اشار الامين العام لحزب الله السيد حسن الى ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري سبق ان ابلغه في احد الاجتماعات قبيل استشهاده انه ملتزم بحماية سلاح المقاومة وهو لن يطالب حزب الله بتسليم هذا السلاح.
في حديثه الاخير في ذكرى الشهداء القادة يوم السبت في 16-2-2013 اشار الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري سبق ان ابلغه في احد الاجتماعات قبيل استشهاده انه ملتزم بحماية سلاح المقاومة وهو لن يطالب حزب الله بتسليم هذا السلاح حتى حصول "سلام عادل وشامل" بحسب التعبير الذي استخدمه الرئيس الحريري، وانه حتى لو حصل مثل هذا الاتفاق وطلب الرئيس الحريري من حزب الله تسليم سلاحه ورفض الحزب ذلك فإن –اي الرئيس الشهيد رفيق الحريري- سيقدم استقالته ويغادر لبنان.
وتلا كلام السيد نصر الله، كلام لـ"المستشار السابق للرئيسين رفيق وسعد الدين الحريري" مصطفى ناصر في حديث لقناة "الجديد" اللبنانية الاحد في 17-2-2013 حيث اكد الكلام الذي اورده السيد نصر الله المذكور اعلاه، واضاف عليه بأن "الرئيس رفيق الحريري اكد في احد اللقاءات مع السيد نصر الله وبحضور الحاج حسين الخليل ان سلاح المقاومة من حصته وليس من حصة السيد نصر الله وانه سيدافع عن هذا السلاح فهو لا يملك سواه اي ان الرئيس الحريري بصفته رئيسا لحكومة لبنان لا يملك النفط ولا الغاز بل يملك هذا السلاح وهو سيفاوض عليه"، وتابع ان "الرئيس رفيق قال للسيد نصر الله في احد اللقاءات انه مستعد لدفع كل ثروته لتحرير فلسطين، مخاطبا السيد نصر الله انا استطيع دفع ثروتي لذلك لكني لا استطيع ارسال ولدي للاستشهاد وانت تفوقت عليّ في ذلك"، بحسب ما جاء على لسان ناصر في حديث لقناة "الجديد".
هل اميركا واسرائيل تحبذان ان يكون الرئيس الشهيد رفيق الحريري داعما المقاومة؟
وهنا يتبادر الى الذهن اسئلة عديدة، في لحظة تختلط فيها الامور الاستراتيجية بالامور التفصيلية حيث تضييع البوصلة لدى البعض في الحديث عن القضايا الكبرى للامة وفي مقدمتها فلسطين والقدس والعدو الواحد للامة اي العدو الاسرائيلي، وفي ظل الحديث عن الثورات التي تحصل في المنطقة وما يتبعها من كلام عن الديمقراطيات الآتية والحريات وحقوق الانسان وما يرافقها من صراعات وفتن تبث تحت عناوين مختلفة، ومن الاسئلة التي تطرح تلك التي تعود بنا للبحث في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومن يقف وراء هذا الاغتيال، وأليس موقف الرئيس الشهيد حول المقاومة والعلاقة مع قيادتها يستدعي التوقف عنده مليا؟؟؟ وألا يثير الشك ان يكون الرئيس الحريري صاحب موقف كهذا وتدور المحكمة الدولية وتحور ومن قبلها لجنة التحقيق الدولية وتصل في النهاية لاتهام المقاومة او عناصر منها باغتيال من يدعم المقاومة ومن يعتبر ان سلاحها من حصته وليس من حصة الامين العام لهذه المقاومة؟ أليس مستغربا ان لا يطرح اسم من لا يريد بقاء سلاح المقاومة عند التحليل او البحث عن الجهة التي اغتالت الرئيس الحريري؟
فهل ان العدو الاسرائيلي او اميركا تحبذان ان يكون للرئيس رفيق الحريري -بما يمثله من ثقل وبما له من علاقات في لبنان والخارج- هذا الموقف الداعم والحامي للمقاومة؟ وأيهما افضل لإسرائيل واميركا وجود رفيق الحريري الداعم والحامي للمقاومة ومن يرتبط بعلاقات ايجابية مع قيادة المقاومة او رحيل رفيق الحريري عن هذه الدنيا والاستفادة من اغتياله لتوجيه اصابع الاتهام للمقاومة نفسها؟
فلماذا لا يحلل ولا يطرح أحباء ومناصري الرئيس الشهيد وبالاخص نجله الرئيس الاسبق والنائب الحالي سعد الدين الحريري احتمال ان يكون العدو الاسرائيلي فعلا هو من يقف وراء اغتيال رفيق الحريري بل هو من نفذ عملية الاغتيال يوم 14 شباط/فبراير 2005، ولماذا لا تكون أجهزة المخابرات الغربية وفي مقدمتها الاميركية ضالعة بشكل او بآخر في هذه المجزرة التي ارتكبت بحق لبنان ومقاومته في ذلك اليوم؟ هل ان ترك الرئيس الحريري الذي دافع عن المقاومة وعمل على حمايتها منذ عدوان نيسان في العام 1996 بما لديه من علاقات لابطال مفاعيل القرارات الدولية التي عملت اسرائيل واميركا على استصدارها للنيل من سلاح المقاومة، هل ترك هذا الرجل هو من مصلحة لبنان ومقاومته وسلاحها ام من مصلحة اعداء لبنان واعداء المقاومة واعداء سلاح المقاومة؟
لماذا تراجع الرئيس سعد الحريري عما التزم به والده؟
ثم ان الرئيس سعد الدين رفيق الحريري الذي سمع كل تفاصيل العلاقة بين والده والمقاومة واكد التزامه بما سبق ان التزم به والده، فلماذا هذا الرئيس الشاب عاد وتراجع عن هذا الالتزام؟ فهل ان في الكواليس هناك من ضغط في هذا الاتجاه؟ ام انه ارتدّ عن إلتزامات والده لاسباب لغاية في نفسه؟ ام انه اكتشف ان ما التزم به والده اتجاه لبنان والامة والمقاومة وفلسطيين ليس بالامر المحق وبالتالي يجب ان يتخلى ويتراجع عنه؟ علما انه اذا كان الوضع كذلك فهو -اي النائب سعد الحريري- مطالب بترك كل التركة السياسية للرئيس الشهيد رفيق الحريري بما فيها من زعامة وجمهور وانصار وحقوق ومسؤوليات لان التركة السياسية تستوجبها تحملها كما هي من دون تجزئة، فلا يمكن القبول بخلافة رفيق الحريري في بعض التزاماته والتغاضي عن التزامات اخرى قطعها على نفسه، وهو الذي ما كان يمثل نفسه في هذه المواقف بل كان ممثلا لامة ولطائفة طالما عُرفت بانتمائها القومي والعروبي وولائها التام لقضايا الامة وفي طليعتها القضية الفلسطينية.
يكفي لاي امرئ لبيب او غير لبيب التفكر قليلا ببعض ما طُرح اعلاه من اسئلة لكي يتلمس طرف خيط او اطراف خيوط عن اسباب اغتيال الرئيس رفيق الحريري او الجهات التي يمكن ان تكون قد وقفت وراء قتله، للتأكد سريعا ان كل ما قد يساق اليوم من تهم او ادلة في قضية اغتيال الرئيس الحريري تكون باطلة لا محالة.
من كل ما سبق وللتحليل فقط يمكننا الافتراض ان من الاسباب التي اغتيل من اجلها الرفيق الحريري هي:
-منع قيام تحالف سياسي كبير في لبنان يضم الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحزب الله وحركة امل، بالاضافة الى وجود النائب وليد جنبلاط من ضمنه، بما يمنع حصول اية فتنة اسلامية سنية شيعية بما يقطع دابر السعي الاميركي الاسرائيلي لاشعال هكذا فتن على امتداد العالمين العربي والاسلامي.
-منع استقرار لبنان وبالتالي تفرغ المقاومة فقط للعدو الاسرائيلي من اية انشغالات داخلية، لأن من شأن تحالف كالمذكور اعلاه اذا ما انضمت اليه اطراف مسيحية لبنانية، ان يجعل لبنان مستقرا بشكل كبير بما يريح لبنان امام عدو متربص به بشكل دائم.
-منع ايجاد غطاء بإجماع لبناني حول سلاح المقاومة الذي يؤرق العدو ليل نهار، وترك هذه المسألة موضوعا متنازعا عليه لبنانيا وحتى عربيا بما يريح الى حد ما العدو الاسرائيلي.
-تحقيق مكاسب سياسية عديدة من خلال الاستثمار على جريمة اغتيال شخصية بحجم الشهيد رفيق الحريري، والتي يمكن ان نوجز بعضها: الضغط لاخراج الجيش السوري والبحث على ملء الفراغ الذي سيتركه بمن يحقق مصالح اميركية واسرائيلية ربما، زعزعة استقرار لبنان بما يشغل المقاومة ايجاد فتن داخلية سنية شيعية او اسلامية مسيحية، توجيه الاتهام باغتيال الرئيس الحريري الى اعداء "اسرائيل" وهذا ما حصل بدءا بسورية والضباط الاربعة وصولا الى اتهام عناصر من المقاومة، كما تزعم المحكمة الدولية، وغيرها من المكاسب التي قد لا نتمكن من ايجازها هنا، علما انه حتى اليوم لا تزال محاولات الاستفادة من جريمة اغتيال الرئيس الحريري وما تلاها من عمليات اغتيال منذ العام 2005 بهدف تحقيق اهداف ومكاسب سياسية وانتخابية في الداخل والخارج.