في خبر حصري لموقع المنار الالكتروني الدكتور عبد الملك سكرية رئيس جمعية "دعم مقاطعة إسرائيل" نقل صدور قرار بمنع عرض الفيلم التطبيعي مع العدو الصهيوني في كل الدول العربية ولكن من سيحاسب مخرجه اللبناني؟!
"ما زال إلى اليوم أحفاد العملاء الفرنسيين يشعرون بالعار الذي ألحقه بهم أجدادهم جراء خيانتهم لوطنهم في الحرب العالمية الثانية، وغيروا سكنهم وأسماءهم".. هذا التصريح لأستاذ القانون الدولي الدكتور حسن جوني في تعليق لموقع المنار الالكتروني على القضية.. فهل خيانة الوطن، مهما اختلف حجمها وشكلها، هي قضية فيها "وجهة نظر"؟!.. في القانون الدولي والعرف المدني في أوروبا لا اختلاف حول مفهوم الخيانة، وضرورة العقاب، ولكنه في الآن نفسه، هو يدعم ويكرم خائني بلادهم إذا كانت لمصلحته !!..في المقابل هذا "الخائن" يبرر سلوكه "بالانفتاح على الآخر" وللذين يواجهونه يقول "إنها وجهة نظر"..
في ملف جديد يضاف إلى هذه القضية، في لبنان تحديدا، فيلم "الصدمة" الذي نال السعفة الذهبية في «مهرجان مراكش» في العام 2012، اعتبر كثيرون أنّ الفيلم روّج للصهاينة وجزء من «مسلسل التطبيع الإعلامي والثقافي والفني» مع العدو الصهيوني. لذلك إنّ «حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان» تستنكر تصوير الفيلم في الكيان الغاصب، وتستنكر الاستعانة بفريق عمل إسرائيلي وبممثلين إسرائيليين. وهي تدعو الفنانين اللبنانيين والعرب إلى مواصلة مقاطعة كل أشكال الاتصال والتعاون مع الإسرائيليين على مختلف المستويات الاقتصادية والفنية والثقافية والأكاديمية والرياضية.
للوقوف عند تفاصيل هذه القضية تواصل موقع المنار الالكتروني مع الدكتور عبد الملك سكرية رئيس "الجمعية اللبنانية لدعم مقاطعة إسرائيل"، والناشط في حملة "مقاطعة داعمي إسرائيل"، ونقل إلينا خبراً حصريا كان قد وصله صباح اليوم، أن فيلم "الصدمة" للمخرج اللبناني زياد دويري، قد أصدر بحقه مكتب المقاطعة المركزي في دمشق، التابع لجامعة الدول العربية، منع العرض في كل الدول العربية ومن ضمنها لبنان.
فماذا في تفاصيل قصة هذا الفيلم :
نقلت صحيفة "الحياة "أن الفيلم سيُعرض قريباً في الصالات اللبنانيّة بعد عرضه في غير مهرجانٍ في الخارج. وقد وافق الأمن العام اللبناني عليه، وفق ما جاء في مقابلة أجرتها الجريدة مع مخرج الفيلم اللبناني زياد دويري. كثيرٌ من مشاهد الفيلم صُوّرت في تل أبيب، عاصمةِ الكيان الصهيوني.
والممثلة التي لعبت دور البطولة فيه إسرائيلية. والأمران قد يشكّلان مخالفة للقانون الصادر في لبنان العام 1955 الذي ينصّ على حظر «المساهمة في مؤسسات أو أعمال إسرائيلية داخل إسرائيل أو خارجها». حين سُئل عن التصوير في تل أبيب، قال دويري إنّه لم يجد مدينة تشبهها؛ ورأى أنه لم يرتكب «جريمة» بتصوير الفيلم هناك. لكن، لماذا تناسى أنّ هذه المدينة قامت على أنقاض بلدة عربيّة كان اسمها «تل الربيع»، وقد تمّ تطهيرها عرقياً من سكّانها الأصليين العام 1949؟ وهل يستطيع أن ينكر أنّ تصويره هناك تجاهل للمأساة التي ما زالت ترخي بظلالها على سكان تل الربيع (ويافا) الأصليين؟.
يبرّر دويري استعانته بممثلة إسرائيلية لتلعب دور الفلسطينية التي فجّرت نفسها في مطعم يعجّ بالأطفال بأنّه لم يجد ممثلة فلسطينيّة تصلح للدور بسبب وجود «مشهد تعرّ». أو عدمُ تمكّن الفنانين الآخرين من اللغة العبريّة، كما يقول دويري، مبرِّرٌا للاستعانة بممثلات وممثلين إسرائيليين، ومبرّرٌا ـــ من ثمّ ـــ لكسر قرار المقاطعة الذي تبنّاه المجتمع الفلسطيني بغالبية منظماته الأهلية منذ العام 2005؟ بل هل يخلو العالم كله من «فريق عمل» غير إسرائيلي ذي كفاءة تقنية ملائمة (فريق عمل الفيلم، باعتراف دويري، مكوّن من عناصر إسرائيلية)؟..
يقول دويري في «الحياة» إنه أمضى سنة من حياته في تل أبيب، فـ«اكتشف» أنّ «تصرّف الإسرائيليّين الشاذ» و«عنفهم» لا يأتيان «بفعل الكراهية أو العنصرية فحسب، بل أيضاً بداعي الخوف». لكنّ دويري لا يتساءل عن الأسباب الحقيقية لخوف الإسرائيليين، ألا وهي ممارستهم بأنفسهم «للكراهية والعنف» والاحتلال والعنصرية ضد فلسطين والعرب، وهي الأسباب التي تؤدي إلى رد فعل طبيعي ومشروع، ألا وهو المقاومة.
الرأي القانوني : القانون اللبناني والدولي يعد هذا الفعل خيانة وطنية
إذن قرر إلغاء عرض الفيلم في لبنان والدول العربية، ولكن ماذا عن حق الأمن العام والكرامة الوطنية بشأن المخرج نفسه، الذي قضى سنة كاملة عند العدو، لينتج عملا سينمائيا يدعو للتطبيع معه؟.. هما جرمان وليس جرما واحدا!!..الدكتور سكرية يقول إن هذا السؤال برسم السلطات القضائية والأمنية لاتخاذ الإجراء المناسب بحق هذا المواطن، "نحن ما نقدر عليه فقط هو إثارة القضية عند الرأي العام اللبناني".
توجهنا بهذا السؤال إلى أستاذ القانون الدولي الدكتور حسن جوني، الذي أبدى أسفه الكبير لتكرار مثل هذه القضايا في لبنان، فهي ليست أول سابقة، مدير فرع شركة "رينو" في لبنان كارلوس غصن، قام بزيارة لدولة العدو الكيان الصهيوني، بعد حرب تموز 2006 مباشرة، والتقى برئيس وزراء العدو أنذاك إيهود أولمرت الذي قتل أطفالنا وأهلنا في الحرب، وعقد معه اتفاقا تجارياً. وعندما سئل عن فعلته هذه قال بإنه ذهب بصفته مديرا للشركة وليس بصفته لبنانياً !!.. وعندما عاد إلى لبنان، بدل أن يعاقب تمّ تكريمه من قبل الجامعة الأميركية في بيروت.. فللقضية أبعاد نفسية وسياسية بالدرجة الأولى قبل أن تكون قانونية.
بيّن الدكتور جوني أن القانون اللبناني يجرم كل هذه العملية، أهمها قانون العقوبات في ما يتعلق بالخيانة. فمن المادة 273 إلى المادة 280، ومن المادة 281 إلى المادة 284 تتحدث عن الخيانة والتجسس، والمادة 285 إلى المادة 287 تتحدث عن العلاقات المختلفة مع العدو. وقال :"طبعا هناك مواد أخرى تتعلق بالنيل من الدولة والشعور القومي..قانون القضاء العسكري أيضاً ينص على تجريم العلاقة مع العدو التجسس والخيانة في المادة 23 منه، إلى المادة 103، كل ذلك يدخل ضمن إطار الجرائم التي تمس بأمن الدولة. نأخذ مثلا المادة 275، تقول :" كل لبناني دس الدسائس لدى العدو أو اتصل به أو يعاونه بأي وجه كان على الفور أن يعاقب بالإعدام".
المادة 285 تقول :" يعاقب لحد سنة على الأقل وفي غرامة.... كل لبناني وكل شخص يسكن لبنان حاول ان يقدم مباشرة أو بواسطة شخص مستعار على صفقة تجارية أو صفقة شراء أو بيع أو مقايضة مع أحد رعايا العدو أو شخص يسكن بلاد العدو يعاقب بذات العقوبة".
وماذا عن هذا الجرم في عرف القانون الدولي؟.. أجاب جوني أن " الخيانة أو العمالة خطيرة لدرجة حتى أنه في القانون الدولي العام العميل والجاسوس لا حماية لهما ولا يحق لها التمتع بوضع أسير حرب، وكذلك المرتزقة. اكثر من ذلك قانون العفو في لبنان قانون 66 والقانون 69 على 8 المادة الخامسة تقول إنه في حال اصدار عفو العام يستثنى منه العملاء والجواسيس. مجلس النواب لا يستطيع أن يعفو عنهم .. وليس هناك سابقة في العالم على هكذا اشخاص لأن المشكلة ليست في الفعل ولا نتيجة الفعل بل عملية الخيانة بحد ذاتها. فهي تعد عملية نجاسة مرتبطة بالوطن والشرف والكرامة وليس فقط ماذا ينتج عنها. لأجل ذلك عادة الدول تعدم هؤلاء لأنها تريد تطهير الوطن، وحتى القوانين الاوروبية التي تمنع الاعدام تجيزه بحق الجواسيس والخونة.
وتعليقا له على تصريح المخرج دويري حول أن الأمن العام وافق على عرض الفيلم، قال إذا كان هذا الأمر صحيحا فاعتقد أن هناك خطأ ما... وفي كل الأحوال في حال دخل هذا الفيلم إلى بيروت فيجب أن يقاطع فوراً ويمنع عرضه أمام الشاشات اللبنانية ويجري التشهير به في وسائل الإعلام .."
ابحث عن قطر ..؟!!..
وختاماً، في بيان كانت قد وزعته "حملة مقاطعة داعمي إسرائيل" على الصحف اللبنانية، الأسبوع الماضي، أشارت إلى أنّ دولة قطر التي هي الطرف الرئيسي في إنتاج الفيلم، قد امتنعت عن عرضه في مهرجان «ترايبيكا» وذلك «تفادياً لما قد يثيره من مشاكل»... فإذا كان صحيحاً ما أورده المخرج دويري حول أن الأمن العام اللبناني وافق على عرض الفيلم فهل لبنان أقلُّ حرصاً على «تفادي المشاكل» كي لا نقول إنه بالفعل يرى أن الخيانة الوطنية هي مجرد "وجهة نظر"خصوصا أن مكتب المقاطعة أرسل نسخة من بيانه للأمن العام؟!!!..والسؤال الأكثر إلحاحا من من الدول العربية سيتلزم بهذا القرار؟!..