أعلنت مجموعة العشرين في بيانها الختامي يوم السبت أنه لن تقوم حرب عملات وأرجأت خططا لوضع أهداف جديدة لخفض الديون
أعلنت مجموعة العشرين في بيانها الختامي يوم السبت أنه لن تقوم 'حرب عملات' وأرجأت خططا لوضع أهداف جديدة لخفض الديون في مؤشر على بواعث قلق بشأن الوضع الهش للاقتصاد العالمي. وخلا بيان اتفق عليه صناع السياسات المالية لدول مجموعة العشرين في موسكو من أي انتقاد للسياسية النقدية الميسرة التي تنتهجها اليابان والتي دفعت الين للانخفاض. وتضم المجموعة اقتصادات متقدمة وناشئة تشكل معا 90 بالمئة من الاقتصاد العالمي.
وبعد محادثات أجريت ليل الجمعة/السبت اتفق وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية على صياغة أقرب من المتوقع إلى بيان مشترك سبق وأصدرته مجموعة الدول السبع يوم الثلاثاء الماضي يؤيد أسعار صرف تحددها قوى السوق.
وتضمن البيان التزاما من مجموعة العشرين بعدم الدخول في سباق لخفض أسعار العملات وقالت إن السياسة النقدية ينبغي أن تستهدف استقرار الأسعار وتحقيق النمو.
ولم يخص البيان اليابان بالذكر بسبب سياساتها النقدية والمالية التي دفعت الين للانخفاض 20 بالمئة وهو اتجاه ربما يستمر الآن.
وقال نيل ميلور خبير أسواق الصرف لدى بنك أوف نيويورك ميلون في لندن 'تعتبر السوق بيان مجموعة العشرين موافقة على ما تقوم به أي بيع الين'. وأضاف 'عدم انتقاد اليابان يعني أنها ستتجه إلى طبع النقود'.
وتبنى البيان بدرجة كبيرة - لكن ليس بشكل كامل - إعلان يوم الثلاثاء لمجموعة السبع المؤلفة من الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا.
وقال وزير المالية الفرنسي بيير موسكوفيشي للصحافيين 'اتفقنا جميعا على رفض الدخول في أي حرب عملات'
وتضمن البيان أيضا التزاما باستراتيجية مالية للأمد المتوسط لكنه لم يحدد أهدافا معينة.
ويحل هذا العام أجل اتفاق لخفض الديون جرى التوصل إليه في تورونتو عام 2010 إذا لم يتفق القادة على تمديده في قمة لزعماء مجموعة العشرين في سبتمبر أيلول بمدينة سان بطرسبرج الروسية.
وقال مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية بالاتحاد الأوروبي أولي رين إنه يتوقع الاتفاق على أهداف ملموسة بشأن الديون في قمة ايلول/سبتمبر.
وقال رين (لرويترز) 'لدينا رؤية مشتركة بشأن الحاجة إلى تبني خطط معقولة متوسطة الأمد لتعزيز الأوضاع المالية وهذا ضروري أيضا حتى يكون لدينا أساس للنمو المستدام'. وأكدت الولايات المتحدة أنها في طريقها للوفاء بوعدها الذي قطعته في تورونتو لكنها تقول إن وتيرة تعزيز الأوضاع المالية في المستقبل يجب ألا تؤثر على معدل الطلب. وتطالب ألمانيا وبعض الدول الأخرى بجولة جديدة من الأهداف الملزمة لخفض الديون. ويتماشى تأييد البيان لاستخدام السياسة النقدية المحلية لدعم التعافي الاقتصادي مع التزام مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي (البنك المركزي) بالتحفيز النقذي عبر التيسير الكمي لتعزيز الانتعاش الاقتصادي وفرص العمل.
ويشمل التيسير الكمي شراء سندات طويلة الأجل - بما قيمته 85 مليار دولار شهريا في حالة مجلس الاحتياطي - لمساعدة النمو الاقتصادي لكن جزءا كبيرا من تلك السيولة تسرب إلى الأسواق الناشئة مما يهدد بزعزعة استقرارها.
وواجه البيان ذلك بالتزام بتقليص 'الآثار السلبية' للتدفقات المالية الناتجة إلى أقل مستوى ممكن حيث تخشى الأسواق الناشئة من أن تتسبب هذه التدفقات في تضخم حجم فقاعات الأصول وأن تؤثر سلبا على القدرة التنافسية لصادراتها.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن نائب وزير المالية الصيني تشو جوانجياو قوله في موسكو 'الدول المتقدمة الكبرى (يجب أن) تنتبه لتداعيات سياستها النقدية.'وأضاف 'تنفيذ الدول المتقدمة الكبرى لسياسة رخوة للغاية بشأن العملة يؤثر على الاقتصاد العالمي.'
وقالت روسيا التي ترأس مجموعة العشرين هذا العام إن المجموعة لم تتوصل إلى اتفاق بشأن مستويات عجز الميزانية على الأمد المتوسط وعبرت عن قلقها بشأن السياسات الفضفاضة للغاية التي تقول هي وبعض الاقتصادات الناشئة الكبرى إنها يمكن أن تسبب مشكلات لاحقا. وقال وزير المالية الروسي أنتون سيلوانوف إن إعادة التوازن للنمو العالمي تتطلب أكثر من مجرد تعديل سعر الصرف. وأضاف في كلمة ألقاها خلال المحادثات 'يجب أن يكون هناك دور أكبر للإصلاحات الهيكلية في جميع الدول سواء كان ميزان المدفوعات فيها إيجابيا أو سلبيا' مسلطا الضوء على مخاطر الآثار الناجمة عن سياسة نقدية غير تقليدية.
وفيما يخص العملات أعاد بيان مجموعة العشرين التأكيد على التزامها السابق في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بالتحرك نحو تحقيق 'المرونة في سعر الصرف بما ينسجم مع العوامل الأساسية وتجنب أي اختلالات مزمنة في سعر الصرف'. وأضاف أن التحركات العشوائية لأسعار الصرف والتقلبات الشديدة في التدفقات المالية يمكن أن تؤثر سلبا على الاستقرار الاقتصادي والمالي.
من جهته قال وزير المالية البريطاني جورج اوزبورن ان 'على العالم ان لا يرتكب خطأ (...) استخدام العملات على انها اداة حرب اقتصادية'. واقرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد بوجود 'مخاوف'، لكنها رفضت فكرة 'حرب عملات'. وحتى وقت متأخر كانت حرب اسعار صرف العملات تضع الغربيين خصوصا في مواجهة الصين التي يشتبه في انها تبقي على سعر صرف عملتها الوطنية (اليوان) دون قيمتها الفعلية بصورة مصطنعة من اجل دفع صادراتها.
لكن البنك المركزي الاميركي ثم في وقت لاحق البنك المركزي الياباني متهمان ايضا بانهما يفرطان في اصدار الاوراق المالية لدعم اقتصاد بلديهما ما يؤثر على خفض سعر صرف الدولار والين وينعكس سلبا على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة واليابان.
وتندد الدول الناشئة منذ وقت طويل بهذه الممارسات، لكن اوروبا التي تبدي بعض دولها وفي مقدمها فرنسا، قلقها من قوة سعر صرف اليورو الذي يعوق تنافسيتها، انضمت الى هذه المجموعة بعد التحول الياباني.
من جهة ثانية يبدو ان مجموعة العشرين حذت جزئيا حذو صندوق النقد الدولي الذي دعا الى التخفيف من قيود التقشف المالي، وحذو المفوضية الاوروبية التي باتت مستعدة للتفكير في تحديد مهل لخفض العجز في الموازنات. وشدد كبار المسؤولين الماليين في المفوضية الاوروبية على 'استراتيجيات مالية ذات صدقية على المدى المتوسط'، يتعين على الدول الغنية في مجموعة العشرين ان تضعها من الان حتى قمة سان بطرسبورغ في ايلول/سبتمبر. والتزمت هذه الدول في 2010 في قمة تورونتو بتقليص عجز موازناتها الى النصف بحلول 2013، وهو ما لم تقم به عدة حكومات. وخلا بيان موسكو من اي اشارة الى الاهداف المحددة بالارقام والى الاستحقاقات المحددة.
وينبغي ان توضع هذه الخطط حيز التطبيق 'عبر الاخذ في الاعتبار الظروف الاقتصادية على المدى القصير وهوامش مناورة مالية حيث تكون'.
ورحب الوزير الفرنسي بيار موسكوفيسي قائلا ان 'الاخذ في الاعتبار بالوضع الاقتصادي يجب ان يسمح لنا بعدم اضافة تقشف الى الانكماش'. ودعت مجموعة العشرين اخيرا بالحاح الدول 'التي تتمتع بفائض' مثل المانيا او الصين، الى 'تطوير الموارد الداخلية للنمو' لدعم شركائها الذين يعانون من صعوبات. وهي امنية جرى التعبير عنها في الماضي لكنها لم تلق النجاح المنشود بحسب رأي عدة مندوبين.