قدري جميل، نائب رئيس الحكومة السورية حالياً، ولد في مدينة دمشق عام 1952، ويحمل شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة موسكو عام 1984 ...
احمد فرحات
قدري جميل، نائب رئيس الحكومة السورية حالياً، ولد في مدينة دمشق عام 1952، ويحمل شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة موسكو عام 1984، وعمل استاذا محاضرا في معهد تخطيط التنمية الاقتصادية الاجتماعية في دمشق، عضو في الحزب الشيوعي السوري منذ عام 1966 وعمل في مواقع مختلفة فيه، بما فيها رئيس تحرير صحيفة الحزب الشيوعي السوري المركزية "نضال الشعب" منذ أيار عام 1991 وحتى أيلول عام 2000.
وشغل جميل منصب عضو اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين منذ تأسيسها في 18/10/2002 وله مؤلفات وأبحاث مختلفة في المجالات الفكرية والاقتصادية والسياسية، وصدر له كتب عدة منها تحت عنوان: "الحضارة البشرية على مفترق طرق".
ترشح لانتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي 2012-2013 ، وهو المجلس الأول المشكل بعد تعديل الدستور في الجمهورية العربية السورية، واستطاع الدخول إلى مجلس الشعب ممثلا لحزب الإرادة الشعبية.
ويرأس قدري جميل "ائتلاف قوى التغيير السلمي"، الذي يتالف من أحزاب معارضة، هي "حزب الإرادة الشعبية، الحزب السوري القومي الاجتماعي المعارض، التيار الثالث من أجل سورية، تيار طريق التغيير السلمي، التجمع الماركسي الديمقراطي، تيار العمل الوطني، لجنة الحراك الشعبي بدير الزور، لجنة السلم الأهلي في قنينص، لجنة السلم الأهلي في عامودا".
الحوار قدر لا راد له
جميل وفي مقابلة هاتفية مع موقع المنار الالكتروني، لفت إلى أن الحوار في سورية "كان دائماً ضرورة منذ بداية الازمة، والآن أصبح ممكناً وهو قدر لا راد له"، وشدد على ان من يقود الحوار اليوم هو الواقع الموضوعي، والاستعصاء الذي يواجهه المخطط الأميركي - الصهيوني، بسبب وجود الجيش العربي السوري، والتوازنات الداخلية السياسية الموجودة في البلاد ثانياً.
وشدد جميل على ان الجيش السوري أثبت انه جيش قوي، وله مهمة هي الدفاع عن سيادة البلاد، على الرغم من أن المجموعات المسلحة تحظى بدعم من قوى لها امتدادات كبيرة وعميقة، وقال إنه "وصلنا إلى نقطة استعصاء من الطرفين، وهذا ما كنا نحذر منه منذ اللقاء التشاوري في تموز 2011 بالعاصمة دمشق، في حينها قلنا أن المطلوب المخرج، الحوار ثم الحوار ثم الحوار، وصنا إلى الاستعصاء واقعياً، اصبح الحوار كتعبير عن صراع سياسي حضاري، وله نفس الأهداف السياسية، لم يتخل طرف من الأطراف عن أهدافه السياسية".
العنف والحوار يسيران بخطين متوازيين لكن متعاكسين
ولفت نائب رئيس الحكومة السورية إلى أن هناك من أدرك العملية السياسية منذ عام، "وهناك من يدركها الآن، وهناك من لا يدركها الآن، ولكن سيدركها غدا"، واوضح ان هذا الأمر هو الذي يفسر التمايز الموجود في اوساط المعارضة المتشددة الرافضة للحوار، في حين انتقلت بعضها إلى موقع الموافقة على الحوار، و"الحبل على الجرار"، و"سنشهد منذ الآن وصاعدا تدحرجا مستمرا باتجاه الحوار، ومن يرفض الحوار اليوم وغدا سيخرج نهائيا على قارعة الطريق وسيخرج من الحياة السياسية نهائيا".
وبنظرة واقعية، أكد قدري جميل أن الحوار لن يكون "عصا سحرية"، لإيقاف العنف، ورأى أن الحوار والعنف يسيران بخطين متوازيين لكن متعاكسين، اذا انطلق الأول، سيبدأ مستوى الثاني بالانخفاض، وكلما انخفض مستوى العنف كلما سيرتفع مستوى الحوار وصولا إلى أن يصبح الحوار في النقطة العليا والعنف صفر.
وأضاف أن "الحوار سيأخذ وقته وسيكون صعباً، والصراع على طاولة الحوار لن يكون أسهل"، لكن سيكون تعبير عن صراع سياسي واسع يعكس كل تعقيدات الأزمة السورية، ويوصل في نهاية المطاف إلى الخريطة القامة لسوريا الجديدة".
وأشار إلى أن الطرف الذي كان يريد حل الازمة السورية عسكريا بشكل مباشر او غير مباشر، سيقول انه يريد ديمقراطية، والطرف الآخر سيقول أيضاً ذلك، "لكن في الجوهر هناك مشروعان للديمقراطية، الأول طائفية تحاصصية والثاني سياسية".
وأوضح الفرق بين المشروعين، ففي حين الاول سيكون على النمط العراقي أو اللبناني، "وهذا سيفتت سوريا التي لا تتحمل هكذا مشروع، وسيعيد الدولة إلى مكونات ما قبل الدولة الوطنية، (طائفة، عشيرة، قومية ...)، أما مشروع الديمقراطية السياسية سيوحد سوريا، وقال إن هذا المشروع "صراع سياسي بين احزاب عابرة للقوميات وللطوائف، ولكل المكونات، صراع برامج ومشاريع وأفكار".
واعتبر أن البعض يريد أن يظهر أن الخلاف على صلاحيات رئيس وحكومة وغيرها، غير أن الخلاف الجوهري هو حول مستقبل سوريا انطلاقا من المشروعين المذكورين.
"المعلم الكبير" يوزع الأدوار
وشدد جميل في الحديث مع موقع المنار الالكتروني على ان الاطراف الاقليمية ستأتي إلى الحوار وتنتظر دورها للإنضمام إلى قائمة المؤيدين، "ولكن أعتقد ان المعلم الكبير (الولايات المتحدة الأميركية) يوزع الأدوار من أجل ممارسة الضغط على الطرف الآخر، الذي يرفض التدخل الخارجية والحصول منه على أكبر تنازلات ممكنة، او خلق مناخ عام مناسب للحوار بالنسبة لهم"، (..) "انا لا امكن ان اصدق أن قطر أو تركيا، لديهما موقف مستقل عن الموقف الأميركي".
وأكد ان واشنطن هي من تدير اللعبة، وأن "قطر وتركيا هما لاعبان ثانويان رغم أنها يظهران على الواجهة اكثر"، وقال إن القطريين وبعض المتشددين داخل الائتلاف سيلتحقوا بالعملية السياسية، بعدما سارت بها واشنطن، "وإذا لم يلتحقوا، فهم سيعبرون عن غباء سياسي عالي المستوى وسيخرجون من الحياة السياسية نهائيا".
واعتبر انه ومع تطور العملية السياسية في سوريا، سنشهد تطورات كثير في البنى والقوى، "بما ان قسم من هذه البنى مصنع في الخارج، وبالتالي أتوقع تغيرات مختلفة لهذه البنى المصنفة خارجياً، قسم منها سيتبخر، وقسم آخر يمكن ان يجد ركائز وبنى حقيقية في الداخل"، (...) و"نتيجة الانتقال من فضاء سياسي قديم، إلى فضاء جديد، هناك أيضاً قوى ستتبخر وقوى ستتجذر وقوى ستولد، وهذه العملية شاملة ولا تحيّد احدا، وستعيد فرز القوى بين قوى حقيقية لها تاثير في الشارع السوري وقوى ستتخبر".
الغارة على جمرايا والميثاق الوطني السوري
وفي شأن العدوان الإسرائيلي على مركز للبحث العلمي في جمرايا بريف دمشق، أكد قدري جميل على أن العدو الإسرائيلي يستفيد من استمرار الاقتتال والنزيف في سورية، ورأى أن التوجه العام بالقبول بمبدأ الحوار لا ينسجم مع مخططات هذا العدو، ولذلك أراد من عدوانه القول للجميع، "نحن هنا، وأي تطور لاحق، يجب ان تاخذونا بعين الاعتبار"، خصوصاً وأن قضية العلاقة مع العدو الاسرائيلي، (قضية تحرير الأراضي المحتلة وكيفية هذا التحرير،) ستكون احدى النقاط الحامية على طاولة الحوار، و"أعتقد ان الطرف الآخر الذي تعامل مع اطراف خارجية وارتهن لها سيكون عليه من الصعب جدا القبول بجزء من المبادئ العليا التي سيتم الاتفاق عليها وإذا قبلها فسيقبها مرغما".
مطلب تنحي الرئيس الأسد ليس بريئاً
وشدد جميل في ختام المقابلة الهاتفية على أن مطلب تنحي الرئيس بشار الأسد تبخر لدى الدول الغربية ولدى المعارضة المتشددة أيضاً، "بعدما أيقنوا أن توازن القوى لا يسمح لهم بفرض شروط يطرحها فقط المنتصر المطلق، لأن شرط التنحي هو طلب الاستسلام بلا قيد أو شرط، وهذا الاستسلام يتطلب ميزان قوى، والوضع في سوريا لا يسمح لهم بذلك، وبالتالي هذا المطلب غير واقعي، ولا يعكس ميزان القوى، وليس مطلبا عمليا".
وأكد ان مطلب ابعاد الرئيس الأسد لم يكن بريئاً، وكان المقصود منه عملياً، تفتيت لحمة الجيش السوري والغاء دوره نهائياً، كون الرئيس بغض النظر عن الشخص، هو القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة، والمطلوب ان يكون الجيش موحداً ليحمي سيادة البلاد.