لا خلاف في إسرائيل على أن الحرب على الجبهة الشمالية، مع سوريا أو مع لبنان، أو كليهما معاً، واقعة لا محالة. تطورات الساحة السورية وما يجري في لبنان، يشيران، من منظور إسرائيلي
يحيى دبوق
لا خلاف في إسرائيل على أن الحرب على الجبهة الشمالية، مع سوريا أو مع لبنان، أو كليهما معاً، واقعة لا محالة. تطورات الساحة السورية وما يجري في لبنان، يشيران، من منظور إسرائيلي، إلى إمكانات مرتفعة للتدهور الأمني، وصولاً إلى المواجهة الشاملة. لكن ماذا عن استعدادات إسرائيل وجاهزيتها؟ وكيف ستخوض الحرب؟ وما هي الأهداف المرسومة والممكن تحقيقها؟ أسئلة حاولت صحيفة يديعوت أحرونوت الإجابة عنها، عبر عرض السجالات والتقديرات المختلفة لدى المؤسسة العسكرية، والجدل الدائر بين سلاح الجو والقوات البرية، والأسلوب الأنجع لخوضها.
في مستهل تقريرها، حذرت الصحيفة من أنه لا حافزية لدى إسرائيل لخوض الحرب. لكنها أكدت، نقلاً عن مصادر عسكرية، أن التهديد موجود، ويتعاظم و«لدى المؤسسة الأمنية فرضية تتركز على أن المواجهة العسكرية شمالاً، ستندلع في المدى المنظور، سواء مع حزب الله، أو مع المنظمات الإرهابية التي ستثبّت نفسها لاحقاً في سوريا، أو كليهما معاً».
تضيف الصحيفة، أن «الحرب المفترضة توجب توفير ردّ سريع وقاسٍ، يختلف تماماً عن الحروب الماضية، الأمر الذي يثير جدالاً وسجالات بين سلاحي الجو والبر، حول السبل الكفيلة بخوض الحرب والانتصار فيها».
وتكشف الصحيفة أن الجدل برز، خلال تدريب قيادي أجرته أركان المنطقة الشمالية في الجيش، قبل بضعة أسابيع، وتحديداً بين سلاحي البر والجو. أما خلاصة الفرضيتين، فعرضتها الصحيفة على النحو الآتي:
يقارن سلاح البر، ما بين التهديد الشمالي من حزب الله، والتهديد الجنوبي من قطاع غزة، ويرى أوجُه شبه بينهما، رغم الاختلاف؛ إذ إن «تهديد كلا الجانبين موجه للجبهة الداخلية وللسكان المدنيين وللجنود، لكن من ناحية حزب الله، فإن تهديده أكبر بكثير، وإذا كانت إسرائيل قد تلقت خلال عملية العسكرية الأخيرة في قطاع غزة 1500 صاروخ، إلا أنها ستتلقى من حزب الله نفس عدد الصواريخ، لكن في كل يوم من أيام الحرب المقبلة، مع التأكيد أن حجم تدمير هذه الصواريخ سيكون كبيراً جداً».
وتؤكد فرضية عمل سلاح البر أن الاستناد فقط إلى «المعلومات الاستخبارية الدقيقة، وقدرة سلاح الجو الممتازة، غير صحيح؛ إذ هذه التوليفة لا تستطيع أن توقف إطلاق الصواريخ»، مشيرة إلى ضرورة إدخال القوات البرية إلى الأراضي اللبنانية. ويشدد أصحاب «البزات الخضراء»، على أنه خلافاً لغزة، فإن الشأن اللبناني يتشعب في اتجاهات عديدة، و«يمكن أن تنشب مواجهة عسكرية لأسباب مختلفة، من بينها إيران وبرنامجها النووي، وسوريا والحرب الأهلية ومستودعات السلاح فيها، إضافة إلى تنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية ضد مصالح وأهداف إسرائيلية حول العالم، من شأنها أن تؤثر في أصحاب القرار في إسرائيل».
أما لجهة التدريبات والاستعداد للحرب، فتنقل الصحيفة عن مصادر سلاح البر تأكيدها أن «القوات الإسرائيلية تتدرب بنحو متواصل، وتحاكي تدريباتها ظروف الحرب الحقيقية»، مشيرة إلى أنه «في حرب 2006، كانت أكثر الصواريخ من الجانب اللبناني موزعة في مناطق وأراضٍ مفتوحة خارج المناطق المبنية، أما الآن فهي موجودة داخل القرى». استعداداً لمواجهة مبنية على هذه الوقائع، «تتدرب القوات البرية على المبادرة إلى عمل عسكري سريع يكون أكثر عنفاً لاجتثاث التهديد من داخل القرى».
مع ذلك، يحذر سلاح البر من رفع سقف التوقعات، ويؤكد أن «المهمة لن تكون احتلال لبنان أو القضاء على حزب الله، بل التركيز فقط على شلّ قدرته الصاروخية، وإصابة مقاتليه، ومن ثم الخروج سريعاً وبنحو آمن».
أما لجهة أصحاب «البزات الزرق»، فيتحدثون بمفاهيم مغايرة، ويبدون ثقة كبيرة بما لديهم من قدرات، على خوض الحرب المقبلة مع حزب الله، محذرين من إقحام سلاح البر في الشمال، ذلك أن «الأميركيين عندما اجتاحوا العراق قضوا على السلاح العراقي هناك، الأمر الذي لم يحدث في سوريا ولن يحدث، وبالتالي فإن منظومات السلاح السوري الضخمة ستصل إلى المنظمات الإرهابية في الشمال».
وتشدد فرضية عمل سلاح الجو على «تغيير حاد في بناء القوة وتشغيلها في الميدان، قياساً بالحرب الماضية، والتوفيق ما بين المعلومات الاستخبارية وقدرة سلاح الجو على الضرب ضرباً واسعاً ومتكرراً، لهزيمة حزب الله». وبحسب مصادر السلاح، فإن «قيادة الجيش الإسرائيلي غير قادرة على إدراك ما يمكن الوسائل القتالية الجديدة أن تحققه، أو أن تلحق الهزيمة سريعاً بحزب الله».
مع ذلك، يوافق سلاح الجو على المحذور الذي دعا إليه سلاح البر؛ إذ «لا يمكن الحديث عن استسلام حزب الله، أو دفعه لرفع الراية البيضاء، بل يمكن التأكيد أنه هو من سيطلق الرشقات الأخيرة (من الصواريخ)، لكنه سيلتزم، في اليوم الذي يلي، وقفَ إطلاق النار».
وتؤكد مصادر سلاح الجو أنه في حال نشوب المواجهة، «سنطلب من السكان المدنيين الخروج من القرى (في لبنان)، والبدء سريعاً بالهجوم على الأهداف داخلها، على أن تتزايد الهجمات مع استمرار إطلاق الصواريخ على إسرائيل». وتشير إلى «إمكان المبادرة إلى ضرب بنى تحتية في لبنان، يمكن أن تساعد الطرف الثاني على القتال، لكن يجب عدم استهداف محطة توليد كهرباء يكلف بناؤها مليارات الدولارات، بل يمكن إسقاط ثلاثة أعمدة ناقلة للطاقة، والتسبب بإيقافها».
ويؤكد قادة سلاح الجو أن الحرب ستشهد «ضربة قوية جداً من جانب إسرائيل، على أن توقف هجومها لاحقاً، دون اتفاق لوقف إطلاق النار. أما الطرف الثاني، فسيطلق شيئاً قليلاً من الصواريخ ويكف عن المتابعة، لأننا سنعلن له مسبقاً أننا في الوجبة الثانية من القصف، سنكون أكثر عنفاً وقسوة بكثير من الهجوم الأول».
أما الصحيفة، فتخلص إلى التأكيد أن الجدال لم ينته، وما زال قائماً، والجهة التي ستحسمه هي المؤسسة السياسية، مع بدء الحرب، إلا أن الصحيفة تنبّه إلى أن الجميع يدرك سلفاً، أن عدم نجاح سلاح الجو في فرضياته، سيعني دخولاً برياً لا مفر منه، وتتساءل، كما مصادر سلاح الجو: هل نريد فعلاً إدخال الجنود الإسرائيليين إلى بيروت؟ أم إلى بنت جبيل؟ علماً أن حزب الله سيطلق صواريخه من وسط لبنان ومن شماله، وهذه الأماكن لن يصل إليها إلا سلاح الجو؟».
خشية إسرائيلية من مزارع شبعا بحرية
طالب رئيس أركان سلاح البحرية الإسرائيلي، العميد يارون ليفي، في حديث خاص مع صحيفة «إسرائيل اليوم»، بضرورة الابتعاد عن النزاع مع لبنان على حقول الغاز والنفط في عرض البحر المتوسط. وفي إطار وصفه للنزاعات القائمة على الحقول والمناطق الاقتصادية الخاصة لفلسطين المحتلة والدول المجاورة لها، قلل ليفي من حجم النزاع القائم على حدود المنطقة الاقتصادية مع لبنان، مشيراً إلى أنّ «لدينا مع الدولة اللبنانية جدلاً صغيراً يتعلق بعدد من الدرجات في الزاوية القائمة بين منطقتنا ومنطقتهم، إلى الشمال الشرقي من الحدود البحرية»، داعياً إلى تفادي أي احتكاك مع الجانب اللبناني من أجل الحؤول دون التسبب بإنشاء «مزارع شبعا جديدة» في عرض البحر مع لبنان. وأضاف: «أنا أوصي بالامتناع عن إنشاء نقاط تنقيب على الحدود» في تلك المنطقة.
وحذّر ليفي من أن التهديدات التي تواجه منشآت التنقيب الإسرائيلية يمكن اختصارها بالآتي: «قوارب مفخخة وسفن صدم، وصواريخ من أنواع مختلفة، وبعضها متطور مثل صواريخ ياخونت روسي الصنع، كذلك يمكن إصابة المنشأة البحرية من تحت الماء بواسطة ألغام عمق أو غواصين، ويمكن إصابتها من الجو». وأشار ليفي إلى أن «خطر أي عملية إرهابية ناجحة ضد منشأة تنقيب إسرائيلية، لا يقتصر على الخسائر المادية المباشرة، أو رفع رسوم التأمين التي تهدد الجدوى الاقتصادية للتنقيب عن الطاقة، بل قد يؤدي إلى امتناع شركات دولية عن المجيء للاستثمار في إسرائيل».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه