ابرز ما جاء في الصحف المحلية اليوم الاثنين 25/3/2013
رصدت الصحف اللبنانية آخر التطورات على الساحة الداخلية في ظل الفراغ السياسي المخيم بعد استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. كما افردت الصحف مساحة للحديث عن استقالة احمد معاذ الخطيب رئيس ما يسمى بالإئتلاف السوري المعارض.
السفير
سليمان وميقاتي مطمئنان وبري مستعجل والحريري متجاوب وجنبلاط «الصوت المرجّح»
ما بعد الاستقالة: الحوار «يدير» الفراغ
ما تزال صدمة استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ترخي بمفاعيلها على الوضع اللبناني، في وقت بدا ان «المعدة السياسية» للأطراف الداخلية لم «تهضم» بعد، بشكل كلي، قرار الاستقالة الذي بقي مادة قراءات وتحليلات متناقضة، تراوحت بين ربط القرار بحسابات إقليمية ودولية وبين حصره بملف التمديد للواء أشرف ريفي.. وربما ببعض الحسابات المحلية والطائفية والمناطقية الضيقة.
وقد جاءت مناسبة الأعياد لتعطي القوى السياسية فرصة لالتقاط الأنفاس والتأني في تحديد الخيارات المقبلة، حيث من المتوقع ان تؤجل أي خطوة الى منتصف الأسبوع المقبل، وإن يكن استئناف الحوار الوطني هو الاحتمال الأرجح كونه يشكل القاسم المشترك الأبرز، وربما الأوحد، في هذه المرحلة، قبل الخوض في معمعة التكليف والتأليف.
وفي الانتظار، يراجع الجميع حساباتهم وخياراتهم، استعداداً لاستحقاق اختيار اسم الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة. الأسماء المرشحة كثيرة، لكن تلك القادرة على البقاء في المنافسة والانتقال الى الدور الثاني الحاسم قليلة. وفي كل الحالات، لا يمكن فصل الاسم عن وظيفة الحكومة المقبلة وتركيبتها، إذ أن حكومة الوحدة الوطنية تستوجب رئيساً بمواصفات معينة، والحيادية او التكنوقراط تتطلب رئيساً من نوع آخر، والسياسية تحتاج الى خلطة مغايرة.
وعليه، هناك في «8 آذار» من ينصح الحلفاء بعدم الذهاب بعيداً في الهجوم على نجيب ميقاتي وتهشيم صورته انتقاماً من قرار الاستقالة، حفاظاً على خط الرجعة، لأن السياسة لا تعترف بالمستحيلات، وربما تقود الظروف مجدداً الى إعادة تسميته.
على الورق، لكل اسم متداول نقاط ضعفه ونقاط قوته، لكن الأفضلية هي لمن يستطيع تأمين أكثرية نيابية حوله. هنا، يستعيد النائب وليد جنبلاط مرة أخرى بريق «الصوت الوازن» الذي يرجح كفة على أخرى. الأكثرية التي أتت بالرئيس ميقاتي تبدو الآن «خارج الخدمة». وحده خيار جنبلاط يستطيع ان يحدد هوية الأكثرية المقبلة وبالتالي رئيس الحكومة الجديد. نظرياً، بإمكان جنبلاط ان يتواطأ مع «14 آذار»، أما عملياً، فهو سيتجنب على الأرجح استفزاز الرئيس نبيه بري و«حزب الله».. وأغلب الظن، ان رئيس الحكومة المستقيل يتصرف على أساس أن الموقف الجنبلاطي وموقفه سيكون واحداً.
وإذا كان قرار استقالة ميقاتي لا يخلو من بصمات إقليمية ـ دولية، كما يؤكد خصومه، فإن قرار تشكيل الحكومة المقبلة يحتاج الى توقيع خارجي ايضاً، وهو توقيع لن يكون الحصول عليه سهلاً في ظل احتدام المواجهة حول سوريا والملف النووي الإيراني، وما يستدعيه ذلك من تحسين لشروط المعركة او التفاوض في ساحات الجوار المثقوبة، وأبرزها لبنان.
دعاة النظر الى الجانب المليء من الكوب، يلاحظون ان استقالة ميقاتي خففت على الأقل من حدة الاحتقان المذهبي وفتحت نافذة على تسوية تتسع للجميع. في المقابل، يتوقع المتشائمون أن يدخل البلد في أزمة سياسية - وطنية تشمل الحكومة والانتخابات النيابية، حتى إشعار آخر، من دون استبعاد أن يكون الأمن مدخلاً لجعل العواصم الكبرى والإقليمية تعطي شيئاً من «وقتها السوري» للبنان.
بين هذين الحدين، عادت طاولة الحوار الى الضوء بقوة دفع من الرئيس بري الذي طالب بالتئامها قبيل مشاورات التكليف. وإمكانية استئناف «الحوار» كانت مادة نقاش في اتصال هاتفي جرى أمس الاول بين بري ورئيس الجمهورية، الذي أوضح أنه يدرس الأمر ويستمزج الآراء حوله.
وتفيد المعلومات ان سليمان سيدعو، بعد عودته من القمة العربية، الى معاودة الحوار في الأسبوع المقبل (بعد انتهاء الأعياد)، وقبل البدء بالاستشارات النيابية الملزمة.
سليمان لا يخشى الفراغ
وقال الرئيس سليمان لـ«السفير»: لا خوف من الفراغ، والأمور ستسير وفق الدستور والقوانين، والحكومة التي تستقيل يمكن تشكيل غيرها، فالسياسيون في لبنان ليسوا اعداء ولا صهاينة، نحن شعب واحد، ويمكن ان نحل مشكلاتنا بالحوار. وأضاف: ربما تُحدث استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي صدمة إيجابية تدفع بالأوضاع نحو الأحسن والعودة الى الحوار بين مختلف الأطراف، وهذا ما نسعى له وسنعمل عليه بعد عودتنا من الدوحة.
بري: الحوار ملحّ
وقال الرئيس نبيه بري لـ«السفير» إن انعقاد طاولة الحوار بات أمراً ملحاً وضرورياً من أجل رسم الخطوط العريضة لكيفية مقاربة استحقاقي إجراء الانتخابات وتشكيل الحكومة، مشيراً الى انه يعارض شخصياً تشكيل حكومة حيادية او تكنوقراط، لأن وضع البلد والمنطقة لا يحتمل مثل هذه التركيبة، وإنما يحتاج الى حكومة سياسية، تستطيع ان تحكم وتمرر هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة.
وأكد ان «قانون الستين» أصبح خارج المعادلة، والموقف الحازم من «هيئة الإشراف» هو أكبر دليل على ذلك.
ورداً على سؤال عما يمكن أن يفعله إذا قدمت بعض القوى السياسية ترشيحاتها على أساس «الستين» قبيل انتهاء مهلة الترشيح في العاشر من نيسان، أجاب: عندها، سأدعو الى عقد جلسة تشريعية فورية للتصويت على «الأرثوذكسي».
ميقاتي: لا أبعاد خارجية
وقال الرئيس ميقاتي لـ«السفير» إنه مقتنع بصوابية قرار الاستقالة، ونفى وجود أي أبعاد خارجية، «فلو كان كتاب استقالتي قد كُتب في السفارات، كما روج البعض، لكان قد جوبه بالاعتراض الشديد، بدليل الإشارات السلبية التي تلقيتها من عدد من العواصم بعد إعلان قراري مباشرة».
ورداً على سؤال عن سبب استثنائه «حزب الله» ممن وجه إليهم الشكر، أجاب ميقاتي أنه حصر الأمر بالرؤساء وبالشريك الوسطي(وليد جنبلاط) وأنه عندما كان يشيد بجميع مكونات الحكومة كان يقصد «حزب الله» والآخرين، «وأنا قلتها علناً وأكررها أن أكثر وزيرين كانا متعاونين معي في الحكومة هما محمد فنيش وحسين الحاج حسن، وقد كانا نموذجاً يقتدى به في العمل الحكومي»، وأضاف «أنا أشهد أن «حزب الله» كان الأقل تطلباً في الحكومة.. وأنا أحترم قرارهم بعدم السير بموضوع التمديد لأشرف ريفي.. ولو أنه كان سبباً لاستقالتي من الحكومة».
ورداً على سؤال، قال ميقاتي إن اتصال الرئيس سعد الحريري به لم يدم أكثر من دقيقة واحدة وأن الحريري هنأه على خطوته الجريئة وقال له «عسى أن تكون هذه الخطوة مفيدة لك وللبلد»، وكان جوابي: «إن شاء الله أن تكون خيراً لي ولكم وللبلد».
«المستقبل»: مستعدون للتجاوب
إلى ذلك، أبلغت مصادر مقربة من رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري «السفير» الاستعداد للتجاوب مع أي دعوة من رئيس الجمهورية لمعاودة الحوار الوطني من أجل التداول في مسألتي الانتخابات والحكومة ومناقشة كيفية الخروج من المأزق الحالي، لافتة الانتباه الى ان «المستقبل» كان يشترط لاستئناف الحوار والمشاركة في الجلسات النيابية العامة استقالة الحكومة، وهذا الشرط تحقق الآن.
وأوضحت المصادر ان «تيار المستقبل» يعتبر ان تشكيل حكومة حيادية إنقاذية هو الخيار الأفضل في هذه المرحلة، مشيرة الى ان الرئيس المكلف يجب أن يكون منسجماً مع هذه التركيبة، ما يعني حكماً أنه ينبغي أن يأتي من خارج» 8 و14 آذار». وأكدت أن أي تشاور فعلي لم يبدأ بعد داخل «كتلة المستقبل» او صفوف « 14آذار» في شأن اسم رئيس الحكومة، مرجحة انطلاق عجلة التشاور بدءاً من غد الثلاثاء.
طرابلس تهدأ
في هذه الأثناء، استعادت طرابلس هدوءها، بعدما نجح الجيش في فرض وقف إطلاق النار من خلال اقتحامه بعض محاور الاشتباكات، وبشكل استثنائي، لفرض التهدئة بالقوة، لا سيما في ظل التطور الملحوظ الذي طرأ على نوعية السلاح المستخدم.
وقد نفذ الجيش إجراءات أمنية استثنائية، استكملها طوال ساعات ليل أمس الأول حتى الفجر، في تدبير عسكري صارم لم تشهده مناطق التوتر خلال 15 جولة عنف سابقة، حيث تصدى الجيش لبعض المسلحين بإطلاق الرصاص إرهاباً بداية، ومباشرة بعد عدم الاستجابة، مستخدماً أسلحة رشاشة ثقيلة ومستعيناً بكاشف ليلي لتقفي اثر المسلحين في الأزقة الضيّقة المعتمة، ولملاحقة القناصة على أسطح المباني.
وترافق انتشار الجيش مع اتصالات كان يجريها قادة المحاور العسكرية مع المسلحين بضرورة الانسحاب السريع وعدم إظهار السلاح او أي شيء يدل على شخصيتهم العسكرية من لباس او اجهزة اتصال لاسلكية.
وقائع من مفاوضات ربع الساعة الأخير مع بري و«حزب الله» قبل أن يقول ميقاتي «باي باي»
«السـفير» تنشـر الروايـة الكاملـة لاسـتقالة رئيـس الحكومـة
عماد مرمل
لا يزال الكثيرون في الوسط السياسي منشغلين بفك لغز استقالة الرئيس نجيب ميقاتي وتفسير خلفياتها، لاسيما أنها لم تكن مطروحة حين وصل ميقاتي الى بيروت، عائدا من الفاتيكان، مساء الثلاثاء الماضي. هذا ما يؤكده الذين تسنى لهم أن يكونوا الى جانبه، أثناء وجوده في الفاتيكان، وفي طريق العودة الى لبنان، على متن طائرته الخاصة. لكن، شيئا ما طرأ خلال المدة الفاصلة عن موعد جلسة مجلس الوزراء الخميس ولاحقا الجمعة، خلط الأوراق وقلب المعطيات.
عند انتخاب البابا فرانسيس الأول، اتصل ميقاتي بالرئيس نبيه بري، في بادرة، كسرت حالة الفتور التي كانت سائدة بين الرجلين، وقال له ضاحكا: تمعّن جيدا في صورة البابا الجديد... إنه يشبهني. ضحك بري من كل قلبه، ثم تصحّف بعض الجرائد، ليكتشف أن ميقاتي كان محقا في ملاحظته. «إنه يشبه البابا فعلا». قال بري لمعاونه السياسي علي حسن خليل.
رحلة الفاتيكان
لاحقا، توجه بري وميقاتي الى روما لتهنئة البابا بانتخابه. في اليوم التالي لوصولهما، اتفق ميقاتي مع رئيس المجلس على تناول العشاء في أحد المطاعم الشهيرة في قلب العاصمة الايطالية. رحّب بري باقتراح السمك، خصوصا أنه يصوم عن تناول اللحم في الخارج. وما أن همّ الرجلان بتناول الطعام حتى وصلهما الخبر السيئ: أربعة مشايخ تعرضوا للاعتداء في بيروت والشياح.
وقع الخبر كالصاعقة على الاثنين، وخصوصا على بري الذي سارع الى إجراء الاتصالات بقيادات حركة «أمل» والمسؤولين الأمنيين في الدولة، طالبا توقيف المتورطين على الفور، بل انه أبلغ من يعنيهم الأمر أنه في حال أخفقت الأجهزة الرسمية في اعتقال الفاعلين خلال نصف ساعة، فهو سيطلب من عناصر «الحركة» القيام بالمهمة، حتى لو كان هذا التصرف سيبدو ميليشياويا بالنسبة الى البعض.
وبينما كان مدير المخابرات العميد ادمون فاضل يتحدث مع ميقاتي، انتزع بري الهاتف الجوال من يد رئيس الحكومة وقال له: «لا تعتقلوا الشابين من آل منصور وحدهما بل معهما والدهما وكل سليلتهما».
شعر بري بأن الوقت يمر بطيئا في حين أن الفتنة تتحرك سريعا، فسأل ميقاتي عما إذا كانت طائرته الخاصة قادرة على أن تقلّه الى العاصمة اللبنانية فورا، لأنه يفكّر بالعودة، لمعالجة الوضع شخصيا، عن قرب، ثم ما لبث أن صرف النظر عن الفكرة مع وصول الأنباء عن توقيف المتورطين بالاعتداء.
كان بري يتكلم عبر الهاتف، مع محادثيه في بيروت، بصوت مرتفع ومنفعل، دفع معظم زبائن المطعم الايطالي الى مغادرة المكان، فطلب من باب التعويض على إدارة المطعم ان تتم دعوة كل مرافقي الرئيسين ومساعديهما الى تناول العشاء وملء الطاولات الفارغة.
اتصال الحريري
وخلال وجوده في الفاتيكان، تلقى بري اتصالا هاتفيا من الرئيس سعد الحريري، وهو افترض للوهلة الاولى أن الأخير يريد الاستفسار حول حقيقة ما جرى تداوله في بعض وسائل الاعلام عن حصول اتفاق بينه وبين البطريرك بشارة الراعي والرئيس ميقاتي في شأن قانون الانتخاب. إلا أن الحريري فتح مع بري ملفاً آخر هو التمديد للواء اشرف ريفي، قائلا له: دولة الرئيس، أتمنى عليك الدعوة الى عقد جلسة تشريعية عاجلة من أجل التمديد للواء ريفي، وهناك اقتراح قانون معجّل مكرر بهذا الصدد مقدم من نواب «14 آذار».
ولمَ العجلة؟ سأل بري رئيس الحكومة السابق، فأجابه الحريري بأن الوقت أصبح داهما لأن ولاية اشرف ريفي تنتهي في الاول من نيسان المقبل، ويجب أن نفعل شيئا قبل فوات الأوان...
تنبّه بري الى أن موعد إحالة ريفي الى التقاعد اصبح وشيكا بالفعل، فما كان منه إلا ان طرح على الحريري عقد جلسة تشريعية، يتضمن جدول أعمالها، الى جانب اقتراح القانون المتعلق برفع سن التقاعد للقادة الأمنيين، اقرار قانون انتخابي جديد.
أراد بري بذلك استدراج فريق «14 آذار» للعودة عن قرار مقاطعة المجلس النيابي على قاعدة أنه هو من يقرر جدول الأعمال وليس أي أحد آخر.
وما لبث الحريري ان أضاف الى تمنيه أن تعقد الجلسة، إشارة الى أن فريقه يقوم بتوقيع عريضة نيابية تمهيدا لرفعها «الى دولتك».
استفز موضوع العريضة بري. قال إن أي دعوة لعقد جلسة عامة ستكون محكومة بجدول الأعمال الآتي: اولا مشروع «اللقاء الأرثوذكسي» بعدما جرى إقراره في اللجان، وثانيا، تمديد ولاية كل القادة الأمنيين، مذكرا الحريري بأن عضو كتلة « التنمية والتحرير» علي بزي قدم اقتراح قانون بالتمديد لقائد الجيش منذ شهور عدة.
وصلت الرسالة الى الحريري بشكل واضح، فيما بقي موضوع التمديد لريفي في مجلس النواب من دون حسم، ومفتوحا على مزيد من التشاور والاتصالات. حتى تلك اللحظة، كانت الكرة لا تزال عند بري، ولم تكن قد وصلت بعد الى ملعب ميقاتي.
لم يلمس بري في روما وجود أي من «عوارض الاستقالة» على سلوك ميقاتي، بل ان كل شيء كان يوحي بأن الرجل باق في السرايا الحكومية، عدا عن أن رحلة الفاتيكان، ساهمت في إعادة الحرارة الى اسلاك العلاقة السياسية والشخصية بين بري وميقاتي، في أعقاب مرحلة من البرودة على خلفية الخلاف حول مسائل عدة، منها ما يتعلق بالتعيينات وسلسلة الرتب والرواتب.
وأكثر من ذلك، تباحث الرئيسان في كيفية احتواء تداعيات أي قرار يمكن ان يتخذه رئيس الجمهورية بتعليق مشاركته ووزرائه في جلسات الحكومة، عند سقوط هيئة الاشراف على الانتخابات بالتصويت.
مفاجأة تنتظر ميقاتي في بيروت
بعد عودة ميقاتي الى بيروت، بدأت المعادلة تتغير تدريجيا. يطلب أشرف ريفي موعدا عاجلا عصر الثلاثاء من رئيس الحكومة. يسحب ريفي من ملفه ورقة رفيق الحسن، مدير عام قوى الأمن الداخلي في زمن رفيق الحريري الذي تم التمديد له بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء. وفق المرسوم جرى التمديد للحسن باستدعائه من الاحتياط، من قبل وزير الداخلية قبل أربعة أيام من بلوغه سن التقاعد، وتكرر التمديد في السنوات اللاحقة.
تشاور ميقاتي مع معاونيه. أُحرج الرجل بالصيغة التي اذا تعذر عليه تمريرها سيقال أنه فرّط بالموقع السني الأمني الأول. صباح الأربعاء، اجتمع ميقاتي لعشر دقائق مع السفير السعودي على عواض عسيري الذي سلّمه رسالة من الأمير مقرن بن عبد العزيز يشكره فيها على تهنئته له بتعيينه نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء. بعد ذلك، استدعى رئيس الحكومة وزير الداخلية مروان شربل، وقال له: «أود منك أن تدرس الملف وأن تقدم صيغة الى مجلس الوزراء بالطريقة نفسها». وقد أعجب وزير الداخلية بالصيغة وتعهد بدرسها وإعطاء جواب عليها».
مفاوضات مع «حزب الله»
طلب ميقاتي من الحاج حسين خليل جوابا على الاقتراح، فجاءه على غير ما اشتهاه. دخل على الخط اللواء عباس إبراهيم، فقال له رئيس الحكومة: «أنت ضابط وتستطيع تقدير الموقف. أرجو أن تحاول إقناع الحزب بالموضوع. أنا لا أريد التمديد سنة لأشرف بل لثلاثة أشهر فقال له ابراهيم: «لتكن ستة أشهر (حتى نهاية أيلول)، وإذا حصل تمديد في أول تشرين لقائد الجيش يشمل التمديد كل القادة الأمنيين والعكس صحيح».
عاد ابراهيم بالجواب في اليوم التالي بأن الحزب وميشال عون لن يسيرا بالطرح. ولم يمض وقت حتى اتصل الحاج حسين خليل بميقاتي وقال له: «يا دولة الرئيس. لا تتعب نفسك. ما قلته لك واضح بالنسبة إلينا، ولا ضرورة لتوسيط أحد بالموضوع».
الاستعانة ببري
قرر ميقاتي أن يذهب الى بري، بعدما شعر أن هامش المناورة لديه يضيق، وأن الخيارات أمامه تتقلص الى حد اختصارها باثنين: إما التمديد لريفي الذي بات يمثل تقاطعا سنيا ـ سعوديا ـ غربيا، وإما الاستقالة.
وما زاد من حراجة موقف ميقاتي «تشدد» رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي كان قد هدد بتعليق ترؤسه لجلسات مجلس الوزراء إذا لم تُقر هيئة الاشراف على الانتخابات. حسبها ميقاتي، فوجد انه سيكون من غير الملائم ان يقف مكتوف اليدين إذا جرى تعطيل التمديد لريفي، في وقت بلغ رئيس الجمهورية في دفاعه عن صلاحياته حد مقاطعة الحكومة.
تحت وطأة هذه الحسابات، زار ميقاتي صباح الجمعة الماضي رئيس المجلس الذي كان قد تلقى في الليلة السابقة إشارات الى احتمال استقالة ميقاتي وهو لم يتردد مساء في القول لأحد سائليه: «لا أعرف إذا كانت الحكومة ستبقى».
في عين التينة، أخرج رئيس الحكومة ورقة رفيق الحسن وابلغ بري انه متمسك بالتمديد لأشرف ريفي، وأنه يريد جوابا واضحا، شاكرا بري على موقفه وتعاونه وتقديره لحساسية موقفه سنيا.
دعا بري ضيفه الى التروي. ولفت انتباهه الى أنه مرّ خلال العامين الماضيين في اختبارات أصعب، تجاوزها بنجاح، ومنها تمويل المحكمة الدولية، مبديا استعداده للمساعدة في تجاوز العقدة الحالية، كما فعل في الماضي. وأبلغ رئيس المجلس ميقاتي أنه شخصيا لا يعارض التمديد لريفي، وأنه سيطلب من وزرائه التصويت الى جانب كل ما يمكن ان يطرحه رئيس الحكومة في جلسة مجلس الوزراء بعد الظهر.
وبالفعل، تواصل بري مع معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل ووزير الخارجية عدنان منصور، وأبلغهما بوجوب التجاوب مع أي صيغة يقترحها ميقاتي.
الفرصة الأخيرة
غادر ميقاتي عين التينة، قرابة الظهر، لأداء الصلاة، تاركا باب الاحتمالات مفتوحا على مصراعيه. بعد قليل، وصل قائد الجيش العماد جان قهوجي الى مقر الرئاسة الثانية، حيث كان بري ينتظره الى مائدة الغداء، للتداول في وضع طرابلس، ولكن باله ظل مشغولا بمصير الحكومة مع اقتراب موعد انعقاد مجلس الوزراء عند الرابعة بعد الظهر.
خلال الغداء، راودت بري فكرة تأجيل البحث في التمديد لريفي، وقرر ان يكلف معاونه السياسي بمناقشتها مع رئيس الحكومة، فاتصل بميقاتي وقال له بأن الوزير علي حسن خليل في طريقه اليه، مقترحا عليه أن يصطحبه معه في سيارته الى قصر بعبدا، على أن يبلغه في الطريق الرسالة التي يحملها.
وبالفعل، وصل خليل الى السرايا على عجل، وتوجه مع ميقاتي الى بعبدا. حاول المعاون السياسي جاهدا أن يقنع رئيس الحكومة بعدم طرح مسألة التمديد لريفي خلال جلسة مجلس الوزراء، من أجل إعطاء فرصة أخيرة لمحاولة إيجاد حل، في الايام الفاصلة عن انتهاء ولاية ريفي، غير أن ميقاتي أراد جوابا واضحا: اذا تم التأجيل الى ما بعد عودة رئيس الجمهورية من الدوحة، هل تضمن لي أن الاقتراح سيسلك طريقه في مجلس الوزراء؟ وكان متعذرا على خليل أن يقدم ضمانة لميقاتي.
باي باي!
أدرك ميقاتي حساسية موقف بري، فأجرى اتصالا بالحاج حسين خليل وطلب اليه أن يبلغ تحياته الى السيد حسن نصرالله، مؤكدا الآتي: إما أشرف ريفي أو باي باي». اجابه خليل: «ماذا تقصد باي باي». رد رئيس الحكومة: الاستقالة.
بعد قليل، رن هاتف ميقاتي وجاءه جواب «حزب الله» عبر خليل: «التمديد لريفي لن يمر واعمل ما يريحك يا دولة الرئيس».
الجلسة الدراماتيكية
وم