23-11-2024 08:34 PM بتوقيت القدس المحتلة

من الصحافة الاجنبية في 5-5-2011

من الصحافة الاجنبية في 5-5-2011

جولة على الصحافة الاجنبية في 5-5-2011


وول ستريت جورنال\ اغتيال قادة الإرهاب: الخبرة الإسرائيلية\رونين بيرغمان\ 5- 5- 2011
إن التخلص من زعيم منظمة يشل حركتها على المدى القصير، ولكنه يؤدي في بعض الأحيان إلى صعود خلف أكثر خطورة. قبل أن يسمع معظم الأميركيين باسم أسامة بن لادن، كان الموساد الإسرائيلي يلاحق هذا الرجل. في عام 1995، عندما حاول مجهولون آنذاك قتل الرئيس المصري حسني مبارك في إثيوبيا، طلبت وكالة المخابرات المركزية (سي آي ايه) والمخابرات المصرية مساعدة الموساد في التحقيق في الحادث . وقد اكتشف الموساد أن إيران ومجموعة مجهولة من المجاهدين كانا مسؤولين سويا عن تنفيذ محاولة الاغتيال. ومن أبرز هؤلاء المجاهدين، - الذين هم محاربين مخضرمين في الحرب الأفغانية ضد السوفيات الذين وجدوا ملجأ لهم في السودان- سعودي ثري يدعى بن لادن.
وقد شعر الموساد بالقلق اثر هذا التطور إلى درجة انه أسس مكتبا للجهاد العالمي، وهو أول منظمة استخبارات غربية تقوم بذلك في محاولة لجمع المعلومات حول ظاهرة جديدة تتألف من خلايا إرهابية متفرقة تفتقر إلى بنية هرمية والى مساعدة دولة منظمة.  كما كان الموساد أيضا أول من حاول، لكن دون جدوى، اغتيال بن لادن: حيث جند مساعده عام 1995 لتسميمه.
لقد كان من الواضح منذ فترة طويلة أن عمليات الاغتيال من هذا النوع هي عنصر لا يقدر بثمن في الترسانة العسكرية في الحرب ضد الإرهاب. وقد نفذت إسرائيل عمليات اغتيال أكثر من أي بلد آخر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من أن إسرائيل تنفي مسؤوليتها رسميا عن معظم عمليات القتل التي قامت بها، إلا أن على الدولة اليهودية قد تخلصت مرارا من نشطاء وقادة عسكريين وسياسيين وأيديولوجيين لمنظمات تعتبر خطرة.
وفي حين عارضت تصرفات إسرائيل رسميا، كانت الإدارات الأميركية تتغاضى عن هذه العمليات. ومنذ منتصف التسعينيات شاركت إسرائيل قدرا كبيرا من التكنولوجيا التي طورتها خلال استخدامها للطائرات مع الولايات المتحدة. اليوم، تشكل الطائرات سلاح الولايات المتحدة الرئيسي في عمليات القتل المستهدف الأميركية.  كما دربت إسرائيل القوات الأميركية الخاصة على تقنيات الاختراق والكمائن في المناطق المدنية وهي تقنيات وُضعت لاحقا موضع تنفيذ في كل من العراق وأفغانستان.
ومع موت أسامة بن لادن، يبقى السؤال الذي تواجهه أجهزة الاستخبارات الغربية هو ما هي الخطوة القادمة بالنسبة للقاعدة. إن الدرس الذي تعلمته أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بالطريقة الصعبة هو أن عمليات الاغتيال، غالبا ما يكون لها أثر إعادة خلط الأوراق بطرق غير مرغوب فيها. إن التخلص من زعيم منظمة يميل إلى شل الحركة على المدى القصير، ولكنه يؤدي في بعض الأحيان إلى صعود خلف أكثر خطورة.
بعد ظهر يوم 16 شباط 1992، ضربت طائرات الأباتشي التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي قافلة سيارات في لبنان مما أدى إلى مقتل عباس الموسوي، أحد مؤسسي حزب الله  وأمينه العام. لقد كانت عملية ناجحة بحد ذاتها، غير أن اغتيال الموسوي أدى إلى هجوم انتقامي على السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس، حيث لقي 29 مدنيا حتفهم.  وعلى المدى الطويل، أسفرت عملية الاغتيال عن ظهور حسن نصر الله كزعيم جديد لحزب الله.  حيث حول نصر الله، الموهوب والكاريزماتي، حزب الله إلى قوة سياسية وعسكرية مهيمنة في لبنان. كما غيّر نصر الله أيضا من أهداف المنظمة، حيث وضع الصراع ضد إسرائيل على رأس أولويات المنظمة بدلا من الصراع الداخلي على السلطة اللبنانية، التي كان يركز عليه سلفه. ( لقد بقي نصر الله تحت الأرض إلى حد كبير منذ حرب إسرائيل ضد حزب الله في 2006).
وبشكل مماثل، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ارييل شارون عام 2004، على اغتيال الشيخ أحمد ياسين، زعيم حركة حماس، بناء على إجماع من وكالات الاستخبارات الإسرائيلية على أن القضاء على ياسين سيشل نمو حركة حماس في المستقبل. وقد كان هذا رأي الإدارة الأمريكية أيضا، التي تلقت إخطارا مسبقا بعملية الاغتيال.
وفي الواقع، لقد تسبب مقتل ياسين بأضرار مباشرة كبيرة لحماس ولقدرتها على تنظيم صفوفها.  لكن، وعلى المدى الطويل، أتاح رحيل ياسين، السني الملتزم الذي رفض رفضا قاطعا التعاون مع إيران الشيعية، الفرصة لخالد مشعل بالظهور، الذي ليس لديه تحفظات من هذا القبيل. ونتيجة لذلك، أصبحت حماس، ولا تزال، منظمة أكثر خطورة حيث باتت تتلقى دعما عسكريا وماليا ضخما من طهران.
في عام 1988، اغتالت إسرائيل القائد العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية خليل الوزير (أبو جهاد) في تونس . وكان السبب تورطه في سلسلة من الهجمات الإرهابية المميتة وقدرته الفائقة على تخطيط وتنفيذ العمليات الإرهابية. وقد كان مقتل أبو جهاد ضربة عسكرية هامة، حيث كان لها أثر كبير على الروح المعنوية للمنظمة. لكن القادة الإسرائيليين كانوا يتأملون أن القضاء على أبو جهاد من شأنه أن يساعد في وضع حد للانتفاضة الشعبية، الانتفاضة الأولى، التي كانت قد اندلعت قبل وقت قصير. غير أنهم، وبطبيعة الحال، أصيبوا بخيبة أمل عميقة.
هناك في إسرائيل من يندمون على اغتيال أبو جهاد.  ويعتقد الكثير من المراقبين السياسيين أنه لو كان القائد  الكاريزماتي على قيد الحياة اليوم لكان بإمكانه ربما توحيد الشعب الفلسطيني والوفاء بالاتفاقات مع إسرائيل التي كان ينتهكها ياسر عرفات بشكل منهجي.  إن قضية عرفات معقدة.  لقد حاولت إسرائيل اغتياله أولا في آذار 1968 في الأردن.  لكنه هرب، وقتل العديد من الجنود الإسرائيليين. كما نفذت إسرائيل العديد من  المحاولات لقتله، بما في ذلك قصف مخبئه خلال حرب بيروت عام 1982...
ليس هناك شك في أن قتل بن لادن، شأنه في ذلك شأن قادة الإرهاب الآخرين، له مبرراته. لكن يبقى أن نرى من وماذا سيحل محله في نهاية المطاف، وما إذا كان التلميذ سيفوق أستاذه سوءا.

فويس أوف أمريكا: محللون : تداعيات موجات العنف السوري في لبنان\ مارغريت بريشير\5-5-2011 :

منذ سبعة أسابيع، و المتظاهرون ينزلون إلى الشوارع في جميع أنحاء سوريا، ويطالبون بالإصلاح ويدعون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد. وقد ردت الحكومة بشدة على هذه التظاهرات، وفتحت النار على المتظاهرين -- وقتلت العشرات منهم -- واعتقلت مئات الأشخاص. ويقول محللون أن التحدي الذي يواجه النظام السوري قد يكون له تأثير خطير على المنطقة، ولاسيما في لبنان وإيران.
تداعيات ما يحصل في سوريا قد يؤثر على لبنان بشكل كبير، حيث أن  علاقات البلدين كانت متوترة في بعض الأحيان. ولكن  بيروت بقيت صامتة بصورة ملحوظة منذ بدء  دمشق باتخاذ إجراءات صارمة ضد المحتجين.
لقد قام  لبنان مؤخرا و بدعم  من روسيا والصين ، بسد الطريق أمام الأمم المتحدة و منع مجلس الأمن من إدانة العنف  وإجراء تحقيق حول ما يجري.
لبنان له مشاكله الخاصة. فهو بلا حكومة منذ كانون الأول، وليس هناك ما يشير  إلى تشكيل  واحدة جديدة وكسر الجمود في وقت قريب.  الفريق  المكلف تشكيل الحكومة موالي لسوريا، في حين أن المعارضة الجديدة موالية للغرب.
ولقد اتهمت سوريا هذه العناصر الموالية للغرب، وتحديدا  تيار المستقبل بقيادة سعد الحريري رئيس حكومة تصريف الأعمال، بتمويل وتسليح محتجون مناهضون للحكومة في سوريا.
لا يستطيع المرء التحدث عن علاقة لبنان مع سوريا دون التطرق إلى حزب الله، الجماعة المسلحة والحركة السياسية القائمة هناك. حزب الله وحلفائه هم الآن الأغلبية في البرلمان وكانوا الملوك في اختيار رئيس جديد للوزراء.
 أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية  هلال خشان  يقول حزب الله يراقب ما يجري في سوريا عن كثب. "قلب حزب الله وعقله في  إيران ولكن رئته في سوريا، لأن سوريا هي شريان الحياة لحزب الله. إيديولوجية النظام السوري وحزب الله غير متوافقة، وهذا ما يُسمى زواج المصلحة . الجانبان بحاجة إلى بعضهما البعض. حزب الله يحتاج النظام السوري من أجل البقاء .
راعي حزب الله الأخر، إيران، قد تتأثر سلبا من جراء الأحداث في سوريا. أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية عماد سالم سلامة قال  إذا ضعفت سوريا ، ستضعف إيران أيضا.
في حين أن لبنان وحزب الله وإيران سيكونوا الأكثر تضررا بشكل مباشر جراء الأحداث التي تقع في سوريا ، حذر رامي خوري، الذي يرأس معهد عصام فارس للسياسات العامة في الجامعة الأميركية في بيروت من أن تغيير النظام أو المشاكل الداخلية الموسعة في سورية يمكن أن تمتد إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط الكبير.
وقال خوري حقيقة أن سوريا مرتبطة سياسيا ودبلوماسيا واستراتيجيا ، مع كل لاعب رئيسي في هذه المنطقة -- يعني أنه إذا شيئا كبيرا حدث في سوريا سيكون له ترددات في جميع أنحاء المنطقة. لأن لديهم علاقات مع إيران، ومع حزب الله، ومع الحكومة اللبنانية، ومع حماس، وتركيا، والعراق، والسعودية، والأردن، بالإضافة إلى علاقة غير مستقرة مع إسرائيل. الروابط هائلة بحيث أن أثر المضاعفات ستكون ضخمة فقط ."
يقول خوري وغيره أن العديد من الحكومات خائفون من معرفة ما هي هذه المضاعفات بالضبط وتأمل أن يهدئ الوضع في سوريا ببساطة .

الجارديان: اتفاق فتح وحماس: كل الأنظار تتجه إلى القاهرة\افتتاحية\ 5-5-2011 :
إن مشهد لقاء الرئيس الفلسطيني وزعيم حركة فتح محمود عباس مع خالد مشعل، مدير المكتب السياسي لحركة حماس في القاهرة أمس، وهما الرجلان الذين أمضيا السنوات الأربعة الماضية يحاولان هدم بعضهما البعض، هو أحد الأحداث التي تتمتع بقدرة على إحداث تغيير أكثر عمقاً مما أحدثه مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة.
لا يجب التقليل من أهمية هذا الاتفاق، فالأمر لا يتعلق بما سيمثله أو لا بالنسبة لعملية السلام التي قتلت عملياً منذ فترة طويلة ليس من قبل حكومة إسرائيلية واحدة ولكن من جانب عدة حكومات. فالصراع مع إسرائيل لا يتعلق بالاعتراف بها كـ "دولة يهودية"، ولكنه يدور حول الأراضي والمستوطنات، حتى أصبحت عوامل إغراق عملية السلام محل جدل بين المؤرخين وليس السياسيين. ورغم أن إسرائيل كان لديها زعيم فلسطيني معتدل، هو الرئيس عباس، لم تلتق مثله طوال عقود على طاولة المفاوضات، لكنها تخلت عنه وتركته خالي الوفاض.
لم يكن هناك طريق للسلام للابتعاد عنه، بل كان هناك وضع قائم، أو كما وصفه عباس الاحتلال الأرخص في تاريخ إسرائيل. ولعل رد فعل إسرائيل على اتفاق القاهرة، بتعليق تحويل 89 مليون إلى السلطة الفلسطينية هو دليل على أن الوضع الراهن غير مقبول. فهذه أموال الفلسطينيين وليس إسرائيل. وربما تختلف درجة التبعية لكن كل فلسطيني يعيش في النهاية رهينة لإسرائيل، وأصبح ذلك الواقع اليومي لما يسمى عملية السلام. ومن ثم، لم يعد أمام الفلسطينيين من جميع الانتماءات سوى توحيد وإصلاح وتقوية قيادتهم، وهو ما بدأ حدوثه باتفاق المصالحة.
إن اتفاق القاهرة ربما يكون هشاً كذلك الذي تم توقيعه في مكة قبل أربع سنوات، ويمكن تقويضه بطرق عدة، لكن عقارب الساعة نفسها لا يمكن أن تعود بسهولة إلى الوراء. فالعامل الجديد الذي تغير هو عودة ظهور مصر كلاعب أساسي في الشرق الأوسط. ولم يتوقع أحد ظهور سياسة خارجية محددة قبل أن يحدث هذا الأمر مع السياسة الداخلية. وإذا نجحت مصر في فرض إرادتها مثلما فعلت تركيا، فإن لديها القدرة على تغيير ميزان القوى.
إن من مصلحة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن تكون هناك حكومة في القاهرة قادرة على الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل دون خدمة مصالح الأخيرة.

واشنطن بوست\ كارتر: ادعموا حكومة الوحدة الفلسطينية\ 30- 4- 2011
دعا الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر المجتمع الدولي إلى دعم المصالحة الفلسطينية وحكومة الوحدة الوطنية المرتقبة، محذرا من أن النأي عنها يعني جولة جديدة من العنف في الأراضي الفلسطينية ضد إسرائيل. جاء ذلك في مقال له نشرته صحيفة واشنطن بوست يثني فيه على توقيع المصالحة بين حركتي التحرير الوطني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس) في القاهرة، ويصف اللحظة بأنها حاسمة.
ويقول كارتر: إذا ما دعم المجتمع الدولي وأميركا هذه الجهود، فإنهم يساعدون الديمقراطية الفلسطينية ويهيئون قاعدة لإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة قادرة على صنع السلام مع إسرائيل. ويضيف أن الاتفاق بين فتح حماس يجب أن يُنظر إليه على أنه جزء من "الصحوة العربية" والرغبة في رأب الصدع، مشيرا إلى أن الطرفين يفهمان أن هدفهما الرامي لإقامة دولة مستقلة لا يمكن أن يتحقق في ظل الانقسام. كما أن هذا الاتفاق يشير إلى الأهمية المتنامية للديمقراطية المصرية الوليدة.
ويطرح الكاتب جملة من الأسباب التي تستدعي دعم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لهذا الاتفاق، أولها أنه يحترم الديمقراطية والحقوق الفلسطينية، مذكرا بأن عواقب التخلي عن حكومة حماس بانتخابات 2006 أفضى إلى انهيارها وانقسام فلسطيني. فبدلا من تأجيج الخلافات بين الطرفين، يتعين على المجتمع الدولي أن يساهم في حلها عبر العملية الانتخابية والتشريعية، كما يقول كارتر. وثاني هذه الأسباب أن الاتفاق بين فتح وحماس قد يفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار، مذكرا بأن قادة حماس كانوا يفاوضون لوقف إطلاق نار متبادل ودائم. ويرى كارتر أن السبب الثالث يكمن في أن الاتفاق سيدفع نحو اتفاق سلام دائم يفضي إلى حل الدولتين. ويذكًر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيفاوض باسم جميع الفلسطينيين، وستتولى حكومة الوحدة المفاوضات مع إسرائيل بشأن تبادل الأسرى وتجميد الاستيطان. ويشير الرئيس الأميركي الأسبق إلى أن رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل أبلغه في وقت سابق بأن الحركة تقبل بحل الدولتين بعد الاستفتاء عليه.
وحول ميثاق حماس الذي يثير الشكوك لدى الإسرائيليين، يذكَر كارتر بأن إسرائيل وقعت على اتفاقيات أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية رغم أن بعض فقرات ميثاقها تشبه ما يحتويه ميثاق حماس. ويلفت كارتر إلى أن العديد من الإسرائيليين يقولون إنه طالما أن الفلسطينيين منقسمون فليس هناك شريك، ولكنهم (الإسرائيليين) في نفس الوقت يرفضون حكومة الوحدة. ويختم مقاله بالقول إن الفلسطينيين اختاروا هذا الأسبوع الوحدة، ويتعين على الرباعية (أميركا والأمم المتحدة وأوروبا وروسيا) العمل لدعمها بما يكفي للانتقال إلى مفاوضات الوضع النهائي مع إسرائيل.


فورين أفيرز\ ثورات تجاوزت الإسلاميين\ عاصف بيات\ 26- 4- 2011
تعليقا على الأحداث الثورية بالمنطقة العربية مؤخرا، تساءل أستاذ علم الاجتماع ودراسات الشرق الأوسط بجامعة إلينوي عاصف بيات، في مجلة فورين أفيرز عن كيف يمكننا فهم الثورات التي اجتاحت العالم العربي. وقال إن بعض المراقبين يرون أنها عفوية بدون قيادة وليس لها  فكر أو عقيدة معينة, في حين أن آخرين يرون فيها الموجة التالية للثورات الديمقراطية والليبرالية، ولعل الوصف الشائع لها أنها ثورات الشباب, بينما ما يزال آخرون يعتبرونها ثورات إسلامية وأنها ستحول المنطقة إلى الحكم الديني كما حصل في إيران، وهو الموقف الذي يعتقده الجمهوريون في أميركا, بينما يتفق  المتشددون الإيرانيون على أن الثورات العربية كانت بوحي من الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
صحيح أن مجموعات إسلامية شاركت في الاحتجاجات مثل النهضة في تونس والإخوان المسلمين في كل من مصر وسوريا والمعارضة الإسلامية في اليمن, لكن الحقيقة أن الثورات تجاوزت السياسات الإسلامية التي ازدهرت بالمنطقة قبل سنوات قليلة. إن مرحلة ما بعد الإسلاميين ليست علمانية أو مناهضة للإسلام, فهي تحتفظ بحرارة بالدين ولكنها تشدد على حقوق المواطنين وتسعى إلى مجتمع ورع ضمن دولة ديمقراطية, ومن أمثلتها الحركة الإصلاحية الإيرانية في التسعينيات والحركة الخضراء حاليا, وكذلك حزب العدالة والرخاء في  إندونيسيا وحزب الوسط المصري وحزب التنمية والعدالة في المغرب وحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا. وكلها كانت أصولية في البداية ولكنها وبمرور الوقت ضاقت ذرعا بالتطرف الإسلامي واختارت العمل ضمن الدولة الديمقراطية.
وحتى الآن غاب الخطاب الديني عن شعارات المحتجين علاوة على رفض بعض مؤسسي تلك الحركات للنموذج الخميني مثل زعيم حركة النهضة التونسية الذي رفض الترشح لمنصب الرئيس بالانتخابات القادمة, كما أن الثورة في مصر طالبت بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية وكانت علمانية على نطاق واسع. علما أن الأزهر والكنيسة القبطية لم يؤيدا الثورة. كما أن الحرس القديم للإخوان المسلمين شارك على مضض بعد أن دفعه شباب الإخوان إلى ذلك.  كذلك فإن أعضاء الحكومة والمجلس الانتقالي في ليبيا  ليسوا من الإسلاميين أو القاعدة ولكنهم خليط من العلمانيين والمتدينين كما هو الحال في كل من سوريا واليمن حيث طالب المحتجون بالديمقراطية. لكن الثورة في البحرين اتخذت طابعا طائفيا كون العائلة المالكة من السنة بينما الشعب من الشيعة, لكن ما زالت غالبية المطالب علمانية مثل حكومة منتخبة وحرية الصحافة وحق تشكيل المنظمات ووضع حد للتمييز الديني.
وأشار الكاتب إلى أن الثورات المدنية والعلمانية اليوم تمثل ابتعادا عن السياسات العربية في أواسط الثمانينيات والتسعينيات التي كانت تطالب بإقامة نظام إسلامي يحفظ حقوق العلمانيين, ويختلف أسلوب تحقيق مثل هذا النظام من مجموعة إلى أخرى, ولكن العداء للغرب هو الذي وحد المتشددين والمعتدلين برغم أنه لم يوفق بين اختلافاتهم فيما يتعلق بالسياسة الخارجية. لقد زرعت الأنظمة العربية المستبدة بذور فنائها بنفسها دون قصد بسبب عدم مواءمة اقتصاديات الأنظمة العربية لمطالب سكانها من الوظائف والأجور حيث انتهجت الحكومات العربية الأجندة الاقتصادية الليبرالية الجديدة في التسعينيات, ولكن تلك الأجندة فشلت في القضاء على الفقر المدقع وعدم المساواة التي ابتليت بها مجتمعات الشرق الأوسط.
وفي الواقع فإن الجمع بين السياسات الاقتصادية الجديدة وشبكة أمان ضعيفة زاد من هوة الدخل بين الأغنياء والفقراء، وزاد من ضعف وضع الطبقة الوسطى وهمش المزيد من مثقفي الطبقة الوسطى. وقد شهد العقدان الأخيران زيادة في عدد فقراء الطبقة الوسطى ممن حصلوا على شهادات جامعية، وتمكنت تلك الشريحة من الاتصال ببقية العالم واستخدمت وسائل الاتصال الإلكترونية, وتوقعت أن تحظى بعيش على نمط الطبقة الوسطى, ولكنها أجبرت على العيش في فقر بدون وجود آفاق كبيرة للتحسن.  ومثل المجموعات الأخرى المسلوبة الحقوق بالعالم العربي مثل الفقراء المهمشين والنساء والشباب، كافح فقراء الطبقة الوسطى بهدوء لتحسين فرصهم الحياتية. والعديد من النساء المسلمات كافحن لتأكيد وجودهن في الشارع وذهبن إلى الجامعات وسعين إلى العدالة في المحاكم، بينما حاول الشباب تأكيد استقلالهم الذاتي وتغيير السياسات عن طريق الانخراط في المجتمع المدني والعمل التطوعي, ولكن كل تلك المساعي ذهبت أدراج الرياح, وكان التحدي  السياسي الأكبر للأنظمة العربية في التسعينيات هو المعارضة الإسلامية التي يدعمها الكثير من أوساط الطبقة الوسطى.
ورأى الكاتب أن الإسلاميين بدؤوا مؤخرا يفقدون جاذبيتهم، كما فقد النموذج الإيراني الكثير من بريقه بسبب سمعته القمعية. كما أن عنف القاعدة سبب رد فعل عنيف للمسلمين العاديين الذين وجدوا أن ممارسات القاعدة تتنافى مع روح الإسلام الحقيقي. كما أن الكثير من المتدينين العرب عابوا على الإسلاميين حطهم من قيمة حقوق الإنسان والتسامح والتعددية ولم يعودوا قبول استخدام الدين أداة للحصول على السلطة والامتيازات. وبدؤوا في هجر الدولة الإسلامية للحفاظ على الإسلام, وفي نفس الوقت أدركت الطبقة السياسية أن الخطاب القومي ومعاداة الاستعمار وتأييد القضية الفلسطينية يمكن أن ينجح طالما كان مقرونا بالخطاب الديموغرافي للأنظمة المستبدة. وبذلك كانت الخطوة المنطقية التالية هي التركيز على القضية الداخلية الرئيسية ألا وهي الديمقراطية.
وأشار الكاتب إلى أن بدايات رؤية ما بعد الإسلاميين كانت واضحة في مصر عام 2000, عندما تمكنت مجموعة تسمى اللجنة الشعبية للتضامن مع الانتفاضة الفلسطينية من لم شمل الشباب والمجتمع المدني والنشطاء السياسيين لحشد مسيرات جماهيرية ضخمة في ميدان التحرير ضد الحصار الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. لكن حركة كفاية عام 2004 كانت هي التي بشرت بقدوم سياسات ديمقراطية في حقبة ما بعد الإسلاميين حيث ركزت أكثر على الديمقراطية وحقوق الإنسان في الداخل بدلا من السياسة الخارجية، وسدت فجوة الانقسامات  العقائدية خاصة بين المتدينين والعلمانيين وبين اليساريين والقوميين، وبذلك تمكنت من تجاوز السياسات الإسلامية الإقصائية.
 وقال بيات إن الطريقة الجديدة لصنع السياسات بحقبة ما بعد 11 أيلول أثرت نهاية المطاف بالدوائر الداخلية من الإسلاميين، مجبرة النشطاء والأيديولوجيين مثل شباب الإخوان المسلمين على مراجعة مشروعهم السياسي.  واتخذ الإخوان المسلمون خطوات تدريجية وعملية تجاه الاعتراف بشرعية الديمقراطية والفصل بين السلطات وحقوق الأقليات، ووصلوا إلى قناعة بأن المسلم يمكن أن يبقى مسلما بكل ثقة حينما تكون له دولة ديمقراطية كما في النموذج التركي.  ومع تقدم وسائل الإعلام الإلكترونية حصل الناشطون المسلمون والعلمانيون على فرصة غير مسبوقة للاتصال وتحريك الجماهير ووضع مطالبهم الديمقراطية على الأجندة, وهكذا مع نهاية عام 2010 برزت وانتعشت رؤية سياسية شعبية جديدة ووسيلة تحقيقها جاهزة لقيادة الثورات الحالية.
ويبقى علينا أن نرى ما إذا كانت رؤية ما بعد الإسلاميين يمكن أن تستمر بعد أن تخبو حمى الثورات. ومن المؤكد أن هناك احتمال عودة الأصولية. فالسلفيون في مصر الذين عارضوا الثورة يعيدون تجميع أنفسهم في المساجد والشوارع ويرسلون رسالة مفادها أن الديمقراطية حرام. ويمكن للسلفيين أن يستقطبوا بعض الدعم بتركيزهم على القضايا الدينية والأخلاقية.  ورغم ذلك فالأمر الواضح هو أن هناك عبئا ثقيلا بانتظار الديمقراطيين سواء كانوا من المتدينين أو العلمانيين، وعليهم العمل لإخراج القيم الديمقراطية من كتب الأحكام لتعبئة المواطن العادي. فإذا كان بمقدور السلفيين القيام بعمل كبير فإن بمقدور القوى الديمقراطية القيام بالشيء نفسه.