«ثورة البحرين 14 فبراير، ليست متلفزة بالقدر الذي تلفزت به بقية الثورات، لكنها مطبوعة على جدران أهلها. الجدران أصدق من التلفزيونات لأنّها من غير أجندة سياسية ومن غير مال سياسي يتحكم في ما يظهر فيها
زينب الطحان - محمد علوش
«جدران 14 فبراير... غرافيتي ثورة البحرين» هو كتاب يوثق جانياً من حياة الثورة.. جانب يخطه الشبان بأقلامهم على جدارن بيوت البحرين، يوثق فنياً للكتابات والشعارات المطبوعة على الجدران منذ اليوم الأول للثورة في 14 شباط (فبراير) 2010 حتى نهاية 2012.
وقد جاء في مقدمة الكتاب: «ثورة البحرين 14 فبراير، ليست متلفزة بالقدر الذي تلفزت به بقية الثورات، لكنها مطبوعة على جدران أهلها. الجدران أصدق من التلفزيونات لأنّها من غير أجندة سياسية ومن غير مال سياسي يتحكم في ما يظهر فيها (...) الثورة مطبوعة، حاضرة في الأرض، في الميدان، في الساحات، في جدران الناس الحقيقية والافتراضية. يرصد هذا الكتاب الثورة من خلال حركة الجدران، يرصدها وهي مجدرنة (Graffitied) أي وهي تكتب رسالتها على جدرانها».
الدكتور فلاح ربيع لموقع المنار : صور الكتاب تؤكد على سلمية الثورة
" أهم تحدي واجهنا خلال إعداد الكتاب كان مسألة توفير الصور لتكون بدرجة احترافية عالية، فتمكنا بالاحتيال على وسائل المنع والقهر والتشديد الأمني من توفير صور بهذه الجودة .." كان هذا جواب الدكتور البحريني فلاح ربيع لموقع المنار الالكتروني حول كيفية التحضير للكتاب وما هي أهم المعوقات التي واجهتهم.. وتابع الدكتور ربيع : إن التحدي الثاني، كان فكرة الكتاب نفسه، كيف تتبلور، وكيف يصاغ ويبوب؟!.. حاولت "مرآة البحرين" أن تنقل إلى الكتاب واقع ما يجري في البحرين من أحداث دموية من خلال الشعارات وتعدد الصور ومن خلال طريقة كتابة الشعارات التي تدعو إلى نبذ الطائفية والوحدة بين أبناء الوطن الواحد وتصر على التمسك بسليمة الثورة .. تنوع الشعارات من حيث المطالب، الثقافة التي يمتلكها الشارع البحريني لإبراز مطالبه المحقة .. كل ذلك لأن هناك تضييق على حرية الرأي والتعبير ..
وعن الإمكانية التي يحملها الكتاب لإيصال صوت البحرينيين إلى الخارج، أجاب :" هذا الكتاب باختصار استطاع أن ينقل حقيقة موجودة في البحرين وأن ينطق بالحقيقة .. بالمقابل نجد أن الإعلام الرسمي بألسنته الكثيرة عجز عن نقل الحقيقة الواقعية لمطالب شعب البحرين، فالذين يخرجون ليكتبوا على الجدران كانوا يخاطرون بحياتهم بشكل يومي، وكذلك المصورون الذين تعاقبوا على تصوير هذه الشعارات، أثناء الكتابة أو بعدها، يتم استهدافهم من قبل السلطات لذلك نحن لا نستطيع في "مرآة البحرين" أن نكشف الطرق التي تمكننا من الحصول على الصور، لأن فيه خطر على الشباب ذوي العلاقة بهذا الموضوع".
الرحباني : ثورة لم تندفع إلى التكفير كما حصل في بلدان أخرى
أدار حفل ندوة توقيع الكتاب الإعلامي غسان جواد، مرحبا بالحضور، الذي تنوع بين مثقفين وسياسيين ورجال دين. الكلمة الأولى كانت للسيدة ليلى الرحباني بعنوان "البحرين وثورة اللاعنف". وجاء فيها :" أن تؤرخ لثورة لم تنتهِ قد يكون أصعب من التأريخ لحدث تاريخي مضى وانقضى، وبانت وثائقه وأسراره وظهرت خباياه. وأن تعيش الحدث وتؤرخه في الوقت نفسه، قد يجعلك تحت دائرة الضوء، ومجهر القارئ الناقد الذي يريد أن يستشف مما كتبته، أين أنت وما هو موقعك، ولماذا تكتب أو تصوّر. "جدران 14 فبراير" كتاب يصدر عن "مرآة البحرين" ليوثق للأجيال ثورة سلمية لم تتخلَ عن سلميتها بالرغم من كل ما حصل، ولم تندفع الى القتل والتنكيل والتكفير كما حصل في بلدان عربية أخرى... أن تسالم وتقاوم لهو أصعب بكثير من امتشاقك السلاح والساطور وتقطع أعناق معارضيك، وتجزّ أعناقهم باسم الله".
وتساءلت الرحباني :" هل يمكن للجدران أن تشكّل مرآة!؟ نعم، لقد استطاعت جدران البحرين في هذا الكتاب ان تكون مرآة عاكسة لثورة لاعنفية في ثقافة عربية يتجذر فيها العنف والبطش منذ ما قبل الاسلام، حين كانت الحرب مؤسسة لصنع الابطال ولاكتساب الغنائم، والحصول على السبايا، والوصول الى السلطة".
الموسوي: شكرا لكم لتوثيق الثورة
ألقى الكلمة الثانية النائب السابق هادي الموسوي، أكد فيها على أن سلطة البحرين قد أنشئت وحدة خاصة تعمل على طمس الشعارات التي يكتبها شبان الثورة على الجدران :" في المقابل كان شبان الثورة يزدادون إصرارا ويقولون لرجل السلطة امسح ما تقدر.. هذه الشعارات قد يراها البعض غير حضارية، ولكن أسلوب الشباب وظروف الثورة وما تقوم به السلطة من تعسف وظلم جعل الحاجة إلى الرسم والكتابة على الجدار أمرا مشروعا يخدم الثورة وقضيتها..".. وفي ختام كلمته شكر النائب الشبان لهم هذا التوثيق لتاريخ الثورة وبارك لهم جهودهم.
نويهض: السلطة حاولت تمزيق رمزية الثورة
الكلمة الأخيرة كانت للأستاذ الباحث وليد نويهض، الذي تحدث عن تجارب عاشها عندما كان في البحرين، بأن السلطة كانت متخوفة أن تتحول البحرين إلى المشهد المصري أو التونسي وبأن أيضا المعارضة كانت مترددة بدورها حول كيفية إدارة الثورة، ولكن بعد فترة بدأت الصورة تتبدل وتحولت الدهشة إلى قورة للتفكير إلى حركة احتجاج أصبحت حركة ثورية سلمية.. هنا حاولت السلطة تمزيق المشهد ومحاولة تأزيمه فدمرت ساحة الدوار اللؤلؤة .. وكل ما حاولت به لاحقاً هو تفريغ ساحة الدوار من رمزيته ولكن الزمن لم يتوقف في البحرين".. ولكن الباحث يعترف أنه أمام مشهد الاعتقال التعسفي والتعذيب في السجون اضطر إلى الرحيل عن البحرين.
وفي ختام الكلمات عرض القيمون على الندوة شريطاً وثائقياً يصور صفحات من الكتاب المحتفى به، صور جاءت بسيطة وعفوية تحكي بكل جرأة تحدي شبان ثورة البحرين لسوط السلطة الظالمة.
تصوير: زينب الطحان - محمد كوراني