28-11-2024 10:00 AM بتوقيت القدس المحتلة

"إعلان اوجلان": سحب الورقة الكردية من يد الأسد

يبدو أن الواقع الكردي الجديد في تركيا هو رهن التزام الأخيرة بتطبيق اتفاقها مع حزب العمال، لكن في الباطن فإن تداعيات هذا الواقع تتعدى حدود ديار بكر وصولاً إلى دمشق

أثناء تلاوة رسالة اوجلان التي دعت الأكراد إلى ترك السلاح والدخول في عملية سياسية مع الدولة التركية
عام 1984 بدأ الأكراد نضالهم، وفي عام 2013 أعلن رئيس حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان المعتقل في جزيرة ايمرالي في بحر مرمرة منذ عام 1999، نهاية النضال العسكري في وجه السلطات التركية ودخول مرحلة جديدة عنوانها: السياسة الديمقراطية.

هو الإعلان-الإنتصار، بحسب اوجلان الذي قال في رسالته، التي تمّ الإعلان عن محتواها في عيد النوروز أمام حشد من الأكراد في ديار بكر، "لقد دفعنا ثمناً باهظاً وانتصرنا وكسبنا هويتنا"، خصوصاً أن الإتفاق الذي أنتجته المفاوضات مع الدولة التركية والتي سبقت إعلان اوجلان، قد تضمن اعترافاً بالهوية الكردية، وهو ما يشكل الهدف المركزي لقضية حزب العمال الكردستاني. لكن اعتبار هذا الإعلان، الذي كلف الأكراد التخلي عن ثقافة القتال بانسحاب مقاتليهم إلى جبال القنديل في شمال العراق، بمثابة انتصار يبقى أمراً قيد النقاش والبحث حتى معرفة مصير الإتفاق الذي تمّ التوصل إليه مع الدولة التركية، ومدى التزام الأخيرة بخطوات فعلية باتجاه إرساء سلام حقيقي مع الأكراد، خصوصاً أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان سارع إلى انتقاد عدم رفع الأعلام التركية في ديار بكر خلال احتفال عيد النوروز، واصفاً ذلك "بالمحاولة الإستفزازية المصممة على تخريب العملية السياسية". هذا في الظاهر، أما في الباطن، فإنه يبدو أن لهذا الواقع الكردي الجديد تداعيات تتخطى حدود ديار بكر لتصل إلى قلب سورية.

"إعلان اوجلان" رهن مصداقية أنقرة: مستعدون للحرب كما للسلم

الخبير في الشؤون التركية محمد نورالدينفي السياق نفسه، يرى الخبير في الشؤون التركية د. محمد نورالدين أن تقييم الخطوة الكردية بشكل سلبي أو ايجابي يستند إلى "أفق العملية السياسية، وإن كان الأكراد في النهاية سيحصلون على المطالب التي يريدونها، أو هل سيضمنون الحد الأدنى منها، عندها يتمّ معرفة ما إذا تمّ التفريط أو عدم التفريط بالقضية الكردية من قبل اوجلان وحزب العمال الكردستاني".

وفي حديث لموقع المنار، لم يستبعد نورالدين عودة النزاع المسلح بين الأكراد والسلطات التركية في حال إخلال الأخيرة بما تمّ الإتفاق عليه، مشيراً إلى أنه وقتها ستكون "العواقب وخيمة"، وموضحاً أنها "ليست المرة الأولى التي يعلن فيها اوجلان وقف إطلاق النار، فقد قام بذلك عامي 1993 وعام 2004، ومع ذلك فقد تمّ استئناف العمل المسلح للأكراد في وقت لاحق، لذلك يجب الإلتفات إلى أن اوجلان لم يدع لإلقاء السلاح بل دعا إلى وقف القتال والعمليات العسكرية وانسحاب المقاتلين، أي أن السلاح لا زال موجوداً ومن الممكن إعادة تجهيز مقاتلين في الداخل التركي". ويتقاطع كلام نورالدين مع كلام الرجل الثاني في حزب العمال الكردستاني مراد قره يلان الذي أكد أن أوجلان "بدأ مرحلة جديدة ومهمة"، لكن "الحزب مستعد للحرب كما للسلم، فعام 2013 سيكون عام الحرب أو السلام".

اتفاق الكردستاني-أنقرة: سحب ورقة أكراد سورية من يد نظام الأسد

أما في حال سير العملية السياسية على نحو ايجابي والذي سينعكس هدوءاً في جنوب شرق تركيا، وعدم حمستعدون للحرب كما للسلمدوث "محاولات عرقلة كحصول صدامات أو تفجير ألغام"، كما توقعت صحيفة "ميللييت" التركية، فإن تداعيات "إعلان اوجلان" على الداخل التركي وعلى الأكراد ستتسم بالإيجابية، خصوصاً أن الحزب سيثبت وقتها أن ما حققه "هو بمثابة انتصار"، بحسب نورالدين. أما بالنسبة للسلطات التركية، فقد أكدت "ميللييت" أن ارساء السلام مع الأكراد من شأنه مع مرور الوقت أن "يسقط حزب العمال الكردستاني من أولويات الإهتمام في تركيا".

وفي ما يخص تداعيات ما جرى على المنطقة، يؤكد نورالدين أن أكراد المنطقة كأولئك المتواجدين في العراق وفي سورية يشاركون أكراد تركيا الهدف نفسه المتمثل بفرض الهوية الكردية بحصول الأكراد على حقوقهم. وفي هذا الصدد، يعتبر نورالدين أن أكثر المتأثرين بالواقع الكردي الجديد في تركيا هم أكراد سورية "على اعتبار أن الجهة السياسية التي تسيطر على الواقع الميداني في شمال سورية (مكان تواجد الأكراد) تتمثل بحزب الإتحاد الديمقراطي المؤيد لعبدالله اوجلان، وبالتالي سيرتبط بشكل أو بآخر مصير أكراد سورية بما سيكون عليه واقع الأكراد في تركيا، فإذا كانت الأمور متجهة إلى تسوية أعتقد أن الأكراد في سورية سيختارون طريقاً ينسجم بشكل أو بآخر مع المناخ الجديد في تركيا. وبالتالي لن يكونوا عامل ضغط على تركيا في ما يتعلق بالأزمة السورية، وهذا بتقديري ليس لصالح النظام في سورية". وينعكس ذلك ايضاً في كلام الزعيم الكردي قره يلان الذي خاطب أكراد سورية، وحيا "ثورتهم السورية المحقة"، قائلاً "لستم وحدكم، نحن خلفكم ليس ذلك فقط بل إلى جانبكم، طريقكم هو الطريق الصحيح وسوف تنجحون وسيكون النصر لكم".

هل هو مجرد "اتفاق وهمي"، بايعاز من واشنطن؟

الرئيس السوري بشار الأسد

يرى بعض المراقبون أن في حل المسألة الكردية في تركيا في ظل الظروف الحساسة التي تمرّ بها المنطقة، مصلحة أميركية ايضاً خصوصاً أنه سبق أن كان هناك تنسيق بين حزب العمال الكردستاني وبين النظام السوري وايران على أكثر من صعيد، وهو ما شكل خطراً على الدور التركي خصوصاً لجهة الأزمة في سورية. فهل يكون ما جرى مجرد ايعاز أميركي لأنقرة من أجل إرساء فترة من الهدوء مع الأكراد حتى نهاية الأزمة في سورية؟ وهو بحسب مراقبين أحد أهداف التعاون التركي مع رئيس اقليم كردستان-العراق مسعود البرزاني، الجواب يبقى برسم الأيام أو الأشهر المقبلة.