواء الصومالية يوم الجمعة الماضي في الساعة الثامنة مساء في توقيت الساحل الشرقي الأميركي. في النهاية لم تتمكن القوات الفرنسية من تحرير الرهينة، ولكنّ كلاً من واشنطن وباريس استمرتا بالتأكيد أن هذه العملية كانت منفصلة عما يحصل على الأرض في مالي.

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه