«عانى الشريط من التضييق لأنه يفضح المجازر الوحشية التي ارتكبها آل سعود في شبه الجزيرة العربية.. ونجحوا حتى الآن في إيقاف عرض الفيلم في أكثر من مكان. لكنني أبشّرهم سيكون قريباًفي صالات لندن ونيويورك
يتحدّث المخرج السوري نجدت أنزور بنبرة يمكن وصفها بالشرسة، عن عمله السينمائي «ملك الرمال». يروي العمل سيرة آل سعود، وقد أثار جدلاً منذ الإعلان عن قرب عرضه في ربيع العام 2012، لكنّه لم يعرض حتى الآن (باستثناء عرض للصحافة في بريطانيا العام الماضي).
في حديثه مع «السفير»، يعيد أنزور تأجيج السجال حول العمل. يصف عمله بـ«الإنتاج الضخم»، ويشرح أنّه «يتناول تاريخ مؤسِّس الدولة السعودية عبد العزيز بن عبد الرحمن بن آل سعود، وتفاصيل الرحلة المشوّقة التي قام بها، بعد خروجه من منفاه في الكويت وغزوه للرياض، وإنهاء فترة حكم آل الرشيد هناك، وانتقاله بعدها إلى نجد وحائل والحسا في العام 1921، وقضائه على الأسرة الهاشمية هناك بالتعاون مع الإنكليز، عبر جاسوسهم الشهير جون فيلبي الملقب بعبد الله المهتدي».
تمّ تنفيذ الفيلم بتقنيات عالية، وشارك في بطولته ممثلون إيطاليون وأتراك وبريطانيون، وفي مقدمتهم الإنكليزي بيل فيلوز والإيطالي فابيو تستي. «عانى الشريط من التضييق لأنه يفضح ويعرّي المجازر الوحشية التي ارتكبها آل سعود في شبه الجزيرة العربية. لديهم حلفاء ونفوذ في كلّ العالم، ونجحوا حتى الآن في إيقاف عرض الفيلم في أكثر من مكان. لكنني أبشّرهم بأن «ملك الرمال» سيكون قريباً جداً في صالات لندن ونيويورك، وسيتمّ افتتاحه بشكل رسمي، وبحفلة تكريم ضخمة لكل من عمل وساهم في إنجاح هذا المشروع السينمائي، وسوف تنقله أهم وسائل الإعلام الدولية».
ويقول صاحب «نهاية رجل شجاع»: «لقد شدني الصعود الغريب لمؤسس الدولة السعودية، خصوصاً ممارساته ضدّ الفرق الصوفيّة التي كانت تسكن بلاد الحجاز العربية وقتذاك، والتي أبيدت عن آخرها على يد الوهابية السعودية بتهمة الكفر والتصوّف وعبادة القبور، فقتلوا وأحرقت بيوتهم، واغتُصبت نساؤهم، ويتِّم أطفالهم تحت شعار السيف والدين. مشهد يمكن اليوم رؤيته مكرَّراً في سوريا على يد عصابات الإرهاب الدموي، الممولة سعودياً لتدمير آلاف السنوات من الحضارة».
وعن أسباب إنتاجه وإخراجه لفيلم «ملك الرمال»، يقول أنزور: «بدأت حكايتي مع آل سعود منذ إخراجي لمسلسل «الحور العين» والذي عالجت فيه ما يتعرّض له المغتربون السوريون والعرب عموماً عند عملهم في السعودية، إذ يتمّ استغلال معظمهم من قبل مافيات التكفير لتجنيدهم في عمليات إرهابية في دولهم»، بحسب تعبيره. يضيف: «كان مسلسل «الحور العين» من إنتاج شبكة mbc، وبموافقة مديرها الشيخ وليد الابراهيم الذي أرسل شخصاً من طرفه للإشراف المباشر على كتابة الخط الديني للعمل، إلا أن إدارة mbc احتجت وقتذاك على العمل وأوقفت عرضه».
تجربة لم يشأ صاحب «المارقون» أن يكرِّرها في فيلمه «ملك الرمال». «لقد أنتجت العمل بمالي الخاص، لأنّي عانيت صعوبات التمويل سابقاً في فيلم «سنوات العذاب» الذي تناولت فيه الاستعمار الإيطالي لليبيا. لكنَّ الرئيس الراحل معمر القذافي حين تصالح مع الطليان، تراجع عن إتمام تمويل الفيلم فتوقف المشروع بالكامل. ولذلك أحببت أن يكون «ملك الرمال» بعيداً عن أي تمويل أو بروباغاندا سياسية مضادة، وباللغة الإنكليزيّة، لإطلاع الغرب والعالم على حقيقة النظام السعودي الذي يريد أن يعلمنا الديموقراطية، وهو يفتقد أدنى حد من أشكال حريات وحقوق الإنسان».
وعن التهديدات بالقتل التي تعرض لها صاحب «أخوة التراب» يقول: «تطاردني التهديدات دوماً، لكنّها اليوم أصبحت أمراً واقعاً. الحذر مطلوب لكنني لا أشعر بالخوف، فالخوف يشل التفكير ويمنعك من متابعة عملك، وهذا ما لن أسمح لهم بتحقيقه». ويضيف: «حاولوا قبل أشهر إيصال رسائل حازمة عبر شركة محاماة بريطانية ممثلة للعائلة السعودية الحاكمة، وقاموا بإجراء مفاوضات لشراء حقوق الفيلم، وهددوا بطل الفيلم النجم الإيطالي فابيو تيستي الذي قام بأداء دور الملك عبد العزيز في كهولته، وطلبوا منه إطلاعهم على مصادر تمويل الفيلم، وأماكن تصويره وأسماء الفنيين والفنانين الذين عملوا فيه حتى يمنعوا عرضه، لكنني نجحت مع الشركة المختصة بتسويق الفيلم، وتوزيعه في كل أنحاء العالم».