من «الطيّاحة» التي قاومت جيش أحمد باشا الجزّار، نهاية القرن الثامن عشر، إلى المقاومة التي دحرت الإسرائيليين مطلع القرن الواحد والعشرين
من «الطيّاحة» التي قاومت جيش أحمد باشا الجزّار، نهاية القرن الثامن عشر، إلى المقاومة التي دحرت الإسرائيليين مطلع القرن الواحد والعشرين، يبقى جبل عامل متصالحاً مع تاريخه الرافض للظلم والاحتلال. تاريخ حاولت «جمعية الإمام الصادق لإحياء التراث العلمائي»، بالتعاون مع اتحاد بلديات جبل عامل، استعادته من خلال مؤتمرها الفكري السابع الذي أقامته تحت عنوان «جبل عامل وعهد الجزّار بين النكبة والنهضة» نهاية الأسبوع الفائت.
الشيخ علي ياسين، الذي افتتح الجلسة الأولى، أشار إلى الظلم الذي تعرّضت له منطقة جبل عامل في كتب التاريخ والسيرة «لأنها كانت معارضة للمماليك والعثمانيين، فجهّلوا تاريخها»، كما حوّروا أحداثها، ففي وقت سجّلت فيه المقاومة انتصارات «كتب عن شهدائنا أنهم كانوا قطاع طرق، كما فعل البعض بصادق حمزة وأدهم خنجر».
وتحدث أستاذ التاريخ واللغة التركية في الجامعة اللبنانية الدكتور محمد نور الدين عن «جبل عامل في العهد العثماني»، مستعرضاً مرحلة أحمد باشا الجزار كنموذج. وناقش الأستاذ الجامعي الدكتور محمد كوراني «الظروف التي عاشها جبل عامل إبان محنة الجزار»، فرأى أن «ما أصاب العامليين من بلاء كان انعكاساً للحروب بين الترك والصفويين، لأن أهل جبل عامل ينتمون إلى المذهب نفسه الذي كانت عليه الدولة الصفوية». وتطرق رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين إلى «العوامل التي أدت إلى سقوط جبل عامل بيد الجزار»، ورأى أن «ما حصل سابقاً هو نفسه ما يحصل الآن، ولو حذفنا بعض الأسماء والتواريخ والحوادث التي حصلت سابقاً ووضعنا أسماء وتواريخ وحوادث تحصل الآن لما اختلفت الصورة كثيراً».
وتحدثت الباحثة والمتخصصة في الفلسفة الدكتورة جويدة غانم عن «المهمة التاريخية للجزار في لبنان»، ولفتت إلى «تشويه لصورة المقاومة لوحظ في الدراسات التاريخية لتاريخ العامليين، وذلك بوصف حركة الطيّاحة، التي كانت حركة مقاومة، بمجموعة عصابات استفزت المواطنين».
وقدم الدكتور مصطفى بزي مداخلة عن «الخسائر التي مني بها جبل عامل جراء حكم الجزار»، فقال إن «الموقع الجغرافي لجبل عامل كان له أكبر الأثر في تطور حياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، وخصوصاً أنه يحتل منطقة مركزية في الصراع بين سوريا وفلسطين وجبل الدروز سابقاً».
وحاضر الدكتور منذر جابر تحت عنوان «جبل عامل في مواجهة الجزار» فقال إن «أوّل عمل أقدم عليه الجزار بعد احتلال جبل عامل هو المجيء بشذاذ آفاق الدولة العثمانية العسكر المرتزقة وإسكانهم في جبل عامل، ما أدى إلى امتعاض العامليين... في طيّاحة مقاومة مسلحة».