28-11-2024 07:51 PM بتوقيت القدس المحتلة

كيف وصلت الولّاعات العبريّة إلى مطار رفيق الحريري ؟!!

كيف وصلت الولّاعات العبريّة إلى مطار رفيق الحريري ؟!!

تبرير زيدان لطريقة وصول الولاعات قد يكون مقنعاً، لكن ماذا عن سبب عدم إخبار السلطات المختصّة بالأمر، واللجوء إلى إعادة تسويق البضاعة في السوق اللبنانية بعد إزالة الملصقات عنها! ..

بعدما تسرّب إلى الإعلام خبر وجود ولّاعات إسرائيليّة في السوق الحرّة في مطار «رفيق الحريري الدولي»، ها هو محمد زيدان صاحب شركة «باك» المسؤولة عن السوق يروي قصّته ويوضح ما حصل مع الشركة في هذا الموضوع. تبرير زيدان لطريقة وصول الولاعات قد يكون مقنعاً، لكن ماذا عن سبب عدم إخبار السلطات المختصّة بالأمر، واللجوء إلى إعادة تسويق البضاعة في السوق اللبنانية بعد إزالة الملصقات عنها! ..


كتبت زينب مرعي في جريدة الأخبار :


قاعة انتظار داخل مطار رفيق الحريري الدولي في بيروتقبل ثلاثة أيام اتصلنا بمكتب صاحب شركة «فينيسيا أفرو آسيا واير رينتا الدولية»، المعروفة بـ«باك»، محمد زيدان، من أجل استيضاحه عن سبب وجود ولاعات إسرائيلية في السوق الحرّة، فطلب منا مكتبه انتظار اتصال لاحق منه. الاتصال الذي كان يجب أن يرد في اليوم نفسه، لينشر مع خبر اكتشاف ولاعات وجدت عليها كتابات عبريّة في السوق الحرّة لمطار بيروت، ورد أمس بعد نشر المقال في 9 شباط الجاري، تحت عنوان «تطبيع في السوق الحرة». عندها فقط، عرف زيدان بالخبر، يقول لنا. من هنا يبرّر اتصاله المتأخّر بنا، طالباً أن يوضح «بالوثائق» حقيقة ما جرى، لكن من دون السماح بالتقاط أي صورة له. زيدان يرفض رفضاً قاطعاً أن يباغته أحد ما في صورة ثابتة أو متحرّكة، حتى يستحيل أن تعثر للرجل على صورة على الإنترنت.


وكما رفض تصويره رفضاً قاطعاً، رفض أيضاً أن يأخذ الحوار شكل المقابلة، وفضّل أن يتصرّف كأنّه في مؤتمر صحافي، لكن من دون كاميرات! سيروي زيدان وجهة نظر شركته وهو يضع على الطاولة أمامنا الولاعة الزرقاء التي أشعلت المشكلة والجدل، إضافة إلى «الوثائق»، وهي عبارة عن مراسلات إلكترونية بين موظّفيه وبين إدارة حصر التبغ والتنباك اليابانية JTI، وهي صاحبة البضاعة التي وجدت عليها الكتابات العبريّة. وبعد أن ينتهي من توضيحه، يحيلنا أيضاً إلى المدير العام لشركة «باك» الإيرلندي كيرون أونيل.


 يقول زيدان إنّ شركة JTI أرسلت إليهم في أيلول الماضي رسالة إلكترونيّة تخبرهم فيها أنّها سترسل شحنة ولاعات، مؤلّفة من 70 صندوقاً، تحمل اسم «وينستون»، لتقدّم هديّة للزبون عند شراء كل صندوق سجائر، وهي بمثابة هديّة إعلانيّة. ليس في الموضوع ما يثير الريبة حتى الآن. إلا أنّ ما هو غير متوقع، سيحدث عند شحن هذه «الهدايا» التي انطلقت من الشركة في ميلانو إلى دول عديدة، كان لبنان من بينها. ويصرّ زيدان على القول إنّ الشحنة انطلقت من ميلانو، وإنّ الولاعات صنعت في الصين، أيّ أنّ القناة الإسرائيليّة لم تبرز إلا بعد اكتشاف الكتابات العبرية على «بعض علب الولاعات».


 كيف يشرح إذاً وصول الولاعات مع الكتابات العبريّة إلى بيروت؟
 يؤكّد زيدان في حديثه أنّهم لم يجدوا في مخازنهم سوى ولاعتين تحملان الكتابات العبريّة، ويضيف إنّ من الممكن أن يكون هناك أكثر من اثنتين في المخزن، إلا أنّها قد وزّعت كهدايا مع صناديق السجائر. ويبرز الرسالة الإلكترونية التي أرسلها أحد الموظّفين إلى المدير العام لـ«باك» كيرون أونيل وثلاثة مسؤولين آخرين في الشركة، في 17 كانون الأول 2012، ويخبرهم فيها عن العثور على كتابات عبريّة «على العلب التي وُضّبت بها ولاعات الوينستون». كيف تصرّفت الشركة إزاء هذا الموضوع؟ إذا اعتبرنا أنّ ما يقوله زيدان صحيح وأنّه لم يعرف، وهو المسؤول عن الشركة، بالموضوع حتى تسرّب إلى الإعلام، فإنّ أونيل وحده هو من تصرّف حين عرفت الشركة بالأمر. هذه المرة ليس لأنه قرأه في الجريدة، وإنما لأن إحدى الموظّفات اكتشفته وأبلغت عنه.


 ما فعلته الشركة أنها نزعت الملصقات التي تشير إلى مرور تلك الولاعات، أو انطلاقها من إسرائيل، وعادت لتوزّعها بشكل طبيعي مع صناديق السجائر!..


قاعة انتظار داخل مطار رفيق الحريري الدولي في بيروتالسؤال البديهي في هذه الحالة هو عن سبب عدم إخبار السلطات المختصّة بالأمر، واللجوء إلى حلّ المشكلة عبر إزالة الملصق العبري عن البضاعة وإعادة تسويقها في السوق اللبنانية ثانياً! فهل يكفي أن نزيل الملصق العبري عن المنتجات الإسرائيليّة، كما حدث في مراكز تسوّق أخرى في لبنان، حتى تصبح البضاعة الإسرائيليّة شرعية؟ وهل المشكلة في الملصق أم في أصل الاستيراد والعلاقات مع إسرائيل؟
 ولاعتان تحملان كتابات عبريّة، ليستا مشكلة كبيرة لإبلاغ السلطات اللبنانية المختصة برأي أونيل، وخاصةً أنّه متأكد من أنّ البضاعة التي وصلت إلى لبنان «لا علاقة لها بإسرائيل وأنّها صنعت في الصين وانطلقت من ميلانو إلى بيروت، والمسؤولة عنها هي إدارة حصر التبغ والتنباك اليابانيّة، أي أنّ البضاعة لا علاقة لها مطلقاً بدولة ليس من المفترض أن نتعامل معها، وأنا أستغرب كيف تحوّلت قضيّة خطأ في الملصقات إلى قضيّة إعلاميّة. ونحن أعلمنا الشركة اليابانيّة بالموضوع وهي أطلقت تحقيقاً داخلياً لتكتشف من كان خلف هذا الخطأ».

 هنا أيضاً يبرز زيدان الرسالة الإلكترونية التي أرسلها مدير المشتريات في الشركة رمزي نادر إلى الشركة اليابانية، في 20 كانون الأول 2012، أي بعد ثلاثة أيام من اكتشاف الأمر في المخازن، ليعلمه بهذا الخطأ والمشاكل مع السلطات اللبنانية التي يمكن أن تقع على رأس الشركة وموظّفيها بسبب هكذا أخطاء. بالنسبة إلى زيدان، ما حصل تتحمّل مسؤوليته JTI وحدها. حاولت «باك» أن تتصل بوكيل الشركة اليابانية في لبنان ليكون حاضراً في الاجتماعين اللذين عقدتهما مع الصحافة، إلا أنّ الوكيل رفض الحضور أو التحدث إلى وسائل الإعلام. ويبرّر زيدان الملصقات العبريّة على «الولاعتين» بالقول إنّ اسرائيل يمكن أن تكون قد أعادت كميّة من هذه الهدايا إلى الشركة في ميلانو، وهي بدورها أعادت توضيب الكميّة المرتجعة في شحنات الدول الأخرى من دون أن تنتبه الى أنّ الملصق الإسرائيلي لمطار النقب قد ألصق عليها، هكذا حصلنا في شحنتنا على بعض من تلك الولاعات.


 دخول الولاعات ليس أول خرق إسرائيلي للأسواق اللبنانية، ما يطرح السؤال مجدداً عن دور مكتب مقاطعة إسرائيل في وزارة الاقتصاد؟ متى يتحرّك؟ وكيف يعالج؟