29-11-2024 06:37 PM بتوقيت القدس المحتلة

حرب أمريكا على العراق انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة

حرب أمريكا على العراق انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة

الحرب الأمريكية على العراق يوم أسود في تاريخ العرب لانطلاقها من الأراضي والأجواء والمياه العربية، وبالتحديد الدول الخليجية، ويوم حالك السواد في تاريخ البشرية


د.غازي حسين

الحرب الأمريكية على العراق يوم أسود في تاريخ العرب لانطلاقها من الأراضي والأجواء والمياه العربية، وبالتحديد الدول الخليجية، ويوم حالك السواد في تاريخ البشرية، والدول الغربية والحضارة الغربية وانتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة وبقية العهود والمواثيق الدولية والقانون الدولي.

هدف الحرب الاستراتيجي السيطرة الأمريكية على النفط من العراق مروراً ببلدان الخليج حتى بحر قزوين، وإنهاء دور العرب في العصر الحديث وتدمير منجزاتهم ونهب ثرواتهم وتصفية حق العودة وقضية فلسطين وتحقيق مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد وخدمة الاستراتيجية الاسرائيلية في الوطن العربي.

رفض مجلس الأمن الدولي تفويض الولايات المتحدة للقيام بحربها العدوانية على العراق، فالحرب خارجة عن مبادئ وقرارات الشرعية الدولية.

لجأت الولايات المتحدة لذرائع كاذبة لتضليل شعبها وشعوب البلدان الغربية عن استخدامها غير الشرعي للقوة العسكرية لتدمير الجيش العراقي ومنجزات العراق والإطاحة بالنظام فيه وتنصيب حكومة جاءت على ظهر الدبابات الأمريكية لخدمة المصالح الأمريكية والصهيونية وتغيير وجهه العربي ومتابعة الحروب الاستباقية على العرب والمسلمين وجعل اسرائيل القائد والمركز في المنطقة العربية والإسلامية.

يتعارض مفهوم الحرب العدوانية التي شنتها أمريكا على العراق مع قواعد القانون الدولي الملزمة ومع ميثاق الأمم المتحدة، وهي تعيد العلاقات الدولية والتعامل الدولي مئة سنة إلى الوراء إلى مرحلة شريعة الغاب تماماً كما تخطط الصهيونية العالمية والامبريالية الأمريكية وعملائهم من الرجعية العربية.

ويعبر هذا المفهوم الاستعماري للحروب عن استراتيجية الأمن القومي التي سوقتها له اللوبيات اليهودية والموساد لإدارة الرئيس بوش لخدمة مصالح أمريكا النفطية والاستراتيجية وخدمة مصالح العدو الاسرائيلي حليفها الاستراتيجي.

وتجسد الحرب الاستباقية أخطر المفاهيم العدوانية التي ظهرت حديثاً مع الليكوديين الأمريكيين ومع إدارة بوش في العلاقات الدولية وستؤدي إلى انهيار الأمم المتحدة كما انهارت عصبة الأمم، لأن الأمم المتحدة لم تعد قادرة على لجم الغول الأمريكي المتوحش الذي يخطط لابتلاع الأخضر واليابس في البلدان العربية والإسلامية وبقية بلدان العالم.

تعد الحرب العدوانية الاستباقية على الشعب العراقي عدواناً مسلحاً واحتلالاً أجنبياً بغيضاً للعراق وثرواته النفطية وإرادته السياسية وتدمير منجزاته واغتيال علمائه وبث الطائفية والعرقية فيه وتغلغل الموساد في الشمال العراقي. ويعطي هذا العدوان المسلح للشعب العراقي الحق القانوني والشرعي للدفاع عن نفسه بموجب المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة واللجوء إلى جميع أشكال المقاومة لطرد المحتلين من وطنه، وإلزام الولايات المتحدة بدفع التعويضات للعراقيين عن الأضرار الهائلة التي سببتها الحرب.

دمرت الحرب الاستباقية التي شنها بوش وحليفه بلير العراق بلد الحضارة والثقافة والعلم والعلماء والثروة. وسمح الحاكم الأمريكي للعراق للصوص من أمريكيين واسرائيليين وغيرهم نهب وسلب وتدمير وحرق منجزات الشعب العراقي الحضارية بما فيها المستشفيات والمتاحف والمصارف والجامعات والمساجد والبنى التحتية.

دمرت القوات الأمريكية المعتدية المؤسسات العلمية والثقافية والحضارية والتي تعود إلى سبعة آلاف سنة، ولكنها حافظت فقط على وزارة النفط وآباره ومنشآته.

إن قوات الاحتلال شجعت وغضت النظر عن عمليات السلب والنهب والحرق والتدمير بدلاً من القيام بواجباتها حسب اتفاقيات جنيف التي تنص على حماية الشعب وممتلكاته وتراثه الحضاري.

كان الاستيلاء على النفط وصفقات "إعادة الإعمار" وتدمير العراق وشعبه ومنجزاته والإطاحة بنظامه، وسلب إرادته الوطنية، ومحاولة حمله على الموافقة على المشروع الصهيوني من الأهداف الأساسية للحرب الاستباقية.

قوّضت الإدارة الأميركية أسس الدولة العراقية ومؤسساتها، وأدخلت العراق في الفوضى وانعدام الأمن بهدف إطالة أمد الاحتلال واستنزاف ثرواته، مما شجع بوش ليعلن في 10/4/2008 بقاء القوات الأمريكية في العراق إلى أجل غير مسمى حتى يلعق آخر قطرة من النفط العراقي، ولكن المقاومة العراقية البطولية أجبرت القوات الأمريكية على الانسحاب.

شنت إدارة بوش الحرب الاستباقية على العراق، كخطوة أولى للهيمنة على المنطقة لإخراج مشروع الشرق الأوسط الجديد من البوابة العراقية، وفرض نظام عالمي جديد للهيمنة على العالم وأمركته والتحكم بسياساته واقتصادياته.

كان العراق من سوء حظه وحظ العرب والمسلمين الخطوة الأولى لتحديد سمة القرن الحادي والعشرين.

صور الرئيس بوش الحرب العدوانية على أنها حرب للدفاع عن الشعب الأميركي، وقال عنها مخاطباً الشعب الأميركي: "إننا ندافع عن حريتنا وبلدنا وأمتنا، ونحقق المُثُل الأميركية"، يالها من حرية ويالها من مُثُل لا مثيل لها في تاريخ الإنسانية على الإطلاق من قتل وتدمير ونهب وسلب وتنكر لأبسط الحريات وحقوق الإنسان.

وصور الرئيس بوش الحرب العدوانية على أنها تدور حول تهديد العراق للأمن القومي الأميركي وحرية الشعب الأميركي، وزعم أن هدف الحرب الاستباقية تدمير أسلحة الدمار الشامل (التي لا وجود لها على الإطلاق) وتحرير الشعب العراقي وفرض الديمقراطية الأمريكية عليه. ومن المؤلم حقاً أن أوساطاً واسعة من الشعب الأمريكي صدقت أكاذيبه التي سوقها الإعلام الأمريكي واللوبيات اليهودية ونجحت أكاذيب الإدارة الأميركية بخداع الشعب الأميركي وتضليله بأهداف كاذبة، ومزعومة للاستيلاء على نفط العراق، وتدميره وتدمير جيشه للقضاء على الجبهة الشرقية خدمة لاسرائيل وجعلها المركز والقائد للمنطقة وإقامة (اسرائيل العظمى) الاقتصادية عن طريق مشروع الشرق الأوسط الجديد.

وأيدت اليهودية العالمية والكيان الصهيوني الحرب العدوانية على العراق. ونظم يهود الولايات المتحدة المظاهرات المؤيدة للحرب ورفعوا فيها الشعارات المشجعة والداعمة للحرب ومنها: "الحرب تنقذ اليهود"، أنتم أعداء السامية (أي الرافضون للحرب) اذهبوا إلى منازلكم".

ولكن العالم كله وقف ضد الحرب على العراق وقال: "لا للحرب، لا لحرب النفط على الشعب العراقي".

تجاهلت الإدارة الأميركية نداءات البابا والكنائس في أوروبا ورجال الدين الإسلامي والمسيحي وجميع شعوب العالم وشن بوش حربه العدوانية غير القانونية وغير الشرعية وغير العادلة وبذرائع كاذبة من أولها إلى آخرها، مما يظهر بجلاء عداء إدارته والدول الغربية للعرب والمسلمين.

إن الحرب الأمريكية على العراق انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وإن قرار الرئيس بوش بإشعال الحرب قرار استعماري وغير شرعي وغير أخلاقي وموجه ضد العرب ويهدد الأمم المتحدة بالانهيار وعودة إلى قانون شريعة الغاب في العلاقات الدولية والتعامل الدولي.

المطلوب من الدول العربية والإسلامية ودول عدم الانحياز ومن الجمعية العامة للأمم المتحدة إلزام أمريكا وبريطانيا بدفع التعويضات عن الخسائر البشرية والمادية والبيئية التي ألحقتها بالعراق وشعبه ومنجزاته وتقديم بوش وبلير إلى محكمة الجزاء الدولية لمحاكمتهم كمجرمي حرب أسوة بمجرمي الحرب النازيين في ألمانيا ومجرمي الحرب في راوندا والحيلولة دون إشعال الحروب العدوانية والفتن الطائفية في البلدان العربية والإسلامية وبقية بلدان العالم.

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه