وهكذا سيبدأ حقل «تمار» في ضخ الغاز إلى خط أنبوب الغاز البري الممتد من عسقلان حتى حيفا، والذي يزود شركة الكهرباء القطرية ومحطاتها بالغاز
من المقرر أن تبدأ إسرائيل ضخ الغاز من حقل «تمار» البحري إلى منشآتها البرية بعد غد الأحد باستخدام منصة غاز «تمار» التي نصبت قبالة عسقلان في جنوب فلسطين. وقد دشن وزير الطاقة والمياه الإسرائيلي الجديد سيلفان شالوم هذا الخط بزيارة قام بها أمس الأول، إلى منصة الغاز في عرض البحر في ظل سجالات حول سبل استخدام الغاز وملكيته. وبحسب ما نشر في إسرائيل، فإن ضخ الغاز يوم الأحد سيمنع ارتفاعاً كان سيحدث في أسعار الكهرباء، بسبب ارتفاع كلفة المحروقات جراء قطع الغاز المصري.
حلمي موسى كتب في السفير :
وهكذا سيبدأ حقل «تمار» في ضخ الغاز إلى خط أنبوب الغاز البري الممتد من عسقلان حتى حيفا، والذي يزود شركة الكهرباء القطرية ومحطاتها بالغاز. وقد كتب شالوم، بعد زيارته إلى المنصة، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» منفعلاً ان ضخ الغاز من تمار «حدث اقتصادي تاريخي»، و«هذا يوم عيد لحرية واستقلال الطاقة في إسرائيل».
ولكن الفرحة التي أبداها شالوم جوبهت بخلاف حتى من جانب وزراء، من بينهم وزير البيئة عمير بيرتس الذي يعترض على إبقاء الدولة العبرية ملكية حقل الغاز واستغلاله بأيدي شركة «نوبل إنرجي» الأميركية وشركائها الإسرائيليين، خصوصاً شركة «ديلك» التي يرأسها اسحق تشوفا. وطالب بيرتس بالمحافظة على موارد الطاقة الإسرائيلية «من الغاز الطبيعي كذخر قومي، وكجزء من فعاليات الاقتصاد على المدى البعيد». وجاء هذا الطلب في ضوء استعداد أصحاب الامتياز في حقل «تمار» للتوقيع على عقود لتصدير الغاز إلى السوق العالمية. ويزداد السخط في إسرائيل جراء سيطرة شركات أميركية على حوالى 80 في المئة من الغاز الإسرائيلي، في حين أن ثلث استهلاك إسرائيل من المياه تنتجه شركات فرنسية واسبانية ومن هونغ كونغ.
وتقع منصة غاز «تمار» الجديدة على بعد 22 كيلومتراً غرب أسدود، وهي متصلة بحقل «تمار» الواقع على بعد مئة كيلومتر غرب حيفا بأنبوب تحت بحري يبلغ طوله 150 كيلومتراً. ورأى رئيس شركة «ديلك»، اسحق تشوفا أن بدء ضخ الغاز إلى الساحل «سيفضي إلى تغيير جوهري من ناحية سياسية واجتماعية وإلى تغيير جودة الحياة والبيئة» في إسرائيل.
ويبدو أن فرحة إسرائيل كبيرة ببدء ضخ الغاز من «تمار» لأنه يبشر الدولة العبرية بفرص استغلال مكمن لحقل الغاز الأكبر أي «لفيتان»، الذي بدأت مؤخراً محاولات تطويره واستغلاله. وتزداد القناعة في أوساط مختلفة بأن إسرائيل ستتحول قريباً من مستهلك ومستورد للطاقة إلى مصدر لها، حيث يتحدث كبير اقتصاديي الوكالة الدولية للطاقة فتيح باريل عن أن ما اكتشف حتى الآن يزيد بين سبع وثماني مرات عن حاجة الدولة العبرية من الطاقة. وشدد باريل على أن المصالحة بين تركيا وإسرائيل تخدم العالم لأنها ستعيد لتركيا فرصة القيام بدور وصلة إمداد الطاقة للعالم من مناطق مختلفة.
وقد بلغت تكلفة البنية التحتية لضخ الغاز من «تمار» حتى الآن حوالى 3,5 مليارات دولار. وهناك تقديرات بأن ضخ الغاز من هذا الحقل إلى شركات إنتاج الكهرباء في إسرائيل سيوفر على قطاع الطاقة مليار شيكل شهرياً أي ما يعادل أكثر من ثلاثة مليارات دولار سنوياً. وقاد ذلك البعض للاعتقاد بأن شركة الكهرباء ستبدأ لاحقاً في تخفيض أسعار الكهرباء للمستهلكين. ولكن ضخ الغاز يفيد إسرائيل أيضاً في محاولات استخدامه كوقود في وسائل نقل عامة كالقطارات والشاحنات والحافلات وحتى في وسائل النقل الشخصية. كما أنه سيقلل أو سيوقف استخدام خزانات الأمونيا القائمة في خليج حيفا، والتي يعرض وجودها للخطر أرواح مئات الآلاف من سكان الشمال. وعموماً وبشكل أولي فإن بدء ضخ الغاز إلى الشركات الإسرائيلية من حقل «تمار» يزيد احتمالات زيادة الناتج القومي الإسرائيلي بحوالى واحد في المئة.
ويفترض ببدء ضخ الغاز من «تمار» أن ينهي الأزمة التي أصابت قطاع الطاقة في إسرائيل جراء توقف مصر عن تزويد إسرائيل بالغاز الطبيعي، الذي كان يصل أيضاً في خط تحت بحري من العريش إلى منصة قبالة عسقلان. وقاد وقف ضخ الغاز المصري، الذي كان يوفر على شركة الكهرباء الإسرائيلية ما يصل إلى مليار دولار سنوياً، إلى ارتفاع متزايد في أسعار الكهرباء جراء ارتفاع تكلفة استبدال الغاز بمحروقات أخرى. وقد بدأت أزمة الكهرباء والصناعة الإسرائيلية مع بدء الثورة المصرية والتفجيرات التي لحقت بأنبوب الغاز من العريش، وصولاً إلى القرار النهائي بقطع الغاز المصري عن إسرائيل.
وتجدر الإشارة إلى أن الغاز اكتشف بكميات تجارية في حقل «تمار» الذي يمتد على مساحة 250 كيلومتراً مربعاً في العام 2009. وقد أنشئت منصة «تمار» قبالة أسدود تقريباً، وعلى مقربة من منصة غاز «يام تاطيس» التي كانت تستخدم لاستقبال الغاز المصري. وهناك خط يربط بين المنصتين ويتصل باليابسة بآخر طوله يصل إلى 30 كيلومتراً، وتتفرع من اليابسة خطوط ساحلية تصل إلى حيفا، وأخرى داخلية تصل إلى القدس والبحر الميت حيث توجد مصانع الفوسفات. وتعتبر منشآت الغاز داخل إسرائيل جزءا من البنية التحتية القومية التي يحافظ عليها كجزء من ذخائر الأمن القومي.