23-11-2024 09:00 PM بتوقيت القدس المحتلة

الوزير فادي عبود : ... وأصبح لنا بطريرك انطاكي

الوزير فادي عبود : ... وأصبح لنا بطريرك انطاكي

عندما دخل سيدنا البطريرك الراعي الى كنيسة مار انطونيوس وكنيسة مار مارون في الشام ذكر كل مسيحيي العالم بان للمسيح عينا تدمع على آلام سوريا، وأن المسيح انطلق من هذه الارض واطلق كلمة الحق.

في لحظة من الزمن، يدفعك حدث ما الى الابتهال العميق، الى الشعور بالعظمة وحقيقة الانتماء، وأن تستعيد في لحظات افكارا ومبادئ وقناعات تختزنها في ثنايا روحك، ولكنها اصبحت باردة وهامدة، فاذا بكلمة واحدة توقظها وتوقظ معها احاسيس رائعة، وتدرك انه مهما طالت سنوات الظلمة والتشويه، الا ان الحقيقة تبقى راسخة، وساطعة.

كتب فادي عبود وزير السياحة اللبناني في جريدة النهار :


فادي عبود وزير السياحة اللبناني ومن هذه اللحظات، عندما دخل سيدنا البطريرك الراعي الى كنيسة مار انطونيوس وكنيسة مار مارون في الشام، وكنيسة الصليب لحضور حفل تنصيب البطريرك يوحنا العاشر على رأس الكنيسة الارثوذكسية في انطاكية وسائر المشرق مع بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، متعاليا على حسابات سياسيينا الضيقة، متحديا شرور الحرب والموت، ناطقا باسم السلام والحرية والديموقراطية الحقيقية، مذكرا كل مسيحيي العالم بان للمسيح عينا تدمع على آلام سوريا، وذكر العالم بان المسيح انطلق من هذه الارض واطلق كلمة الحق.


لقد شعرت حينذاك بان الكنيسة المارونية استعادت مشرقيتها، وانها توحدت مع آلام رعيتها. لقد شعرت بأن في صوت البطريرك الواثق خوفا حقيقيا على كل مسيحيي المشرق. زرع فيّ البطريرك، في تلك اللحظة، التوق الى الصلاة، الى التوحد مع كافة مسيحيي مشرقنا العربي في صلاة واحدة ارادها البطريرك الراعي رسالة امل تكفكف دموع جرحى وتواسي احزان ارامل وثكالى.
لم ينتظر التصفيق والترحيب، لم يحفل بالبروتوكوليات والاستقبالات الرسمية الطنانة، ولم يرد زيارة لا رسمية ولا رعوية، حمل عصاه ومشى بايمان الماروني الحقيقي، بصلابة ارز لبنان وبحكمة اجيال طويلة.


البطريرك الراعي في زيارته التاريخية لسوريا الأحد الماضياستعدت في صلاته قيم المارونية الحقيقية، وارتفع راسي فخرا حتى لامس حدود السماء وانا ارى بطريركنا يبارك المؤمنين السوريين وهم يتحلقون حوله. فهو راعيهم وهم جزء من رعيته، ابى من ابى وتهجم من تهجم، هؤلاء هم رعيته وهو يعرفهم جيدا، وهو يعرف انهم يحتاجون لمواساته ومباركته في هذه الظروف العصيبة، وهو لم يتأخر، ولم يتوان ولم يقدم تفسيرات، لان مؤمنا ملهوفا الى مباركة يديه يسقط كل التفسيرات ويكسر كل الحدود الزمنية.


استعاد البطريرك رعيته، وهو بطريرك انطاكية وسائر المشرق، وهو الذي ذهب من طرابلس الى سوريا، وقبلها الى بعلبك والجنوب وكل الاراضي اللبنانية، الى مصر وتركيا وقريبا الى العراق. لم يختزل كرسي البطريركية في مكان وزمان، لقد حررها من اعتبارات ضيقة ومواقف معلبة، يطوف في كل مكان، كاسرا تقاليد بائدة، مثبتا قول سيدنا المسيح: "انتم ملح الارض".
اعاد البطريرك الدور الحقيقي للمسيحيين المشرقيين، فهم ليسوا ضيوفا على هذه الارض، هم ابناء هذه الارض، هم ملحها، هم الاساس الحقيقي للحضارات، هم ابناء القضايا، هم من ناضلوا في سبيل بناء الحضارات والدفاع عن الارض، وهم ليسوا اهل ذمة، وليسوا جماعة ضعيفة مهددة، كما يحاولون تصويرها. يريد البطريرك ان يرسخ هذا الدور ويؤكده.


البطريرك مار بشارة الراعي غيّر مسارات تاريخية في عهد البطريركية المارونية في لبنانان المسيحيين المشرقيين الذين عرفهم التاريخ برواد النهضة الفكرية والوطنية في اوطانهم، الذين اهرقوا دماءهم حبا بها وازهقوا ارواحهم من اجل كرامتها، حملوا فيها قبل غيرهم لواء التغيير والتقدم والسير نحو الافضل.
عندما وطأ البطريرك ارض الشام زرع فينا مجددا اهمية هذا الدور، في ان نلعب دورنا الحقيقي في مستقبل البلدان المشرقية. فمن سوريا الى العراق الى لبنان، ان دورنا الحقيقي يتمثل في تجسيد مبادئ السلام والحوار.


عندما وطأ البطريرك ارض الشام، وطرابلس والجنوب، زاد افتخاري بمارونيتي، استعدت فيها السبيل الى الانفتاح وتقبل الآخر وليس العكس، استعدت فيها قوة التمرد والنضال والتشبث بالاراضي كما تشبث جدودنا باراضي جبل لبنان، استعدت قدرة المارونية على زرع الثقافة والحضارة واسس الديموقراطيات. استعدت قدرتها على زرع السلام والامل، وصليت مع بطريركنا بخشوع: "طوبى للساعين الى السلام فإنهم ابناء الله يدعون". وصليت بأمل: "ان هللوا يا اخوتي في الايمان لانه بات لنا بطريرك انطاكي".