كانت لغة كاورنا، في أوجها لغة السكان الأصلين في مدينة أديلايد، ولكنها بدأت تتلاشى من الاستخدام اليومي في جنوب أستراليا في مطلع ستينيات القرن التاسع عشر.
كانت لغة كاورنا، في أوجها لغة السكان الأصلين في مدينة أديلايد، ولكنها بدأت تتلاشى من الاستخدام اليومي في جنوب أستراليا في مطلع ستينيات القرن التاسع عشر. كما شهدت فترة عشرينيات القرن العشرين وفاة من يعتقد أنه آخر المتحدثين بلغة الكاورنا، وبعد مرور مايزيد عن ثمانين عاما عادت بعض أصوات اللغة القديمة إلى الظهور على الساحة.
يقول فينسينت باكسكين، أحد المشرفين على تنظيم دورات مسائية لتدريس اللغة للسكان الأصليين وغير الأصليين "إن الأمر يتعلق بالهوية الذاتية والهوية الثقافية على حد سواء". ويضيف: "في البداية يبدو الامر صعبا ومختلفا تماما عن اللغة الانجليزية التي نشأنا جميعا عليها، فمن اجل تحية شخص ما نقول (نيناماراني) وهي تعني بالانجليزية (هل انت بخير؟)". وقال "لغتنا تعرضت للحظر في القرن التاسع عشر، ولم يتداولها احد حتى ثمانينيات القرن الماضي تقريبا حين بدأ أحد اللغويين في اعداد رسالة لنيل درجة الدكتوراه في موضوع احياء اللغة وإعادة تدريسها للكبار منا"
"تخريب عمدي"
بغية احياء اللغة القديمة، بذل الباحثون قصارى جهدهم في دراسة وبحث وثائق تاريخية قديمة كتبتها جماعات دينية ومستعمرون لإحياء هذه اللغة القديمة. يذكر انه في غضون 18 شهرا من وصولهم الى جنوب استراليا عام 1838، استطاع المبشرون اصدار قائمة بمصطلحات تعريفية لنحو 2000 كلمة للغة الكاورنا، ونحو 200 جملة مترجمة واساسيات القواعد النحوية للغة، كما ترجمت الوصايا العشر إلى لغة الكاورنا.
وافتتح اثنان من الالمان، كرستيان تيشيلمان و كلامور شورمان، مدرسة لتدريس لغة الكاورنا لفترة وصلت الى ست سنوات تقريبا قبل ان تغلقها السلطات التي لم تقبل بغير استخدام اللغة الانجليزية. وقال بيل فوغارتي لدى المركز الوطني لدراسات اللغات الاصلية بجامعة استراليا الوطنية "تعمد الاستعمار تخريب هذه اللغات والقضاء عليها." واضاف "خلال فترة الاستعمار كان عدد اللغات الاصلية يصل الى نحو 300 لغة، اندثر من هذه اللغات نحو نصفها."
ومازال هناك نحو 150 لغة مستخدمة، واضاف فوغارتي ان حفنة قليلة منها فقط، حوالي 6 في المئة، يمكن اعتبارها لغات "قوية" ومازالت مستخدمة كلغة أم، في حين الكثير من هذه اللغات معرضة لخطر الاندثار.
"احياء"في مانينغريدا، الواقعة في ارنهيم لاند الوسطى بشرق دارون، يتحدث 3000 ساكن أصلي سبع لغات مختلفة تماما و نحو 22 لهجة متميزة في منطقة صغيرة نسبيا.
وقال فوغارتي ان مثل هذا التنوع الثري يعد مستودعا لالاف السنين والمعرفة الروحية والاجتماعية التي خلفتها اجيال من السكان الاوائل في استراليا. واضاف ان الحفاظ على هذا الارث امر ضروري كما ان "دور اللغات الاصلية في تنمية المجتمعات النائية قوي للغاية."
ويوافق روبرت اميري، أحد الاختصاصيين في اللغويات بجامعة اديلايد، على ان هذه الطرق القديمة تعد كنوزا ثقافية.
وتنتمي لغة الكاورنا الى هذا المكان، سهول اديلايد، لذا لديها مفرداتها وكلماتها للحديث عن الاماكن والبيئة هنا وكذلك الانواع التي تستوطن هذه البيئة."
ولغة الكاورنا لم تنهض من سباتها فحسب، بل تنمو لغويا، حيث استطاع فينسينت باكسكين وزملاؤه من الرحالة اللغويين ابتكار كلمات جديدة ومصطلحات ادخلوها الى القواعد النحوية الاصلية والبنية اللغوية مثل كلمات (مؤتمر) و(هاتف) و(كمبيوتر) وغيرها الكثير من مصطلحات العصر. لقد عادت لغة كاورنا الى الحياة من جديد، او كما نقول بلغة السكان الاصليين (بورونارنينثي) و بالانجليزية (بعثت من جديد).