عندما يعلو صوت المعارض السوري في الخارج هيثم مناع بأن «كفى للمعارك العسكرية العبثية وان ما يجري في سوريا حرب وليس ثورة»، ففي الأمر نذير يأس مما آلت إليه الأوضاع.
سامي كليب - السفير
عندما يعلو صوت المعارض السوري في الخارج هيثم مناع بأن «كفى للمعارك العسكرية العبثية وان ما يجري في سوريا حرب وليس ثورة»، ففي الأمر نذير يأس مما آلت إليه الأوضاع. ولكن في الأمر أيضا تأكيد ما يجاهر به مناع نفسه منذ بداية الأزمة السورية قبل عامين، ومفاده أن لا خيار سوى الحل السلمي التفاوضي. فهل حان وقت الحوار؟
في المعلومات أولا، ان سقوط منطقة الرقة بيد المعارضة لم يؤثر في معنويات النظام. لا يزال الرئيس بشار الأسد يؤكد لمن يزوره بأن «المعركة طويلة لأننا نحارب الإرهاب الذي عجزت عن محاربته كل قوى العالم، ولكن الأمور باتت أفضل بمرات عسكريا وسياسيا». وفي الشرح: إن الجيش صار أكثر خبرة بتحركات المسلحين. باتت إستراتيجيته الجديدة تقضي بأن يختار هو نفسه زمن ومكان المعركة لا أن يُجَرَّ إليها. منع ذلك تشتت القوات العسكرية. ساهم في تطويق عدد من المناطق الملتهبة. حد كثيرا من حركة المسلحين في أماكن كانوا يخططون لشن هجمات واسعة عليها. تغيرت طريقة التشويش على الاتصالات. تطورت أجهزة الرصد، فصارت العمليات «موضعية» وأكثر إيلاما للمسلحين. حصلت تغييرات جوهرية في البنية الاستخباراتية والعسكرية. تعمق التنسيق أكثر مع بعض الحلفاء الذين قدموا خبرات كثيرة في المجالات التي يتقنونها. ساهمت اللجان الشعبية التي تتحول يوما بعد آخر إلى جيش رديف في حماية المناطق التي ينسحب منها الجيش. روسيا جاهزة لملء أي نقص في التجهيزات العسكرية. «حزب الله» وإيران لم يبخلا بالخبرات التي ساهمت في حماية مناطق دينية، كالسيدة زينب، وقرى كانت تتعرض سابقا لهجمات عديدة. الحديث في دمشق يجري عن تعاون في الخبرات وليس بالمقاتلين.
في المجال العسكري أيضا تجري تغييرات جوهرية عند الحدود. الأردن ملتزم بالتنسيق الأمني. الملك عبدالله الثاني يعتبر أن جزءا من معركة سوريا الآن ضد «القاعدة» و«جبهة النصرة» هو معركة أردنية. جرى تبادل للمعلومات في الآونة الأخيرة ساهم في قتل عدد من قادة وعناصر «القاعدة» و«النصرة». آخر العمليات تمثلت بمقتل قائد «جبهة النصرة» في حمص أبو علي الجولاني. يحاول الأردن اللعب على حبلين، فهو من جهة يقاتل على نحو غير مباشر مع الجيش السوري لضرب «القاعدة»، ومن ناحية ثانية ينسق مع الاستخبارات الغربية والأميركية في سياق الخطط التي توضع لكل الاحتمالات في وضع كالوضع السوري.
أكثر من تحذير للبنان
مع لبنان تبدو الأمور أكثر تعقيدا. اتخذت إجراءات في الأشهر الأخيرة بقيت بعيدة عن الأضواء، بغية الحد من حركة المسلحين. نجح بعضها إلى حد كبير وفشل البعض الآخر. ظهر أن أطرافا سياسية وأمنية لبنانية تدور في فلك آخر. وصلت إلى دمشق معلومات تفيد بعمل امني خطير قد يتم عبر الحدود. ربطت دمشق بين هذه المعلومات وبين زيارات قام بها مسؤولون لبنانيون في الآونة الأخيرة إلى السعودية وقطر. كان لا بد من تشديد المراقبة. لدى المسؤولين السوريين معلومات دقيقة عن محاضر اجتماعات حصلت في الخليج. يعرفون بدقة مثلا ما الذي قيل في الاجتماعات التي جرت بين رئيس «جبهة النضال» النائب وليد جنبلاط مع الأمير بندر بن سلطان على مدى 6 ساعات. يعرفون ما جرى أيضا بين المسؤولين القطريين ورئيس الوزراء اللبناني السابق فؤاد السنيورة. لديهم تفاصيل دقيقة عن المكالمة الهاتفية التي جرت بين جنبلاط والوزير السابق وئام وهاب التي عبر فيها جنبلاط عن استيائه من موقف بعض دروز السويداء حيال درعا، وكيف وصل غضبه إلى حد القول بأنه سيعلن هدر دم الضابط عصام زهر الدين وهو احد ابرز الضباط الدروز المعارضين للمسلحين.
مثل هذه المعلومات كثيرة، وبعضها يتعلق بلقاءات بين كبار المسؤولين اللبنانيين والوفود الأميركية التي زارت لبنان مؤخرا. ثمة كلمة سر بالتصعيد. احد أقطاب قوى 14 آذار أوصل المعلومة. كل ذلك دفع القيادة السورية إلى التحرك على مستويين: أولهما المجاهرة بمضمون رسالة التحذير الديبلوماسية التي أعلنها السفير علي عبد الكريم علي ونقلها إلى وزارة الخارجية، وثانيهما تحذير اشد لهجة، عبر قنوات أخرى، لم يستبعد احتمال قيام الجيش السوري بضرب أية مواقع لمقاتلين أو جهاديين قد يهددون سلامة الأراضي السورية. الشمال والبقاع مقصودان أكثر من غيرهما، ولكن لا شيء يمنع أمورا أخرى في مناطق أخرى.
عادت الخطوط اللبنانية - السورية إلى الكثير من الحرارة السابقة. أطراف عديدة، وبينها بعض الذين يجاهرون بخصومة النظام، صاروا يسبرون أغوار دمشق قبيل الانتخابات المقبلة. تصل إلى العاصمة السورية مؤشرات ايجابية من هذه الأطراف. تكثف ذلك بعد زيارة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي.
العراق أفضل
التعاون الأمني مع العراق يبدو في أفضل مراحله. تغير المناخ تماما بعد ازدياد الهجوم على رئيس الوزراء نوري المالكي. شعر المالكي بان معركة المحاور في المنطقة وضعته في السلة نفسها مع إيران وسوريا و«حزب الله». في بداية الأزمة السورية كانت أصوات عراقية تقول إن سوريا تستحق ما يصيبها لأنها كانت سببا في توريد «القاعدة» إلى العراق. الآن يتم إحكام الطوق. تتكثف الدوريات. فتح التعاون الاستخباراتي على مصراعيه. ثمة مناخ دولي يساعد، ذلك أن شبح «النصرة» صار يخيم على الجميع، خصوصا أن «القاعدة» عادت تضرب بقوة في العمق العراقي.
المعركة الكبرى
في المعلومات أيضا، أن الجيش السوري أعد خططا دقيقة لمعارك كبرى يتوقعها أو قد يبادر إليها. لا تفاصيل كثيرة عن الأمر. الأكيد أن دمشق باتت محصنة بأكثر مما يقال. قد تقع فيها تفجيرات وسيارات مفخخة. هذا وارد في أي لحظة. قد يشن انتحاريون هجمات على مواقع أمنية وحكومية، هذا وارد رغم حواجز الاسمنت المسلح الكثيرة التي أصبحت تطوق مباني الدولة. لكن المعركة الكبرى في دمشق صارت شبه مستحيلة. تم وضع خطة دقيقة للحماية والمواجهة. أما حمص فهي آيلة كليا للسقوط بيد الجيش، لان القرار السياسي بشأنها قد اتخذ. حمص محورية لا بل مفصلية في إستراتيجية النظام، مستحيل بقاء أي شبر منها في أيدي المسلحين.
حلب بالمنظار أيضا. معركتها الكبرى تنتظر انجلاء الأفق السياسي بين الأميركيين والروس. تلك معركة قد تكلف الكثير، ولكن القيادة السورية لا تزال تقول ما قالته مرارا بالنسبة لبابا عمرو وغيرها: «حين نريد الدخول إلى منطقة ندخل، لكن الأمر يحتاج قرارا سياسيا، كما اننا لا نريد الدخول ثم ترك المكان لعودة المسلحين، تغيرت طبيعة القتال».
يحكى عن معركة كبرى. تجري شائعات عن مفاجآت أمنية. لا معلومات مؤكدة. زوار الأسد ينقلون عنه: «إننا في معركة شرسة ضد الإرهاب، وفي معركة أخرى ضد من يدعمون المسلحين. ندرك أن انتهاء الحرب ليس قريبا، ولكننا مصممون على المضي قدما حتى القضاء على هذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعنا».
الحوار السياسي مهم ولكن...
ينقل زوار الأسد عنه قوله: «نحن لم نغلق يوما بابنا على الحوار ولن نغلقه، لكن يجب أن نعرف مع من نتحاور؟ وما هو المطروح؟ ومن هو الطرف الذي سنحاوره؟ نشاهد يوميا تفكك المعارضة، ونرى أن خلافاتها كبيرة، وكل طرف يقول الشيء وعكسه، فليتفقوا أولا ثم نَرَ، ونحن بدأنا حوارا مع أطراف من المعارضة في الداخل وهذا أدى إلى نتائج ايجابية، وطرحنا مشروعا متكاملا للإصلاح ومستعدون لمناقشته، وقلنا إن أبواب سوريا مفتوحة للجميع سوى الإرهابيين الذين سنقاتلهم حتى النهاية». ثمة من صار يساعد في هذا الاتجاه، ليس بالضرورة من حلفاء النظام.
عند الأسد مقولة تتكرر أمام كل زائر: «نحاور من يشاء الحوار من غير الإرهابيين، ولكن من منطلق مسلماتنا، ولن نقبل بشروط تفرض علينا. قلنا ذلك منذ بداية الأزمة، ويتبين الآن اننا كنا على حق، والآخرون باتوا يدركون اننا كنا جادين في ما نقول».
يبدو من خلال ما ينقل عن الأسد، انه لا يريد أن يفهم احد من انفتاح دمشق على الحوار انها بحاجة لذلك أو انها في موقف الضعيف. هو لا يزال يعتبر أن وضع الدولة هو الأقوى وان الجيش هو الأكثر تماسكا، لا بل انه في شرحه للوضع الإقليمي يقول إن وضع سوريا قد يكون الأفضل رغم الحرب. هذه مصر تمر في وضع لا تحسد عليه ويراد لها أن تغرق بصراع يبعدها عن لعب أي دور محوري، وتلك تونس غارقة بخلافاتها، والخليج متخبط حيال الإخوان المسلمين، والسعودية غير معروفة المآل، وقطر تعيش مرحلة التساؤلات الداخلية حول الخلافة، وتواجه معارضة تكبر يوما بعد آخر، بعد انكشاف عدد من علاقاتها مع جهاديين في مالي وليبيا وسوريا وغيرها. أما تركيا فهي تبحث عما ينقذ ماء الوجه بعد التورط الأعمى في سوريا. باتت مستعدة لكل التنازلات حتى لـ«حزب العمال الكردستاني» وزعيمه عبدالله أوجلان لكي تحسن صورتها. وهي لن تتحسن وفق المنظور السوري.
بوتين حليف صلب
يؤكد الأسد، وفق زواره، أن التحالف مع روسيا بات في أفضل مراحله. «صار الجميع يؤيدون الدور الروسي» يقول، مشددا على أن موسكو لم تغير منذ بداية الأزمة موقفها، فهي أكدت منذ اليوم الأول ضرورة وقف دول الخليج وتركيا وبعض الدول الغربية تصدير السلاح إلى المقاتلين، ودعت إلى حوار سياسي، وقالت إن الأسد لن يسقط، وبعد عامين من الأزمة وصل الجميع إلى هذه النتيجة. البعض يعتقد أن موقف موسكو مرحلي ويمكن التأثير فيه. عرضت إغراءات كثيرة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ضرب بها جميعا عرض الحائط، هو مصمم على لعب دور دولي، وإعادة التوازن إلى عالم أحادي القطب.
ستشهد المرحلة المقبلة تظهيرا أكثر للموقف الروسي. إرسال السفن العسكرية إلى المتوسط تكثف. الإشارات العسكرية الروسية واضحة. أي عمل عسكري مباشر لإسقاط الأسد بالقوة سيقابل برد عسكري. ربما في الكلام بعض المغالاة، لكن السياسة «الردعية» التي تكثفها موسكو والتي جعلت من شرق المتوسط مسرحا لسفنها والبوارج تفي بالغرض. يعود البعض في سوريا بالذاكرة إلى مرحلة نشر صواريخ روسية في كوبا في العام 1961، ثم إلى أزمة الصواريخ السورية في البقاع في العام 1981، ومواقف السوفيات في العام 1983 وما بعدها، ليقول إن موسكو تستعيد ذاك التاريخ ولن تتردد في أي موقف ديبلوماسي أو عسكري لأنها تعتبر معركة دمشق هي معركتها على المسرح الدولي.
التقارب الروسي الأميركي
لا بأس بالتقارب الروسي الأميركي. اللقاءات الأولى بين الجانبين طمأنت النظام السوري. في التحليل إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي زار سابقا 7 مرات دمشق وتقارب جدا حتى على المستوى العائلي مع الأسد وعقيلته السيدة أسماء، ليس من هواة السياسة، وهو حين يقول علانية بضرورة جلوس الأسد إلى طاولة التفاوض مع المعارضة، فهذا اعتراف بدور الأسد. الاعتراف مهم، لأنه يضع حدا لما قاله باراك أوباما قبل عام و8 أشهر حول ضرورة رحيل الأسد كشرط مسبق للحل. ليس مهما أن تقول الناطقة باسم الخارجية فيكتوريا نولاند إن كيري قصد ممثلين عن النظام ولم يعن الأسد. كيري ليس من النوع الذي يقول ذلك من باب الخطأ. كان هذا احد شروط الروس مقابل ما قاله وزير الخارجية السورية وليد المعلم في موسكو من أن أبواب دمشق مفتوحة للجميع بما في ذلك المسلحين للحوار.
لا يثق الأسد مطلقا بالدور الأميركي. يدرك أن المخططات الأميركية والغربية ليست بعيدة عن النقطة المبدئية التاريخية بضرورة إضعاف دول المواجهة وتقوية الدول الدائرة في الفلك الأميركي وحماية إسرائيل وتطويق إيران. بالمقابل بات الرئيس السوري على قناعة بان الأميركيين فهموا بعد عامين من الصراع بان الجيش صار أقوى من السابق وأنهم مع حلفائهم لم ينجحوا في إقناع موظف من الدرجة الرابعة في السلك الديبلوماسي بالانشقاق. وجد الأميركيون أنفسهم أمام موجة من الإرهاب التي كان الأسد نفسه قد حذر منها منذ الأشهر الأولى للأزمة.
لا بأس من التوصل إلى حل يقضي بتفاهمات أولية بين المعارضة التي يجب أن تشمل الجميع وتخفف من وطأة الإخوان المسلمين، وبين ممثلين عن السلطة، لكن يجب أن يكون الموقف واضحا من الجميع حيال الإرهاب. لا بأس أيضا من الاتفاق على مرحلة انتقالية وحكومة موسعة، لكن يجب أن تكون سياسة الحكومة وإستراتيجيتها واضحة خصوصا لجهة الصراع مع إسرائيل وعلمانية الدولة. لا بأس أن يقرر الشعب السوري انه يريد أو لا يريد الأسد، ولكن ذلك يجب أن يكون عبر عملية انتخابية. متى؟ بعد انتهاء آخر يوم من ولاية الأسد. هذا يبدو انه خط احمر عند القيادة السورية.
ثمة لفتات ايجابية إلى معارضين سوريين في الخارج. بينهم مثلا هيثم مناع رئيس هيئة التنسيق السورية في الخارج. الرجل وطني ومخلص لبلده ويريد حلا يوقف حمام الدم، وهو مؤمن بالدولة العلمانية، ولكن هل المعارضة المعتدلة تمون فعلا على شيء لو حصل التفاوض معها؟
لا بد إذا من تشكيل فريق معارض تكون سياسته واضحة. بعدها يمكن الحوار. هيثم مناع يلعب دورا ممتازا في هذا السياق . تيار بناء الدولة كذلك. الروس يتولون الآن صياغة شيء من هذا القبيل بالتعاون مع الأميركيين والإيرانيين. لا بأس أن يكون للسعودية دور في ذلك، لكنها، حتى الآن، لا تزال مع قطر متورطتين بإرسال السلاح. ثمة معلومات بان الأمير مقرن قد يصبح الملك المقبل. للرجل علاقات مع دمشق. كان اللواء علي المملوك رئيس مكتب الأمن القومي قد التقاه في أوج الأزمة السورية في السعودية أثناء مروره في الخليج.
أما قطر فهي العدو الحقيقي بنظر القيادة السورية. هي جزء من لعبة كبيرة. أما لماذا لم يحصل أي رد فعلي عليها. فالجواب السوري هو نفسه: «نعرف أن كل هؤلاء مرتبطون عضويا بالقرار الأميركي، وحين يتغير الموقف الأميركي يتغيرون تلقائيا، فلا داعي للتركيز على الأمر».
لإيران و«حزب الله» مكان الصدارة في الكلام الايجابي السوري: «هؤلاء حلفاء مخلصون»، وطهران التي توحي مفاوضاتها مع الغرب بشيء من الايجابية تدرج الملف السوري في كل ما تفعل. هي تدرك أن معركتها تماما كموسكو تحصل حاليا في دمشق. هذا المحور الممتد من بيروت إلى دول «البريكس»، بات أساسيا في تغيير المعادلات الدولية.
وفي الحديث عن الحلفاء أو الأصدقاء أو أصحاب المواقف الثابتة في نظر السوريين، أسماء لبنانية كثيرة، إميل لحود، سليمان فرنجية، طلال ارسلان، ميشال عون، ولكن السيد حسن نصرالله يبقى الأساس. لا شك أن دعمه لا يقتصر مطلقا على التصريحات والكلام.
هل هذه البانوراما واقعية؟ فالمسلحون باتوا في كل مكان، و«جبهة النصرة» حققت الكثير من الاختراقات، والدولة أصيبت مرارا في الصميم، والوضع الاقتصادي سيئ.
«كل ذلك صحيح، ولكن وضعنا أفضل بكثير، لا بل لا يقارن بوضع من يحاربون الدولة في الداخل والخارج ومن وضع داعميهم». هذا لسان حال الأسد وفق زواره. لسان حاله يقول أيضا إن الكثير ممن دعموا المسلحين في البداية، صاروا اليوم يطالبون بعودة الدولة وسط الإعلان عن إمارات إسلامية ودول الخلافة وغيرها. وفي القراءة يمتد الكلام إلى التخبط الأوروبي والى الموقفين الفرنسي والبريطاني «المشبوهين»، ولذلك فان النظام لا يستبعد أي احتمال بما في ذلك «بعض المغامرات العسكرية التي قد تؤدي إلى خروج الصراع من ضوابطه، لأنه سيمتد جغرافيا بشكل أوسع بحيث يشترك الكثير فيه»، ولكنه لا يفسر موقف باريس ولندن إلا من منطلق «الإفلاس السياسي» للعجز عن إطاحة النظام بالقوة. فسوريا ليست ليبيا.
في القراءة السورية للصراع كثير من الاطمئنان، ولكن في وقت يصبح الجيش السوري في مواجهة «جبهة النصرة» يصير مصير كل شيء تقريبا متعلقا بتوازن الصراع على الأرض. ثمة من يعتقد بأنه لا بد من إضعاف النظام في معركة حاسمة للحصول على تنازلات. العيون مفتوحة على دمشق. كل طرف يحصن نفسه، ولا شك أن نجاح أي حل سياسي لا يزال بحاجة لعمليات عسكرية كبيرة... هذه هي مأساة سوريا الحالية وسط كلام عن زيادة تسليح «الجيش الحر» بغية استعادة المبادرة من «جبهة النصرة» وتغيير قواعد المعادلة... أمر شديد الصعوبة في ظل اشتداد قبضة الجيش والميليشيا الداعمة له.
لا شيء يوحي بانتهاء المعركة قريبا... ولقاء بوتين واوباما قريبا سيعزز احد الخيارين، إما التفاوض السياسي أو التصعيد الخطير.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه