من تونس إلى مصر واليمن وليبيا، وكذلك سوريا، مازالت الصورة ضبابية في الدول التي شهدت وتشهد تغييرات، وهي قاتمة في مكان وبنسبة أقل في آخر، على الرغم من مرور عامين على المخاض، الذي كان سلمياً بداية
الخليج الاماراتية
من تونس إلى مصر واليمن وليبيا، وكذلك سوريا، مازالت الصورة ضبابية في الدول التي شهدت وتشهد تغييرات، وهي قاتمة في مكان وبنسبة أقل في آخر، على الرغم من مرور عامين على المخاض، الذي كان سلمياً بداية ثم صار دموياً، كما في حالتي ليبيا وسوريا .
خمس دول عربية لكل منها موقعها وأهميتها ودورها، والمستقبل في كل منها ذو تأثير على جيرانه وعلى مستوى المنطقة، لهذا ثمة آمال أن ترسو سريعاً على شاطئ الأمان، لأن الخوف من الفوضى التي يراد تعميمها مازال قائماً، خصوصاً في ظل بروز نزعات إلى الهيمنة والتحكم بالسلطة والمؤسسات وإقصاء الآخرين من قبل الجهات التي ارتقت إلى سدة الحكم، وكذلك الخوف من الطروحات التقسيمية وهي مرض سرعان ما تنتقل عدواه من بلد إلى آخر .
منذ أسبوعين نشرت “لوفيغارو” الفرنسية مقالاً للكاتب بيار روسلان، تحدث فيه عن خطر تفكك دول “الربيع العربي”، مشيراً إلى نماذج ما جرى في ليبيا ومصر، وما يجري في سوريا .
وتلتقي رؤية هذا الكاتب مع تحذيرات صدرت من غير جهة في الأشهر الأخيرة من تحول بعضها، إن استمرت أزماتها على المنوال السلبي نفسه، إلى “دول فاشلة”، وهو تعبير يعطى لدول تبدو كأنها تعيش خارج العصر، وغير قادرة على النهوض، إلا على دعم الآخرين وعونهم، ولذلك “أثمان” معروفة في السياسة وغيرها .
مع ذلك، مازال الأمل يحدو الحرصاء على أن تبرأ الأمة من كثير من الجراحات والندوب في جسدها، بأن يكون الانتقال إلى وضع أفضل هو ما يحكم أداء الأطراف في كل دول “الربيع”، لكيلا تذهب التضحيات التي قدمت هدراً، وكذلك الدماء التي نزفت، والاقتصاد الذي تدهور، والبنى التحتية التي أصيبت بدمار، ومؤسسات الإنتاج التي توقفت وتراجعت سنوات بل عقوداً إلى الوراء .
انعدام رؤية واضحة على المدى القريب، وحتى الأبعد، في ظل التعثر الظاهر للعيان، هو ما يجعل المخاوف مشروعة . مخاوف منبعها ودافعها الحرص على عدم رفع عدد الدول التي ابتليت بنكبات مثل العراق بعد الغزو والاحتلال، والسودان المقسم الذي يعاني أيضاً من تمرد وحروب وأشباح تقسيم جديد، والصومال المفتوحة حروبه على مصاريعها، والمقفلة أمامه معظم أبواب الحلول .
التغيير المرتجى هو أن يكون نحو الأفضل . عسى أن يزهر “الربيع” بلا مزيد من الدماء، وبلا نماذج الهيمنة والإقصاء، حتى لا تستنسخ الأوضاع السابقة ب”أشكال” يظهر أداؤها أن شيئاً لم يتغير .
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه