29-11-2024 10:56 PM بتوقيت القدس المحتلة

أرجحية أوروبية لعدم وضع «حـزب الله» على «لائحـة المنظمات الإرهابية»

أرجحية أوروبية لعدم وضع «حـزب الله» على «لائحـة المنظمات الإرهابية»

قالت أوساط دبلوماسية أوروبية واسعة الإطلاع في بروكسيل لـ«السفير» أن «ثمة دولا أوروبية أساسية أبرزها فرنسا تعارض بشدّة إدراج «حزب الله» على «اللائحة السوداء» للإتحاد الأوروبي»

بريطانيا وإيطاليـا تتبنيان الاتهـام البلغـاري.. وفرنسـا تشكك بالأدلـة والتحقيق

 
مارلين خليفة

قالت أوساط دبلوماسية أوروبية واسعة الإطلاع في بروكسيل لـ«السفير» أن «ثمة دولا أوروبية أساسية أبرزها فرنسا تعارض بشدّة إدراج «حزب الله» على «اللائحة السوداء» للإتحاد الأوروبي»، أي بين المنظمات المصنّفة «إرهابيّة». وأشارت الأوساط الوثيقة الصلة بملفات المنطقة والمشاركة في اجتماعات «المجلس الأوروبي» المنعقد اليوم على مستوى رؤساء 27 دولة أوروبية، بينها بلغاريا «إن النقاشات التي سيتمّ التركيز عليها في اجتماع المجلس الأوروبي ستظهر حتما بأن دولا أوروبية عدّة باتت تؤيّد في المقابل وضع «حزب الله» على «اللائحة السوداء» بفعل الضغوط الأميركية والإسرائيلية، ومن بينها بريطانيا وإيطاليا اللتان عارضتا سابقا تصنيف «حزب الله» في خانة «المنظمات الإرهابية» لكنّهما باتتا تؤيدان هذا الأمر حاليا وتدفعان في اتجاهه، في حين تثبت فرنسا على موقفها في معارضة إدراج «حزب الله» في خانة «المنظمات الإرهابية».

أضافت الأوساط الأوروبية الواسعة الإطلاع إن قررت فرنسا الاعتراض الرسمي على هذا التصنيف لـ«حزب الله» وثبتت على موقفها ـ وهذا ما سيتظهر حتما في اليومين المقبلين ـ فلأنها في الواقع غير مقتنعة بالاتهام الموجّه ضدّ «حزب الله» وغير واثقة من الأدلة الموضوعة على الطاولة حيال هذا الاتهام وهي تعتقد بوجود تلاعب في التحقيقات».

ويملك الفرنسيون هواجس أخرى لا يعبرون عنها صراحة، وخاصة ما يتصل بمصالحهم في لبنان وحضورهم ضمن «اليونيفيل» في بيئة تدين بالولاء السياسي لـ«حزب الله»، ولذلك يطرحون أسئلة حول أبعاد أي قرار أوروبي متسرع سواء اقتصر على «الجناح العسكري لحزب الله» أو شمل الحزب كله.

وتضيف الأوساط الأوروبية: «من خلال خبرتنا الطويلة لا نعتقد بأن تفجير بورغاس يحمل بصمات «حزب الله»، ثمة قواعد معينة يعتمدها «حزب الله» في عملياته، فهو لا يعمد الى استخدام «الكاميكاز» مثلا، بالطبع هو قام بعمليات إرهابية قتل فيها أشخاصا لكنّ من قاموا بها لم يكونوا مدنيين. يمكن أن تحوم الشكوك حول «حزب الله» في ما حصل في تفجيري «بوينس أيرس» في الأرجنتين ضدّ مصالح إسرائيلية مثلا، وأعتقد أنها تفجيرات تحمل بصمات «حزب الله» انتقاما لمقتل مسؤول في «الحزب» مع زوجته وطفله، لكن تقليديا فإن «حزب الله» لا يستهدف سيّاحا وأطفالا لكنّه يقوم بأعمال أخرى هي مدانة بالطبع».

وتتابع الأوساط الديبلوماسية الأوروبية: «على الأرجح ليس لـ«حزب الله» يد في عملية بورغاس، ربّما قد تكون عناصر غير منضبطة أو خارجة عن قيادة الحزب، أقول ربّما، لأن «حزب الله» منظمة معقدة جدّا وخصوصا بجناحها العسكري، وربما من قاموا بالعمل في بورغاس هم لبنانيون ينتمون الى منظمات أخرى ولديهم مصلحة في توريط «حزب الله» لكن لا أعتقد بأن الحزب متورط في ذلك».

نقاش هذا الموضوع سيتمّ عمليا «في الكواليس الديبلوماسية على مستوى سفراء الدول وكبار الديبلوماسيين المرافقين لرؤساء الدول والحكومات الأوروبية لكن المجلس الأوروبي سيتجنب اتخاذ موقف واضح وسيؤجل النقاش الحقيقي في الموضوع لاجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في 18 شباط الجاري».

وعمّا إذا كان تردّد الاتحاد الأوروبي في إدراج «حزب الله» أو جناحه العسكري، على «اللائحة السوداء» مردّه الى خوف دوله على أمن جنودها في قوات «اليونيفيل» في الجنوب اللبناني، قالت الأوساط الأوروبية في بروكسيل إن أمن «اليونيفيل» الموجودة في لبنان منذ أعوام طويلة «هو في صلب هموم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وخصوصا الدول المساهمة وهذا أمر طبيعي، ولكن لا نعتقد أن «حزب الله» يهتمّ كثيرا إذا ما كان جناحه العسكري سيوضع على قائمة المنظمات الإرهابية أم لا، المشكلة الحقيقية للحزب هي في كيفية النظرة اليه من قبل الدول الخارجية كقوة سياسية تمثل الأكثرية الساحقة من المجتمع اللبناني سواء كانت شرائح شيعية أم لا وهذا الأمر لم يكن ينطبق على الحزب في ثمانينيات وتسعينيات القرن الفائت».

وتعرب الأوساط الأوروبية عن اعتقادها «أن الرهان الحقيقي لـ«حزب الله» هو كيفية الحفاظ على صورته كجزء من الحكومة اللبنانية وكممثل لشريحة واسعة من اللبنانيين. بالطبع يوجد قلق إسرائيلي مشروع نظرا الى سيطرة «حزب الله» على قسم كبير من اللبنانيين في أحياء ومناطق واسعة من لبنان وصولا الى بيروت، وبسبب تسلّح «حزب الله»، لكن أعتقد أن الموضوع الأهم للحزب اليوم هو إقناع الآخرين بأنه قادر على التحوّل وعلى إدارة بلد، فبعد أن كان حزبا «متخصصا» بالمقاومة بات منذ عامين تقريبا يبعث برسائل بأنه قادر على إدارة لبنان سياسيا وهذا هو الأهم بالنسبة اليه. وبالتالي إذا كان «حزب الله» يتهم مجددا بتنظيم هجمات ضدّ مدنيين إسرائيليين أو سواهم على أراض أوروبية فإن الأمر سيوقعه في مشكلة حقيقية».

وعن تأثير ذلك على التعامل مع الحكومة اللبنانية التي يشكّل «حزب الله» جزءا منها قالت الأوساط الديبلوماسيّة الأوروبية: «ما سننظر اليه حاليا كإتحاد أوروبي هو مدى قدرة الحكومة اللبنانية على تجاوز هذه الأزمة، وكم أن الحكومة قادرة على الإحتفاظ بالثقة بها، حتى الآن ليس من أمر واضح، لكن لو وضع «حزب الله» على لائحة المنظمات الإرهابية فإن ذلك سيشكل تحديا حقيقيا للعلاقات بين الإتحاد الأوروبي ولبنان ولكن لا أعتقد بأن عملية إدراج الحزب على «اللائحة السوداء» ستحصل».

مان: الاتحاد الأوروبي لن
يذهب أبعد من بيان أشتون

من جهة ثانية قال الناطق الرسمي باسم الممثلة العليا للسياسة الخارجية الاوروبية مايكل مان ردا على سؤال «السفير»: «ليس موضوع تفجير بورغاس واتهام «حزب الله» مدرجا رسميا على جدول أعمال اجتماع «المجلس الاوروبي» ولكن من الممكن ان تتمّ مناقشته في اجتماعات اليوم إذ قد يطرحه بعض رؤساء الدول».

أضاف: «أذكر بما ورد في البيان الذي صدر عن الممثلة العليا للسياسة الخارجية السيدة كاترين اشتون وهي اعتبرت ان تداعيات التحقيق يجب ان يتم تقييمها بشكل جدي لانها تتعلق بهجوم ارهابي على أرض اوروبية. وبعد إدانتها بأشد العبارات كل الاعمال الارهابية اينما حصلت، اعتبرت ان من قاموا بالهجوم في بلغاريا يجب ان يمثلوا امام العدالة». وهي عبّرت «عن الحاجة الى التفكير بنتائج التحقيق» وقالت ان «الاتحاد الاوروبي سيناقش الرد المناسب المرتكز على العناصر المذكورة من المحققين»، واشار مايكل مان في رده على «السفير»: «لن نذهب أبعد من ذلك في الوقت الراهن».

وفي الوقت نفسه، أعلنت المتحدثة باسم الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي ماغا كوتشيانشيتش، ان الاتحاد سيبحث إضافة «حزب الله» إلى قائمته للمنظمات الإرهابية في ضوء الاتهام البلغاري لكنها اشارت الى أن هذا «مجرد خيار من بين عدة خيارات وليس الوحيد علما بأنه لم يتخذ بعد قرار بهذا الصدد».

وقالت المتحدثة إن «من بين الخيارات المطروحة اتخاذ دول الاتحاد الأوروبي إجراء ضد حزب الله من خلال الشرطة الأوروبية (يوروبول) أو عبر المحاكم أو من خلال قنوات ديبلوماسية أخرى».

ويعقد «المجلس الأوروبي» اجتماعا اليوم وغدا في مقرّه في بروكسيل حيث سيبحث مخططه المالي بين عامي 2014 و2020 بالإضافة الى مناقشته مواضيع تتعلق بالتجارة والعلاقات الخارجية خصوصا بعد أزمة «مالي» والعلاقات مع العالم العربي وخصوصا بعد تداعيات ما يسمّى «الربيع العربي» وقد بات بعض الأوروبيين يتجنبون هذه التسمية مستخدمين عبارة «الثورات العربية».

وتكمن أهمية هذا الإجتماع في كونه يناقش للمرة الأولى مسألة «الثورات العربية» منذ انطلاقها وقد نوقشت في إطار المجلس الأوروبي للمرة الأولى في كانون الأول 2011 وهي المرة الثانية التي يتم فيها البحث في هذا الموضوع.

واللافت للانتباه أن هذه الدعوة الأوروبية لصحافيين ولناشطين في المجتمع المدني تندرج في إطار النتائج التي أفضى اليها الإجتماع الأوروبي العربي في جامعة الدول العربية في القاهرة في تشرين الثاني من العام الفائت، حين اجتمع 27 وزير خارجية أوروبي مع وزراء خارجية الدول العربية برئاسة لبنان، وقرر المجتمعون حينها تطوير علاقتهم مع جامعة الدول العربية ومع المجتمعات المدنية العربية.