كثيرة الأخبار الآتية من الرقة وتحديداً حول توجه أرتال من الجيش العربي السوري لتطهيرها من نجس الإرهاب الذي احتل بعضاً من أحيائها، لكن في الواقع هناك حقائق بدأت تتكشف تباعاً حول ما حصل في الرقة
الوطن السورية
كثيرة الأخبار الآتية من الرقة وتحديداً حول توجه أرتال من الجيش العربي السوري لتطهيرها من نجس الإرهاب الذي احتل بعضاً من أحيائها، لكن في الواقع هناك حقائق بدأت تتكشف تباعاً حول ما حصل في الرقة وكيف تدخل عدد محدود من المشايخ وكبار قوم المدينة ووقفوا على الحياد تجاه ما يجري في مدينتهم مبررين موقفهم هذا بـ«حقن للدماء» ما أدى بشكل أو بآخر إلى فتح أبواب المدينة وتسليم قصر المحافظ وعدد من المؤسسات الحكومية إلى الإرهابيين في حين كانت القوات الأمنية مدعومة بالأهالي تدافع ولا تزال بكل بسالة وبما لديها من إمكانات وعتاد لصد هجمات الإرهابيين ودحرهم خارج الرقة.
أمام هذا الواقع والحقيقة الأولى وتدخل عدد من المشايخ وكبار قوم المدينة، ثمة سؤال مشروع يطرح نفسه تلقائياً: هل من مصلحة للجيش في دخول معركة الرقة، وزج جنوده في معركة رفضها مسبقاً عدد من أهالي ومشايخ الرقة وقد تؤدي لمزيد من التضحيات العسكرية؟ أم عليه أن يترك الأمر للأهالي ذاتهم للدفاع عن مدينتهم وخاصة أن عدداً منهم يبرر موقفه الحيادي وما حصل في الرقة بفعل «حقن الدماء»؟
بكل تأكيد من واجب وعقيدة وشرف الجيش العربي السوري هو الدفاع عن كل شبر من الأراضي السورية في وجه الغزاة، لكن أيضاً من واجب هذا الجيش ألا يفتح جبهات لمعارك جديدة قد تؤخر الحسم في مناطق أخرى وخاصة أنه لم يصدر أي طلب نجدة من الوحدات العسكرية المتمركزة في الرقة التي لا تزال في ثكناتها وكذلك ممن تدخل ووقف على الحياد رغبة بحقن الدماء لا «تسييلها»، حسب تعبيرهم، وكما سمعنا من المحافظ وأمين الفرع في لقاء بث لهما على إحدى القنوات الفضائية المعادية لسورية.
والحقيقة الثانية هي أن الأحياء التي لم تسقط في الرقة كان سكانها يحمونها وشكلوا على الفور لجان مقاومة منعت دخول الإرهابيين إلى أحيائهم ونجحوا في دحرهم لإدراكهم ووعيهم المسبق أن هؤلاء ليسوا بثوار كما يدعون بل مجموعات من الإرهابيين والمجرمين والمرتزقة واللصوص لا هدف لهم سوى التخريب والنهب والسلب والاغتصاب والانتقام عموماً من أهالي الرقة الشرفاء لعدم التحاقهم بما يسمى الثورة، هذا بالإضافة إلى فرض نظام حكم ذاتي يعتمد على شريعة السلاح والتخلف لا شريعة اللـه كما يدعون.
والحقيقة الثالثة أن عشائر الرقة كانت ومنذ أشهر تطالب بالسلاح لحماية مناطقها ومدنها وحصلت عليه وبالتالي هي قادرة على الدفاع عن الرقة وغير الرقة دون أي تدخل عسكري من الجيش العربي السوري وها هو اليوم الذي يحتاج إلى الرجال والسلاح للدفاع وحماية العرض والشرف والوطن وهم خير من تولى هذه المهمة.
وتبقى الحقيقة الرابعة والأخيرة أن ما حصل في الرقة الهدف منه ليس الاستيلاء على المدينة التي وعلى الرغم من أهميتها لا تشكل أي ثقل في الصراع الدائر على سورية، بل الهدف الحقيقي هو تخفيف الضغط على الإرهابيين في حلب وريفها واستدعاء الجيش إلى معركة جديدة لتغيير أولوياته بحيث يتمكن الإرهابيون في مناطق أخرى من التقاط أنفاسهم التي باتوا يلفظونها.
لكل ما سبق لا ضرورة ملحة لدخول الجيش إلى الرقة، فبإمكانه أن يضمن فقط عدم خروج الإرهابيين إلى مناطق أخرى وضرب معاقلهم حين تتوفر المعلومة الدقيقة من الأهالي والتنسيق مع شرفاء الرقة وعشائرها لتوفير المؤن والذخائر وصولاً للدعم اللوجستي والمدفعي دون اقتحام المدينة التي بات من واجب أهلها في كل شارع وكل حي ومنطقة الدفاع عنها كما دافع أهالي الأحياء التي بقيت صامدة، وعلى الجيش ألا يقتحم أي مدينة إلا في حال استنجد أهلها وباتوا عاجزين عن الدفاع عنها وهذا ليس حال الرقة التي فيها ما يكفي من الرجال والنساء لدحر الإرهابيين وطردهم من حيث أتوا.. فالرقة الغالية على قلوب كل السوريين ستبقى في قلب سورية وستعود عاجلاً أم آجلاً كما كانت آمنة ومستقرة بفضل كل شريف مقاوم من أبنائها وبأقل خسائر ممكنة.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه