29-11-2024 04:41 PM بتوقيت القدس المحتلة

قرارات الدوحة والعياذ بالله

قرارات الدوحة والعياذ بالله

قُضي الأمر، والعياذ بالله، وأعلنت إمارة الغاز في قطر سيطرتها المطلقة على جامعة الدول العربية، تمهيداً لإعادة صياغة مهماتها بحيث تصبح أقرب ما يكون إلى «الدائرة القانونية لتشريع الحروب الأهلية العربية»

 

طلال سلمان

قُضي الأمر، والعياذ بالله، وأعلنت إمارة الغاز في قطر سيطرتها المطلقة على جامعة الدول العربية، تمهيداً لإعادة صياغة مهماتها بحيث تصبح أقرب ما يكون إلى «الدائرة القانونية لتشريع الحروب الأهلية العربية»، التي تستدرج التدخل الأجنبي ـ عسكرياً ـ تحت عنوان تحرير الشعوب من طغيان حكامها ووضعها على طريق بناء الديموقراطية!

ومَن أوْلى من شيوخ النفط والغاز في تدريس مناهج الديموقراطية وتقديم النماذج الحية لأنظمتها والتشريعات اللازمة لتأمين انتخابات لا تزوير فيها ولا مال يفسدها ويعكّر مناخ الحرية فيها، بالتزوير، كما الحال في لبنان، والعياذ بالله..

وتدل المقررات المصوغة بالذهب للقمة التي أكثرية الأعضاء فيها من طالبي القروض أو المنح أو الحسنات، أنه بإمكان إمارة الغاز أن تقرر، باسم الجامعة ونيابة عنها، مصائر دول عربية عريقة، ومؤسسة للجامعة، وأن تخلع أنظمة وتعيّن لكل حاكم بديلاً تسميه وتستدعيه من العواصم البعيدة لتمنحه المقعد الذي «طردت» منه صاحبه، والعياذ بالله.

لكأن الجامعة قد غدت بعدما صادرت إمارة الغاز قرارها المنصة الرسمية أو الإدارة الرسمية للحروب الأهلية العربية، بذريعة الحرص على أمن الوطن العربي... ويدخل ضمن هذا الحرص أن تتحول الجامعة إلى مجرد «وسيط» يحمل أية مشكلة عربية إلى مجلس الأمن الدولي، فإن رفضها لجأت إلى «الحلف الأطلسي» لكي يصنع «الحل» بطيرانه وصواريخه الحارقة المدمرة العمران والمؤهلة لأن تحمي منابع النفط وأنابيبه ومرافئ تصديره إلى الغرب، أمام عيون شعبه الذي يُعاد تحويله إلى قبائل مقتتلة، والعياذ بالله.


أليس ذلك ما جرى لليبيا وفيها؟
بل إن الجامعة التي كانت حاضنة عربية لكل دولها، قد غدت منبراً للترك وسائر الأعاجم يعتلونه ليطلقوا التهديدات ضد دول عربية، وليعطوا أنفسهم حق النطق باسم شعوب عربية مع تمنينها بأنهم لن يتخلوا عنها ولسوف يزوّدونها بأسباب القوة لتدمير ما تبقى من أوطانهم ودولهم التي أساءت أنظمتها إدارة قضايا فدفعتها نحو الحرب الأهلية التي تجد لها الآن أكثر من حاضنة بأكثر من قيادة، والعياذ بالله..

وعبر الجامعة المطوعة، وباسمها، أمكن للشيخ الثاني في إمارة الغاز أن يتباهى بالدعم الذي قدمه للدول التي عبر فيها «الربيع العربي» فاغتال فيها «الميدان» وثواره... بل أمكنه أن يبرّئ نفسه من حكم الإخوان والسلفيين الذي حاول ولا يزال اغتيال الثورة جميعاً، وإقامة نظام طغيان جديد، والعياذ بالله.

أما الأمين العام للجامعة الذي فُرض عليه أن يصبح ناطقاً بالأمر الواقع فقد حاول التأكيد أن الثورة قد بدأت في الجامعة، قبل أن يعترف بأن مجلس الأمن الدولي قد نسف مسعى الجامعة «لعدم الصلاحية» وأجهض الثورة متسبباً بالخراب الذي دمر البلاد بنظامها وثورتها، والعياذ بالله.

.. ولقد أحيت إمارة الغاز «المبادرة العربية» الأميركية المنشأ التي طرحتها السعودية في قمة بيروت في العام 2002، واستصدرت من الجامعة قراراً بإرسال وفد عربي إلى واشنطن، بالاستناد إلى المواقف المؤيدة ـ بالمطلق ـ لحق الشعب الفلسطيني في أرضه، كما عبّر الرئيس الأميركي الأسمر باراك أوباما خلال جولة نفاقه بين مقدسات إسرائيل ومقدسيها، في زيارته الأخيرة... وقد منح خلالها ثلاثين من الفضة للسلطة الفلسطينية «بدل خضوع» للاحتلال الإسرائيلي، والعياذ بالله!


وها إن القمة تتحدث عن مليار من دولارات الغاز!
«عياذ» هو الاسم الحركي للعصر القطري الذي يستبطن الهيمنة الأميركية الإسرائيلية على ما كان يسمى الوطن العربي.

..وما دام تحرير فلسطين حديث خرافة، فلقد قررت القمة في إمارة الغاز أن تركز جهودها على تحرير سوريا، وقد انتدبت لقيادة هذه العملية الفاصلة القائد التاريخي «عياذ» ومعه المفكر الاستراتيجي الذي استدعي من واشنطن لتزعم مجموعات المعارضات التي ترفض كل قادتها السابقين الذين ثبت أنهم إما عاجزون وإما مرتهنون وإما مستمتعون بجولاتهم السياحية من أجل التحرير... والعياذ بالله!

كيف يمكن، إذاً، الاحتفال بدخول «السفير» عامها الأربعين، في ظل القيادة القطرية للحروب الأهلية العربية، باسم الجامعة العربية وبأختامها؟

أعوذ بالله، من تصدّر إمارة الغاز ومن مصادرتها قرار الجامعة التي يفترض أنها تمثل دول الأمة، في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها.

وأعوذ بالله من أن تكون هذه الكلمات دفاعاً عن النظام الذي ضيّع سوريا بشعبها العظيم ودورها القومي الذي لا بديل منه.

إنها دفاع عن الأمة لا عن أنظمة الطغيان القائمة في دولها.

وهي دفاع عن حق كل مواطنيها بغد أفضل. وكل عام وأنتم بخير.

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه