تقدّم وزارة الخارجيّة الإسرائيلية، من خلال شريط «الحقيقة عن القدس»، محاولة جديدة لتشويه تاريخ عاصمة فلسطين المحتلّة هدفها التأكيد على يهوديّة المدينة عبر التاريخ، وربما، تبرير فكرة هدم المسجد الأقصى
تقدّم وزارة الخارجيّة الإسرائيلية، من خلال شريط «الحقيقة عن القدس»، محاولة جديدة لتشويه تاريخ عاصمة فلسطين المحتلّة. أنجزت الوزارة الفيديو الترويجي، بهدف الإضاءة على «تعدديّة» القدس، وطابعها المتحرّر والحديث، قبل أن تتراجع عن نشره. ويورد الشريط القصير تفاصيل، هدفها التأكيد على يهوديّة المدينة عبر التاريخ، وربما، تبرير فكرة هدم المسجد الأقصى.
ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيليّة، تفاصيل عن الفيديو، قائلةً إنّه لم يعرض بسبب «المخاوف من موجة غضب إسلامية في أنحاء العالم العربي والإسلامي». ويلعب نائب وزير الخارجية السابق داني أيالون، دوراً رئيسياً في الفيلم، متقمصاً شخصيّة «دليل سياحي». نراه يقود المشاهدين في رحلة افتراضيّة في تاريخ القدس، تواكبها رسومات غرافيكس. يتحدّث أيالون في أحد مشاهد الشريط، عن كون القدس ملتقىً للأديان، وعن «الحرية الدينية الكاملة في ظل تواجد القدس تحت السيادة الإسرائيلية»، بشكل يتناقض مع ما تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينيين.
يركّز الشريط على عناصر الهدوء و«السلام» في معالم المدينة. يستعرض مختبرات علميّة، ومتاحف، ومسارح، وطرقات آمنة، وسكان يجولون شوارع المدينة، مساهمين في صناعة «سحرها»، كما يقول أيالون. يخبرنا الإعلان إنّ تاريخ القدس كان مليئاً بالحروب والانقسامات، قبل أن تنشأ دولة إسرائيل، لتمنح المدينة «تناغمها». يتابع أيالون روايته، ليخبرنا، أنّ هيكل سليمان، كان مبنياً تحت المسجد الأقصى. ويواكب الغرافيكس «شروح» أيالون. نراه يفتح كتاباً، يتصاعد منه غبار يشبه غبار جنيّات السحر في قصص الخيال، فيلفّ الأقصى، ليختفي المسجد بسحر ساحر، وينبت مكانه مجسّم ضخم لهيكل سليمان، أو «مركز الكون»، بحسب صنّاع الشريط، والرابط بين الأرض والجنّة.
وقالت الصحيفة إنّ مخاوفاً سادت أروقة وزارة الخارجيّة الإسرائيلية، بعد إنجاز الفيلم، خصوصاً «مع ما يمكن أن يخلّفه ذلك المشهد من ردود فعل غاضبة»، ما جعلها تقرّر عدم عرضه. ولفتت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية نشرت مجموعة أخرى من الأفلام الوثائقية، منها الحقيقة عن اللاجئين اليهود»، و«الحقيقة عن الضفة الغربية»، و«الحقيقة عن مسيرة السلام»، أنتجتها شركة غربية تقدّم خدماتها لوزارة الخارجية الإسرائيلية، بالتعاون مع منظمات دعائية يهودية تعمل لصالح إسرائيل.
من جهته، أكد أكرم عطالله الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إنّ الفيلم يندرج ضمن المحاولات الدعائية الإسرائيلية، لإثبات تاريخ المدينة اليهودي. وأوضح عطالله في تصريح لـ«السفير» أن الأبحاث الأثرية لم «تجد ما يربط القدس بتاريخ يهودي مفترض ومصطنع»، مشدّداً على أنّ الكثير من علماء الآثار الإسرائيليين نفوا في دراساتهم أي علاقة بين القدس والحالة اليهودية عبر التاريخ. لهذا، فإنّ هذا الفيلم محاولة لترويج ما هو غير ثابت، وتأكيد ما لم تستطع أن تؤكده الحفريات والآثار اليهودية».
وفي السياق نفسه، أشار تقرير حقوقيّ صدر عن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إلى أنَّ الشريط يتضمَّن تحريضاً على هدم المسجد الأقصى، وبناء هيكل سليمان، و«يؤكد نوايا الحكومة الإسرائيلية تجاه معلم ديني وتاريخي ترتبط به الإنسانية جمعاء بطرق مختلفة». لكنّ خطاب الشريط الإعلاني يذهب أبعد من حلم هيكل سليمان. نجده يركّز على الرواية الإسرائيلية، من خلال تكثيف العودة إلى «تاريخ يهودي» للقدس، في محاولة لطمس أيّ طابع عربي للمدينة.
شريط الإعلان على «يوتيوب»:
http://www.youtube.com
/watch?v=3KxxOBRNhrQ