29-11-2024 08:28 PM بتوقيت القدس المحتلة

قادة المسلحين في طرابلس ينقلبون على المـــستقبل: نريد الهدوء!

قادة المسلحين في طرابلس ينقلبون على المـــستقبل: نريد الهدوء!

انقلبت الآية في طرابلس. اتّحد قادة المحاور في باب التبّانة، لكن ليس ضد جبل محسن هذه المرة




رضوان مرتضى

انقلبت الآية في طرابلس. اتّحد قادة المحاور في باب التبّانة، لكن ليس ضد جبل محسن هذه المرة. أعلنوها حرباً ضد «الطبقة السياسية والتحريض الطائفي» اللذين يُمعنان تدميراً في طرابلس. تحدثوا عن «كيلٍ قد طفح»، فكانت الضحية أبرز وجه مسلّح لتيار المستقبل في لبنان والشمال، العقيد المتقاعد عميد حمود الذي طالب قادة المجموعات بطرده من المدينة. كما طالت السهام أيضاً «رجال الدين السنّة المنتفعين».

لم تهدأ طرابلس بعد. المدينة الشمالية تغلي مجدداً. يعيش قاطنوها حال ترقّب لـ«معركة منتظرة» يستشعرونها في الأُفق. ورغم الحيرة والضياع حيال تحديد هوية «العدو» هذه المرة، يذهب بعضهم إلى الحديث عن توقيتها. لا بل يحكون عن يوم بعينه سيأتي قرابة منتصف الشهر الجاري. لكن، في اليومين الماضيين، وقع ما لم يكن متوقعاً. اشتعلت المدينة مجدداً. لم يكن اشتباكاً بين جبل محسن وباب التبانة، ولا مواجهة بين مناصرين لقوى ٨ آذار و١٤ آذار. الاشتعال كان من نوعٍ آخر. أعلن قادة المحاور في باب التبانة ثورتهم ضد رجال السياسة والدين. وفي بيان صادر عمّا سمّوه «اللجان الشعبية في طرابلس»، إثر اجتماع في مقر عامر أريش، حددوا جملة من الثوابت: «نرفض أن يدفع أهلنا في طرابلس ثمن التوترات السياسية المرتبطة بمشاريع خارجية، وأن ترهن مدينتنا لصالح عنوان لا يعبّر عن واقعها الاجتماعي»، لافتين إلى أن الحالة السياسية السنيّة تمثل نفسها ولا تمثّل أبناء الطائفة. وطالبوا «الدولة والأجهزة الأمنية بأن تلعب دورها في حماية الشعب عامّة وأبناء الشمال وطرابلس خاصة ضد اعتداءات عصابات النظام السوري». كذلك تطرقوا إلى الوضع المعيشي، إذ إن «طرابلس ومحيطها أصبحا مقبرة للأحياء من شدة الفقر والعوز والبطالة وكساد الأسواق، وذلك مقدمة لانفجار اجتماعي». وفي هذا السياق، قال أحد قادة المجموعات المسلحة في التبانة زياد الصالح، المعروف بـ«زياد علوكي»، لـ«الأخبار»: «لقد طفح الكيل، لم نعد نريد أن يستغلنا رجال السياسة»، مشيراً إلى أن ما أُعلن كان نتيجة اجتماعات ومداولات عمرها شهر ونصف. ورأى علوكي أن «الشعب ملّ استغلال السياسيين ورجال الدين له». وأضاف: «لن نقبل بعد اليوم أن يُحرضونا ضد إخواننا الشيعة والعلويين»، معرباً عن السأم من الحرب العبثية. وفي هذا السياق، رأت مصادر متابعة للوضع في طرابلس أن ما جرى محاولة لسحب البساط من تحت قدمَي أحد رجال الدين السلفيين الذي يتهمه بعض قادة المجموعات بأنه «يخفي التمويل الذي يقدم له من الخارج ولا يُعطيهم إلا الفُتات».

لا يقتصر الأمر على الشيخ المذكور. فقد اندلع كباش آخر مع العقيد المتقاعد عميد حمود، الذي يُعدّ أبرز وجه مسلّح لتيار المستقبل في لبنان كله، لا في طرابلس وحدها. قادة المجموعات المسلحة يحمّلون حمّود مسؤولية التوتر الأمني الذي تعيشه المدينة حالياً، مؤكدين أن العقيد المتقاعد هو المسؤول عن مسلسل رمي القنابل خلال الأسابيع الماضية في أحياء متفرقة من طرابلس، وأنه أخفى الشاب الذي كان يرمي هذه القنابل، والذي تعرفه الأجهزة الأمنية جيداً.

وقالت مصادر مطلعة على ما يجري في طرابلس أن «انتفاضة» قادة المجموعات المسلحة حظيت بدعم مسؤول أمني بارز في الشمال، إضافة إلى مسؤول في مكتب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وأكدت أنه سبقت هذا الحراك اجتماعات عُقِدت في منازل قادة المجموعات، خلال الأسابيع الماضية، بهدف تخفيف التوتر الأمني في عاصمة الشمال. ولفتت إلى أن هذه الاجتماعات أزعجت حمود وغيره من وجوه تيار المستقبل الذين حاولوا الدخول على الخط وتوتير الوضع في المدينة، ما دفع قادة المجموعات إلى إعلان الخلاف.

وقد تداول الطرابلسيون عبر الهواتف عدداً من الرسائل أعقبت اجتماعاً عُقد في طرابلس في قاعة الشاذلية برئاسة عميد حمود، تناول فيه الأخير الرئيس نجيب ميقاتي قائلاً إنه «متمسك بكرسي رئاسة الحكومة ولا يرضى أن يستقيل لأنه يريد تفشيل الانتخابات». كذلك تناول أيضاً مدير مكتبه السياسي، متهماً إياه بـ«تخريب البلد وافتعال المشاكل الأمنية والجر الى فتنة مذهبية». وفي الرسائل النصية التي كان لافتاً أن قادة المجموعات المسلحة في التبانة وأنصارهم هم أكثر من تداولوها، وُجِّه الاتهام إلى حمود بـ«توزيع السلاح الى جماعاته في البلد لخلق الفتنة»، وتضمنت ما مفاده: «أنت من تملك مستودعات الأسلحة في طرابلس، ومثلاً المستودع الذي انفجر في أبي سمراء منذ فترة وقتل شخصان فيه وتم إخفاء الحقيقة». وتوجهت الرسائل أيضاً إلى حمود مخاطبة: «نقول لك يا ابن البترون الدخيل على طرابلس... إن مؤامراتك لن تنجح». وكان هناك أيضاً عدد من الرسائل الأخرى: «كل الخضات الأمنية في المدينة مدعومة من عميد حمود وهو المموّل الأول لخفافيش الليل التي ترمي القنابل في شوارع طرابلس بهدف خلق التوتر في المنطقة».

هذه الرسائل كانت مقدمة لعقد مؤتمر صحافي اليوم في باب التبانة، يحضره عدد من قادة المجموعات المسلحة، لـ«فضح حمّود وعدد ممن يريدون الفتنة في طرابلس والشمال». لكن المؤتمر ألغي أمس، «بعد تدخل فعاليات طرابلس وعلمائها ومشايخها، من أجل عدم شق الصف السنّي في طرابلس، لأن كل ذلك لا يخدم سوى النظام السوري وأذنابه في لبنان». ووزِّع بيان توجه فيه قادة المجموعات المسلحة إلى «الفريق الآخر» بالقول: «نحن من يدافع عن طرابلس وأهلها وأنتم من يخلق الفتنة بين أهل طرابلس».

     موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه