تخالها وهي تتحدث عن مواقف صادفتها وتقارير أنجزتها وشخصيات قابلتها، كأنّها تعيد عيش كل لحظة الآن. تأخذنا المراسلة في «المنار» إلى أماكن تغطياتها، من حرب تموز 2006، ما سبقها وما تلاها.
تستحضر منار صبّاغ أحمد (1982) مسيرتها على شكل رسم باليدين على الهواء. تتورّد وجنتاها حين تذهب بعيداً في التفاصيل، وهي تحاول أن تتذكر كيف مشت الخطوة تلو الأخرى، حتى استطاعت أن تعلق في أذهان الناس. تخالها وهي تتحدث عن مواقف صادفتها وتقارير أنجزتها وشخصيات قابلتها، كأنّها تعيد عيش كل لحظة الآن. تأخذنا المراسلة في «المنار» إلى أماكن تغطياتها، من حرب تموز 2006، ما سبقها وما تلاها. نوغل معها في لحظات الخوف والغضب والتعب والمتعة.
أجرى الحوار غفران مصطفى في جريدة السفير :
تتذكر ابنة النبطية بيئة المقاومة التي احتوتها. «كبرنا ونحن نسمع صوت القنص والضرب وقضايا الصراع العربي الإسرائيلي». دخلت العمل الصحافي، بعد تخرجها من قسم العلوم السياسيّة في «الجامعة اللبنانية» في العام 2004. «أحب مهنة الإعلام منذ الصغر، وكانت تشدني مظاهر تغطية الإعلام الغربي لمسيرات عاشوراء في منطقة النبطية».
التحقت صباغ بفريق «المنار» في العام 2005، بعدما خضعت لدورة تدريبية في قسم الإعداد، من ثم تقدمت للتدرب في قسم الأخبار حتى انضمت رسمياً للقناة. «كانت «المنار» من أولوياتي، لأن حجابي والتزامي الديني قيمٌ تتوافق مع مبادئ المحطة، لهذا أعتبرها تمثلني بتطلعاتي الفكرية واعتقاداتي الدينية وقناعاتي السياسية»، تقول.
شهدت سنوات عمل صباغ، أحداثاً سياسيّة ضخمة. كان العام 2005 مفصلياً بالنسبة لمنار، إذ «كانت البداية بالنسبة لي من كافة النواحي، لما فيها من حساسية وأجواء مشحونة. هذا الأمر دعاني لأبذل جهداً وأحصّل خبرة بصورة مضاعفة». تنوع عمل صباغ في البداية بين التقارير الاجتماعية والقانونية والسياسية، لأن «مهمة المراسل تحتاج الكثير من الثقافة والإطلاع والحسّ المهني»، تقول. وتضيف «أعددت تحقيقاً عن المعجم اللغوي الشهير «ويبستر» الذي كان يترجم كلمة عربي بالهمجي، وعملت جاهدة حتى تمّ تعديل تلك الترجمة». وكان أوّل تقرير سياسي تعدّه عن انتخابات بعبدا / عاليه في العام 2005. وكان لحرب تموز في العام 2006 وقعٌ خاص في حياة صباغ إنسانياً ومهنياً. حينها، بقيت في بيروت بهدف تغطية جلسات مجلس الوزراء والزيارات الخارجية واللقاءات الديبلوماسية. وتذكر صباغ أحد أبرز المواقف الصعبة التي مرت بها أثناء الحرب، وهي زيارة وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندليسا رايس إلى لبنان في «عزّ القصف، وكنت أنا أعاني من قصف معنوي».
لم ينتظر الحب نهاية الحرب لكي يسكن قلب منار، إذ تعرفت على شريك حياتها الإعلامي موسى أحمد في الميدان. «حين تعرّض مبنى تلفزيون «المنار» للقصف، اضطررت إلى تحضير تقريري داخل الشركة التي كان يديرها زوجي، وهكذا تعرفنا». وتبدي منار سعادتها من أن شريك حياتها يعمل في المجال ذاته، إذ أنّه «يفهم كل تفصيل أقوم به ويعطيني رأيه دائماً ولا يجاملني أبداً». وتبدي صباغ حبها للبيت وللطبخ وللجو الأسريّ وتحاول أن تفصل جو العمل وضجيجه عن البيت وسكونه.
استطاعت منار أن تظهر نشاطاً وحرفية، فحصدت ترقية من «المنار»، إذ انضمت إلى فريق برنامج «مع الحدث» الحواري الصباحي، في حزيران 2011. وتستضيف خلاله كلّ خميس سياسيين وإعلاميين وكتّاباً ودبلوماسيين. وتبدي صباغ حرصها على أن لا يؤثر عملها في تقديم البرامج على عملها في الميدان، إذ أنّ «خلفيتي كمراسلة أعطتني دفعاً أقوى لأكون محاورةً على الشاشة»، كما تقول.
كان لصباغ تجربة في الصحافة المكتوبة، حين نشرت في صحيفة «الأخبار» سابقاً مقالات سياسية، وستتابع مع موقع «الانتقاد». وتتجه صبّاغ اليوم إلى تحضير الشريط الوثائقي السياسي الأول في تجربتها، متحفظة عن ذكر أي تفصيل عنه، على أن يكون جاهزاً للعرض في الصيف. وتختم قائلة «أحب العمل في قناة «المنار» لأنها وسيلة لأقاوم بما أملك وأعرف. وحين تحتدم المواجهة سأفخر أنّي في المكان الصحيح».