فاذا كان البابا بنديكتوس أحرج فأفرج عن سدة الكرسي البابوي بعد صدام حاد مع ادارة أوباما والغرب المتهود سياسة ونظرة وهوى فان قداسة البابا فرنسيس جاد ومصصم على خوض صراع ومواجهة قاسية وغير اعتيادية وغير مسبوقة
لم يكن خبر انتخاب قداسة البابا فرنسيس بشرى حميمة أثلجت صدر الاميركيين إدارة وقوى تمسك بمواقع صنع القرار، بالقدر الذي شكل صدمة لا بل صفعة احتواها العقل الأميركي البراغماتي على مضض بخبث استعلائي متغطرس سيما وان روما ببعدها الديني ورمزيتيها واستقلاليتها خارج إطار الضبط والسيطرة الأميركية منهجاً ورؤية...
كتب مفيد سرحال في جريدة الديار :
فالأميركيون منشغلون بفك طلاسم لعنة استقالة البابا بنديكتوس على أفعالهم ولمساتهم الدموية، ويتجرعون كأس خطاياهم المشرقية وسياساتهم الشوهاء وفي مقدمها صناعة ما سمي بالربيع العربي، الخريفي المآل مسيحياً على مستوى الوجود والكينونة، فالاستقالة مهما غلفت برداء صحي متعثر فانها وفق العارفين حملت في طياتها تلك اللا البابوية صرخة مدوية من روما الكنيسة في وجه «روما الجديدة» وأفعالها المتماهية ومصالح الدولة العبرية الهادفة الى «سبي» مسيحي بالجملة الى أوروبا والأميركيين معول اقتلاع الجذور المسيحية من الشرق يحفر عميقاً بين ظهراني التاريخ والجغرافيا والمشهد يشهد في بيت لحم والعراق ومصر وليبيا وسوريا و...
وفي هذا المجال يقول مرجع كنسي كبير: ان انتخاب قداسة البابا فرنسيس القادم من أميركا اللاتينية الحاملة للنوازع الانسانية المكثفة والام الشعوب وقهر الفقر وجذوة الثورات في وجه الظلم والتسلط والجشع الرأسمالي والاستغلال لا شك سيعكس اعتمالات وانفعالات تلك البيئة في النظرة البابوية للعالم المشحون بالنزاعات والتكالب على النفوذ والسطوة والسيطرة والتكالب على الثروة والسياسات التي لا تقيم وزناً للإنسان... فاذا كان البابا بنديكتوس أحرج فأفرج عن سدة الكرسي البابوي بعد صدام حاد مع ادارة أوباما والغرب المتهود سياسة ونظرة وهوى فان قداسة البابا فرنسيس جاد ومصصم على خوض صراع ومواجهة قاسية وغير اعتيادية وغير مسبوقة مع الغرب وأميركا...
ويتابع المرجع: ان توجهات قداسة البابا فرنسيس تقوم على ركائز ثلاث: 1- إحياء المجد الكاثوليكي والروح الكاثوليكية الايمانية وتشذيب الفكر المسيحي من الترهات والتخرصات والتشوهات التي شابته جراء اجتهادات وتحريفات المحافظين الجدد المتماهية والفكر اليهوهي العنصري المغلق والنقيض لجوهر الرسالة المسيحية الانسانية المنفتحة والقائمة على الإخاء الإنساني والتفاعل الحضاري.
2- إن قداسة البابا فرنسيس «يسوعي» الهوى والمنهج والطريق بمعنى أنه مؤسساتي النزعة ورؤيته ترتكز على التنظيم الدقيق والصارم ما سيعيد الروح الفاعلة للمؤسسات المسيحية المتكلسة والمتآكلة وهذا بطبيعة الحال سينعكس نهضة على شتى الصعد الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والفعل الايماني في اربع جهات الارض.
3- إن جل اهتماماته العودة الى ينابيع المسيحية في الشرق وتجذير الوجود المسيحي حيث انطلقت الرسالة وكان المهد وكانت القيامة، وجبه السياسات الشديدة الباعثة للصراعات الدينية وتقسيم الامم على أساس ديني وإطلاق التطرف وتمزيق المجتمعات الإنسانية وفرزها بالدم والاحتراب، ومن هذه السياسات تعهد أميركا وأوروبا لما يسمى «الربيع العربي» بموازاة تكريس مفهوم الدولة اليهودية ككيان طبيعي في المنطقة على حساب حق أهل الأرض الحقيقيين وما يستتبع ذلك من اجتثاث للوجود المسيحي المقدسي إنساناً وتراثاً وحضارة.
ويتابع المصدر الكنسي: لا يظنن أحد أن قداسة البابا فرنسيس سيرضخ لضغط أو يساوم على اقتناعاته ومبادئه المسيحية الأصيلة وستكون المواجهة مفتوحة بين الكرسي البابوي ومراكز صناعة القرار في الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية حيث الاتجاه العملي لهذه الدول إفراغ الشرق من المسيحيين بالتهجير القسري وتبديد الحضارة المسيحية وسحقها في موطنها ومنبتها الأصلي وسيكون التنسيق وتوحيد الرأي متكاملاً مع الكنيسة الأرثوذكسية للوقوف صفاً واحداً في وجه المخططات المرسومة لمنطقة الشرق الاوسط وفي مقدمها تداعيات الفوضى العارمة في الدول والبلدان التي عاشت وهم الانتقال الديموقراطي وهي بالحقيقة دخلت في أتون التآكل الذاتي المذهبي والطائفي والعشائري وصدام الخصوصيات والنزوع الى التقوقع على أنواعه.
ويقول المصدر: إن الكرسي البابوي ينظر بعين القلق الشديد لتداعيات الأزمة السورية وما اكتنفها من اعمال عنف ضد المسيحيين وأماكن عبادتهم لأن تدحرج كرة النار والدم ستؤول الى نتائج كارثية في طليعتها انهاء الوجود المسيحي في سوريا ومن ثم سيستتبع ذلك بلداناً أخرى مجاورة لا تقل أزماتها خطراً من الحال السورية لا بل ستكون ويلاتها أعظم وأشد أذى على المسيحيين نتيجة التخبط المذهبي والصراع الدولي الكبير وتجلياته الدموية التي ستتمدد في الثوب المشرقي بصورة رهيبة.
ويختم المصدر الكنسي بالقول: «إن اللا التي اطلقها قداسة البابا المستقيل بنديكتوس سترفع بأعلى الصوت على لسان قداسة البابا فرنسيس في مواجهة الصهيونية التي من اهدافها تدمير الكنيسة ايماناً وعقيدة ورمزية وانتشاراً لصالح هوية مسيحية مسخ تعتمل فيها تعاليم التلمود ومصالح اليهود فالمعركة باتت واضحة وأوروبا ومعها أميركا مستباحة من اليهود على مستوى الإدارة والحكام في حين لا تعي الشعوب حقيقة ما يجري على مستوى الإدارة الفوقية الساعية لتدمير محيط «دولة اسرائيل» كوسيلة وحيدة لاستمرارها وتغذية النزاعات للتخفيف عنها والهاء الشعوب بقضايا السماء بشكل أقرب الى العبث والهذيان منه الى اكتشاف او التعرف على الحقيقة المطلقة...
ولا شك ان أوباما فهم الرسالة البابوية جيداً ويتبادل الأدوار مع الاوروبيين تهرباً من تبعات تدمير الحضارة المسيحية بنشرهم الفوضى التي ستأكل اوروبا واميركا قبل غيرها وتجارب افغانستان والعراق خير دليل وسيدفع المواطن الأوروبي البسيط ثمن الجهل لطبيعة المنطقة وحساسيتها والتعاطي معها بهذه الخفة الاستعمارية وسترتد عليهم لعنة تهجير المسيحيين من الشرق وباعتقادي وأنا كرجل دين مؤمن ان الزلازل والفيضانات التي تضرب أميركا هي الجزاء الرباني لافعالهم المتهورة المتهودة والمشؤومة»...