28-11-2024 05:43 PM بتوقيت القدس المحتلة

"تاريخ الشيعة في لبنان .." دور فاعل ومشارك بعد عقود من التهميش

تاريخ الشيعة في لبنان، رغم ندرة الأبحاث الدراسية التي تعرضت له، إلا أن في معظمها جاءت مخالفة للعديد من الحقائق التاريخية التي مرت بها هذه الأقلية في العالم العربي

غلاف الكتاب الذي تم عرضه في الندوة شيعة لبنانتاريخ الشيعة في لبنان، رغم ندرة الأبحاث الدراسية التي تعرضت له، إلا أن في معظمها جاءت مخالفة للعديد من الحقائق التاريخية التي مرت بها هذه الأقلية في العالم العربي.

معهد المعارف الحكمية قام بمحاولة علمية لإعادة تموضع هذا التاريخ ليقف شامخاً أمام كل محاولات التزوير، في كتاب بحثي حمل عنوان "الشيعة في لبنان من التهميش إلى المشاركة الفاعلة"، ورصدت له ندوة مخصصة في فندق الماريو، أول من أمس، حضرها لفيف من العلماء والمثقفين والمفكرين. أدرات الندوة الزميلة الإعلامية في إذاعة النور بثينة عليق، وتحدث فيها كل من الدكاترة صالح زهر الدين؛ علي الشامي؛ حسان حلاق، والأب فادي كميد.


الشيخ شفيق : .. نحو دراسة التشيع وخصوصياته في كل بلد
الشيخ شفيق جرادي مرحبا بالحضوررحب مدير معهد المعارف الحكمية سماحة الشيخ شفيق جرادي بالحضور، وبينّ في كلمته أن اهتمام المعهد في الأساس هو الأديان والفلسفة، ولكنه قرر التوسع في هذه الاهتمامات لتشمل الفكر السياسي والديني والعلوم السياسية ودراسة التشيع في الحضارات الإنسانية، ومنها تحديدا الحضارة الإسلامية. ولا ينطلق هذا البحث من موقع مذهبي ضيق بل من منطلق التعايش مع الأخر والتفاهم معه في سبيل تأسيس الحضارة الإنسانية المشتركة. ويقوم المشروع على دراسة الخصوصيات في كل بلد وما له من انجازات وعلاقات ورؤى وأهداف واتجاهات ومشاركات. وركز سماحة الشيخ في نهاية كلمته على أن دراسة التشيع تعني الاعتراف بالمختلف وأن ثمرة التعددية في أوطاننا مهمة وعلينا ألا نخسر خصوصياتنا وان نتكامل مع الأخر.


الدكتور زهر الدين: الكتاب مرجع علمي .. رغم بعض الملاحظات
الدكتور زهر الدين ملقيا كلمته الدكتور صالح الدين، وهو أستاذ محاضر في كلية السياحة والأثار في الجامعة اللبنانية، عرج سريعا على أهمية الكتاب وإيجابياته وأنه جاء في وقته ليظهر الحقيقة على واقعيتها، وأن يمكن اعتباره مرجعا علميا بامتياز. وأن الكتاب توقف عند فكر الإمام موسى الصدر ودوره الكبير على هذا الصعيد وكان موفقاً في هذا لجهة تبيان أن الإمام الصدر لم يكن زعيما دينيا للشيعة وفحسب بل كان زعيما وطنيا متدنيا، وكان الرقم الأول الذي منح للشيعة دور فاعلا وثوريا في وجه الاحتلال الإسرائيلي ومنحهم قوة الوعي ووعي القوة. ورغم ذلك توقف الدكتور زهر الدين عند سلسلة سلبيات وقع فيها معدو الكتاب. ومنها أنه افتقر إلى التعريف بالباحثين وبأعمالهم مما يعطي مصدقية أكبر للعمل البحثي وجديته. ولاحظ زهر الدين افتقار الكتاب إلى باحثين من لون أخر إذ كان مقتصرا على باحثين ذي انتماء واحد، وفي هذا غياب للمشاركة الفاعلة في عملية المعرفة والبحث التي تتوخى الوصول إلى الحقيقة الوثائقية. كما لفت المحاضر أن في بعض الأبحاث كان هناك إصدارا لأحكام عامة مبنية على معلومات جزئية وغير دقيقة.

الدكتور حلاق : الجميع كان مهمشاً وليس الشيعة فقط ..
جانب من الحضور في الندو شيعة لبنانالدكتور حسان حلاق، وهو أستاذ مادة التاريخ في الجامعة العربية، قام ببراعة في التهرب من نقد فعلي للكتاب مبررا ذلك بالحرص على مفهوم الإسلام التوحيدي. ولكنه عقب بعد ذلك بأنه كان يتمنى لو حمل الكتاب عنوان "الشيعة اللبنانيون" وليس "الشيعة في لبنان.." لأن الشيعة هم أصل متجذر في هذه الأرض التي نفخر بها. وقدم الدكتور حلاق عرضا تاريخيا برهن فيه أن ليس الشيعة وحدهم من كان يتعرض للاضطهاد والقهر على مدى العصور الماضية ومنها على وجه الخصوص خلال الحكم العثماني والاحتلال الفرنسي للبنان. وذلك لأن " التهميش للطوائف تم على أساس سياسي وأن تغطت السلطات بالمذاهب، ففرنسا لم تر مانعا من دعم سني أو شيعي يقف إلى جانب مشروعها الاحتلالي في المنطقة، ولم تر مانعا من اضطهاد وإبعاد كل مسيحي يقف ضدها.. وختم الدكتور حلاق بأن شيعة جبل عامل تحديدا كانوا يطالبون بمطالب وطنية شاملة يدافعون عن كل المظلومين بغض النظر عن مذاهبهم وأنه كان لهم دور فاعل في الحرب ضد الاحتلال وفي الدفاع عن فلسطين..


الدكتور الشامي : الكتب توثيقي للرد على الشبهات والاتهامات
الدكتور علي الشامي في ندوة شيعة لبنانالدكتور علي الشامي : وهو أستاذ محاضر في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية ومن الباحثين الذين ساهموا في إعداد الكتاب، قال إن الهم الأساسي للكتاب كان مناقشة عدد من الإشكاليات التي كونت نظرة سلبية باتجاه الشيعة في لبنان، سيما الحديث عن الشيعة السياسية باعتبارها هيمنة الدولة ضمن الدولة ثم التبعية للحليف الخارجي، بالإضافة إلى تهمة النقص في لبنانيتها، وهذه الاتهامات التي ما تزال رائجة إلى اليوم. لذا تكمن أهمية هذا الكتاب في التوصيف والتوثيق وليس في النقاش التاريخي. ورغم هذا النقد ا]جابي للكتاب إلا إن الدكتور الشامي توقف عند مسألة راها مهمة جدا وهي كان مفترض أن يضاف بحث مستقل في أخر الكتاب يوظف المادة التوثيقية عن تلك الأحداث وخصوا عن مراحل المقاومة ليظهر حقيقة أن المشروع الشيعي المقاوم لم يكن يوما من الأيام مشروعا خارجياً، بل عربيا إسلاميا خالصا، كما هي الحالي في زمننا الراهن.

الأب فادي كميد: العلاقة المسيحية بالشيعة فيها ملاحظات
الأب فادي كميد في ندوة الشيعة في لبنانالأب فادي كميد بدوره، اختتم الندوة بكلمة ركز فيها على علاقة الشيعة بالمسيحيين وفق ما هي واردة في الكتاب. وأقام نقاشا لهذا المضمون مبينا أن هناك مغالطات يجب التوقف عندها في هذه العلاقة. ولاحظ غياب دراسة سيولوجية لاختلاف جغرافية الشيعة، إذ لا يمكننا قراءة الشيعة في لبنان على أنه ذاته أيضا عند الشيعة في جبل عامل. وتوقف الأب كميد عن تخصيص الكتاب لدور التفاعل الشيعي مع منطقتي إيران والعراق، فيما ابتعد مثلا عن مناطق اخرى مثلها القضية الشيعية في الأناضول فهي مفصلة تاريخية كذلك.. وقرر الأب كميد أن يختم كلمته بالتوقف عند الأثر الكربلائي عند الشيعة وأنها "هي بالفعل قامت لإحقاق الحق والعدل واسشتهاد الحسين هو أبعد من أن يكون ثورة عادية بل دخلت الوجدان الإنساني ورفعتها من مجرد ثورة تاريخية .. وسأل أين هي كربلاء عندكم في إحقاق الحق والعدالة؟؟.. الجواب هو برسم أهل الحسين"..".

المثقف المغربي إدريس هاني لموقع المنار: الكتاب يعد بابا نحو المزيد من التعمق
المغربي إدريس هاني يلقي مداخلة في ندوة الشيعة في لبنانانطلاقا من هذا العرض الذي قدم في الندوة،  موقع المنار الالكتروني تقدم بالسؤال إلى المثقف المغربي الذي كان حاضرا، "كيف تقيم الكتاب وأنت لديك اطلاع إلى حد ما عنه"، فأجاب : الكتاب مهم كونه محاولة جدية للغاية في من مركز الأبحاث والدراسات لمعهد المعارف الحكمية وبأننا نحن لا نؤرخ لمجال معين لتاريخ واحد لذلك لا يمكن أن نحكم على البادرة الأولى بالفشل أو النجاح.. أنا اعتقد أنه مهم جدا وفتح الباب لمزيد من التعميق حول تاريخ الشيعة في لبنان..وهو في الحقيقة يقدم جملة من المؤشرات والعنوانين القابلة للتوسع والدراسة"".

الدكتور زهر الدين لموقع المنار: الشيعة الطائفة الأقلية اثببت دورها عالميا
الحضور الكبير في ندوة الشيعة في لبنانوعن إيجابيات أخرى للكتاب قال الدكتور زهر الدين لموقع المنار الالكتروني:" أهمية هذا الكتاب أنه جعل العالم الغربي يرى الصورة الصحيحة عن الشيعة، وأن كل محاولاتهم لتهميش الشيعة الذي دام لعشرات السنين بات بالفشل..ومن أبرز المفارقات أن هذه الطائفة المهمشة طائفيا تصبح مسهدفة عالميا بعد العام 2000، بعد انتصارها على "إسرائيل" .. ومن كان يعتقد أن وجودهم مؤبد وأن وجودهم هو القوى مثلما قال كسينجر ذات مرة "إن اليد التي تظنها مشلولة سوف تصيبك بالعمى إذا وصلت إلى عينيك".. فلم يتوقعوا أن يحققوا الشيعة كل هذا الانجاز التاريخي .. أصغر طائفة في المنطقة العربية، والتي لا تعادل ضاحية صغيرة في الولايات المتحدة الأميركية، تصبح مستهدفة عالميا بسبب هذا الدور الذي تؤديه من هنا نبرز اهمية الكتاب في الإضاءة على هذا الدور في المنطقة والعالم".

تصوير : زينب الطحان