يحاول المرء عبثاً ان يفيد من تحليلات قطيش. الأحادية في الرؤية والمعالجة لن تولّد إلا مخلوقات هجينة. ان يؤلّه الصحافي طرفاً ويكفّر آخر، بالاسلوب الفارغ إياه طوال الوقت، يجعله مادة سهلة لإثارة القهقهة!!
تكفينا المتابعة اليومية لنشرات الأخبار لكي نضحك. سياسيون يتخاطبون بلغة الشتائم أمام الكبير والصغير من دون خجل. لم يتعلّموا يوماً احترام الشعب، ولم تعنهم ضرورة استمالته الى جانبهم في المواقف الحاسمة. الشعب ينتخب مرة واحدة كل أربع سنوات، فلِمَ العجلة؟ فجأة أطلّ نديم قطيش على المشاهدين. هبط مثل "زورو" على الأشرار.
كتبت فاطمة عبدالله في جريدة النهار :
لا نصدّق المنقذين إلا في السينما.. الشاشة للرغو فقط!
سنواتٌ طويلة خاض خلالها قطيش المعترك الاعلامي، فلم ينشهر ولم يتنجّم. حين تسوء حال البلد وينحدر العقل الى أسفل السافلين، يصبح الخطاب الغرائزي جماهيرياً. الجمهور لا يتكلم. يردد الهتافات فقط. لعل حادثة "اقتحام السرايا" التي أطلقها قطيش في يوم تشييع اللواء وسام الحسن جعلته بطلاً قومياً لا يتكرر. أصبح الرجل مشهوراً. المطالبون بسوقه الى العدالة، والداعون له بطول العمر، في نهاية المطاف، سواسية، ما دامت النتيجة واحدة: سيرته باتت على كل شفة ولسان!.
على طريقة زميله في الـ MTV، جو معلوف، هو قطيش: لباسٌ واحد لا يتغيّر، مونولوغ مفتوح، ونبرة ساخرة في الخطاب. وإذا استثنينا رغبة معلوف في حل مشكلات الناس، فإن للرجلين لساناً سيظل شغّالاً ما دام الكلام في بلد الضرائب وغلاء المعيشة، العرض المجاني الوحيد.
يحاول المرء عبثاً ان يفيد من تحليلات قطيش. الأحادية في الرؤية والطرح والمعالجة لن تولّد إلا مخلوقات هجينة. ان يؤلّه الصحافي طرفاً ويكفّر طرفاً آخر، بالاسلوب الفارغ إياه طوال الوقت، يجعله مادة سهلة لإثارة القهقهة. الفريق الذي ينتمي اليه قطيش ومحطته ليس منزّهاً عن الخطأ، لكن قطيش لا يرى. تكلم المفكرون عن النقد الذاتي، ولكن قطيش لم يقرأ. عندما يقرر المرء ان يتخذ له من الزوايا بيتاً، فاضحكوا كثيراً إن رحّب بكم من على الشرفات المطلة على البحار الواسعة. وعندما يتكلم الصحافي بلغة ركيكة، اعلموا ان "الكوميديا" ليست سكتشات "رخيصة" فقط. نديم قطيش يختار عناوين تحليلاته من نوعية: "كم مؤامرة بتعمل بالتنكة"، "نبيل نقولا شعلة زكا"، و"إجر مي شدياق برقبة مين..."؟! منذ المقابلة الوهمية مع النائب عقاب صقر إثر مؤتمره الصحافي الشهير، والتي تبيّن لاحقاً انها ملخص مكرر للمؤتمر لا أكثر، ونحن نحاول ان نلتقط طرف "ابداع" في البرنامج يكون جديراً بمديح مبني على العقل، لكن ذلك لم يتحقق.
المضحك المبكي في مغامرات البرنامج اليومية، حلقة بعنوان "الآسر وليس الأسير"! وإن كان قطيش "معذوراً" في عدم التهكم على الفريق السياسي الذي ينتمي اليه، فما عذره حين يجيّر الهواء لتبرير "دور" الشيخ أحمد الأسير؟! يصيبنا الغثيان فيما قطيش يحاول اقناعنا بأن الأسير حاجة ملحّة. خلاصة المهزلة: "الطائفة السنّية مقسّمة الى عقل ترمز اليه الحريرية، وغرائز يرمز اليها الأسير"! للكوميديا وجوه كثيرة، والسيرك يرحب بالجميع، يومياً بعد نشرة الأخبار المسائية (ملاحظة: الدخول مجاني)!.
ولكن نديم قطيش أضحكنا كثيراً. للأمانة، استمتعنا بوقتنا في بعض الحلقات التي حلل فيها الحوادث بطريقة "كراكوزية". حين قيل ان النائب ميشال عون تعرض لمحاولة اغتيال، بذل قطيش جهداً ليسلينا. حذّر المشاهدين من قسوة مشهد "الجريمة"، وطلب منهم الانتباه الى خدش مشاعر أولادهم، لتكون النتيجة: سيارة جديدة بالكاد اخترقتها رصاصة! في الحقيقة، نضحك لأن العجز قد أصابنا، وما عدنا نقوى على المحاججة والاقناع، بعدما سبق عقلنا جسدنا وبلغ قبله سنّ اليأس.
حتى السخرية في DNA
(Daily News Analysis) وتعني "التحليل اليومي للأخبار"، يُفترض ان تظل مضبوطة. وللتذكير فقط، أرقام "يوتيوب" ليست دائماً معياراً للأعمال الناجحة. فالفيديو كليبات الرخيصة أيضاً تحظى بنسبة مشاهدة عالية! ..
ملحوظة: موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه..