أخذت تحركات هيئة التنسيق النقابية بعداً اجتماعياً وطبقياً متجاوزة بعدها المطلبي المتعلق بإحالة سلسلة الرتب والرواتب الى المجلس النيابي، لتطال المطالب تصحيح الخلل في توزيع الثروات
أخذت تحركات هيئة التنسيق النقابية بعداً اجتماعياً وطبقياً متجاوزة بعدها المطلبي المتعلق بإحالة سلسلة الرتب والرواتب الى المجلس النيابي، لتطال المطالب تصحيح الخلل في توزيع الثروات، إصلاح النظام الضرائبي والاجتماعي والصحي، تحرير الاملاك العمومية البحرية، مكافحة الفساد والهدر في الدوائر الرسمية، إلاعتراض على نظام الاحتكارات واللوبيات وسيطرة التكتلات الاقتصادية، كما انتقلت تحركات الهيئة الى خوض معركة الجياع و الفقراء ضد اصحاب الرساميل وحيتان المال... اصبحت مطالب هيئة التنسيق ربيعاً نقابياً، سحابة صيف اصلاحية تضيئ على شوائب النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي القائم وتطالب بإعادة صياغته...
تواجه تحركات الهيئة، العابرة للطوائف والانتماءات السياسية، تحديات هائلة تعود غالبيتها الى النظام السياسي الطائفي، الى تجـّذر المصالح الاقتصادية والمالية بين اهل السياسة واهل الاقتصاد، الى عدم وجود فريق سياسي مؤيد لها في المعارضة او في الاكثرية ، الى ضعف دعم الحركة النقابية ...
في المقابل ترفض الهيئات الاقتصادية والمصرفية السلسلة لانها تتخـّوف من ان تلجأ الحكومة الى تدابير ضرائبية لتغطيتها مما يتسبب في زيادة الشلل في الحركة الاقتصادية وزيادة مشكلات مؤسساتها ام ان تضطر الحكومة الى اللجوء الى الاستدانة مما يتسبب بزيادة العجز في المالية العامة، وبإنعكاسات سلبية على التصنيف الائتماني للدولة، وبإرتفاع معدلات الفوائد و بتزايد حجم المديونية... كما تتخوف الهيئات الاقتصادية ان يؤدي اقرار السلسلة الى تضخم اسعار السلع، و تهديد الاستقرار النقدي مع ضخ كتلة نقدية سنويا، ضخمة وغير منتجة في الاسواق، اضافة الى الخوف من انتقال عدوى السلسلة الى الموظفين في مؤسساتها .
اما الحكومة فإنها مترددة في اتخاذ قرار احالة السلسلة الى المجلس النيابي، لانها متخوفة من تداعياتها لاحقا على المالية العامة، وعلى الاستقرار الاقتصادي والمالي والاجتماعي.
-1-أمــا أهــم مصــادر تمويــل السلسلــة فهــي التاليــة: تقدر الايرادات بين 1500 و 2500 مليار ليرة .
1- استحداث ضريبة معدلها 15 % على التحسين العقاري الناتج عن تفرغ الاشخاص الطبيعيين والمعنويين عن العقارات:يوفر ايرادات مقدّرة بحوالي 400 مليار ليرة.
يضاف الى هذه الضريبة رفع معدل الضريبة على ارباح الشركات العقاريــة مــــــن 15 % الى 20 % مما يوفر ايرادات تفوق 300 مليار ليرة ورفع الضريبة على الربح المقطوع لتجار البناء من 10 % الى 15 % يوفر حوالي 200 مليار ليرة.
2- فرض رسوم على زيادة عامل الاستثمار ( طابق ميقاتي ) مع الاخذ في الاعتبار توصيات التنظيم المدني، توصيات ايجابية لانها تحاول احتواء تداعيات اقتراح ( طابق ميقاتي ) كما انها تطرح تدابير لحماية البيئة والبنية التحتية ( المباني الخضراء او المستدامة ) وتوزع زيادة عامل الاستثمار حسب المناطق وعدد الطوابق في المبانـــــي ( 25 % للمباني الذي يقل عدد طوابقه عن الاربعة، طابق اضافي للمباني الذي يتجاوز عدد طوابقه الاربعة ).
يوجد صعوبة في وضع تقديرات للايرادات لان التطبيق يحتاج الى اصدار مراسيم في مجلس الوزراء.
3- زيادة الرسوم على مساحات البناء المرخصة: تقدّر الايرادات 545 مليار ليرة.
طرح ايجابي يستند على زيادة الرسوم على مساحات البناء المرخصة التي بلغت 14.7 مليون متر مربع في العام 2012 و الموزعة بنسبة 59 % لجبل لبنــــــان، 8.86 % لبيـــروت، 8.75 % للشمال، 10.76 % للبقاع، 12.6 % للجنوب. لا يؤثر الطرح على اسعار العقارات ولا على البيئة ولا يزيد من مشكلة السكن و لا يتسبب بمشاكل اضافية للبنية التحتية.
4- رفع الضريبة على القيمة المضافة مـــــن 10 % الــــى 15 % على الكماليـــــــات ( السيارات، الاجهزة الخليوية و الكهربائية، السلمون...): خطوة ايجابية ومشجعة ولا تطال الطبقات الوسطى او المحدودة الدخل. توفر ايرادات بحوالي 200 مليار ليرة.
يضاف اليها زيادة الضريبة على المسكرات والمشروبات الروحية مما يوفـّر ايرادات اضافية مقدرة بحوالي 70 مليار ليرة.
5- غرامات على الاملاك العمومية البحرية: لم ترصد الحكومة ايرادات لها في مشروع موازنة العام 2013 بسبب حاجتها الى توافق سياسي وبسبب صعوبة التحصيل.
لقد قدرت الايرادات سابقا بحوالي 300 ميار ليرة.
نستطيع ان نضيف الى هذه المصادر ، مصادر اخرى تتعلق بالقطاع المصرفي الذي ازدادت ارباحه في العام 2012 حوالي % 2.53 لتصل الى 1620 مليون دولار، كما سجل في الشهر الاول من العام 2013 ربحا بقيمة 167 مليون دولار اي بزيــــادة 28.4 % .
أمــا أهــم المصــادر:
- رفع معدل الضريبة على ارباح المصارف من 15 % الى 20 % : يوفر ايرادات اضافية مقدرة بحوالي 120 مليار يرة.
- فرض ضريبة معدلها 0.5 % على سندات الخزينة المحمولة من المصارف على غرار حاملي سندات الخزينة من الافراد ، يوفر ايرادات مقدرة بحوالي 225 مليار ليرة ( تحمل المصارف سندات خزينة بقيمة 30 مليار دولار )
ثالثا: وسائل تمويل السلسلة:
ان الكلفة النهائية للسلسلة غير واضحة ولكنها تراوح بين 1700 مليـــار ليــــرة و 2200 مليار ليرة، موزعة بين غلاء المعيشة البالغة 750 مليار ليرة و الملحوظة في مشروع موازنة العام 2013 وبين كلفةالرتب الوظيفي البالغة حوالي 1000 مليار ليرة.
ان الحل الانسب لاحتواء تداعيات السلسلة اقتصاديا وماليا ونقديا، و لتأمين موارد دائمة لها، هو بتقسيط كلفة الرتب الوظيفي البالغة 1000 مليار ليرة لاربع سنوات اي بدفع 250 مليار ليرة سنويا، من دون تقسيط غلاء المعيشة المرصودة في مشروع الموازنة والبالغة 750 مليار ليرة.
تستطيع الحكومة ان تدفع حينذاك في شكل تصاعدي فــــــي السنــــــة الاولـــــــى: 750 + 250 = 1000 مليار ليرة، في السنة الثانية 1250 مليار ليرة، في السنة الثالثة 1500 مليار ليرة و في السنة الرابعة 1750 مليار ليرة.
أنتجت تحركات هيئة التنسيق ربيعاً نقابياً عابراً، اضاءت على شوائب النظام الاقتصادي والمالي القائم وترابطه مع اهل السلطة . فإن مطلب هيئة التنسيق حق جاء متأخرا لعشرات السنوات ولكن الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة تدفعنا الى المطالبة بتقسيطها لاحتواء التداعيات الاقتصادية والنقدية.
أخيرا لا بد ان نشير الى ان احالة الحكومة مشروع السلسلة مستقل عن مشروع الموازنة يعتبر مخالفاً للقوانين ومخالفاً لمبدأي شمولية ووحدة الموازنة.