08-11-2024 12:11 AM بتوقيت القدس المحتلة

محاولة أخيرة لتهريب «الستين»

محاولة أخيرة لتهريب «الستين»

بدأت جدياً المعركة السياسية بين معارضي المشروع الارثوذكسي ومؤيدي ابقاء القانون الحالي، مع اعلان الوزير مروان شربل اعداده مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على اساس القانون الحالي.


هيام القصيفي - الاخبار

بدأت جدياً المعركة السياسية بين معارضي المشروع الارثوذكسي ومؤيدي ابقاء القانون الحالي، مع اعلان الوزير مروان شربل اعداده مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على اساس القانون الحالي.

يبدأ اليوم شهر الخيارات الكبيرة في شأن الانتخابات، قانونا او اجراء او تعديلا او حتى تمديدا للمجلس النيابي، مع العلم انه بعد الطائف مُدّد عمر المجلس النيابي مرة واحدة. إذ حدد القانون 171 (تاريخ 1/6/2000) أن ولاية المجلس تنتهي في 31 ايار عام 2005. لكن بموجب قانون احكام استثنائية رقم 676 (الصادر في 28 نيسان عام 2005) عدلت نهاية ولاية المجلس من 31 أيار عام 2005 الى 20/6/ 2005، وهو تعديل تقني لمدة عشرين يوما فقط. وبدءاً من اليوم، وحتى 22 آذار، يصبح السباق على اشده حول مصير الانتخابات او عدمها، ويصبح لبنان امام اسئلة دستورية وقانونية حول مصير اجتماع المجلس النيابي وتشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات ودعوة الهيئات الناخبة وغيرها من الملفات المتعلقة بالعملية الانتخابية. كلها استحقاقات ومواعيد ضاغطة، تجعل من البديهي القول ان اللعب بات على شفير الهاوية، وان بعض السياسيين ــ ان لم يكن جميعهم ــ يذهبون بالاستحقاق الى الحد الاقصى الذي لا يمكن معه الا السير عبر ألغام المواعيد، والسباق بين دعوة الناخبين وعقد الهيئة العامة لمجلس النواب لاقرار قانون الانتخاب.

فالمواجهة ما قبل 22 آذار ستكون حتماً مختلفة عما بعد 22 آذار اذا لم يتم الاتفاق على قانون انتخابي.

تنتهي ولاية المجلس النيابي الحالي في 20 حزيران عام 2013، اي بعد اربع سنوات من بدء ولايته في 20 حزيران عام 2009. وتنص المادة 42 من الدستور على ان الانتخابات تجرى خلال الستين يوما السابقة لانتهاء المجلس، اي بدءا من 21 نيسان وفقا لتاريخ ولاية المجلس الحالي. وتبعا لذلك فان موعد دعوة الهيئات الناخبة يجب ان يتم في حده الاقصى في 22 آذار، وفقا لاحكام المادة 44 من قانون 25/2008 التي تنص على الاتي: «تدعى الهيئات الناخبة بمرسوم وتكون المهلة بين نشر المرسوم واجتماع الهيئات الناخبة 90 يوما على الاقل». وهذا يعني ان لبنان دخل فعليا مرحلة العد العكسي تقنيا وقانونيا لاجراء الانتخابات، بعيدا عن التجاذبات السياسية الداخلية حول القانون الانتخابي، ورغبات المجتمع الدولي في حتمية اجراء الانتخابات وارجائها تقنياً فحسب.

ولكن ما يحصل اليوم سياسياً، من شد حبال، يعكس صورة لا توحي ان الامور متقدمة بالحد الذي يسمح بالقول ان المعركة حول المواعيد ستكون سهلة رغم دعوات السياسيين اصحاب الشأن الى اجرائها في مواعيدها، مثلما فعل امس الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في مشاورات هاتفية بينهما.

فما هو واضح، حتى الآن، وصول الجميع الى مأزق بعد اقرار القانون الارثوذكسي، في اللجان النيابية المشتركة، والايحاء بتحديد الرئيس نبيه بري مهلة لعقد الهيئة العامة، ومن ثم القول ان لا مهلة محددة. لكن المهلة بدأت تصبح مطاطة، يحاول جميع الافرقاء خلالها طرح أفكار ومشاريع سبق ان نوقشت جميعها، سواء في اللجنة الفرعية او في الحكومة او في اللقاءات السياسية، بما فيها تلك التي اقترحها بري وغيرها من الصيغ حول المشاريع المختلطة، اضافة الى افكار النائب وليد جنبلاط الاخيرة في ما يتعلق بمشروع الحكومة وتعديله لضم الاكثري فيه، بما ينسف عنه صفة مشروع الحكومة.

لكن بعد مرور الاسبوع الثاني الذي اعقب اجتماع اللجان المشتركة، بدا ان جميع الصيغ التي طرحت اقرب الى محاولة لكسب الوقت منها الى ان تكون محاولات جدية للخروج من المأزق. وتقول مصادر سياسية مطلعة ان الخوف بدا جديا من محاولة الرئيس ميشال سليمان ومعه الرئيس السنيورة والنائب وليد جنبلاط وبعض مستقلي 14 آذار في اجتراح كل يوم فكرة لقانون انتخابي، اتضح الآن انها كانت محاولات لتمرير الوقت والوصول الى المهلة من دون قانون جديد، ما يحتم اجراء الانتخابات على اساس القانون المعمول به، والذي يصر جنبلاط والحريري عليه دون سواه. والمشكلة ان الرئيس نبيه بري جارى هذا التوجه، اولا بطرحه فكرة المشروع المختلط، ومن ثم سحبه واعادة التذكير بالارثوذكسي وبالمادة 22 من الدستور، التي لاقاه فيها الحريري الذي اتصل به امس، وثانيا بعدم حسمه سريعا الدعوة الى الهيئة العامة. في حين حاول العماد ميشال عون القفز فوق الخيارات الراهنة و«تكبير الحجر» بطرح مشروع النسبية ولبنان دائرة واحدة ولاقاه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، كمشروع بديل عن الارثوذكسي يعرفان تماما انه لن يجد الصدى المطلوب.

دعوة الهيئة الناخبة

من هنا، وفي ظل تعثر ايجاد مخرج للقانون الانتخابي، اعد وزير الداخلية مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ليوقع قبل 11 آذار، في خطوة مفاجئة لتقصيره المهلة من 22 الى 11 آذار، وسط تأكيد الرئيس نجيب ميقاتي انه سيوقعه. وتؤكد اوساط مطلعة ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان سيوقع الدعوة حكما اذا لم يتم الاتفاق على مشروع قانون بديل. وبحسب المعلومات فان سليمان لن يرضى ان يسجل على نفسه انه يخالف القوانين، بعدم دعوة الهيئة الناخبة، اذا لم يقر قانون الانتخاب في الاسابيع الثلاثة المقبلة، مسجلا نصره على الفريق الذي ربح معركة الارثوذكسي. وفي المقابل فان الفريق المعارض من داخل الحكومة، فوجئ بالضغط المتمثل بالمهلة التي حددها شربل اي اقل من احد عشر يوما من موعد 22 آذار، كي تتم الانتخابات وفق قانون 1960. لكن بدا واضحا امس ان هذا الفريق، الذي شم رائحة المماطلة في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، سيخوض معركة لمنع كسره بعدما سبق ان ربح معركة الارثوذكسي، وهو يرفض في شكل قاطع اصدار مرسوم الدعوة، قبل الاتفاق على مشروع جديد، ولن يسمح باقرار اي بند يتعلق من قريب او بعيد بالقانون الحالي. وسيعمل للرد المباشر عبر الضغط التصاعدي لعقد اجتماع الهيئة العامة قبل الوصول الى الخط الاحمر، ولا يبدو انه سيكون متفرجا حتى اللحظات الاخيرة. مع العلم ان العماد عون وحزب الله سبق ان اعلنا عدم سماحهما باجراء الانتخابات على اساس قانون 1960. ويصبح ملحا حينها وفي هذه اللحظة المصيرية معرفة موقف حزبي الكتائب والقوات اللبنانية اللذين سبق ان ايدا «الارثوذكسي»، ورفضا في شكل قاطع اجراء الانتخابات على اساس القانون الحالي.

هيئة الاشراف على الانتخاب

في المقابل، بدا ان طرح موضوع هيئة الاشراف على الانتخابات إلهائي، لأن الفريق المصر على اجراء الانتخابات وفق قانون 1960 يريد التشبث بها بأي ثمن رابطا تشكيلها بالقانون المعمول به، وبموعد دعوة الناخبين، بسبب الصلاحيات التي نص عليها تشكيلها. فاللغط الحاصل هو في اعتماد نص المادة 19 من قانون 25/2008 اي التي تحدد مهام الهيئة من مراقبة تقيد اللوائح والمرشحين بالقوانين وتلقي طلبات وسائل الاعلام وممارسة الرقابة على الانفاق الانتخابي وغيرها، ليربط البعض حتمية تشكيل الهيئة بالتزامن مع دعوة الهيئات الناخبة، لبدء التحضير للانتخابات. مع العلم انه حتى الآن لا يوجد مرشحون او لوائح. ويصر وزراء التكتل التغيير والاصلاح على رفض تشكيل الهيئة وربطها بحتمية اجراء الانتخابات، فاصلين بينها وبين دعوة الناخبين. وحجة الوزراء القانونية ان نص تشكيل الهيئة حمل في طياته انه لمرة واحدة فقط، نظرا الى انه حدد تعيين الاعضاء بناء على اقتراح الوزير «ضمن مهلة اقصاها شهران من تاريخ صدور هذا القانون»، على أن تنتهي ولاية اللجنة بعد ستة اشهر من اتمام العملية الانتخابية. ما يعني ان تشكيلها حاليا ليس حتميا، كونه مرتبطاً فقط بقانون 2008 الذي ترفضه القوى المسيحية ويقف معها فيه حزب الله.

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه