30-11-2024 12:41 AM بتوقيت القدس المحتلة

«عالستين يا بطيخ»!

«عالستين يا بطيخ»!

الحمدلله، أخيراً صدق الزعماء اللبنانيون. قرر كل منهم أن يجاهر بما يضمره

سامي كليب

الحمدلله، أخيراً صدق الزعماء اللبنانيون. قرر كل منهم أن يجاهر بما يضمره. ها هم جميعاً يعودون الى نقطة الصدق مع النفس والآخرين. لا كذب بعد اليوم ولا رياء ولا ديبلوماسية. قالها كل منهم على طريقته. لا للعلمانية، لا للديموقراطية، لا للاشتراكية ولا لكل تلك الخزعبلات. الطائفية هي الأحلى والأسمى والأرقى والأجمل والأبقى. لا بد من طائفية تحمي الزعماء فوق طوائفهم لا خوف من غضبة الشعب. الربيع العربي يتوقف عند أقدام الطوائف، وغداً تسير القطعان كالمعتاد خلف الرعاة، ويصوت كل قطيع لزعيمه.

هي وحدها لم تهرم ولا هي شاخت. هي وحدها باقية مهما تقلبت نوائب القوميات ومصائب اليسار والليبراليات والديموقراطيات والحريات والانعزالية. لا بِِأس ان نعود 53 عاماً الى التاريخ لنفض الغبار عن قانون الستين. مما يشكو هذا القانون؟ ماذا به هذا القانون ؟ وإن شكا من شيء فالبدائل جاهزة. نعدله قليلا. نطوره قليلا، نموهه كثيراً حتى يستعيد شبابه.

لا بأس ان نعود أبعد من قانون الستين. نستنبط من التاريخ أفكاراً. نستعيد عهود بني قحطان وعدنان. نسترجع رونق الجاهلية. نقرع أبواب داحس والغبراء. لا بأس. كل شيء مباح ومستباح طالما الطائفية بخير. لو عجز الموارنة والدروز والشيعة والسنة، فها هم الأرثوذوكس جاهزون. الطوائف تخدم الطوائف. لا قلق على النظام اللبناني الجميل. عند أعتابه يتوقف الربيع العربي. حماة التاريخ والعصور الغابرة يتجددون في كل عصر .

تنقطع الكهرباء ساعات طويلة. لا بأس. يزدحم السير فيخنق القطعان. لا بأس. ثمة شرطي ينظم طريق السيارات المخالفة. تسري في البلاد لحوم وأدوية فاسدة، لا بأس. يستشري الفساد والجريمة وقطاع الطرق.لا بأس. يتظاهر القطاع العام والعمال والفلاحون والاساتذة لسوء احوالهم وصقيع الرواتب. تنهار أبنية وأحياء بكاملها .... لا بأس، لا بأس، لا بأس ..... المهم أن الطائفية بخير .
ولأن الطائفية بخير، فالمذهبية في أوجها. يراد لهذا الشرق أن يغرق في حروب المذاهب. يعلو في سماء الشرق هلالان، احدهما شيعي والآخر سني. هكذا يقولون وهكذا يجب ان يقال .

كان الشرق هانئاً بهلال وصليب، ما كان لأحد أن يفكر بهوية من يقاتل اسرائيل ويناهض الإمبريالية، ما همَّ إن كان جورج حبش المسيحي، أم الإمام موسى الصدر الشيعي، أم عبد القادر الحسيني السني، او كمال جنبلاط الدرزي. كانت تلك غلطة التاريخ. هام هم زعماء لبنان يصوبون البوصلة. ليس أفضل من هذه السويسرا المشرقية لزرع بذور الفتنة.

يتقاسم العالم خيرات العرب من السودان الى الشواطئ المشرقية الواعدة بغاز كثير. يتفنن الغرب بقطف ثمار ربيع ما كاد يثمر حتى اختنق. وحدهم الزعماء عندنا في لبنان الأخضر، يتبارزون ويتنافسون على نهش ما بقي من جسد يترنح فوق رياح الفقر والفساد وغياب الدولة ..... غياب الدولة؟. من قال ذلك؟، فها هي، والحمدلله، تستعيد كامل نشاطها وأكثر من أي وقت مضى. ها هي دولتنا الجميلة والغفورة تقوم من سباتها. غدا كل وزرائها سينظمون قانون الستين.... غداً سيقال كما قالت لي زميلة تجاهد لشرح دهاليز القوانين الانتخابية ع« الستين يا بطيخ» !