بعد يوم طويل من التردد والنقاشات الحادة والهادئة، نجح المؤتمر الدولي السوري في جنيف، ونجحت معه هيئة التنسيق السورية المعارضة في كسر حاجز نفسي ومعنوي تمثل في إعلان جنيف
نضال حمادة – باريس
بعد يوم طويل من التردد والنقاشات الحادة والهادئة، نجح المؤتمر الدولي السوري في جنيف، ونجحت معه هيئة التنسيق السورية المعارضة في كسر حاجز نفسي ومعنوي تمثل في إعلان جنيف الذي نادى ببدء عملية تفاوض بين المعارضة والسلطة في سورية.
لم يكن الوصول الى هذا الإعلان بالأمر السهل والبسيط، وهو اتى بعد إعلان مبدئي لم يرد فيه البند الثاني الداعي للتفاوض مع الدولة السورية، لكن البيان المبدئي كان يفتقر لأي عنصر جديد بل اتسم بالجمود وبتكرار المواقف والجمل والأدبيات التي استخدمت خلال السنتين الماضيتين، وكان لا بد للقيمين على المؤتمر خصوصا هيئة التنسيق الوطني السوري المعارضة من اتخاذ الموقف الجريء والتصالح مع نفسها بعيدا عن التأثيرات والضغوط الإعلامية لكسر حاجز الجمود والشروع في عملية سلمية تنهي سفك الدم السوري. وكانت الظروف السياسية مناسبة وملائمة لكسر هذا الحاجز وإعلان الموافقة على التفاوض.
حصل الاختراق الكبير المهم يوم الاثنين في كلمة الناشط الحقوقي ناصر الغزالي في المؤتمر، والتي دعا فيها الى تشكيل ثلاثة لجان أحداها تكون مهمتها اقامة عملية سياسية عبر التفاوض بين المعارضة والسلطة، مرت المداخلة دون ان يلتفت أحد لأهميتها خصوصا انها اتت وسط عشرات المداخلات، لكننا علمنا مساء أن هذا الموضوع يناقش بشكل جدي، وبناء على المعلومة المؤكدة انفرد موقع المنار بنشر خبر مختصر عن هذا التوجه بعنوان "مؤتمر جنيف حول سورية يطرح محاورة النظام"، لكن الدلائل المهمة كانت تدور في فندق "ستارلينغ" حيث عقد المؤتمر، وفي باريس حيث مؤتمر لوران فابيوس للائتلاف السوري المعارض.
كانت الدلائل على فشل مؤتمر باريس واضحة جلية خصوصا مع استمرار مطالبة أقطاب الإئتلاف والمجلس بالحصول على المال، فبينما كرر جورج صبرا مطلبه بمبلغ خمسمائة مليون دولار الذي يطالب به منذ أشهر دون زيادة ولا نقصان، ارتفع سقف الائتلاف الى مليار ونصف المليار دولار، فيما كان غياب معاذ الخطيب عن المؤتمر لا يحتاج الى كثير عناء لمعرفة الوضع المزري الذي وصلت اليه مجموعات المجلس الوطني والائتلاف الوطني، فيما أتت تصريحات وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس امام ضيوفه في المؤتمر الباريسي لتشير الى سرعة التورط الفرنسي في مالي الذي يجبر فرنسا على تغيير لهجتها خصوصا في قضية التدخل العسكري في سورية.
في فندق "ستارلينغ"، رأى القيمون على المؤتمر والمراقبون اهتماما دوليا بمؤتمر جنيف فاق بكثير الاهتمام التلفزيوني بمؤتمر باريس، حضر الى الفندق شخصيات من أكثر من سفارة غربية وشرق اوسطية مهتمة بالشأن السوري دون ان يتم دعوتها مستفيدة من قانون يتميز به كانتون جنيف يسمح للبعثات الدبلوماسية بحضور مؤتمرات سياسية حتى لو لم تكن مدعوة.
كانت الإشارة كبيرة ومعبرة وحجم الاهتمام الدولي والإقليمي بمؤتمر جنيف يفوق بشكل كبير الاهتمام الدولي بمؤتمر باريس، لكن الحذر بقي. وعند الظهر قبل جلسات المناقشة وزع على المؤتمرين إعلان خال من اي طرح للتفاوض مع السلطات السورية.
كانت جلسات نقاش الإعلان الأول حاسمة في عملية التعديل وبعد تدخلات الضيوف من غير السوريين العرب والأجانب أتت مداخلات السوريين في القاعة، ومن سورية عبر شبكة "سكايب" حسن عبد العظيم، أحمد العسراوي، أكرم الكرمي، بدر منصور، فاتح جاموس، وأمل نصر حيث صبت جميعها على اولوية وقف العنف، ومن القاعة تكلم رئيس تيار بناء الدولة لؤي حسين الاتي من سورية، ومداخلة ناصر الغزالي رئيس مركز الدراسات معهد دمشق المقيم في السويد والذي فقد 15 شخصا من أبناء أخواته وعمومته، فضلا عن مداخلات عشرات السوريين في القاعة ومن سورية جامعة في خيار واحد هو فتح باب التفاوض بين المعارضة والسلطة في سورية.
بعد اختتام المناقشات عقد القيمون على المؤتمر وبعض الناشطين السوريين اجتماعا خرج بالصيغة النهائية التي سميت "إعلان جنيف"، والتي أجمع الحاضرون للمؤتمر من سوريين وعرب وأجانب وصحفيين ودبلوماسيين أن نتيجته نجاح كبير لهيئة التنسيق الوطنية في سورية ولشخصياتها البارزة خصوصا مسؤول الهيئة في الخارج هيثم مناع، رغم أن هناك أسئلة كثيرة وصعوبات جمة سوف تواجه السوريين على مختلف مشاربهم في عملية إعادة السلام والاستقرار لسورية وإخراجها من عملية الدمار.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه