ليس دفاعاً منا عن الرئيس الإيراني حيال تعاطفه مع والدة الرئيس الراحل تشافيز.. فقد أستفت جريدة النهار عالمين كريمين عن فعلة الرجل وجاء التبرير شرعياً لإنسانيته العفوية في مأتم مهيب
ليس دفاعاً منا عن الرئيس الإيراني، صاحب الشعبية الكبيرة في لبنان وإيران، الدكتور محمود أحمدي نجاد، ولكن نظرأ لانشغال وسائل التواصل الاجتماعي على الانترنت، الفايسبوك والتويتر، منذ يومين، بصورة الرئيس الإيراني متعاطفاً مع والدة الراحل الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، بين منتقد وبين متفهم وبين مادح لإنسانية الرئيس العالية، قامت الصحافة المكتوبة اليوم، في لبنان، بالدفاع عن الرئيس الإيراني وتبرير تصرفه الذي وصف بالإنساني المتعاطف في ظل حزن أمومي على فقيدها الكبير.
"نصور" في السفير : مشهد يتميّز بفرادة إنسانية مشحونة
جريدة النهار وإن حاولت أن تبرز أن هذه الصورة نالت من شعبية الرئيس الإيراني، وأن تثير زوبعة في فنجان، على عادتها، إلا أنها دون أن تدري قامت بإيجاد "تبرير شرعي" وإنساني لتصرفه حين استصرحت رأي علماء الدين. أما في جريدة السفير، فقد كتب الزميل حسن نصور مقالا حمل عنوان "أحمدي نجاد : شحنة عاطفية مشروعة" وكتب الزميل :" لا شكَّ أنّ النقاش حول صورة محمود أحمدي نجاد حاضناً والدة الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، سيتجاوز في المقبل من الأيام، صفحات التواصل الاجتماعيّ. الأكيد أنّ السجال سيتمدّد داخل بيئة الرئيس الإيراني، ونعني بذلك الصحافة المحلية الإيرانية، والدوائر المحافظة في بلاده، والصحافة الغربيّة التي منحته دوماً صفحاتها الرئيسيّة. ولن يقتصر الأمر بالطبع على صحيفة «ذا دايلي تلغراف» البريطانية التي أرفقت الصورة بفيديو الرئيس الإيراني، وهو يقبل ضريح تشافيز".
وتابع نصور :" في الصورة كثيرٌ مما يقال، شكلاً ومضموناً. عزاء الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز هو الموضوع. والموضوع أيضاً هو صورة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ممسكاً بيديّ أمّ الفقيد المفجوعة، ويكاد يحضنها. هما يبكيان. رأسه يحنو على وجه الأمّ. في الغالب ثمّة اندفاعة طبيعية من جانب الأم. ثمة أيضاً رجل دين بعمامة سوداء يرمق الرئيس فيما يشبه المفاجأة والاستنكار.
هناك، في تلك اللحظة الإنسانية الدقيقة، تبدو كلّ الأسئلة قاصرةً عن مجارات دلالات الصورة. لكنّ الأسئلة تصير حالاً واقعاً، على مواقع التواصل، حيث صارت صورة أحمدي نجاد، الشغل الشاغل لروّاد «فايسبوك» و«تويتر». البعض رأى في الصورة مأزقاً شرعياً لرئيس نظام دينيّ إسلامي يلزم الفرد والجماعة حدود الشرع؛ مأزقٌ لجهة تجاوز الرئيس هنا عرفاً شرعياً، في إمساكه يد الأم «الأجنبية» عنه، بهذا الشكل المؤثر. آخرون تناولوا الصورة بطريقة تهكميّة، وسأل آخرون عن احتمال فبركة الصورة، بغية إحراج نجاد أمام بيئته المتشدّدة، في أواخر ولايته الثانية. الأطراف المحافظة ذاتها، كانت وجّهت لنجاد انتقادات لاذعة في مواقف مماثلة، خصوصاً عندما قبّلته بفخر معلّمتُه العجوز".
ونهى نصور المقال إنه :" يبقى المؤكّد هنا أن كلّ التساؤلات، تسقط أمام اللحظة الشعورية المعبّرة في الصورة. تتحكّم العاطفة بمجمل الدلالات، بحيث يصبح من الظلم تحميل صورة استثنائية من هذا النوع، أوزار الواقع والتحليلات. أمام مشهد يتميّز بفرادة إنسانية مشحونة، يصير الكلام عن الصورة خاضعاً لقانون الصورة، ولقانون المناسبة، أي العزاء بوريث سيمون بوليفار، وبرفيق المواجهة (الامبريالية). يصير الحيّز كلّه حيز الأمّ المفجوعة وقانونها. قانونها الشرعيّ وحسب".
"النهار" تستصرح الشرع: ما فعله نجاد مبرر عند آراء مختلف المراجع
أما جريدة النهار، بعدما كتبت تحت عنوان" هل يجيز (الشرع) لرئيس إيران "عناق" والدة تشافيز؟". انه كان من المتوقع ان يتوجه الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الى كراكاس لتقديم التعازي بوفاة الرئيس الفنزويلي، وإنه لم يكتف الرئيس الايراني بهذا القدر من الواجب حيال صديق طهران، وعندما تقدم من والدة تشافيز إلينا فرياس المفجوعة بفقدان نجلها، التي أمسكت يدي نجاد في لحظات مؤثرة، فما كان من الرجل إلا ان استجاب للوالدة الحزينة عندما تقدمت منه ملقية برأسها على كتفه".
وتتابع جريدة النهار مقالها بأنها سألت الشيخ سعد الله خليل عن فعل نجاد، ولا سيما ان والدة تشافيز لا تعرف القواعد الشرعية الاسلامية التي تحكم شخصية ملتزمة في حجم رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية. فأجاب خليل أن ما فعله نجاد "مبرر" عند آراء مختلف المراجع، لأنه وقع في "الحرج الشديد". وأضاف: "كان الرجل في مأتم رسمي وردّة فعله طبيعية. وحسب معلوماتي، فإن المجتمع الايراني منفتح ويتقبل هذا التصرّف الذي لن يسبب لنجاد أزمة في أوساط الايرانيين، ما عدا عند قلة من جمهور متشدد".
ولما تكتف الجريدة بإجابة هذا العالم الفاضل كأنها لم تقتنع فأستصرحت عالما أخر وهو الشيخ حسين الخشن، وهو أستاذ في حوزة السيد محمد حسين فضل الله(رحمه الله)، الذي أكد جواب من قبله :" "لا مشكلة عند الانسان الملتزم دينياً أن يصافح امرأة في حالات الحرج، وما أقدم عليه السيد نجاد، ولا سيما ان السيدة صافحته، ولمست يديه في شكل عفوي وكانت هي المبادرة". وشدد الخشن على أن "لا محظور شرعاً على فعل نجاد، والمجتمع الحوزوي يتقبل هذ الحالات ولا سيما أن لا أحد يشكك في الالتزام الديني عند نجاد وعفوية والدة الرئيس الفنزويلي".