حيث اكتشفت باحثة بريطانية في علم الآثار موقعاً جديداً لم يسبق لفرق التنقيب السابقة اكتشافه. واكتشف فريق الباحثين، المستندين بشكل رئيس إلى صور من الأقمار الاصطناعية، جزءاً من موقع أثري
بعد غياب دام أكثر من 30 عاماً، عاد علماء الآثار إلى مدينة أور الأثرية في جنوبي العراق، حيث اكتشفت باحثة بريطانية في علم الآثار موقعاً جديداً لم يسبق لفرق التنقيب السابقة اكتشافه. واكتشف فريق الباحثين، المستندين بشكل رئيس إلى صور من الأقمار الاصطناعية، جزءاً من موقع أثري يُعتقد أنه كان قصراً أو معبداً قرب مدينة أور الأثرية في العراق، وهو ما لم يتم اكتشافه خلال الحفريات الأولى في بدايات القرن الماضي.
ووصف الباحثون الجزء المكتشف، والذي كان مدفوناً، بأنه مؤلف من صفوف من الغرف حول فناء كبير، ويعتقد أنّ تاريخ بنائه يعود إلى أربعة آلاف عام.
ونقلت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» عن رئيسة الفريق الباحثة في «جامعة مانشستر» جاين مون قولها إنّ «حجم المبنى مثير»، مضيفة أنّ ضخامة الجدران تشير إلى أهميته، فضلاً عن أنه يقع على بعد عشرة أميال من مدينة أور، أي ما يشير إلى إمكان وجود مواقع أخرى لم تكتشف بعد.
وتجدر الإشارة إلى أنّ مون عملت سابقاً في العراق خلال عقد الثمانينيات على توثيق بعض المواقع الأثرية في شمالي البلاد قبل أن تؤثر مشاريع السدود العراقية في فترة حكم الرئيس السابق صدام حسين سلباً على تلك المواقع والأبحاث.
وتُعتبر أور آخر المدن السومرية وتمّ غزوها وتدميرها بشكل كبير في العام 2000 قبل الميلاد، قبل أن يعاد بناؤها. واشتهرت المدينة بأنها كانت مخصصة لما يسمونه إله القمر، كما تميزت بـ«معبد زقورة». ويعتقد كثيرون أنّ النبي إبراهيم (ع) ولد فيها.
وتعود آخر الحفريات في المدينة إلى تلك التي قام بها الفريق البريطاني - الأميركي بقيادة السير تشارلز ليونارد وولي في عقدي العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي. ولكن بعد إطاحة الملكية العراقية في منتصف القرن، تم إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من المكان، وُمنع على الباحثين إكمال أعمالهم.
وفي هذا السياق، تقول مون إنّ وولي اكتشف مواقعَ رائعة في المدينة، ولكن من الصعب تكوين صورة واضحة عنها لأنها شهدت العديد من أعمال التهديم وإعادة البناء والترميم في المراحل التاريخية المختلفة، مضيفة أنه «كان من الصعب عليه تحديد استخدامات هذه الأماكن، ولهذا آمل أن تساعدنا الوسائل الحديثة للكشف عن بعض المعلومات».
وحول ما تم اكتشافه داخل المواقع سابقاً من كنوز وغيرها، توضح مون أنّه من المستحيل معرفة إذا كان الموقع الجديد يحتوي على مثل تلك الأمور، مضيفة أنه «في الأساس نحن لا نبحث عن تلك الأمور بل عن المعلومات، ولكن أعتقد أنّ ذلك ممكن». وتابعت «خلال أعمال التنقيب الأثرية، يمكنك أن تفاجأ دائماً». وترى مون أن الوسائل الحديثة، مثل دراسة شرائح صلبة من التراب تحت مجهر، أو دراسة عينات من الأرض بواسطة آلة غربلة متخصصة، بإمكانها تقديم معلومات عن المناخ والطقس والزراعة وأمور أخرى. وتوضح أنه من خلال هذه المعلومات بإمكانك «النظر إلى الحياة في ذلك الحين بشكل أفضل مما كانت عليه الأمور خلال الاكتشافات السابقة لمواقع مثل هذا الموقع».
وفيما يمنع قانون عراقي صدر في العام 1932 نقل قطع أثرية إلى خارج البلاد، تعتقد مون أنّ توفير المعرفة حول تلك الأمور يوازي أهمية القطع الأثرية بحد ذاتها. وتضيف «نحن نريد نقل هذه المعلومات لمن يرغب في الحصول عليها. وهذا ما نقوم به».
ويتألف فريق الباحثين من ستة بريطانيين وثلاثة عراقيين، وتموّل المشروع جهة سويسرية مانحة، إضافة إلى مشاركة «المعهد البريطاني للدراسات العراقية».
وفي سياق آخر، يُذكر أنّ منقب الآثار العراقي عامر عبد الرزاق حذر يوم الثلاثاء الماضي من خطورة انهيار وشيك لـ«معبد زقورة»، والمقبرة الملكية والمعابد في مدينة أور الأثرية، وطالب الحكومة العراقية بالتدخل الفوري لحماية المدينة من الزوال. وأوضح المنقب أن «زقورة والمقبرة الملكية والمعابد الموجودة في مدينة أور معرّضة لانهيار وشيك ومفاجئ نتيجة عوامل طبيعية وغير طبيعية»، مشيراً إلى أن «هنالك تشققات في جدران زقورة والمقبرة الملكية وعدد من المعابد الموجودة في مدينة أور تمثل حالة خطر يهدد بزوال المدينة برمتها».