29-11-2024 08:39 PM بتوقيت القدس المحتلة

ليلة اغتيال القمر الفلسطيني..!

ليلة اغتيال القمر الفلسطيني..!

الغزاة تجمعهم صفات مشتركة أينما حلّوا ينشرون الدمار والرعب ويرتكبون أفضع الجرائم دون وازعٍ أخلاقي ، أما الحديث عن الحرية وحقوق الإنسان واحترام المواثيق الدولية


محمدالسودي

الغزاة تجمعهم صفات مشتركة أينما حلّوا ينشرون الدمار والرعب ويرتكبون أفضع الجرائم دون وازعٍ أخلاقي ، أما الحديث عن الحرية وحقوق الإنسان واحترام المواثيق الدولية ماهي إلا سلعة يتم ترويجها في إطار تحقيق مصالحهم الإستعمارية ...

يقع المطار الدولي على أطراف مدينة بغداد الجنوبية ، هناك اختار الغزاة الأمريكان مركز قيادتهم المتقدّم تمهيداً للإنطلاق باتجاه القصر الجمهوري "المسمّى الأن المنطقة الخضراء" الذي اصبح فيما بعد مقراً للحاكم الأمريكي العام "بول بريمر" ، يتميّز المكان بأهمية جغرافية استثنائية حيث يتوسط المنطقة بين ضفتي الكرخ والرصافة يفصل بينهما نهردجلة ويربطهما الجسـرالمعّلق الشهير الذي سبق أن دمّرته الطائرات الأمريكية مطلع تسعينات القرن الماضي ثم أعيد إعماره بنفس المواصفات القديمة بجهودٍ وامكانيات عراقية صرفة  إلى جانب جسور اخرى امتدّت على طول النهر ، يومها بكى العراقيون كثيراَ على أطلاله كونه يمثّل أحد أهم معالم العاصمة العراقية التي تعجّ بالحياة والحيوية وشاهدعلى الكثير من أسرار المدينة والذكريات .

كان المطار الدولي يحتوي على سجن كبير استخدمه الجيش الأمريكي مركزاَ لإعتقال النخّبة من أركان الدولة العراقية السابقة وزراء حكوميين ورؤساء اجهزةٍ أمنية وغيرهم من الشخصيات الحزبية الهّامة ، بينما تحول سجن ابوغريب سيء الصيت لمركز اعتقال شامل احتوى ألاف المعتقلين حيث أظهر وحشية السلوك الأمريكي البشع تجاه الشعب العراقي ومناضليه بعد فضائح التعذيب التي يندى لها جبين الإنسانية ، وفي فجر السادس عشر من نيسان عام 2003م قامت القوات الأمريكية بعملية إنزال جوي استعراضية بامتياز وسط بغداد شاركت فيها طائرات الأباتشي الهجومية إضافة الى القوات البريّة التي حاصرت المكان لاعتقال القائد الفلسطيني الكبير ابو العباس الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ، الغرض منها احراز انتصارات وهمية تعزز ادعاءات بوش الإبن الكاذبة حول وجود "ارهابيين "مزعومين وكذا أسلحة دمار شامل، اعتقال أبي العباس لايستند إلى مسوغات قانونية أو مبررات تستدعي ذلك التصرف الأخرق خاصة بعد أن زار قطاع غزة والضفة الفلسطينية مرات عديدة قبل اندلاع الإنتفاضة الثانية حيث أراد العودة إلى جانب شعبه المنتفض لكنه لم يتمكن من تحقيق ذلك بناءً على طلب الرئيس الفلسطيني أبو عمار، وسويت قضية عملية أشدود البحرية "اكيلي لارو" التي كانت تهدف الوصول إلى ميناء أشدود واحتجاز أفراد وضباط الأمن الإسرائيلي رهائن مقابل إطلاق سراح أسرى ومعتقلين فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية ثم أحدثت جدلاً واسعاً ، اقتيد ابي العباس مع كل رجل شاءت الصدفة أن يكون موجوداً لحظة العملية في محيط المنطقة بما في ذلك مواطنين مدنيين لايعرفون مايجري حولهم  لكنه تم الإفراج عنهم في اليوم التالي بعد التأكد من شخصية المستهدف ، وتفيد المصادر الموثوقة التي سربت بعض ماجري داخل المكان بأن أبو العباس تعرّض لاستجواب قاسي من قبل أجهزة الإستخبارات الأمريكية والموساد الإسرائيلي صاحب المصلحة الحقيقية للخلاص منه الذي عمل منذ بداية الغزو لملاحقة المناضلين الفلسطينيين وفي مقدمتهم الأمين العام للجبهة أدّت النتيجة إلى تصفيتة ليلة الثامن من أذار عام2004 م، حينها نزل الخبر المشؤوم كالصاعقة من غير ميعاد على رؤوس رفاقه وأصدقائه  وجمهوره العريض إذ أكّد قبل أيام من عملية الإغتيال الجبانة في احدى رسائله التي وصلت عبر الصليب الأحمر الدولي لرفاقه وعائلته بأنه يتمتع بصحة جيدة ويمارس الرياضة يوميا ومفعم بالأمل والصمود والتحدي المعروف عنه ، في سياق تبريرها للجريمة النكراء قالت القوات الأمريكية أن الشهيد ابو العباس تعرض لأزمة قلبية أدت إلى وفاته ولم تتمكن من انقاذ حياته هي الصورة  نفسها للمحتلين الطغاة اينما حلّوا تستحضر مايحصل داخل سجون ومعتقلات الإحتلال الإسرائيلي ، وأضافت أن وزارة الدفاع البنتاغون أمرت بتشريح الجثمان حيث أكد الأطباء أن نتيجة الوفاة كانت طبيعية ، بينما رفضت بشكل قاطع نداءات تشكيل لجنة طبية محايدة  مؤلفة من منظمة الصحة العالمية لإعادة التشريح أو تشكيل لجنة مشتركة للكشف عن السبب الحقيقي للوفاة بل رفضت ايضاً تسليم الجثمان للهلال الأحمر الفلسطيني ومرافقته إلا بعد مرور أكثر من اسبوعين على وفاتة مشترطةً تسليمه للصليب الأحمر الدولي لوحده دون غيره ، كما رفضت حكومة الإحتلال ايضا طلب السلطة الفلسطينية السماح بدخول الجثمان للأراضي الفلسطينية ليوارى الثرى، وهو أمر قال عنه ذوي الإختصاص بأن التأخير يهدف الى طمس معالم الجريمة من خلال تعرض الجثمان للبكتيريا التي تقضي على أي شواهد قد تظهر عليه قبل المدّة المشار اليها انفاّ .                                                                            
لقد كان للقائد المغدورعلى أيدي طغاة العصر، حكاية عشقٍ مع أرض الرافدين متجذّرة عمقها عمق الوفاء لفلسطين تاريخاً وهوية ًقومية شامخة كالنخيل ، لم ينسى لحظة أن ضاقت الأرض العربية به عدا أبواب بغداد وجدها مشرعة أمامه بالرغم من التهديد والوعيد الذي صدر عن الإدارة الأمريكية للعراق بعد قرصنة انزال الطا ئرة المصرية في إيطاليا التي كان على متنها يرافقه مجموعة المقاتلين المكلفين بعملية اشدود البحرية،وفشلت بالقاء القبض علية نتيجة انتهاك حرمة الأراضي الإيطالية ، يذكر رفاق ابو العباس انه الغى زيارة مهمة كان يتوقف عليها الكثير  إلى أحد الدول العربية كونه تزامن مع تاريخ السابع عشر من ينايرعام1991 الذي حددّته الإدارة الأمريكية موعداً لهجمات صواريخ كروز والتوما هوك ، والغارات الجوية على مدينة بغداد وباقي المدن الأخرى حتى لايقال انه غادر خشيةً على حياته وابلغ تلك الدولة بتأجيل الموعد عدة أسابيع لكنه ألغي بسبب التطورات اللاحقة في المنطقة  .

من يعرف ابو العباس عن قرب يدرك أنه رجل من طراز استثنائي يمتلك القدرة على التأثير وحب الناس إليه يمقت الفصائلية الضيقة لهذا كان رجل الوحدة بين مختلف المشارب السياسية  يصغي جيدا ويعمل كثيراً يقول دائما إن العمل العسكري المميّز المتقن ضد العدو يتيح الفرصة للسياسيين الحديث بشكل جيد من موقعٍ مختلف ، لهذا كرّس  وقته  وفكرة لكل ماهو إبداعي يصنع المفاجأة التي لم تكن بالحسبان لدى العدو ، ترجل الفارس  في الليلة الظلماء ولكن فلسفته النضالية باقية تنير الدرب للأجيال على طريق تحرير الأرض والإنسان .....

بمناسبة مرورالذكرى التاسعة لاغتيال القائد الوطني والقومي الكبير محمد عباس،أبو العباس الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية الذي تم تصفيته في سجون قوات الغزو الأمريكي با لعراق سلاما الى روح قمر فلسطين الخالد أبداّ ، سوف يأتي اليوم الذي يدفع الطواغيت أثمان افعالهم  الدنيئة مهما طال الزمن..


موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه