سيسجل للديبلوماسية القطرية تمكنها من تنظيم القمة العربية الـ24، وهو لم يكن انجازا صعبا بالنظر إلى التعقيدات الإقليمية والداخلية الهائلة التي سبقت انعقاد قمة العام 2012، ولم تحل دون تمكن بغداد من تنظيمها.
خليل حرب
مبدئيا، سيسجل للديبلوماسية القطرية تمكنها من تنظيم القمة العربية الـ24، وهو لم يكن انجازا صعبا بالنظر إلى التعقيدات الإقليمية والداخلية الهائلة التي سبقت انعقاد قمة العام 2012، ولم تحل دون تمكن بغداد من تنظيمها.
وبخلاف شكليات الضيافة ومستلزماتها وخطاب الأمير الافتتاحي، فان ما سيكتبه التاريخ فعليا عن القمة في هذه الدولة الخليجية الصغيرة، نجاحها في «تقزيم» القضايا العربية، إلى صراع على... كرسي.
ما قيل حول سوريا، قد قيل. أشبعت الأزمة تصريحاتٍ ومواقفَ، الى ما قبل القمة العربية. وكانت امارة الشيخ حمد بن خليفة انهمكت، بـ«الثورات» العربية، وتسليمها الى الإسلاميين الجدد، بعدما حققت «خبطتها» الاكبر بربح معركة... «المونديال» الكروي قبل ثلاثة اعوام.
وخلال عامي الأزمة السورية، صارت سوريا هاجسا للسياسات القطرية. هطل المال والإعلام ليخوض المعركة السورية منذ يومها الاول على سائر الجبهات. عقدت مؤتمرات وانفضت، وصدرت قرارات وحيكت مخططات، وفرضت عقوبات ومقاطعة، وأرسلت الأسلحة، وصعدت حوريات ونزلت من السماء كرمى لعيون «الجهاديين»، وصار حمد بن جاسم يختال بصورة الحاكم بأمر الله لشؤون السوريين.
ولم يكن «التقزيم» ممكنا لولا أن نفوذ مصر الإقليمي كان قد انهار منذ عهد حسني مبارك، ثم انشغالها لاحقا بهمومها الداخلية ومراوغات رئيسها محمد مرسي ــ وهفواته اليومية ــ وانخراطه الواضح في مشروع «الهلال الإسلامي»، وتراجع الثقل السعودي ليتوارى خلف طلة... حمد بن جاسم.
ولهذا، يظل السؤال مشروعا: ماذا كان سيقال في قمة الدوحة بخلاف ما قيل؟! ما الذي يمكن ان يقدم اكثر من «الكرسي» لوفد الزعامات المعارضة التائهة؟!
وعلى الرغم من ان غالبية القمم العربية منذ انشاص في العام 1946، مرورا بالخرطوم وفاس وبيروت وغيرها، كان لها، بشكل أو بآخر، ما يطبعها، سلبا او ايجابا ــ احيانا في لهجتها، او قراراتها، او ظروف انعقادها ــ الا انها هذه المرة افتقرت إلى أي ميزة سياسية تذكر.
ولم يسعف قمة الدوحة الحضور «الهوليوودي» لمعاذ الخطيب المرتبك بين الاستقالة والاستنكاف، المستقر بثقة مفرطة على كرسي ليقود وفدا لا يؤمن جانبه، الضائع ما بين «وطنية» العمل ضد النظام وبين الانغماس في الرهان على الخارج، وصولا إلى «اطلسة» الدعم الخارجي، وبين ذرائع حق المعارضة بالتظاهر او حمل السلاح او الذبح الطائفي، وبين شرعية وجود «جبهة النصرة» و«الجهاديين»... وحورياتهم !
تشبه المؤتمرات والقمم أصحابها... بما يصدر عنهم، وما يتفقون بشأنه، أو يختلفون. لا يغرنك حضور سهير الاتاسي التي لا تنتمي إلى القمم... وجودها ليس أكثر من محاولة تجميل بائسة لإضفاء شيء مختلف على اجتماع ذكوري ممل.
قمة الثلاثاء تشبه مضيفها. القصة كلها في «الكرسي»... هكذا تحدث الوالد المخلوع في العام 1995 خليفة آل ثاني...
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه