في الجزء الثاني من التحقيق حول كتاب "الإبراء المستحيل" يؤكد النائب إبراهيم كنعان على أن الكتاب وثيقة جدية ورصينة وأن هناك كماً هائلاً من الوثائق المثبتة تحتاج لعشرات الكتب كي ننشرها للرأي العام
من الأسئلة التي يطرحها علينا كتاب "الإبراء المستحيل" كيف تتمّ محاسبة الحكومة إذا لم تقم هذه الأخيرة بعرض حسابات الإدارة المالية النّهائية لكلّ سنة؟ وكيف يتمّ إبراء ذمّة الحكومة في حال تقيّدها بإجازتي الجباية والإنفاق الممنوحتين لها بموجب قانون الموازنة، أو إشغالها في حال مخالفتها لهاتين الإجازتين أو مخالفة الدستور اللبناني؟.
ونسأل أوليست الرقابة البرلمانية أي رقابة مجلس النوّاب على الحكومة هي حجر الأساس للحفاظ على المال العام من خلال حسن إدارته من جانب الحكومة باستخدام الموارد المالية استخداماً نموذجياً وضبطه ومحاسبة من تسول نفسه إلى هدره.
كتاب "الإبراء المستحيل" يضع في متناول المواطن اللبناني بمختلف مستوياته العلمية والثّقافية، حقائق مالية تتعلّق بالتّجاوز في الإنفاق العام، الدّين العام، سلفات الخزينة، الحسابات المالية، الهبات، سوكلين والشّركات المماثلة، مجلس الإنماء والإعمار... فالهبات التي قدّمت للدّولة 5 مليارات دولار وفقاً لما أدلى بها النائب كنعان، لم يتم قيدها بكاملها في قسم الواردات في الموازنة العامّة للدّولة، خلافاً لأحكام نص المادة 52 من قانون المحاسبة العموميّة، ولم تخضع لرقابة ديوان المحاسبة المؤخّرة في ضوء عدم إظهارها في قيود محتسب المالية المركزي.
هذه المعلومات أدلى بها النائب عن التيار الوطني الحر، كتلة التغيير والإصلاح، المحامي إبراهيم كنعان في مقابلة مع الموقع الالكتروني للمنار، كما وضح كل تلك الملابسات التي تحدث عنها الخبير حسن مقلد، في الجزء الأول من هذا التحقيق، وكشف سر تلك "السلبيات" معلناً في خبر حصري لموقع المنار الالكتروني أن لكتاب "الإبراء المستحيل" جزءاً ثانياً...
النائب كنعان : الكتاب مدروس ولدينا كم هائل من الوثائق تحتاج لكتب لنشرها
السؤال الإشكالي الأول، الذي طرحناه على النائب كنعان، لماذا كان الكتاب باللغة العامية، ألا يضعف هذا من الحجة القانونية والتاريخية فيه؟. لفت النائب إلى أن الكتاب موجه إلى المواطن العادي وإلى المثقف والخبير معاً. للمواطن العادي تسهيلا له ليفهم مادة الأرقام الجامدة وبهذا نوصل الرسالة لكل المواطنين، والجزء الثاني كتب باللغة الفصحى وموجه مهنياً وفنياً يستفيد منه الخبراء والمختصون. "ففي الكتاب 16 فصلاً، في كل فصل كتب جزء منه بالعامية وجزء آخر بالفصحى، لنتوخى أن تشمل الفائدة الجميع".
ودافع سعادة النائب عن الاتهام الموجه للتيار أن يتزامن صدور الكتاب مع قرب الانتخابات، وبيّن حقائق عملية تؤكد أن الإعداد للكتاب بدا منذ أربع سنوات " ثبتت الموازنة في أيلول العام 2010 وبدأنا العمل بعد خمسة أشهر في لجنة تقصي الحقائق، وهي اللجنة الفرعية التي انبثقت العام 2011، وايضاً استغرقت عاما كاملا من العمل". وهذا يعني بالتالي أن الكتاب أبعد ما يكون عن الأهداف الانتخابية " الكتاب عمل جدي ورصين بعيدا عن رأينا السياسي بالفريق المتهم".
ورداً على أن الكتاب أتى في صيغة مستعجلة، وان هناك وثائق على أهميتها لم ترفق بدراسة تحليلة وأن هناك قضايا مهمة بحاجة لوثائق لم تطرح في الكتاب، أجاب كنعان :"هذا كلام عام، الكتاب مدروس، ولقد استغرق العمل عليه أربع سنوات. وصحيح ما يقوله بعض الخبراء أن الكتاب جاء ناقصاً، فنحن لدينا كم هائل من الوثائق التي تحتاج إلى 16 كتاب وأكثر لنتمكن من عرضه، لذا أبشر المهتيمن بأن هناك جزءاً ثانياً للكتاب إن شاء الله. ويكون فيه رؤية للحل الوطني ومعالجات، أي ما يسمى بخارطة طريق لإصلاح الإدارة العامة والموازنة".
النائب كنعان : المبالغ التي يشكك في تحصيلها وصلت إلى 16 ألف مليار دولار !!
واعترف النائب كنعان ان هناك بعض الثغرات في الكتاب، ولكن "الوقائع ثابتة، لا أحد بمقدوره أن يدعي أن الحسابات المالية من العام 1993 إلى اليوم هي مدققة وموافق عليه الديوان، ولا أحد يمكنه أن يدعي أن القروض كانت تدخل إلى حساب الخزينة، بل كانت تذهب إلى حسابات خاصة في مصرف لبنان، لا أحد يدعي أن الهبات خمس مليارات دولار دخلت إلى الخزينة، ولا أحد يمكنها إثبات أن إيرادات الخزينة في الموازنة كانت تقفل بل هي منذ عشرين أو ثلاثين سنة لا تزال مفتوحة !!!.. والمبالغ التي يشكك في تحصيلها وصلت إلى 16 ألف مليار دولار.. فمن هو المسؤول عن كل هذا التسيب والهدر ؟!!".
وعما إذا ستتابع كتلة التغيير والإصلاح المطالبة بمحاسبة المخالفين في الموزانة المالية في الحكومات السابقة، بعد الانتخابات القادمة، أكد النائب كنعان أن موضوع المحاسبة بالنسبة إليهم غير مرتبط بوجودهم أو عدمه في الحكومة " نحن بدأنا بالمحاسبة في العام 2009 حيث لم نكن بالحكومة، وكانت برئاسة الأستاذ فؤاد السنيورة ومن بعده برئاسة سعد الحريري. وبدأنا عملنا في هذا الملف وكانت الوزيرة ريا الحسن في سدة وزارة المالية، وبصراحة وأنا في المعارضة مطالبتي أقوى مما ستكون عليه وأنا في الموالاة. إذ تبين أن القضاء غير متأثر بالسلطة بل بموازين القوى للأسف، مثل الأمن وكل شيء في هذا البلد مقسم على الطوائف والمذاهب والتيارات السياسية.. ".
وعما إذا كان راضياً عم أنجزه في الكتاب، عبرّ النائب كنعان عن فخره بهذا الإنجاز ومما قاله "عندما ترأست لجنة المال والموازنة أول جملة قلتها "سوف أضع قبعتي الحزبية على باب اللجنة وعندما أدخلها سأدخلها بصفتي نائباً عن كل الشعب اللبناني وسأمارس رقابة برلمانية وفق ضميري وقناعاتي وجدول السلطة التنفيذية تطبيقاً لمبدأ فصل السلطات".
النائب كنعان : من يكذبني فليرفع علي دعوى ..
وشدد النائب إبراهيم كنعان في نهاية اللقاء أن موضوع الهدر المالي والفساد الإداري هو قضية "حياة أو موت .. لبنان يبقى أو لا يبقى .. لبنان لا يقدر أن يكمل بـ6 أو خمس مليارات دولار دين سنويا وأيضاً عجز يتزايد... فهذا موضوع يمس كل لبناني مهما كانت طائفته أو انتماؤه لأن ابنه من يهاجر في النهاية .. هناك 40 ألف شاب يهاجر سنويا من لبنان من كل الطوائف .. فالوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الإصلاح هي أولا أن يشعر الموظف والوزير والنائب والمسؤول أن هناك محاسبة جدية ولها تبعات والطريقة للوصول إليها هي الشفافية.. لذلك الكتاب مهم لأنه يطرح للملأ .. وهذا عمل جريء جدا". وأعلن النائب كنعان متحدياً أن يتمكن أحد من تكذيب الحقائق التي يوردها الكتاب، ومن يتمكن " فليرفع علي دعوى...".