29-11-2024 06:36 PM بتوقيت القدس المحتلة

البحث عن الكرامة.. في يوم الكرامة

البحث عن الكرامة.. في يوم الكرامة

في اليوم الذي يستعيد فيه الفلسطينيون والعرب احداث "معركة الكرامة" المجيدة في 21/3/1968 يبحث اكثر من 470 الف لاجئ فلسطيني مسجل في سجلات الاونروا في لبنان عن كرامتهم المسلوبة


علي هويدي

في اليوم الذي يستعيد فيه الفلسطينيون والعرب احداث "معركة الكرامة" المجيدة في 21/3/1968 يبحث اكثر من 470 الف لاجئ فلسطيني مسجل في سجلات الاونروا في لبنان عن كرامتهم المسلوبة، ويسألون عن حقهم بان يعيشوا بكرامة الى ان يعودوا الى ديارهم وممتلكاتهم في فلسطين، يسألون عن حقهم في العمل، في التملك، في التنقل من والى خارج لبنان، في البناء، في الإستشفاء، في التعليم، في التمدد العمراني، في الشخصية القانونية لفاقدي الاوراق الثبوتية، عن تسجيل من هم غير مسجلين في سجلات وكالة الاونروا من اللاجئين، عن العيش في مناخ آمن فيه استقرار...، وكذا انضم إليهم مؤخراً حوالي 35 الف لاجئ فلسطيني من سوريا يبحثون عن الكرامة في أزقة المخيمات لعلهم يجدون مكانا يبيتون فيه أو معونات يستجدونها من هنا وهناك وهنالك في طوابير يجتمع فيها المضطر والمحتاج من الاطفال والنساء والرجال والمسنين والمعوقين وغيرهم.

يحتاج اللاجئون في لبنان ان يفهم فريق سياسي لبناني بأن عيشنا بكرامة لا يعني التوطين ولا يلغي حقنا بالعودة. ان يعيش اللاجئ الفلسطيني بكرامة مسؤولية لا تتحملها الدولة اللبنانية وحدها على الرغم من ان توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية سيساهم في تحقيق جزء من الاحتياجات الانسانية الضروروية التي تساهم في استكمال عناصر الحق في استعادة الكرامة، فللمجتمع الدولي ممثلا بالامم المتحدة دور يتمثل بالتدخل لانهاء حالة اللجوء من خلال تكريس وتسهيل حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين وانهاء الاحتلال، وللاونروا دور من خلال التنسيق مع لبنان الدولة المضيفة خاصة على مستوى قوننة الوجود الفلسطيني في لبنان، عدا عن توفير جميع احتياجات اللاجئين الفلسطينيين من الاغاثة والتشغيل والحماية، وللفصائل الفلسطينية دور في محاصرة اي خلل امني داخل المخيمات والتنسيق مع الجميع لتوفير ما يلزم من احتياجات، وللجيش اللبناني دور في تحويل الصورة النمطية السائدة لدى العقل الفلسطيني الذي يعتبر ان حاجز التفتيش على مداخل المخيمات ليس لتوفير الحماية وانما للاهانة والاذلال وتكريس الحصار، ولمنظمات المجتمع المدني دور في التوعية لاهمية ممارسة الحقوق ولو بالحد الادنى عن ماهية الكرامة وادوات المطالبة بتحقيقها وممارستها على قاعدة الحقوق والواجبات، وللجان الشعبية والاهلية في المخيمات دور تفصيلي حياتي حيوي يومي من خلال العلاقات الاخوية والتقريب بين ابناء القضية الواحدة والتنسيق مع كافة الاطراف ذات الصلة بحال المخيمات اليومي وما يستجد من تطورات، والاهم اكتمال وجود هذه العناصر مجتمعة، وجلوسها على طاولة مستديرة للبحث في توزيع وتنسيق الأدوار بحيث يتحقق فعلا لا قولا "الكرامة للجميع".

معركة الكرامة واحدة من المناسبات الوطنية الجامعة التي ترجمت وحدة القرار الفلسطيني والاردني وعلى الرغم من قلة العدد والعتاد فقد تلقى جيش الاحتلال درساً مفصلياً من تاريخ الصراع العربي الصهيوني، خسر الاحتلال 250 جنديا وجرح 450 اخرين وتم تدمير 47 دبابة و53 الية مختلفة وسقوط سبعة طائرات حربية، في المقابل سقط من الشهداء 87 مقاتلا اردنيا وجرح 108 وتدمير 13 دبابة و49 الية مختلفة ومن الجانب الفلسطيني سقط 95 شهيدا و200 جريحا، حتى سمي ذلك اليوم بيوم استعادة الكرامة بعد هزيمة حزيران عام 67.

بعد 43 سنة وفي شهر ايار من العام 2011 كشف الاحتلال عن وثائق سرية تعترف بفشله في معركة الكرامة اذ ذكر حينها بأن الجيش "الإسرائيلي" أخطأ في تقديراته العسكرية، معتقداً أن "الكرامة" خربة صغيرة، فيما هي بالفعل بلدة تعد بآلاف المنازل، وكانت مقاومتها شديدة للغاية، حيث استهدف فدائيوها المدرعات والدبابات التابعة لوحدات الكوماندوز الخاصة بالقنابل اليدوية عن بعد أمتار، وانه الاحتلال فشل في تقدير قوة رد الجيش الأردني، وعدم هروبه إلى عمّان، وضرورة استهدافه بالطائرات أولاً، كما اعترف قائد الجيش "حاييم بارليف" أن الاستخفاف بالعدو، والتوغل أكثر من اللازم لعبا دوراً في الفشل، وقال بأن النتائج، وبقاء بعض المعدات الإسرائيلية أضرت بصورة "إسرائيل"، وقوة ردع جيشه".

اذا امام ارادة الشعبين الفلسطيني والاردني سقط الهدف الاستراتيجي لجيش الاحتلال من معركة الكرامة الذي كان يمهد للاقتراب من العاصمة الاردنية عمان من خلال احتلال مرتفعات البلقاء وضم اجزاء جديدة من الاردن وتحويلها الى جولان اخر لتحقيق اهداف عدة ابرزها، تدمير قوة المقاومة الفلسطينية وارغام الاردن على قبول التسوية التي تفرضها (اسرائيل) وبالشروط التي تراها ومن مركز القوة.

امام ذاكرة استعادة الكرامة في العام 68، كلاجئين فلسطينين في لبنان ومعنا الكثيرون من المتضامنين من العرب وغير العرب، نحن امام تحد حقيقي لممارسة كافة الوسائل السلمية للضغط على كل من يعنيه الامر لنيل حقنا بالعيش بكرامة مثل بقية شعوب العالم حتى تتحقق العودة، وأن يصمت إنسان على كرامة تهان فليس هذا بشيئ من الكرامة.

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه