لم يكن عبثاً إطلاق إعلان "اليوم العالمي للحياد الطبي" من بيت الطبيب في بيروت، وفي تاريخ 16 آذار/ مارس الذي يذكره من في البحرين جيداً، التاريخ نفسه قبل عامين حمل حدثاً أسوداً
لم يكن عبثاً إطلاق إعلان "اليوم العالمي للحياد الطبي" من بيت الطبيب في بيروت، وفي تاريخ 16 آذار/ مارس الذي يذكره من في البحرين جيداً، التاريخ نفسه قبل عامين حمل حدثاً أسوداً: هجوم عناصر الجيش على مجمع السلمانية الطبي وتطويقه وضربه، ومن ثم اعتقال المصابين فالممرضين كما الأطباء.. لتبدأ من هنا قصة الكادر الطبي.
فاختار منتدى البحرين لحقوق الانسان بالتعاون مع المجلة الالكترونية البحرينية "مرآة البحرين" اليوم السبت 16 آذار/ مارس 2013 لإطلاق إعلان "اليوم العالمي للحياد الطبي" وتدشين كتاب "شوكة الأطباء.. محنة الكادر الطبي في ثورة البحرين"، بمشاركة كل من: ممثلة المفوضية السامية لحقوق الانسان ندى دروزي، وممثل نقيب الأطباء في لبنان الدكتور أحمد صادق، والمعتقلين في السجون البحرينية سابقاً الدكتور نبيل تمام ورئيسة جمعية التمريض البحرينية رولا الصفار، أعلن خلالها عن "اليوم العالمي للحياد الطبي"، ودُشن في ختامها كتاب شوكة الأطباء ..سيرة الكادر الطبي في ثورة البحرين".
صادق: للإفراج عن الطواقم الطبية أياً كانت انتماءاتهم
وفي كلمة ألقاها ممثل نقيب الأطباء د. أحمد صادق، طالبت نقابة الأطباء اللبنانية بالافراج "عن العاملين ضمن الطواقم الطبية مهما كانت انتماءاتهم السياسية ومعتقداتهم.. وعن المعتقلين من الطواقم الطبية في البحرين وسائر الدول العربية".
وتحدث صادق عن ضرورة تحييد الجسم الطبي عن نزعة القمع والاعتقال التعسفي التي ما زالت ترزح تحتها كثير من الشعوب كما العرب، وتوحيد المعايير الدولية للتشريعات بما يضمن الحماية للعاملين بالمهنة ومحاسبة المخلين بذلك مهما علا شأنهم.
كما أكد على إلتزام النقابة بالقوانين الآداب الطبية وشرعة حقوق الانسان والقوانين الطبية، والتي تنص على حماية كوادر طبية والحفاظ عليها وتسهيل مهمامهم. وقال إن الكوادر الطبية تدفع دائماً ثمن التعسف والدم في الانتفاضات الشعبية المتواصلة.
الدروزي: المجتمع المدني يلعب دوراً كبيراً بتوفير معلومات تسهم في رصد الانتهاكات
وقالت ممثلة المفوضية السامية لحقوق الانسان ندى دروزي إن مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي أصدرت عدة بيانات "حول الانتهاكات التي أدت الى مقتل عدد من الأفراد والاعتداء على آخرين.. وحول المحكمات العسكرية وتلك التي خضع لها الأطباء".
وفي مارس 2011 أصدرت بيلاي بياناً حول حصار مجمع السلمانية أكدت فيه على "أهمية أن تلتزم الدول بتطبيق الحق في الحياة وفي الوصول للخدمات الصحية، ونددت بالاعتداء على الأطباء".
وأردفت دروزي إن المفوضية العامة قدمت عدداً من الخطابات للحكومة البحرينية طالبتها من خلالها بوقف الانتهاكات بحق الكادر الطبي، كما أن فريق المفوضية زار أحد الممرضين في سجن جو في ديسمبر 2012 وإطلع على معاناته.
واكدت أن المفوضية تعتمد على المجتمع المدني كمصدر أساسي للمعلومات كونه "يلعب دوراً كبيراً بتوفير معلومات ذات صدقية... تسهم في رصد الانتهاكات وتوفر للمجتمع الدولي فرصة للعمل الجاد لمحاربة انتهاكات حقوق الانسان".
ربيع: ما يتعرض له الأطباء يثبت أن هناك عقلا غير رشيد في السلطة
ثم تحدث رئيس منتدى البحرين لحقوق الانسان يوسف ربيع، مشيراً الى أن قمع السلطة في البحرين طال الجميع ولم يسلم منه الأطباء رغم التزامهم بحيادهم الطبي.
وأمِل ربيع في أن تقبل المفوضية دعوة إعلان "اليوم العالمي للحياد الطبي"، وأن تحملها حتى تقتنع السلطة أن اعتقالها للأطباء وممارساتهم بحقهم هو "جرم بحق الانسانية والمواثيق الدولية ومخالف للمعاهدات والاتفاقيات التي وقعت عليها حكومة البحرين".
وأضاف: "نمد يدنا لنقابة الأطباء في لبنان أن تحمل الملف معنا... الملف انساني وليس سياسي، د.نبيل تمام لم يشتغل بالسياسية د. رولا الصفار لم تنتهج في عملها السياسة، ولا المعتقلين وفي مقدمتهم د.علي العكري. هؤلاء يحترمون مهنتهم ويقدسون أن دورهم يوجه إلى الجرحى واغاثة المحتاجين".
"ما يتعرض له الأطباء يُثبت أن هناك عقل غير رشيد في السلطة.. في البحرين متداخلون ليس لدينا عقدة اسمها طائفية، الذي أسسها هي السلطة لأنها فشلت في التعامل مع الحركة السلمية الشعبية فلجأت الى وسمها بأنها منتجة طائفياً"، قال ربيع.
وتابع: "نطلق في هذا اليوم نداء استغاثة سيوجه إلى المؤسسات الدولية وحكومة البحرين مباشرة يطالبها بالافراج عن الكم من الأطباء واعطائهم حريتهم وارجاعهم مكرمين الى وظائفهم بعد فصلهم فصلا تعسفياً".
وأوضح رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان أن الثورة في البحرين يشارك فيها الأطباء والمهندسون قبل العاطلين عن العمل، وقال إن "الثورة البحرينية حركة انسانية مطلبية تقدم مطالب حقة من اجل التحول الديمقراطي وبناء مجتمع مدني"، لافتاً الى أن "مجتمع البحرين صغير منفتح ومسالم لا يؤمن بالعنف ولم يحمل سكين ومع ذلك ضُرب بسكاكين أنظمة متعددة تدخلت والى اليوم موجودة فيه.
الصفار: الهيئة الصحية حذرت المستشفيات من معالجة المصابين
وتحدثت رئيسة جمعية التمريض البحرينية رولا الصفار باختصار عن اعتقال الكوادر الطبية التي ليس لها أي علاقة بالعمل السياسي، بل قامت بما تقتضيه أخلاقيات المهنة من تقديم الرعاية الصحية لكل من طلب ذلك.
وفي إشارة إلى التمييز الحاصل في البحرين، توقفت عند قضية عسكرة المستشفيات في البحرين، بحيث لم يعد بمقدور المصابين التوجه للمستشفيات لتلقي العلاج خوفاً من الاعتقال، وبات علاج هؤلاء يتم في المنازل، حسبما ذكرت الصفار.
وأكدت أن الهيئة الصحية في البحرين عمّمت على المراكز الصحية والمستشفيات الخاصة تنبيهاً يحذر من معالجة المصابين بدون استحصال اخطار، ما يستوجب سحب الرخصة من المستشفى.
تمام: الأدلة تؤكد أن الأمن البحريني هو من انتهك الحياد الطبي
الدكتور نبيل تمام أوضح في كلمة ألقاها بأن مفهوم الحياد الطبي من حيث التعريف متداخل بين القانون الدولي الانساني وقانون حقوق الانسان الدولي وأخلاقيات مهنة الطب.
وقال إن هناك أدلة تثبت أن رجال الأمن البحريني هم من انتهكوا الحياد الطبي من خلال اعتقال الأطباء والممرضين، وفصلهم عن العمل.. جرى التنكيل بالمسعفين، وأسيئ استخدام المرافق الطبية، فجرى "تحويل أحد الاجنحة في الطابق السادس في مجمع السلمانية ليكون غرف تحقيق وتعذيب"، كما جرت عمليات تحقيق في قسم الطوارئ قبل العلاج والتعذيب إلى جانب التواجد العسكري والأمني لاحقاً.
كما تحدثت د. تمام عن التمييز في الوظائف كتعيين المجلس الأعلى للصحة برئاسة وزير الدولة لشؤون الدفاع مؤخراً في يناير 2013.
تدشين كتاب شوكة الأطباء..
"هناك إخوة في مرآة البحرين وصفٌّ جميل من البحرينيين من الصحفيين وممن اشتغلوا التوثيق، قاموا بتوثيق كتاب مهم جداً سيبقى شاهداً على عمق الانتهاكات بحق الأطباء، وعن دورهم في الحياد الطبي وإغاثة الجرحى الذين لجؤوا إلى مستشفى السلمانية فلاحقتهم الداخلية وعناصر الجيش البحريني و"درع الجزيرة" التي جاءت من الخارج من أجل أن تقمع البحرينيين".
هكذا عرّف رئيس منتدى البحرين يوسف ربيع بالعمل التوثيقي الذي قدّم باللغتين العربية والإنكليزية، والذي جرى التوقيع عليه في ختام الفعالية.
"شوكة الأطباء.. محنة الكادر الطبي في ثورة البحرين" كتاب تناول الأحداث الدامية التي عايشها الكادر الطبي منذ لحظة بدء ثورة البحرين في 14 شباط/ فبراير 2011. ويستعرض مجموعة من سير الانتهاكات والتعذيب التي تعرض لها الكادر داخل السجن بسبب معالجتهم لمحتجين وفق مبدأ الحياد الطبي.
في حديث خاص إلى موقع قناة المنار، اعتبر الدكتور نبيل تمام أن الكتاب بما حمله من شهادات لامس وجدانه، وهو يعد "وثيقة تاريخية للأجيال القادمة وللمستقبل.. تحكي معاناة الطواقم الطبية وما تعرضوا 
اليه خلال الحراك الجماهيري الشعبي في البحرين".
كما علقت د. رولا الصفار على عنوان الكتاب قائلة إن قضية الأطباء كانت حقاً "شوكة في حلق السلطة"، وتمنت لو أنه جرى الإفصاح عن اسم فريق اعداد الكتاب.
يُشار إلى أن صورة الغلاف اختيرت من رسائل السجن المسربة التي كتبها المعتقل الدكتور غسان ضيف لإبنه يوسف البالغ تسع سنوات.
وعمل على اعداد الكتاب فريق واسع من الصحفيين البحرينين في "مرآة البحرين" الذين لم يصرحوا عن اسمائهم.
