المشكلة الاكبر التي تواجه اي كاتب يتناول الاوضاع في ’ليبيا الجديدة" اتهامه بالدفاع عن النظام السابق ومعارضة ’الثورة’ ومحاولة التقليل من انجازها الكبير في الاطاحة بهذا النظام الديكتاتوري الفاسد
القدس العربي
المشكلة الاكبر التي تواجه اي كاتب يتناول الاوضاع في 'ليبيا الجديدة" اتهامه بالدفاع عن النظام السابق ومعارضة 'الثورة' ومحاولة التقليل من انجازها الكبير في الاطاحة بهذا النظام الديكتاتوري الفاسد، ولهذا نجد الكتابات الانتقادية في الاعلام العربي بوسائطه كافة للشأن الليبي الحالي قليلة ان لم تكن معدومة. والاستثناء الوحيد هو في بعض الصحف ومحطات التلفزة الليبية المحلية.
بالامس كسر ضابط مخابرات ليبي يدعى محمد بوخليل حاجز الصمت، وقرع الجرس منبها ومحذرا عندما اتهم في لقاء مع اذاعة 'الجوهرة' الليبية فرنسا بصورة مباشرة بالقيام بدور مشبوه في المناطق الجنوبية، وكشف عن وجود قوات اجنبية فيها، فرنسية على الارجح.
اهم ما قاله الضابط بوخليل الذي يتمتع بحس وطني عال، وحرص اكيد على سيادة ارض بلاده 'ان فرنسا والدول الغربية لم تقدم مساعدتها لليبيين من اجل سواد عيونهم' مضيفا 'هذه الدول استعمارية تسعى لفرض السيطرة والهيمنة على الدول'.
النظام السابق ارتكب آثاما وخطايا عديدة يصعب حصرها، لكنه طهر الاراضي الليبية من القواعد الاجنبية، وفرض الامن في ربوع البلاد، ومنع النعرات الانفصالية، وحافظ على وحدة التراب الليبي، وكان من المأمول ان يحافظ النظام الذي حل مكانه على هذه الانجازات جميعها، وان يزيد عليها بتحقيق الامن والمساواة والرخاء الاقتصادي والمصالحة الوطنية، ولكن هذا لم يحدث ولا توحي المقدمات التي نراها حاليا ان هذه الطموحات ستتحقق قريبا.
نتفق مع الضابط بوخليل بان فرنسا والدول الغربية الاخرى التي تدخلت عسكريا في ليبيا للاطاحة بالنظام السابق لم تقدم مساعداتها لليبيين من اجل سواد عيونهم، وانما من اجل سواد نفطهم، ومن اجل بسط نفوذها على جنوب ليبيا الذي يضم اهم واكثر الثروات الطبيعية الليبية.
فرنسا عندما ارسلت قواتها للتدخل عسكريا في مالي لم تضع في حساباتها انقاذ الشعب المالي، فلم تحدث ثورة في هذا البلد من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان، وانما من اجل مصالحها الاقتصادية على وجه الخصوص المتمثلة في اليورانيوم والذهب ومعادن ثمينة اخرى.
جنوب ليبيا خارج عن سيطرة الحكومة المركزية في طرابلس بالكامل، ومدينة الكفرة تشهد عمليات قتل وخطف وانفلاتا امنيا وتسيطر عليها، والمنطقة باسرها عصابات مسلحة لدرجة ان الحكومة اعلنتها منطقة عسكرية مغلقة في محاولة يائسة لحفظ الامن.
فرنسا تخطط، ان لم تكن قد بدأت فعلا، لاقامة قاعدة عسكرية لها في جنوب ليبيا، وامريكا تريد بناء قاعدة لانطلاق الطائرات بدون طيار لمحاربة وتصفية الجماعات الاسلامية الجهادية المتشددة، هذا اذا لم تكن قد اقامت هذه القاعدة فعلا، فقد احتاجنا الامر للانتظار حولا كاملا حتى علمنا من خلال صحف امريكية عن اقامة قاعدة لهذا النوع من الطائرات التي قتلت 4700 انسان مسلم في افغانستان وحدودها مع باكستان، في مكان مجهول في المملكة العربية السعودية.
لعل وطنية وشهامة هذا الضابط الليبي محمد بوخليل تفتح عيون الاشقاء الليبيين على حملة التضليل الاعلامي التي اعمت عيونهم عن رؤية الحقيقة والمخططات المرسومة لابتلاع ثروات بلادهم ومصادرة سيادتها على ترابها الوطني.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه