فيما يستمر النقاش حول المشاريع الانتخابية المختلطة، ثمة تأكيدات بأن الرئيس نبيه بري سيدعو الى جلسة عامة للتصويت على المشروع الارثوذكسي، فكيف ستكون عليه حال القوى السياسية؟
هيام القصيفي
فيما يستمر النقاش حول المشاريع الانتخابية المختلطة، ثمة تأكيدات بأن الرئيس نبيه بري سيدعو الى جلسة عامة للتصويت على المشروع الارثوذكسي، فكيف ستكون عليه حال القوى السياسية؟
يقول احد الخبراء الانتخابيين الموثوقين ان اي مشروع لقانون انتخاب قائم على النظام المختلط بين الاكثري والنسبي، مهما كانت المعادلة المبني عليها، يحرم المسيحيين ما لا يقل عن خمسة عشر مقعداً، من اصل 64 مقعداً، بحسب السقف الذي رفعه القادة المسيحيون في هذه المرحلة للحصول على نصف مقاعد مجلس النواب المخصصة للمسيحيين.
وهذه النتيجة تطرح، للوهلة الاولى، سؤالاً بديهياً: اي فريق مسيحي سيقبل بالمشروع المختلط، ايا كانت نسبته سواء 50 ــــ 50 او 55 ــــ 45 او 70 ــــ 30، بعدما رفع سقف مطالبته الى حد تبني المشروع الارثوذكسي لتحقيق المناصفة الفعلية. وصولاً الى اختلافه الجذري مع حلفائه كما حصل بين القوات اللبنانية التي صوّتت على الارثوذكسي والمستقبل، والى حد ما بين المستقبل والكتائب التي حاول نائبها سامي الجميل تأجيل التصويت على «الارثوذكسي» في اللجان المشتركة سعياً للتفاهم، من دون جدوى.
والسؤال الثاني: لماذا الاستمرار في البحث في عدد من صيغ المشاريع المختلطة، وعامل الوقت يضغط بقوة، فيما مشروع لجنة الوزير فؤاد بطرس، الذي اعد بمعايير افضل وبظروف هادئة، موجود وقابل للترجمة العملية، بدل البحث في صيغ متعددة النسب ومختلفة المعايير، ما يثير هواجس من ان الذين يعمدون الى تضييع الوقت بطرح صيغ مختلفة للمختلطة انما يهدفون الى تمرير المهل من دون قانون انتخابي جديد في افضل الاحوال.
لكن في المقابل، ثمة ضغط سياسي لتفويت الفرصة على قانون 1960 وعلى محاولة تضييع الوقت، وثمة رهان سياسي لدى بعض القوى السياسية على ان حزب الله لا يمكن ان يقبل بمحاولة تركيب احلاف من خارج تفاهماته المعلنة، خصوصا في ظل الظروف الاقليمية الراهنة، الامر الذي يترجم عملياً بالوقوف الى جانب تكتل التغيير والاصلاح في معركته، من دون مواربة.
من هنا، وفي ظل الخوف من تطيير المقاعد المسيحية في المشروع المختلط، ثمة خلاصة بدأت معالمها تتضح في الساعات الاخيرة، وفق معلومات «الاخبار»، وهي ان الرئيس نبيه بري سيدعو الى عقد جلسة للهيئة العامة، وان المشروع الارثوذكسي سيكون المشروع الاول الذي سيطرح عليها.
وبحسب المعلومات، فانه مهما كانت الصيغ المتداولة للمشاريع وعلى اختلافها، لا بد أن يُطرح الارثوذكسي الذي اقرته اللجان المشتركة على الهيئة العامة، بغض النظر عن مصيره. كما معظم الذين وافقوا عليه مصرون على التصويت عليه، على الاقل من اجل معرفة النواب الذين سيدخلون على «لائحة الشرف» بتصويتهم على حصول المسيحيين على المناصفة الحقيقية، هذا بغض النظر عما اذا كانت الانتخابات ستتم على اساسه او لا، مع العلم ان الرئيس سعد الحريري سبق ان اكد انه سيشارك في الانتخابات اذا اقر الارثوذكسي. الا ان نقاش اجراء الانتخابات في موعدها سابق لاوانه، وسيبحث في مرحلة لاحقة، لأن الهم الاول اليوم هو عقد الهيئة العامة.
وبدا واضحاً مساء امس ان معلومات اكثر من طرف معني تصب في اتجاه انعقاد الهيئة العامة، ولو لم يتم التوصل مسبقاً الى تفاهم حول المشروع الانتخابي، وقد عبر الوزير جبران باسيل عن هذه الاجواء بقوله في مؤتمره الصحافي امس ان «المسار الانتخابي يجب ان يكتمل».
وتجدر الاشارة الى ان ممثلي تكتل التغيير والاصلاح وامل وحزب الله سيلتقون مجددا نهاية الاسبوع لاستكمال ما بدأوا مناقشته في اجتماعهم الاخير حول المسار الانتخابي.
الكتائب تصوت للارثوذكسي
وفيما تستمر اللقاءات التنسيقية على مستوى قيادات من قوى 14 آذار حول المشروع الانتخابي، رشح ان حزب الكتائب خارج هذه التسويات. وبحسب المعلومات، فان حزب الكتائب «اذا دعا بري الى التصويت على الارثوذكسي سيصوت معه». ولا يزال الحزب، الذي تلقى رئيسه الرئيس امين الجميل امس اتصالا من الرئيس فؤاد السنيورة، حريصاً على التأكيد انه فتح المجال امام التوافق والبحث عن صيغ بديلة حين طرح النائب الجميل مشروعه. لكن المشكلة ليست في توزع النسب بين الاكثري والنسبي، انما ايضا في توزع المقاعد وفي عدد الدوائر التي ستكون في الاكثري او النسبي، فضلاً عن تقسيمات لا يمكن ان تقنع بعض الافرقاء بقبولها، والاستثناءات المتداولة. وبالنسبة الى الكتائب، فان المشروع الارثوذكسي لا يزال يحظى بأكبر نسبة اصوات، وتبعا لذلك لا يزال الحزب ملتزماً به، وليس بغيره من الصيغ المتداولة في اللقاءات التي تعقد بين مكونات المعارضة، ولا سيما ان هذه اللقاءات لم تسفر بعد عن اي مشروع او صيغة جدية.
جعجع يمسك العصا من منتصفها
في المقابل، يمسك رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، بحسب ما يقول سياسيون من قوى 14 آذار، العصا من منتصفها. وهو حل محل النائب وليد جنبلاط، بحسب هؤلاء، في لعب دور المرجح لكفة هذا القانون او ذاك. وبدت اللقاءات الاخيرة مع ممثلي تيار المستقبل تبشر بعودة «ليالي زمان» بينه وبينهم. لكن القصة ابعد من ذلك، فجعجع بات يمسك مفتاح اللعبة بين مشروعي الارثوذكسي والمختلط. وفي اعتقاد هؤلاء انه لا يمكن لبري، في ظل اللقاءات التنسيقية التي يعقدها مع النائب جورج عدوان، والتي تتمحور حول نسب المشروع المختلط، ان يدعو الى جلسة عامة سواء للمشروع الارثوذكسي او المختلط، الا بموافقة جعجع، الذي وقف مع الارثوذكسي لكنه فتح الباب واسعا امام صيغة توافقية مع حلفائه في المستقبل، ومع بري نفسه.
وبعد اشكالات الاسابيع الاخيرة، بدا ان اللقاءات الاخيرة بينه وبين حلفائه ذللت كثيرا من الخلافات، لا بل ان ثمة اجواء ايجابية ومريحة ينقلها كل طرف عن الاخر، الى حد تحميل بعض الوسطاء بينهما مسؤولية سوء التفاهم الذي حصل. لكن جعجع لا يزال رغم ذلك متمتعاً بهامش مناورة بحسب هؤلاء، يمكّنه من السير بين ألغام القوانين الانتخابية للوصول الى اجراء الانتخابات وعدم تأجيلها، بعدما ساهم في دفن قانون 1960.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه