ويتوقع أن يلقى هذا الاتفاق جدالاً ساخناً عند عرضه على الكونغرس الأميركي بسبب حساسيته واحتمال تهديده للأمن الإقليمي، لا سيما الاسرائيلي
منذ فترة، يجري العمل بين السعودية والولايات المتحدة على بلورة اتفاق نووي، هو ضمن مجموعة من الاتفاقيات النووية التي سبق أن أعلنتها وزارة الخارجية الأميركية مع تايوان وفيتنام وكوريا الجنوبية، إضافة الى الأردن والسعودية، ويتوقع أن يلقى هذا الاتفاق جدالاً ساخناً عند عرضه على الكونغرس الأميركي بسبب حساسيته واحتمال تهديده للأمن الإقليمي، لا سيما الاسرائيلي.
وأكدت مصادر لـ«الأخبار» أن وفداً أميركياً أجرى أخيراً زيارة للرياض لهذا الغرض، وأنه التقى المسؤولين السعوديين، كما زار الأماكن التي سيجري عليها بناء المفاعلات النووية للأغراض السلمية، مضيفاً أن البناء سيكون في المنطقة الغربية بغرض إنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر بسبب نقص الموارد المائية. لكن المصدر نفسه قال إن طاقم التشغيل الرئيسي سيكون أميركياً. وأوضح أن الاتفاق لا يزال في مرحلة المحادثات، ويفترض أن يعرض على الكونغرس بعد بلورته، حيث سيلقى نقاشاً ساخناً ومعارضة قوية.
وفي تقرير حول الموضوع، ذكرت «غلوبل سيكيوريتي نيوز واير»، التي تصدر عن مجموعة «ناشونال جورنال»، في تقرير لها، إن وفداً نووياً أميركياً سافر في شهر تشرين الثاني الماضي الى السعودية من أجل متابعة المفاوضات في اتفاق حول التجارة النووية. ونقلت عن مسؤول صناعي في هذه المهمة أنها «الأولى من نوعها»، وتأتي بعد إعلان دول الخليج أنّها تنوي بناء 16 مفاعلاً نووياً حتى عام 2030.
وخلال منتدى لمعهد الطاقة النووية في واشنطن يوم الأربعاء الماضي، قال أحد الممثلين إنّه «من الوجهة النووية، يمثل هذا الاتفاق استثماراً بقيمة 112 مليار دولار من أجل إقامة هذه المفاعل»، فيما أوضح مسؤول صناعي أن معهد الطاقة النووية، الذراع الأميركية للصناعة الذرية، كان «شريكاً داعماً» لزيارة الوفد الأميركي للرياض. ونظّمت هذه الزيارة غرفة التجارة الأميركية ومجلس الأعمال السعودي الأميركي. وتألّف الوفد من ممثلين عن 10 شركات نووية و10 شركات للطاقة المتجددة، فيما ترأست «إيكسيلون جنيراشن» و«سان باور» الوفود الممثلة للطاقة الذرية والشمسية.
ونقل مصدر مطّلع عن المسؤولين السعوديين إنهم يريدون بدء العمل في بناء المفاعل النووي في 2015. وفيما يجري العمل بتأنّ على الاتفاق، فإن السعوديين حريصون على التقدم بسرعة. ولقاء الرياض جرى قبل شهرين من إعلان مندوب عن وزارة الخارجية الأميركية رسمياً الزيارة في بداية هذا العام، قائلاً إن السعودية هي ضمن عدة دول «نفاوضها من أجل التوصل إلى اتفاقات حول التجارة النووية»، وهي الأردن وتايوان وكوريا الجنوبية وفيتنام.
الخوف من تطوير سلاح سري نووي :
وتُعطي هذه الاتفاقيات الدول الموقّعة حق الدخول الى المواد النووية والتكنولوجية الأميركية والحصول على خبراء. ورغم أن التعاون هدفه الطاقة النووية السلمية والاستخدامات المدنية، لكن يُخشى أن تستخدم هذه الدول هذه القدرات لتطوير سلاح نووي سرّي، بحسب ما تنقل المجلة عن خبراء ومسؤولين.
وبالنسبة إلى الرياض، فإنها تهدف من وراء الاتفاق الى استخدام المفاعل النووي «في مجال الطب والصناعة والطاقة وتطوير موارد التنمية البشرية والبنية التحتية»، وفق ما أعلنت من قبل وزارة الخارجية الأميركية. لكن هناك بعض المخاوف من الاتفاق مع السعودية؛ فالأخيرة دولة نفطية، ويخشى بعض الخبراء والنواب الأميركيين من أن تطور قدراتها في يوم من الأيام وتقوم بشراء أو إنتاج وقود نووي يمكن استخدامه في إنتاج السلاح النووي. وهذا هدف لم تُخفه السعودية، فقد أعلن السفير السعودي السابق للولايات المتحدة، تركي الفيصل، ذات مرة، أن بلاده قد تسعى لامتلاك سلاح نووي لمجابهة إيران وإسرائيل، كما أعلن الملك السعودي عبدالله أن المملكة ستنظر في أمر إنتاج سلاح نووي إذا تابعت إيران خططها النووية.
وبحسب «غلوبل سيكيوريتي نيوز واير»، فإنّ النواب الديموقراطيين والجمهوريين على حدّ سواء لمّحوا إلى أنهم قد يصدّون أي تعاون نووي أميركي سعودي، ولا سيما إن عارضت إسرائيل مثل هذا الاتفاق. إضافة الى ذلك، هناك خشية من المجهول الآتي على المملكة، ومن أن يؤدي انهيار ما للأسرة الحاكمة من انعدام السيطرة على التكنولوجيا النووية الحساسة.
وعلّق مصدر في الكونغرس على أي اتفاق محتمل قائلاً: «سيكون محل نقاش مثير للاهتمام، بما أن أي اتفاق سيخلق مخاطر على الأمن الوطني في المنطقة، لا سيما في ما يتعلق بأمن إسرائيل». لكن في حال أصرّت الإدارة الأميركية على المضي قدماً في الاتفاقيات، فإن بعض المسؤولين سيسعون من أجل تضمينها تعهدات «ذهبية» من قبل الشركاء الشرق أوسطيين.
السعودية تسعى للحصول على "الختم السياسي" :
ورغم ما تورده المجلة، فإن السعودية ليست بحاجة ماسة الى اتفاق الولايات المتحدة كي تنفذ الى أسواق الطاقة النووية، فهي سبق أن وقّعت اتفاقيات مع الصين وفرنسا وكوريا الجنوبية والأرجنتين في هذا المجال، ويكفي أنّها ساعدت باكستان على امتلاك القنبلة النووية قبل عشرات السنين. ويعتقد العديد من الخبراء أن القنبلة الباكستانية تُغني السعودي عن أي سعي لامتلاك السلاح النووي. لكن «غلوبال سيكيوريتي واير» تقول إن الرياض تريد من خلال اتفاقها مع الولايات المتحدة الحصول على «الختم السياسي».
وتنقل عن الخبير في الشأن الخليجي، سيمون هندرسون، الذي يكتب في «واشنطن انستيتيوت»، قوله إن الدول الأخرى ممكن أن تربح بسهولة عقود لبناء مفاعل نووي للرياض إذا رفضت ذلك الولايات المتحدة، إضافة إلى أن القلق الأساسي هو أنه في حال أصبحت إيران نووية، فإنّ الرياض ستحذو حذوها». وحول المحادثات النووية السعودية _ الأميركية، يقول إنها «لعبة دبلوماسية، والمفتاح الأساسي فيها سيكون عدم الاستجابة للضغوط التجارية».