كتبت صحيفة "السفير " في عددها الصادر اليوم في بيروت يقترب سيف المهل الدستورية أكثر فأكثر من عنق الانتخابات النيابية، مع استهلاك جزء كبير من الوقت، حتى الآن، في نقاش عقيم لم يفض الى أي نتيجة.
كتبت صحيفة "السفير " في عددها الصادر اليوم الإثنين في بيروت يقترب سيف المهل الدستورية أكثر فأكثر من عنق الانتخابات النيابية، مع استهلاك جزء كبير من الوقت، حتى الآن، في نقاش عقيم لم يفض الى أي نتيجة، ويكاد يهدد بأزمة سياسية مفتوحة ما لم يتم إقرار القانون الذي ستتم على أساسه الانتخابات، قبل التاسع من آذار المقبل، وهو الموعد الأقصى لإصدار مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي أعده وزير الداخلية وينتظر توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة.
وإذا كان البعض يراهن ضمناً على إجراء الانتخابات وفق "الستين"، في اللحظة الأخيرة، كونه القانون النافذ، فإن الرئيس نبيه بري خرج بـ"فتوى" تُحرّم إجراء الانتخابات على أساسه، لاعتبارات قانونية قبل أن تكون سياسية.
وإزاء استعصاء المعالجة على "لجنة التواصل" الفرعية، تتحول الأنظار في اتجاه اللجان النيابية المشتركة التي دعا بري الى انعقادها الاربعاء المقبل، للاستماع الى تقرير "الفرعية" حول نتائج أعمالها، ومناقشة مشاريع الانتخاب المطروحة رسمياً على المجلس ("13 دائرة مع النسبي" و"اللقاء الأرثوذكسي" و"الخمسين دائرة")، علماً أن طيف الصيغة المركبة التي تجمع النظامين النسبي والأكثري قد يكون الحاضر الأقوى.
وبينما حسم حزبا "الكتائب" و"القوات اللبنانية" قرارهما بالمشاركة في جلسة اللجان المشتركة، على الرغم من أن الحكومة ستحضرها، بدا "تيار المستقبل" في موقف حرج، فهو إذا قاطعها سيُتهم بالعرقلة وسيوسع الهوة مع حليفيه المسيحيين، وإذا حضرها سيكون قد تراجع عن مقاطعة الحكومة ورئيسها مع ما يرتبه ذلك من خسائر سياسية، علماً أن أوساطاً في المعارضة تساءلت: كيف يصح أن يلتقي الرئيس فؤاد السنيورة الرئيس نجيب ميقاتي للبحث في مسألة انتخابات المجلس الشرعي الأعلى، ويقاطع اللجان المشتركة التي ستناقش الانتخابات النيابية بحجة حضور الحكومة؟
"فتوى" بري
وفيما التقى الرئيس بري الرئيس ميقاتي مساء أمس في عين التينة، قال رئيس المجلس النيابي لـ"السفير" إن دعوته اللجان المشتركة الى الاجتماع هو أمر طبيعي وبديهي لاستكمال مناقشة قانون الانتخاب، بعد الذي جرى في الاجتماع الأخير لـ"لجنة التواصل النيابي". وتوجه الى الذين استغربوا خطوته، متسائلاً: ما الذي كان مطلوباً مني.. هل كان يجب أن أقف مكتوف اليدين، فيما الوقت يداهمنا؟
وأضاف بري: سبق لي أن أبلغت النائب روبير غانم أنه إذا تعثرت "لجنة التواصل" في عملها، فسأدعو اللجان المشتركة الى الانعقاد، موضحاً أنه سينتظر نتائج اجتماع اللجنة غداً الثلاثاء المخصص لوضع تقريرها، "فإذا تبين أن هناك تحسناً في مناخها وإذا طلب أعضاؤها تمديد عملها، سأدرس الموقف، ليبنى على الشيء مقتضاه، علماً أن هذه اللجنة انبثقت عن اللجان النيابية المشتركة التي يعود إليها أن تقرر الخطوة التالية".
ولفت الانتباه الى انه ليس مقبولاً الاستمرار في تضييع الوقت، منبهاً الى أن الانتخابات لن تتم وفق "قانون الستين"، ومن يعتقد أن إجراءها على أساس هذا القانون ممكن، في حال تعذر التوصل الى قانون جديد، هو جاهل بالحقيقة القانونية والدستورية المحيطة بهذا الأمر.
وأشار بري الى أن المادة 11 من "قانون الستين" تلحظ وجوب تشكيل الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات، بقرار من مجلس الوزراء، وهذه الهيئة معنية بإدارة الانتخابات وتلقي الطعون بعدها، وما يفوت الكثيرين هو أن مجلس الوزراء لن يؤلف هذه الهيئة، ما دام معظم أطرافه يعارضون "قانون الستين"، الى جانب رئيس الجمهورية، الأمر الذي يعني تلقائياً أنه لن تكون هناك انتخابات استناداً الى هذا القانون، لأسباب قانونية قبل أن تكون سياسية.
وإذ شدد على ضرورة تكثيف الجهود للتفاهم على مشروع توافقي، كرر قوله إن أهم قانون انتخابي ليس أفضل من أسوأ قانون يحظى بالتوافق الوطني.
ميقاتي: لا للمزايدات
أما ميقاتي فأكد، بعد لقائه بري، أن الوزراء المختصين سيحضرون اجتماع اللجان المشتركة، وهو قال لـ"السفير" إنه تشاور معه في موضوع جلسة اللجان المشتركة يوم الاربعاء المقبل، وكيف ستتمثل الحكومة في هذه الجلسة، في ظل الكلام عن استمرار مقاطعة بعض نواب المعارضة لأي جلسة تحضرها الحكومة. وأكد ان "همّنا هو ان تنجح اللجان في عملها لإقرار قانون الانتخاب ولا شيء غير ذلك، ولا نسعى الى أي مزايدات في هذا المجال".
شربل.. والطعن
وتعليقاً على موقف بري، قال وزير الداخلية مروان شربل لـ"السفير" إن عدم تطبيق أي مادة من مواد "قانون الستين" لا يعطل الانتخابات، ولكنه يشكل سبباً وجيهاً للطعن في نتائجها، ومن يطعن سيفوز بالدعوى.
وإذ أوضح أنه سيشارك في اجتماع اللجان المشتركة بعد غد ما لم يسافر الى تركيا، دعا مجلس النواب الى الإسراع في إقرار قانون جديد، لافتاً الانتباه الى ان تأجيل الانتخابات سيكون حتمياً إذا تضمن القانون الجديد المفترض أي مسائل إجرائية لا يلحظها "قانون الستين".
عدوان: سنحضر اللجان وخطاب نصرالله إيجابي
وفي حين سُجل أمس تواصل بين بري و"القوات اللبنانية"، أبلغ النائب جورج عدوان "السفير" أن "القوات" ستشارك في جلسة اللجان المشتركة، بعد غد الاربعاء، برغم حضور الحكومة، لافتاً الانتباه الى أنه "سبق لنا أن أوضحنا أن مقاطعتنا المبدئية والمستمرة للحكومة لا تشمل قانون الانتخاب، وانطلاقا من ذلك شاركنا في اجتماعات اللجنة الفرعية التي وإن غابت عنها الحكومة مباشرة، إلا أن من يديرها كان حاضراً".
واعتبر أن الرئيس نبيه بري "وضع الجميع، لا سيما المترددين، أمام مسؤولياتهم بدعوته اللجان المشتركة الى الانعقاد، وهذه مرحلة تسبق عادة الانتقال الى الهيئة العامة حيث تحسم الأمور، وبالتالي فقد دقت ساعة الجد وبدأ العد العكسي لقانون الانتخاب، ما يعني أن هامش المناورة قد تلاشى وباتت الأطراف المعنية مضطرة الى كشف أوراقها".
وإذ أكد أن "القوات" لا تزال على موقفها الداعم لمشروع "اللقاء الأرثوذكسي" الى حين إيجاد البديل المناسب، لاحظ أن "البعض يوسّع "البيكار" ويطرح إنشاء مجلس الشيوخ، ونحن نقول لهؤلاء إن الاهتمام حالياً يجب أن يتركز حصراً على قانون الانتخاب، لأن الأولوية هي لتشكيل مجلس نيابي، يتمتع بصحة التمثيل، وعندها يتولى هذا المجلس البحث في أي أفكار أخرى".
واعتبر ان الشق الانتخابي في الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان إيجابياً في العديد من جوانبه، وخصوصاً في ما يتعلق بمقاربته لهواجس المسيحيين وحقوقهم، وتشديده على ضرورة أن تكون كل المكونات راضية، وتأكيده استمرار السعي الى تحقيق التوافق، الى جانب التمسك بـ"الأرثوذكسي".
مشروع "المستقبل"
في هذه الأثناء، أكد رئيس "كتلة المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة رفض "تيار المستقبل" اقتراح "اللقاء الأرثوذكسي" وكذلك النسبية، معلناً عن أن الكتلة ستقدم في وقت قريب اقتراحاً متكاملاً وشاملاً يعالج الهواجس التي أبداها المسيحيون، والمخاوف لدى البعض بطريقة تحافظ على العيش المشترك والاعتدال.
وبرغم أن الموقف المبدئي لـ"المستقبل" لا يزال ينحو باتجاه المقاطعة، إلا أن مصادره دعت الى انتظار الموقف الرسمي للكتلة يوم الثلاثاء، فــيما اعتبر عضو الكتلة النائب أحمد فـــتفت أن الكرة الآن في ملعب الحكومة نفســـها وإذا "كانت ترغب في تسريع عمل اللجان فعليــها عدم المشاركة في الاجتماعات، لأن مشاركتها ستعرقل التقدم نحو إقرار قانون جديد للانتخابات".