28-11-2024 05:50 PM بتوقيت القدس المحتلة

كليب "موطني" يلامس الجرح العربي

كليب

دشنت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية بالبحرين في 21 شباط/فبراير الماضي عملاً فنياً يحمل اسم (موطني)،أنشد فيه المنشد البحريني حسين الأكرف،وقد حقق هذا العمل حضوراً فنياً مميزا،وانتشاراً عبر وسائل التواصل

 محمد علوش

كليب "موطني" يلامس الجرح العربي "موطني... موطني.. الجمال والدلال والسناء والبهاء في رباك.. والحياة والنجاة والهناء والرجاء في هواك...هل أراك؟ هل أراك سالماً منعماً وغانماً مكرماً.. هل أراك في علاك تبلغ السماك.. موطني.. موطني".

هذه كلمات من النشيد المعروف "موطني" الذي كتبه الأديب الفلسطيني إبراهيم طوقان في ثلاثينيات القرن العشرين،ولحنه الموسيقار اللبناني محمد فليفل عام 1934م ، ليصبح النشيد الوطني الأول في كل البلاد العربية، حيث استخدمته الشعوب كنشيد يعبر عن روح الثورة على مدى الأزمان، وكان ينشد ويحفظ في المدارس العربية في الخمسينات، واستخدمه العراق كنشيد له بعد سقوط صدام عام 2003م.

جمعية الوفاق الوطني الإسلامية بالبحرين دشنت في 21 شباط/فبراير الماضي عملاً فنياً يحمل اسم (موطني)، أنشد فيه المنشد البحريني حسين الأكرف،وقد حقق هذا العمل حضوراً فنياً مميزا، وانتشاراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي على مستوى الوطن العربي، حيث حقق مشاهدات من مختلف دول الوطن العربي في فترة قصيرة. وقد كان لنا لقاء مع معدّي هذا العمل من البحرين.

- كيف بدأت قصة عمل (موطني) ؟

(موطني) ولد ناطقاً متحدثاً، ولغته رسمها الأديب الفلسطيني القدير إبراهيم طوقان قبل ما يقارب الثمانين عاماً، جاء ليعبر عن ارتباط الشعوب بأوطانها رغم القهر والحرمان وظلم الحكام والسلاطين. حيث انه عندما تكونت فكرة عمل فني جديد قبل شهور لتنطلق في الذكرى الثانية لثورة البحرين المستمرة، وتشكلت الفكرة أن يكون محور العمل عربيا يمر بنضالات الشعوب، ويسلط الضوء عليها ولو بشكل سريع، فكان اختيار كلمات (موطني) بذات القصيدة واللحن، لتعبر عن أصالة الوطن العربي عبر أداء بحريني جديد، ولتوضع فكرة العمل المصور لتبرز جانباً مشتركاً من انتهاكات السلطات للمواطن العربي في مختلف البلدان.

- كم استغرق العمل؟ وكيف سارت مرحلة الإنتاج في ظل الوضع القائم؟

 كليب "موطني" يلامس الجرح العربي بدأت الفكرة الفعلية ومرحلة ما قبل الإنتاج قبل 3 أشهر، واستمرت عملية الاستعداد للإنتاج عبر التواصل مع جهات إنتاج خارجية لتصوير المشاهد الخارجية في بلدان الوطن العربي، بينما مرت عملية الإنتاج في الداخل بخط متوازي، وقد كانت مرحلة الإنتاج تتوقف وتستمر حسب الأوضاع الأمنية في البلد، التي كانت تفرض جو لا يمكن العمل فيه، خصوصاً أن العاملين في العمل سواء كانوا من فريق الإنتاج أو ممثلين لا يستطيعون أن يتحركون بسهولة في حال اشتداد الحالة الأمنية التي نعيشها البلاد بشكل دائم، ولأن الكاميرا سلاح تلاحقه السلطة وتستهدفه أينما وجد، والكاميرا هي عصب العمل.

- لاحظنا كيف أن اللقطات التي تم تصويرها في فلسطين كانت في مقدمة المشاهد العربية. ما الذي تريدون إيصاله؟

 القضية الفلسطينية هي أم القضايا، وهي القاسم المشترك بين الشعوب العربية وتقع ضمن أولويات هذه الشعوب ، لذلك حرصنا أن يكون هناك حضور لمشاهد من التراث الفلسطيني، ولشخصية من غزة تتحدث عن التمسك بالتراب الفلسطيني، وذلك ضمن عدة كلمات قصيرة من مختلف البلدان العربية طرحتها شخصيات مؤثرة من مصر وتونس واليمن والسعودية والبحرين. 

- كيف تعاملتم مع أداء أصحاب الأدوار الرئيسية على اعتبارهم شخصيات واقعية وضحايا وليسوا ممثلين؟

 يذكر ويليام بلجريف مستشار حكومة البحرين سابقاً في مذكراته العبارة التالية:  "أهل البحرين ممثلون بالفطرة" ، لذا فإننا عادة لا نجد صعوبة في تطويع الشخصيات البحرينية للأداء أمام الكاميرا لأنهم هكذا في الواقع ، إلا أن الشخصيات التي قدمت بطولة هذا العمل كانت تعيش بالفعل ضمن نفس الجو الذي قامت بتمثيله، وهو جو القمع والاعتقال والتنكيل بالمواطن العربي، وسلب كرامته.
فالشخصية الرئيسية التي لعبت دور رجل خمسيني يبيع السمك ويعتقله رجال الأمن بقسوة ويضربونه ويهينونه، هو الآن معتقل ويقبع في السجون البحرينية وقد اعتقل بعد أيام من تصوير المشاهد الذي يشارك فيها وقد تم عرض العمل بعد الانتهاء منه وهذا الرجل في السجن ولا زال حتى الآن.
 كان هو الحاج مجيد والملقب بـ"حجي صمود" في الثورة البحرينية، وقد لقب بهذا اللقب لأنه يتواجد رغم عمره المتقدم وبصمود منقطع النظير في الصفوف الأمامية بمعظم الاحتجاجات السلمية التي تقام في البحرين.
   والشخصية الثانية التي لعبت دور ابن الحاج مجيد هو الطفل أحمد النهام، وهذا الطفل هو ذاته الذي أصابته قوات الأمن البحرينية بالسلاح الناري في عينه، مما أفقده النظر من إحدى عينيه بسبب استخدام السلاح الناري بعشوائية في منطقته بينما كان يجلس بجانب والده داخل الحي السكني الذي يقطن فيه بمنطقة الدير بمحافظة المحرق

- ما هي أبرز الإسقاطات التي طرحها سيناريو العمل على الواقع البحريني والعربي؟

 كليب "موطني" يلامس الجرح العربي شاهد المتلقي العربي عدة إسقاطات في هذا العمل، منها ما يتعلق بالوضع المحلي، كما هو في الصفعة التي تلقاها حاج مجيد في العمل من أحد رجال الأمن حين كان ابنه قربه، في إشارة إلى الصفعة التي تلقاها أحد المواطنين في منطقة عالي وسط البحرين، حين كان يحمل ابنه على صدره، بينما لم يتجاوز العمل الصفعة ذاتها التي تلقاها البوعزيزي في تونس والتي فجرت ثورات الربيع العربي، حيث كان بطل القصة هنا يبيع السمك واستوقفته قوات الأمن كما حصل مع البوعزيزي.
إلا أن السيناريو ككل تناغم مع الكلمات الأصلية، حيث أبرز التراث العربي وجماله مروراً بالعنفوان والعزة العربية، ومطالبات الشعوب بالحرية والكرامة، في دمج سلس بين دراما القصة ومشاهد الاحتجاجات الشعبية من مختلف الدول العربية.

 

- كيف كانت انطباعات الجمهور البحريني والعربي عن هذا العمل ؟

 لامس العمل جراحات نطاق كبير من الشعوب المظلومة، لذلك جاءت ردود الأفعال مميزة بالفعل، حيث كانت معظمها تشير إلى تأثرها الكبير بالعرض لدرجة أن كثير من المشاهدين كانوا يبكون وهم يشاهدون العمل. كما كان له انتشار من الوهلة الأولى في عدد من البلاد العربية وأخذت قنوات التواصل الاجتماعي بإعادة نشر العمل بشكل لافت خلال فترة وجيزة.
 
المنشد حسين الأكرف من ناحيته، كانت مشاركته في العمل بحنجرته الذهبية مشاركة مميزة ، وفي سؤال لموقع المنار أجاب:

- كيف وجدت كلمات الشاعر ابراهيم طوقان؟ وهل كانت تعبر عن المواطن العربي وتلامس همومه؟

الأكرف: ليس من المبالغة في شيء لو قلت بأن النص رغم مرور قرابة الثمانين عاماً على كتابته إلا أنه من حيث المضمون كما لو كان قد كتب اليوم الأمر الذي يكشف عن الحالة الخاصة و التشخيص الدقيق لهموم المواطن العربي التي كان يعيشها الشاعر ابراهيم طوقان حين كتابته هذا النص الشعري بحيث لم يشك أحد ممن سمع الأنشودة و هو لم يسمعها من قبل أنها كتبت و لحنت اليوم لشدة ملامستها لهموم الوطن و المواطن العربي.

- أين تعتقد أنك لامست المواطن البحريني؟

الأكرف: المواطن البحريني أحد أكثر مواطني دول الخليج تعرضاً للانتهاكات الحقوقية و الإنسانية و هو الأكثر صبراً و تحملاً في طريق الحرية و الكرامة لذلك فإن كل ما أطرحه من من هذه المعاني أجدها تلامسه بشكل بالغ التأثير و التفاعل.

- ماهي الرسالة التي احببتم توصيلها عبر الكليب للعالم؟

الرسالة هي أن الشعوب العربية يجمعها حلم الحرية و آمال التغيير و أن رهان الأنظمة على تمزيقها و الإلتفاف على مطالبها خاسر لا محالة و أن شعب البحرين بكل أطيافه و طبقاته بأطفاله و شبابه و شيوخه ليس بدعاً من الشعوب التي طالبت بحقها في تقرير مصيرها و ممارسة سلطاتها و أنه جدير بذلك.

الكليب على اليوتيوب

  كليب "موطني" يلامس الجرح العربي