أعلن مصدر أمني جزائري اليوم أن الجيش حرر قرابة 650 رهينة منهم 573 جزائرياً و"أكثر من نصف عدد الأجانب البالغ 132،وأعلنت المجموعة الإسلامية أنها تعرض التفاوض مع فرنسا والجزائر لوقف الحرب في مالي
عقب مرور يوم على العميلة التي شنّها الجيش الجزائري على موقع غازي في ان امناس جنوب شرقي البلاد، لتحرير رهائن جزائريين وأجانب احتجزتهم مجموعة إسلامية، في محاولة لإبعاد البلاد عن نار الحرب المشتعلة في مالي، أعلن مصدر أمني جزائري اليوم أن الجيش حرر قرابة 650 رهينة منهم 573 جزائرياً و"أكثر من نصف عدد الأجانب البالغ 132". وأضاف المصدر، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية، أن "القوات الخاصة تحاول ايجاد مخرج سلمي قبل القضاء على المجموعة التي تحصنت في مصفاة الغاز وتحرير الرهائن الذين تحتجزهم". وأوضح المصدر الأمني أن الحصيلة النهائية غير متوفرة على اعتبار أن "بعض العمال الأجانب اختبأوا في أماكن مختلفة من الموقع". وتمّ توقيف تشغيل مصنع الغاز لتفادي أي انفجار، بحسب المصدر.
وبدأت اولى نتائج العملية بالظهور، حيث أعلنت المجموعة الإسلامية التي تحتجز رهائن أجانب أنها تعرض التفاوض مع فرنسا والجزائر لوقف الحرب في شمال مالي. وابدت المجموعة استعدادها استبدال الرهائن الأميركيين لديها بالشيخ المصري عمر عبد الرحمن والباكستانية عافية صديقي المعتقلين في الولايات المتحدة. وقالت وكالة نواكشوط للأنباء أن زعيم الخاطفين مختار بلمختار "طالب الفرنسيين والجزائريين بالتفاوض من أجل وقف الحرب التي تشنّها فرنسا على ازواد".
كاميرون: الجيش الجزائري ما زال يطارد الإرهابيين ويبحث عن رهائن
من جهته، أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اليوم أن الجيش الجزائري "ما زال يطارد الإرهابيين ويبحث عن رهائن على الأرجح"، موضحاً أنه تحادث في وقت سابق من اليوم مع نظيره الجزائري عبد المالك سلال. وقال كاميرون، أمام النواب البريطانيين، إن موقع انتاج الغاز الذي شهد خطف جماعية إسلامية مسلحة لمئات الرهائن الأربعاء "كبير جداً ومتشعب". وأضاف كاميرون أن الجيش الجزائري "ما زال يطارد الإرهابيين ويبحث عن رهائن على الأرجح في أماكن اخرى من الموقع"، موضحاً أن "أقل من ثلاثين" بريطانياً كانوا "في خطر" مساء أمس وهذا العدد "تراجع بشكل كبير" مذاك.
وتابع كاميرون "أنا واثق من أن مجلس (العموم) سيتفهم لماذا لا يمكنني الإفصاح عن المزيد في هذه المرحلة فيما العملية مستمرة". وكرر كاميرون الذين ادان "هجوماً ارهابياً عنيفاً ووحشياً" أسفه اليوم مجدداً لعدم إطلاعه على العملية التي شنّها الجيش الجزائري على الخاطفين قبل حدوثها. وأكد كاميرون أنه ترأس اليوم اجتماع أزمة جديد مع الوزراء والمسؤولين الأمنيين في لجنة "كوبرا" الأمنية.
وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية اليوم أن "الحادث الإرهابي لا يزال جارياً" في الجزائر، حيث شنّ الجيش الجزائري هجوماً أمس. وأشارت الناطقة باسم الخارجية الى احتمال استمرار وجود "أشخاص محتجزين رهائن" حتى الآن. وأضافت الناطقة "قد يكون بعضهم بريطانيين، الوضع يتغير بشكل كبير ويصعب معرفة ما يحدث الآن". وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي أن بعض البريطانيين "قد يكونوا مفقودين وآخرين مختبئين، لكن للأسف قد يكون هناك قتلى".
طائرة أميركية تحط في مطار ان امناس
في السياق، حطت طائرة اميركية بمطار ان امناس جنوب شرق الجزائر اليوم، بحجة إجلاء الرعايا الأميركيين العاملين في مصنع الغاز الذي هاجمه الجيش الجزائري لتحرير رهائن احتجزتهم مجموعة إسلامية مسلحة. وأكد مسؤول اميركي أن الولايات المتحدة لم يتمّ إعلامها مسبقاً بعزم السلطات الجزائرية شنّ عملية لمحاولة تحرير الرهائن. وقال "لم نكن على علم مسبقا بالتدخل الجاري"، مضيفاً أن المسؤولين الأميركيين "شجعوا بقوة" السلطات الجزائرية على وضع سلامة الرهائن كأولوية.
يأتي ذلك في وقت وجه فيه وزير الحرب الأميركي ليون بانيتا اليوم في لندن تحذيراً الى الإسلاميين الذين هاجموا منشأة ان امناس للغاز في الجزائر في الصحراء الجزائرية، مؤكداً أن "الإرهابيين لن يجدوا مكاناً آمناً". وقال بانيتا الذي يزور لندن في إطار جولة اوروبية "اياً تكن دوافع خاطفي الرهائن، لا مبرر لخطف أبرياء وقتلهم". وأضاف بانيتا "على الإرهابيين أن يعرفوا أنهم لن يجدوا أي مكان آمن، أي ملجأ، لا في الجزائر ولا في شمال افريقيا ولا في أي مكان آخر".
مصدر أمني جزائري: الأرقام التي يتحدث عنها الإسلاميون حول عملية الجيش الجزائري خيالية
إلى ذلك، أكد مصدر أمني جزائري اليوم أن الأرقام التي يتحدث عنها الإسلاميون حول عملية الجيش الجزائري لتحرير رهائن ان امناس "خيالية"، موضحاً أن مجموعة ثانية من الخاطفين ما زالت "متحصنة" في مصنع الغاز. وصرّح المصدر لوكالة فرانس برس أن "الإرهابيين اتصلوا بوكالة أخبار نواكشوط (الموريتانية) لإعطائهم الأخبار بصفة حصرية، وهي مصدر هذه الأرقام الخيالية". وأوضح مصدر أمني جزائري اليوم أن "18 إرهابياً" قتلوا في أول حصيلة لتدخل الجيش الجزائري أمس لتحرير الرهائن، في وقت لم تصدر فيه أي حصيلة عن عدد الضحايا من بين الرهائن.
وأكد مصدر أمني تحدث لوكالة الأنباء الجزائرية اليوم أن المجموعة الإسلامية كانت "مدججة بالأسلحة الثقيلة بما فيها صواريخ وقاذفات صواريخ وأسلحة حربية اخرى"وبحسب المصدر، فإن المهاجمين "كانوا ينوون احتجاز العمال الأجانب رهائن ثم نقلهم الى مالي للضغط على الدول التي تشارك في التدخل العسكري". وأضاف المصدر أن "المجموعة خططت ايضاً لقتل كل الرهائن الأجانب في حال فشلت في الهروب الى مالي لإعطاء اقصى صدى اعلامي ممكن". وتابع المصدر "بحسب المعلومات التي تلقتها القوات الخاصة، فإن الخاطفين كانوا سيرتكبون مجزرة". وخلص المصدر الى أن "تدخل الجيش الجزائري المدرب جيداً جاء في الوقت الذي حاولت فيه المجموعة المسلحة الفرار وحال دون حدوث كارثة يروح ضحيتها مئات الرهائن وتجهيزات مصنع الغاز".
الجيش الجزائري ما زال يحاصر فوجاً ثانياً من الخاطفين مع الرهائن
في المقابل، أكد صحفي محلي موجود في المنطقة أن "الجيش مازال يحاصر فوجاً ثانياً من الخاطفين مع الرهائن"، مشيراً الى أن مروحية تحلق باستمرار فوق الموقع. وأضاف الصحفي أن "الجيش يحاصر مجموعة غير محددة من الخاطفين والرهائن ولم يقتحم موقعهم الموجود داخل مصنع الغاز". وأوضح المصدر أن تدخل الجيش "اقتصر فقط على مساكن العمال حيث كان يحتجز الخاطفون عدداً من الرهائن"، بينما تستمر العملية في "الموقع الثاني الموجود داخل المصنع".
من جهة ثانية، أعلنت مجموعة بريتيش بتروليوم النفطية البريطانية أن ثلاث رحلات أقلعت أمس من الجزائر حاملة 11 من موظفيها و"مئات" الموظفين في شركات اخرى من موقع احتجاز الرهائن، على أن يتمّ تسيير رحلة رابعة اليوم. ووصلت الرحلة الاولى الى لندن أمس في حين حطت الرحلتان الأخريان ليل أمس في بالما في جزيرة مايوركا الإسبانية التي سيغادرونها اليوم. وقالت المجموعة البريطانية التي تشارك في تشغيل موقع ان امناس مع شركة ستايت اويل النروجية وشركة سوناطراك الجزائرية في بيان لها "هناك عدد ضئيل من موظفي بريتيش بتروليوم في ان امناس، لا يزال مكان وجودهم حالياً ووضعهم غير معروفين" بدون اعطاء تفاصيل إضافية حول عدد الأشخاص المعنيين وجنسياتهم وهوياتهم.
وأفاد أحد الرهائن الفرنسيين الناجين من العملية التي قام بها الجيش الجزائري أن "اطلاق النار كان كثيفاً ومتقطعاً". وفي حديث مع اذاعة اوروبا 1، قال الناجي الذي يدعى الكسندر برسو وهو أحد الفرنسيين العاملين في شركة "سي آي اس كيتيرينغ"، إنه كان موجوداً "في قاعدة سوناطرتك بان مناس". وقال برسو "قُتل ارهابيون وأجانب ومن أبناء البلد"، متابعاً "لم يكن أحد يتوقع حصول ذلك، كان الموقع محمياً وتنتشر فيه قوات عسكرية". وأوضح برسو "بقيت مختبئاً حوالي 40 ساعة في غرفتي، كنت تحت السرير، وضعت الواح خشب في كل انحائها تحسباً لأي طارىء، كان لدي بعض المواد الغذائية وكمية قليلة من الماء ولم أكن أعرف كم من الوقت سيستمر هذا الوضع". وأكد برسو أن جنوداً جزائريين على الأرجح هم الذين قاموا بإنقاذه.