ضبطت جامعة الدول العربية ايقاعها الديبلوماسي، على وقع المفاوضات الأميركية ـ الروسية لايجاد مخارج للأزمة السورية التي توشك أن تدخل عامها الثالث قريبا، في ظل عجز طرفي المعادلة السورية عن الحسم العسكري
ضبطت جامعة الدول العربية ايقاعها الديبلوماسي، على وقع المفاوضات الأميركية ـ الروسية لايجاد مخارج للأزمة السورية التي توشك أن تدخل عامها الثالث قريبا، في ظل عجز طرفي المعادلة السورية عن الحسم العسكري من جهة وانسداد آفاق الحل السياسي الداخلي من جهة أخرى.
وتمثل هذا «الانضباط العربي» بالالتزام التام بحذافير «الوصفة» التي قدمها وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الدوحة، ويطلب فيها بشكل واضح من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ورئيس حكومته وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، استخدام نفوذهما لدى المعارضة السورية، من أجل فرض اطار سياسي ـ عسكري موحد، استعدادا لجلوس طرفي الأزمة السورية حول طاولة واحدة برعاية دولية.
وحسب مصادر ديبلوماسية عربية في القاهرة، فإن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اشترط على نظيره الأميركي، بعد اعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم من موسكو الاستعداد للحوار مع المعارضة السورية بما فيها المسلحة، أن يصار الى توحيد الكيانات المعارضة ضمن كيان واحد.
وتضيف المصادر أن كيري حث الدول الخليجية على احداث صدمة ايجابية كبيرة جدا للمعارضة السورية يمكن أن تتوج بالإطار المنشود، بما يمهد للجلوس حول طاولة المفاوضات انطلاقا من البند الأول الذي يتمسك به الروس وهو وقف النار المتبادل، بحيث يكون كل طرف معنيا بتوفير الضمانات اللازمة للطرف الآخر.
وتقول المصادر لـ«السفير» إن فكرة «الهيئة التنفيذية» ولدت من هذه الزاوية تحديدا، ولو أن وزير خارجية قطر حاول حرق المراحل في مستهل الاجتماع العربي بدعوته الى الاعتراف الرسمي بالائتلاف ممثلا لسوريا، لولا أن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أوضح له أن عناصر ثلاثة تحدد الأمر وهي الأرض والشعب والسيادة، واذا كان العنصران الأولان متوفران، فإن الثالث غير موجود.
وتشير المصادر الى أنه حصل أخذ ورد حول هذه النقطة، وبدا واضحا أن حمد بن جاسم مهتم بتمرير نقطتين من ضمن المقررات الرسمية، أولهما تبني تسليح المعارضة وثانيهما ضم «الائتلاف الوطني السوري» المعارض رسميا الى جامعة الدول العربية.
وقد جوبهت النقطة الأولى برفض شبه شامل، فطلب القطريون طرح النقطة الثانية على التصويت، وكان جواب العربي وكل من العراق والجزائر أن الأمر يحتاج الى الثلثين... وعند هذا الحد تلقف وزير خارجية مصر محمد كامل عمرو فكرة الهيئة التنفيذية، وصدر القرار بالاجماع وليس بغالبية الثلثين، على طريقة حمد بن جاسم الذي قال ردا على المعترضين على مخالفة قوانين وأنظمة الجامعة العربية إن الرئيس السوري بشار الأسد يخالف كل القوانين والشرائع ولا أحد يحاسبه، وطالما أن الوضع استثنائي لا بد من قرارات استثنائية.
وقد اعترض الجزائريون والعراقيون على الفقرة الثانية من القرار السوري (انشاء الهيئة التي ستشغل مقعد سوريا في جامعة الدول العربية) واعتبروها مخالفة لقوانين الجامعة، فيما قرر لبنان النأي بنفسه عن كل القرارات السورية.
وفي النقطة المتعلقة بتشريع التسليح، قال حمد بن جاسم مخاطبا المعترضين إن النظام السوري تدرج في استخدام السلاح وصولا الى الطيران وفي كل مرة كان هناك من يحذره، ومؤخرا بدأ يستخدم صواريخ «سكود» والكل ما زال مكتوف اليدين. وأشار الى أن الأوروبيين سبقونا في موضوع التسليح «وهذا أمر معيب لنا كدول عربية».
وتشير المصادر الى أن الأميركيين بدوا منذ اللحظة الأولى غير متحمسين لقضية التسليح، وهم أبلغوا القطريين تحديدا أن من عجز عن ايجاد كيان سياسي موحد لا يستطيع ايجاد اطار عسكري موحد.
وأضافت المصادر أن القطريين ومعهم بعض العواصم الأوروبية، يدفعون في اتجاه تشريع التسليح بالمعنى السياسي، تمهيدا لتشريع دخول الدول عسكريا في مرحلة لاحقة على خط الأزمة السورية ميدانيا، غير أن هذه النقطة ما زالت مدعاة تحفظ من الجانب الأميركي، على عكس كل التصريحات التي أدلى بها كيري في اليومين الماضيين.
ولعل السؤال الذي تردد كثيرا في أروقة الجامعة العربية، هل بمقدور القطريين توحيد المعارضة السورية وتشكيل الهيئة التنفيذية، قبل السادس والعشرين من آذار، تاريخ القمة العربية في الدوحة؟
الجواب مزدوج، من القول إن من عجز عن توحيد المعارضة السورية طيلة سنتين لن يوحدها في اسبوعين، الى القول أن حمد بن جاسم تعهد لكيري بأن تستخدم الدوحة نفوذها لانشاء الاطار السياسي والعسكري والتنظيمي الموحد (الهيئة التنفيذية) في المهلة الزمنية الفاصلة عن القمة العربية.