رفض البرلمان القبرصي، أمس الثلاثاء، خطة الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي لانقاذ الجزيرة من الافلاس والتي تتضمن فرض ضريبة على اصحاب الودائع المصرفية في البنوك القبرصية
رفض البرلمان القبرصي، أمس الثلاثاء، خطة الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي لانقاذ الجزيرة من الافلاس والتي تتضمن فرض ضريبة على اصحاب الودائع المصرفية في البنوك القبرصية مقابل تقديم قروض لقبرص بقيمة 10 مليارات يورو. وردا على سؤال عما إذا كانت لديه خطة بديلة في حالة رفض البرلمان للقانون قال الرئيس 'لدينا خططنا'.
وكانت الحكومة قد اقترحت امس إعفاء أصحاب الودائع الصغيرة من الضريبة المقترحة على الودائع المصرفية التي تقل عن 20 ألف يورو (26 ألف دولار) من الضريبة التي سيجري تحصيلها مرة واحدة. في الوقت نفسه فإن الودائع التي تصل إلى 100 ألف يورو ستدفع ضريبة قدرها 6.75' أما ضريبة الودائع التي تزيد عن 100 ألف يورو فتصل إلى 9.9'.
وهذا التعديل الجديد قد لا يرضي موسكو التي نددت امس الاول بهذه الضريبة معتبرة اياها 'جائرة وخطيرة' لا سيما وانها ستكلف الاثرياء الروس الذين اودعوا اموالا في الجزيرة مليارات اليورو.
ويتوجه وزير المالية القبرصي ميخاليس ساريس الثلاثاء الى موسكو فيما اشارت وسائل اعلام محلية الى انه يمكن ان يتفاوض على قرض روسي جديد للجزيرة. وكان ساريس اعلن الاثنين للصحافيين انه سيزور موسكو الثلاثاء لاجراء محادثات مع مسؤولين روس. جاء الاقتراح الأخير بعد محادثات عبر الهاتف لوزراء مالية منطقة اليورو حيث قال الوزراء مساء أمس إنه يجب معاملة صغار المودعين بطريقة مختلفة عن معاملة كبار المودعين.
ووفقا لاتفاق قروض الإنقاذ التي تصل قيمتها 10 مليارات يورو (13 مليار دولار) فإن عملاء البنوك القبرصية سيضطرون إلى دفع رسوم تصل قيمتها الإجمالية إلى حوالي 5.8 مليار يورو كجزء من حزمة الإنقاذ.
وأثارت فكرة ضريبة الودائع المصرفية موجة غضب شعبي واسعة واضطرابات قوية في الأسواق المالية. وامس تظاهر الآلاف خارج البرلمان قبل بدء المناقشات بقليل. يذكر ان هذه هي المرة الاولى، منذ بدأ أزمة ديون منطقة اليورو، التي تطلب المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي من حكومة دولة أوروبية متعثرة ماليا إجبار المدخرين العاديين على دفع رسوم في إطار اتفاق قروض الإنقاذ لهذه الدولة.
ويقول مسؤولون أوروبيون إنه تم وضع شرط ضريبة الودائع المصرفية بالنسبة لقبرص كحالة فريدة نظرا لحجم وهيكل القطاع المصرفي القبرصي. في المقابل يحذر المعارضون من أن هذه الخطة تبعث إشارات خطيرة. فقد قال رئيس البنك المركزي القبرصي امس إن البنوك القبرصية قد تخسر أكثر من عشرة بالمئة من قاعدة ودائعها في غضون أيام في حالة فرض ضريبة على الودائع المصرفية. وقال بانيكوس ديميترياديس للجنة المالية بالبرلمان القبرصي 'في حالة إقرار مشروع القانون فسنشهد نزوح عشرة بالمئة من الودائع وربما أكثر خلال بضعة أيام.'
وأضاف أن البنك المركزي القبرصي والبنك المركزي الأوروبي يفضلان إعفاء كل الودائع التي تقل عن 100 ألف يورو من الضريبة تمشيا مع المقترح الذي قدمه وزراء مالية دول منطقة اليورو في ساعة متأخرة أمس الاثنين.
وقالت وكالة موديز العالمية للتصنيف الائتماني أمس الاول إن الضريبة غير المتكررة على الودائع المصرفية في قبرص ستكون لها عواقب سلبية بالنسبة للمودعين والدائنين.
في هذه الاثناء غرقت منطقة اليورو مجددا في حالة من البلبلة حول فرض ضريبة على الودائع المصرفية في قبرص، فيما تبادل عدد من المسؤولين الاتهامات بتحمل مسؤولية هذا التدبير الذي اثار موجة من الاستنكار واثار قلق الاسواق.
فقد تعهدت نيقوسيا السبت بعد مفاوضات مطولة بفرض ضريبة استثنائية على جميع الودائع المصرفية لجمع 5.8 مليار يورو مقابل الحصول على قرض دولي بقيمة 10 مليارات يورو. وهذا القرار كان يحظى حينها باجماع.
وبعد يومين من دراسة الاتفاق نددت نيقوسيا 'بابتزاز' مموليها. ودافعت الحكومة القبرصية عن نفسها قائلة ان 'الرئيس (نيكوس اناستاسيادس) بذل جهده لعدم التوصل الى نتيجة كهذه فرضت من قبل الذين يسعون الى تبرير قرارهم'.
وقال المتحدث باسم الحكومة القبرصية في بيان يوم الاثنين قال فيه ان 'ما كان يسعى ممولونا لفعله هو اغلاق المصرفين الرئيسيين في البلاد وتحويل الودائع التي تقل عن مئة الف يورو الى مصرف سليم والقضاء على كل الودائع الاخرى. وكان سيترجم ذلك بخسارة قيمة 40' من الودائع بحسب صندوق النقد الدولي، والحسابات كانت ستجمد خلال خمس الى عشر سنوات'.
ولتفادي هذا السيناريو الكارثي وافقت السلطات القبرصية على مبدأ فرض ضريبة على كل الودائع. لكن بعض المراقبين دحضوا هذا العرض الساذج.
وقال دبلوماسي ان قبرص تتحمل مسؤولية كبيرة مضيفا ان الرئيس نيكوس اناستاسيادس رفض فرض ضريبة على الودائع التي تزيد عن مئة الف يورو 'تفوق نسبتها 10 بالمئة' بغية الحفاظ على جذب الاستثمارات. لذلك ابقي على عتبة 9.9' للودائع الكبيرة.
في المقابل، وافق بحسب الدبلوماسي على فرض ضريبة عالية على صغار المدخرين لجمع 5.8 مليارات يورو كما هو مقرر, الامر الذي تنفيه نيقوسيا بشدة.
وقال مصدر دبلوماسي اوروبي طلب عدم كشف هويته ان 'الالمان ارادوا مع صندوق النقد الدولي فرض ضريبة على كل المودعين في قبرص حتى 40''. واضاف غاضبا 'كان هناك تحذيرات لكنهم رفضوا الاصغاء. والطامة الكبرى الان هي انم لا يضطلعون' بمسؤوليتهم.وتخشى برلين التي وافقت على مساعدة قبرص على غرار بعض شركائها، ان تدعم ماليا بلدا لطالما اعتبر جنة ضريبية ويشتبه في انه لا يتحلى باليقظة لجهة مصدر الاموال المودعة في مصارفه وخاصة تلك الاتية من روسيا.
وقال مصدر اوروبي في هذا الصدد 'كان هذا الامر غير مقبول سياسيا. ان دافعي الضرائب في جميع بلدان منطقة اليورو كانوا دعموا خطة انقاذ تصب فقط في مصالح البريطانيين (العديد من البريطانيين يتقاعدون في قبرص) واصحاب الثروات الروس'.
وبحسب تقديرات ترددت في موسكو الاحد، فان الارصدة الروسية المودعة في الجزيرة تصل الى 20 مليار دولار على الاقل.
واضاف المصدر ان 'الفكرة كانت تتمثل ايضا في تجنب جعل الاوروبيين الاخرين يدفعون لقطاع مصرفي يمنح 5,5' من الفوائد سنويا' مقابل ايداعات غير مرتفعة نسبيا.
وعلى الرغم من هذه المخاوف، اقترحت الحكومة الالمانية على غرار صندوق النقد الدولي حلا يحمي صغار المدخرين على ما اكد وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله، محملا الحكومة القبرصية والمفوضية الاوروبية والبنك المركزي على حد سواء مسؤولية فرض ضريبة تشمل كل المودعين بدون استثناء.واكد للتلفزيون الالماني انهم 'هم الذين اختاروا هذا الحل وعليهم الان ان يوضحوا موقفهم الى الشعب القبرصي' .واستطرد الوزير الفرنسي بيار موسكوفيسي قائلا ان حماية الودائع الصغيرة هو 'الموقف الذي دافعت عنه الجمعة امام مواقف اكثر تشددا'.
وافادت مصادر متطابقة ان المفوضية الاوروبية عملت على فرضية فرض ضريبة على جميع المودعين، لكنها اقترحت نسبا اقل ارتفاعا تدور حول 3' على المودعين الاقل ثراء.من جهته حذر المدير العام لصندوق الانقاذ في منطقة اليورو كلاوس ريغلينغ الحكومة القبرصية من اي مبادرة لتخفيف بنود خطة الانقاذ الخاصة بها، وذلك في مقابلة نشرت امس الثلاثاء.
وقال الالماني ريغلينغ لصحيفة (بيلد) الالمانية ان 'مسالة معرفة من هو الذي يفترض في قبرص ان يدفع ثمن استقرار البلاد ومصارفها، تعود فقط للحكومة القبرصية. لكن في النهاية ينبغي ان تكون هناك مساهمة من قبرص تعادل قيمتها ما تم الاتفاق عليه مساء الجمعة'.
وفي هذه المقابلة شدد المدير العام للآلية الاوروبية للاستقرار على ان افلاسا لا يمكن التحكم به 'قد يعرض اليورو للخطر الان'.
وبالتزامن، ابدى ريغلينغ ثقته في ان المرحلة التي شهدت عمق الازمة في منطقة اليورو ولت. وقال للصحيفة الاكثر انتشارا في المانيا ان 'كل الارقام تدل على ان الدول التي تمر بازمات مثل ايرلندا والبرتغال، هي على الطريق الصحيح. والعائدات تعمل: ان اسوأ فترة في ازمة اليورو في هذه الدول باتت وراءنا'.