29-11-2024 12:38 AM بتوقيت القدس المحتلة

العقوبات على إيران تنعش تهريب وقود الديزل إلى باكستان

العقوبات على إيران تنعش تهريب وقود الديزل إلى باكستان

تزدهر أنشطة التهريب عبر المناطق الجبلية في باكستان بينما يحمل مهربون من الأطفال زجاجات مياه غازية مليئة بوقود الديزل المهرب من إيران

الأطفال في باكستنا يعمولن في تهريب الديزل الإيرانيتزدهر أنشطة التهريب عبر المناطق الجبلية في باكستان بينما يحمل مهربون من الأطفال زجاجات مياه غازية مليئة بوقود الديزل المهرب من إيران كما تحمل كميات أكبر منه على متن شاحنات أو في براميل على ظهور البغال. وعائدات تهريب وقود الديزل أصبحت مغرية للغاية لدرجة أن مهربي الأفيون يتحولون إلى ما يشبه تجارة النفط المنتعشة في باكستان أي الإتجار في وقود الديزل الايراني المهرب.


ومع تشديد القوى الغربية العقوبات على إيران، فإن عددا غير متوقع من المنتفعين ظهروا في إقليم بلوخستان الباكستاني وهم المهربون الذين جذبتهم زيادة ربحية بيع الوقود في السوق السوداء. وقال تاجر أفيون سابق من بلدة ماند الباكستانية وهي مركز للتهريب قرب الحدود الإيرانية 'لم تلجأ لتهريب الأفيون عندما يمكنك جني مبلغ مماثل من المال نظير تهريب وقود الديزل؟'. وأضاف الرجل الذي قال إن اسمه حامد 'كما أنني أوصف الان برجل الأعمال الناجح وليس مهرب المخدرات'.


وأصبح تهريب وقود الديزل منذ وقت طويل جزءا من التجارة غير المشروعة في بلوخستان حيث أصبحت التجارة المزدهرة في البضائع من المسدسات إلى المخدرات إلى السجائر المهربة من السوق الحرة إلى سيارات تويوتا المستعملة أحد شرايين الاقتصاد الإجرامي العالمي. لكن تحقيقا أجرته رويترز في تجارة الوقود استنادا إلى مقابلات مع تجار في الاقليم وزيارة إلى مناطق نائية من الحدود كشف ان العقوبات على إيران جعلت تهريب وقود الديزل مربحا للغاية.


وتثير النتائج تساؤلات أيضا حول مدى تورط قوات الأمن الباكستانية المتمركزة في اقليم بلوخستان الشاسع الذي يقع بين إيران وأفغانستان في تهريب الوقود. ويغطي الإقليم نحو نصف أراضي باكستان، لكن تعداد السكان فيه ضئيل، ويعيش فيه متمردون يطالبون بإقامة وطن مستقل للبلوخ وعصابات مخدرات تنقل الأفيون الأفغاني والهيروين إلى باقي انحاء العالم.
وفي نوشكي البلدة الصغيرة التي تقع على أحد الطرق عبر بلوخستان لا يلتفت تجار وقود الديزل الذين يستعدون للتوجه إلى الحدود الإيرانية الى القانون كثيرا.


وقال رجل ضخم الجثة يعمل على نقل الوقود المهرب ويتصرف كرجل أعمال ثري 'نقل الوقود بهذه الطريقة أرخص بكثير ويدر ربحا كبيرا.. وعلى الرغم من وجود نقاط تفتيش أمنية في كل هذه البلدات الحدودية داخل باكستان فلا أحد يستوقفني. فلم أتوقف عن هذا؟'.
ولسنوات ظل وقود الديزل المهرب من إيران يضيف 2.7 مليون طن إلى ثلاثة ملايين طن (بين 20 مليون و22 مليون برميل) من وقود الديزل الذي تشتريه شركة النفط الحكومية الباكستانية من شركة البترول الوطنية الكويتية سنويا.


وتراجعت التجارة غير المشروعة في اواخر عام 2010 عندما أوقفت إيران دعم الوقود، مما قلل هامش ربح المستوردين. لكن أعمال التهريب انتعشت منذ اواخر أيلول/سبتمبر عندما أدى تنامي الضغوط بسبب العقوبات الغربية إلى فقدان الريال الإيراني أربعين في المئة من قيمته مقابل الدولار في غضون أسبوع مما جعل وقود الديزل أرخص بالنسبة للمشترين الباكستانيين.
وتحدد إيران سعر وقود الديزل بنحو 4500 ريال إيراني للتر (نحو 15 سنتا أمريكيا بسعر السوق) أي أقل من سعر المياه المعدنية. وفي باكستان يصل سعر لتر وقود الديزل المهرب إلى 104 روبيات (1.06 دولار) أي أرخص من السعر الرسمي وهو 112 روبية للتر.


وفي بلوخستان يجني تجار وقود الديزل أموالا طائلة لدرجة أن بعض سائقي النقل يبيعون حافلاتهم حتى يتمكنوا من شراء شاحنات متينة بما يكفي لتحمل الرحلة إلى الحدود وعبور الأنهار والمناطق الوعرة.
وقال رجل يدعى الطاف بدأ في شحن وقود الديزل الايراني إلى بلدة توربات في بلوخستان 'قمت ببيع حافلتي الصغيرة لشراء حافلة. إنها تدر علي ضعف ربح حافلة الركاب'>


وفي جوغار وهي معبر حدودي بين إيران وباكستان ينتشر أطفال على التلال يحملون زجاجات مياه غازية مليئة بوقود الديزل الإيراني. ويتم نقل بعض هذا الوقود على ظهور حمير. وعلى ساحل بلوخستان يأخذ التهريب منحى آخر مع وصول وقود الديزل إلى موانئ على متن سفن تجوب خليج عمان. ومثل الروافد التي تغذي الأنهار ينقل المهربون براميلهم إلى مستودعات تجمع فيها الشحنات في شاحنات صهريج.


ولا توجد طريقة لقياس كمية الوقود الذي يتم تهريبه بهذه الطريقة لكن تجارا يعتقدون ان ما بين مئة و130 حاوية تملأ بوقود الديزل الإيراني المهرب في بلوخستان يوميا. ويمكن للحاوية الواحدة حمل ما بين 25 ألفا و40 ألف لتر.
وتوصل الحاويات الوقود بعد ذلك إلى أسواق في باكستان أو في أفغانستان التي يمثل اعتمادها على المنتجات النفطية الايرانية المكررة معضلة على نحو خاص لواشنطن.


وحذر المفتش الأمريكي الخاص لاعادة الاعمار في أفغانستان في كانون الثاني/يناير من أن صفقات شراء وقود لقوات الأمن الأفغانية بأموال الحكومة الأمريكية ربما تضمنت منتجات بترولية إيرانية مما يعد خرقا للعقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران.
وتمثل محاولات إيران تعزيز علاقات الطاقة الرسمية مع باكستان مبعث قلق أيضا للحكومة الأمريكية. وعبرت واشنطن عن معارضتها لخطط مد خط أنابيب عبر بلوخستان لنقل الغاز الطبيعي الايراني الذي ترى فيه باكستان خلاصا محتملا من مشكلة نقص الكهرباء المزمنة فيها.


وتؤكد سهولة ازدهار تهريب وقود الديزل مجددا السيطرة الهشة للسلطات في بلوخستان وهي منطقة لها تاريخ طويل من الاستقلال وتشعر بالتهميش منذ ان تم ضمها إلى باكستان في عام 1948 .
ويدر الاتجار في وقود الديزل المهرب الكثير من الاموال لدرجة جعلت كثيرين يشككون في تورط عناصر في القوات الحدودية الباكستانية التي تتولى مسؤولية أمنية رئيسية في بلوخستان ووكالات أخرى في الأمر.
وقال مسؤول كبير في ماكران وهي منطقة ساحلية جنوبية في بلوخستان ومركز للتهريب 'تزود القوات الحدودية وخفر السواحل والشرطة المهربين بالحماية مقابل حصتهم'.


وأحجمت القوات الحدودية عن التعليق لكنها كانت في الماضي قد نفت التورط في التجارة غير المشروعة وقالت إنها تواجه كثيرا مهربي هيروين مسلحين جيدا. وقال موردون للوقود وتجار إن قوات الأمن الباكستانية التي تتولى الكثير من المهام تغض الطرف. وقال غلام علي الذي يبيع المنتجات المهربة في العلن في كويتا المدينة الرئيسية في بلوخستان 'تزودنا السيارات المحملة بوقود الديزل الإيراني والبنزين بالوقود بشكل منتظم.. لا توجد عوائق أمام نقله'.


وقال أكبر بلوخ الذي يدير أعمال استيراد وتصدير في قرية قرب الحدود مع إيران إن شخصيات كبيرة على جانبي الحدود ضالعة في الأمر. وأضاف 'يرافق أتباعهم المسلحون السيارات التي تستخدم في التهريب'.وسعت الحكومة الإيرانية التي تواجه تحركات غربية للتقليل من إمدادات البنزين وغيره من المنتجات المكررة للقضاء على التهريب عن طريق تطبيق نظام جديد من البطاقات الذكية للحد من الوقود المدعم.

وفي باكستان تعترف السلطات بأن أعباءها كثيرة. وقال إبراهيم فيغيو وهو مسؤول جمارك كبير في كويتا إن الحكومة تعتزم تشكيل وحدة جديدة لمكافحة التهريب قوامها ألف شخص. وأضاف 'لدينا عجز في القوات والأسلحة والمعدات الملائمة لوقف التهريب'.